بسم الله الرحمن الرحيم{ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم } النور 30قال الشاعر:الغض معناه الخفض و غض بصره إذا خفضه و منعه من التطلع إلى ما لا يحل له النظر إليه
وأغض طرفي أن بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها
أن الإسلام يهدف إلى أقامة مجتمع نظيف لا تهاج فيه الشهوات في كل لحظه و تستثار فيه دفعات اللحم و الدم في كل حين, و النظرة الخائنة تهيج ذلك السعار الحيواني المجنون . و غض البصر أدب نفسي و محاولة للاستعلاء على الرغبة في الإطلاع على المحاسن و المفاتن في الوجوه و الأجسام كما أن فيه إغلاقا للنافذة الأولى من نوافذ الفتنة و الغواية و محاولة عملية للحيلولة دون وصول السهم المسموم . وحفظ الفرج هو الثمرة الطبيعية لغض البصر أو هو الخطوة التالية لتحكيم الإرادة و الاستعلاء على الرغبة في مراحلها الأولى
قال بعضهم :
كل الحوادث مبدأها من النظر و معظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فعلت في قلب فاعلها فعل السهام بلا قوس و لا وتر
و النظرة الأولى هي سهم إبليس تجر المرء إلى الإثم .روي عن جرير بن عبد الله انه قال :
سألت النبي صلى الله عليه و سلم عن نظرة الفجأة , فأمرني أن أصرف بصري } رواه مسلم
و ذلك لأن النظرة الأولى ستوقع المرء في محبة المنظور إليه حيث يتعلق القلب به ثم تتحول المحبة إلى صبابة فينصب القلب بكليته إليه بعدها يكون مغرما بالمنظور إليه مثل لزوم الغريم الذي لا يفارق غريمه ثم تتحول الصبابة إلى عشق وهو الحب المفرط ثم شغفا حيث يصل تعلقه إلى شغاف القلب و أخيرا يصل المرء إلى حالة التتيم و هو التعبد فيصير القلب عبدا لمن لا يصلح أن يكون عبدا له فحينئذ يقع القلب في الأسر فيصير المرء أسيرا بعد أن كان حرا.
و هذا الابتلاء يكون للقلوب الفارغة من حب الله و الإخلاص له فان القلب لابد له من التعلق بمحبوب ,فمن لم يكن الله وحده محبوبه و إلهه و معبوده فلا بد أن يتعبد قلبه لغيره .
و عليه فأن افتن شئ يصيب الإنسان من ناحية الجنس هي حاسة البصر , لذلك و ضع الشارع الحكيم المناعة اللازمة في الرؤية في العين الباصرة و في الشئ المبصر فأمر المؤمنين بغض أبصارهم
و الحمد لله رب العالمين