بسم الله الرحمن الرحيم
أخواتنا الكريمات ، سلام الله عليكن ، ورحمة الله وبركاته ... زادكنَّ الله هدىً على هدى ، وأصلح عاصيتكن ؛ فنحن - الرجال - في عوزٍ إلى صلاحكن ؛ فقد قال الرسول (ص) ( ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله ) [سنن ابن ماجة] ، وقد قال الشاعر :
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق
ونحن الرجال نستأمنكنَّ على أنفسنا وأولادنا وأموالنا ، بل قد تعطي إحداكن لزوجها ببشاشة وجها من الطاقة ما يُفتِّتُ به الجبال.
وكلمة (زوج) تطلق على الرجل والمرأة في وقت واحد ، فكما يقال زوجٌ على الرجل وهو المشهور قال الله في قرآنه الكريم لآدم عليه السلام ففف اسكن أنت وزوجك الجنة ققق، وقال أيضًا فففخلق منها زوجهاققق.
والعلاقة بينهما - الزوج والزوجة - هي أقوى علاقة على وجه الأرض بشهادة من القرآن الكريم والسنة النبوية ذاتهما:
قال صاحب التحرير والتنوير في أثناء تفسيره لآية سورة البقرة (102) في قوله تعالى فففيفرِّقون به بين المرء وزوجهققققال ما معناه : أن الله تعالى ضرب مثلا بالعلاقة بين الزوجين لأنها أقوى آصرة (علاقة) على وجه الأرض بعد علاقة العبد بخالقه ، واستدلَّ المفسِّر بآية سورة الروم (21) فففومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ققق:
قال : الرحمة هي كل علاقة بين اثنين تربطهما صلة رحم : أي بينهما قرابة : كعلاقة الأبوة والبنوة والأخوة.
والمودة : هل كل علاقة تنشأ بين اثنين ليست بينهما صلة قرابة : كالصداقة والزمالة والجيرة.
وقد جمع الله تعالى هاتين الآصرتين - الرابطتين - بين الزوجين حتى يتمكَّنا من الانتصار على ما يمكن أن يقابلهما من مشاكل وعقبات في حياتهما معًا ، ولأسباب أعظم أخرى يضيق المقام هنا بذكرها إذ قوة الرابطة بينهما هو أصل الترابط بين الأبناء فيما بعد.
وقد قال الله تعالى مخبرًا عن النساء فففوَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًاققق، فقد وصف الله تعالى العهد بين الرجل وزوجته بالغليظ ، ولم يصف الله تعالى في القرآن عهدًا بأنه غليظ إلا عهدين : الأول هذا العهد(النساء الآية 21) ، والثاني عهدٌ بين الله تعالى وبين عباده (النساء الآية 154 ، الأحزاب الآية 7).
والحديث الصحيح المعروف خير مثالٍ على ذلك الذي يقول فيه الرسول الكريم " إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته ، قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت " قال الأعمش: أراه قال: «فيلتزمه»" (صحيح مسلم / باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه (2813)) .
ذلك اعتراف ضمني من إبليس ذاته بقوة هذه العلاقة العظيمة.
والقبول بين الزوجين أساس قوة العلاقة بينهما واستمرارها ؛ لأنه ليس شرط التديُّن هو ملزم القبول دائمًا بدليل المرأة التي جاءت لرسول الله (ص) تسأله ترْك زوجها ، ولم تنكر عليه دينه ولا خُلقه.
وفي الحديث الصحيح " الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف " (صحيح البخاري / كتاب الأنبياء / باب الأرواح جنود مجندة (3158) في الحديث إشارة إلى أن التعارف والتوافق شرط الائتلاف والألفة.
ولفظ : (ائتلف) من الألفة : أي المحبة ، ومن مادة ( الهمزة ، واللام ، والفاء ) قال ابن فارس في مقاييسه أنها "أصل واحد ، يدل على انضمام الشيء إلى الشيء " أي الاتحاد والانضمام : فهو - أي الزواج - اتحاد أرواح قبل ما يكون اتحاد أجساد ، فعلى السائلة مراجعة ذلك.
والشرح الذي قدَّمناه لماهية العلاقة بين الزوج وزوجته ، وأن أساس هذه العلاقة - قبل ما تنشأ - هو توافق وقبول وتعارف روحي ثم يتطوَّر إلى الزواج : هذا الشرح مُستقى من مصادر شريعتنا الغرَّاء ، وعندما يكون الاختيار على أساس الدين " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد قالوا يا رسول الله ! وإن كان فيه ؟ قال إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات " (سنن الترمذي بتحقيق شاكر (1085) حسنه الألباني) : عندما يكون الاختيار على أساس الدين فإن الزوجة - والزوج - تكسب (ضمنيًا) زوجُا محبًا للعلم داعيًا إلى الله وإلى وإلى سبيله و.... .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.