من هو مهندس "العصرانية السعودية" ؟
قرأت بعض الأبحاث التي تحاول أن تكشف جذور "التنوير والعصرنة" في السعودية, والحقيقة أن من تأمل في كتابات التنويريين السعوديين والقضايا التي يثيرونها حول "النص والغرب والجهاد والبراء" ونحوها, ثم ذهب يتتبع الصحافة السعودية ومتى بدأت إثارة هذه القضايا فسيكتشف حتماً أن "التنويريين السعوديين" هم تلاميذ "خالص جلبي" الطبيب بمنطقة القصيم.
وهناك معلومات مؤكدة يذكرها بعض المختصين في علم العقيدة: أنهم كانوا يجتمعون بمجلسه, ويدعونه لندواتهم, وكان يبث فيهم أفكاره وتعاليمه, مع مبالغتهم في توقيره وتضخيم مقالاته, وتداولها.
فطبيب القصيم "خالص جلبي" هو الذي أمرضهم:
يموت راعي الضأن في ضأنه**كما مات جالينوس في طبه
وللاستزادة عن أفكار جلبي ودوره الخطير:
http://www.alkashf.net/vb/showthread.php?t=4108
والله أعلم
رد: من هو مهندس "العصرانية السعودية" ؟
الأخ الكريم / عبدالرحمن العلي
ربما يكون خالص جلبي له تأثير كبير على عصرانيينا من حيث كون تأثيره قريب ومباشر , ولكن أحسب أن من له التأثير الأساسي إلى درجة الافتتان فهو المفكر : محمد عابد الجابري ومدرسته الفرانكفوتية .
وأرجو التأمل في المقطع التالي من البحث الرائع والموسوم بـ( مآلات الخطاب المدني ) :
[ بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تعرض الاتجاه الإسلامي إلى حالة محاكمة عالمية شرسة حدت من انسيابه ودويه وتراجعت معها شعبيته الاجتماعية بشكل ملموس. وفي ظل هذا الفراغ الجزئي الذي خلفه انكماش الحالة الإسلامية، برزت أبحاث المدرسة الفرانكفونية/المغاربية كإجابة جديدة نجحت في استغلال الظرف الأمني الحالي وحققت اكتساحاً استثنائياً في فترة قصيرة.
على أية حال فإن كثيراً من الشباب الإسلامي الذي أقبل على منتجات المدرسة الفرانكفونية في معارض الكتب وأمام رفوف الوحدة والساقي والجمل لم ينته من التهام تلك الكتابات إلا وقد تشرب "المفاهيم الضمنية" الحاكمة لتلك الكتابات, أو بمعنى آخر "المنطق الداخلي" لهذه الدراسات, وعلى رأس تلك المفاهيم مركزية المدنية وغائية الحضارة.
أولئك الشباب الذين كانو يقرؤون أيام "أزمة الخليج" مجلة المجتمع ومجلة البيان والمودودي وسيد قطب والندوي ومحمد قطب ومحمد الغزالي وفتحي يكن ومحمد أحمد الراشد وجمال سلطان وبالكاد فهمي هويدي ومحمد عمارة, وتكتظ أدراج سياراتهم بكاسيتات العودة والحوالي.. أصبحو "عشية سبتمبر" يقرؤون للمدرسة الفرانكفونية/المغاربية التي كان أشهر عمالقتها محمد عابد الجابري وعبدالله العروي ومحمد أركون وعبدالمجيد الشرفي وعبدالمجيد الصغير, بالإضافة إلى مشارقة محدودين كانو قريبين من هذا الاتجاه كحسن حنفي وخليل عبدالكريم ونصر حامد أبو زيد وعبدالجواد ياسين وطيب تيزيني وحسين مروة وعلي حرب وبرهان غليون وفراس السواح .. وأضرابهم.
هذه الشريحة من الشباب الإسلامي اصطدمت في مقاعد المدرسة الفرانكفونية/المغاربية بـ "سؤال الحضارة" , وبات من نافل القول أن نشير إلى أن الصدمة كانت قاسية وشرسة جداً, لدرجة إحداث ارتجاجات فكرية وفقدان للتماسك الثقافي لدى كثير من هؤلاء القراء.
فالعام 1984م هو العام الذي احتضن واقعة صدور أول حلقة من سلسلة "نقد العقل العربي" للمفكر المغربي ذائع الصيت محمد عابد الجابري والذي دشن العهد الجديد لتلمود العلمانية العربية التوفيقية, حيث مثلت الحلقات الأربع من هذه السلسلة والتي نشرت تباعاً بعنوان (تكوين العقل العربي, بنية العقل العربي, العقل السياسي العربي, العقل الأخلاقي العربي) الاكتمال المنهجي النهائي لمجموعة الدراسات المبعثرة التي سبقتها كمدونة "نحن والتراث" له.
ولذلك اعتبر بعض المؤرخين الليبراليين أنه إذا كان "الطهطاوي" هو مؤسس تجربة النهضة العربية الأولى, فإن "الجابري" مؤسس تجربة النهضة العربية الثانية, كما يقول ذلك عالم الاجتماع والناشط المعروف سعد الدين إبراهيم.
بل إن أشهر ناقد صارم لمشروع الجابري والذي كاد يذهب شطر عمره في تتبع شواهده ونقوله وما بين فواصله -وهو المفكر العربي المعروف جورج طرابيشي- يعترف ليس بأثر الجابري في مريديه وتلاميذه فهذا حدث تاريخي يتكرر, ولكن بسطوة الجابري المذهلة في أقرانه التي لم يفلت ناقده طرابيشي منها حين قرأ له أول مرة, ونفوذ المفكر في أقرانه ومجايليه استثناء عزيز في مدونة التاريخ, إذ المعاصرة حجاب.
والحقيقة أن وزن الجابري وكونه منعَطَف يكاد يكون محل إجماع بين المعاصرين, وهذا يعني أن تأريخ ظاهرة العلمانية/التوفيقية بالجابري ليس كثيراً بالقياس إلى وزنه وقدرته على اختراق الحواجز الخرسانية التي عانتها الخطابات التي جايلته من كافة التيارات.
السؤال الذي يملي نفسه في هذا الموضع: مالفرق بين العلمانية العربية ما قبل (1984م) والعلمانية العربية ما بعد (1984م) ؟
بمعنى ماسر الجاذبية في دراسات العلمانية العربية الحديثة التي خلبت أذهان الشباب الإسلامي وجعلته يقبل بنهم على هذا اللون من الدراسات والأبحاث؟
الحقيقة أن الفرق الأساسي هو التحول من "الاستهداف المباشر للشريعة" إلى "إعادة تفسير التراث" من خلال الأدوات التي تطرحها العلوم الإنسانية الحديثة, أو بشكل آخر القفز من الإشكالية الأنطولوجية إلى الإشكالية الإبستمولوجية.
هذا الفارق هو بالضبط مصدر الجاذبية والإثارة لدى القارئ الإسلامي, وهي اللغة التي يفهمها جيداً,
لقد امتص وتشرب هؤلاء الشباب بصورة ضمنية كثيراً من المفاهيم المشبعة ببنية علمانية مضمرة, أو التي تدفع باتجاه تعزيز التصورات العلمانية, مثل مفهوم: عصر التدوين, والتنصيص السياسي, والعقل المستقيل, والأرثوذكسية الإسلامية, والنص كمنتج ثقافي, وميثية القرآن, وغيرها من أدوات التفكير العلماني.
على أية حال تظل المدرسة الفرانكفونية/المغاربية المعاصرة هي الأكثر تعبيراً عن هذا الشكل من الخطاب, واهتمامها بموضوعيها الرئيسين -إعادة تأويل التراث والتحليل الانثروبولوجي للحركة الإسلامية- كان مصدر الجاذبية والإغراء الذي حقق لها النفاذ إلى أسوار الداخل الإسلامي, ذلك أن الحقول والموضوعات ذات الاهتمام المشترك تمثل دوماً لغة مفهومة ومشتركة, ونقطة تعارف والتقاء, تتحول غالباً إلى حالة تلقٍّ تتحدد بوصلة نفوذها طبقاً لميزان القوى المعرفية, لتنتهي بحالة استعمار ثقافي ] .
رد: من هو مهندس "العصرانية السعودية" ؟
في الحقيقة لقد ابدع المؤلف ايما ابداع في هذه الرسالة فجزاه الله خيرا
رد: من هو مهندس "العصرانية السعودية" ؟
خالص الجلبي في نظري إنما يمتلك فقط القدرة على تطويع العبارة وزخرفتها للهدف الذي يريد مع خواء في الأفكار وعدم قدرة على تبريرها وإثباتها للآخر ولذا فأستبعد أن يكون له الأثر الذي يطمح إليه