قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في رسالته [المحجة في سير الدلجة]:
"قيمة كل امرئ ما يطلب, فمن كان يطلب الله فلا قيمة له من طلب الله فهو أجل من أن يقوم, ومن طلب غيره فهو أخس من يكون له قيمة"
ما معنى هذه الكلام؟ وهل كلمة (قيمة) فيه محلها ام انها مصحفة؟
عرض للطباعة
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في رسالته [المحجة في سير الدلجة]:
"قيمة كل امرئ ما يطلب, فمن كان يطلب الله فلا قيمة له من طلب الله فهو أجل من أن يقوم, ومن طلب غيره فهو أخس من يكون له قيمة"
ما معنى هذه الكلام؟ وهل كلمة (قيمة) فيه محلها ام انها مصحفة؟
هذا نوعٌ من أنواع المعايير والموازين القياسية لشرف الإنسان ومكانته وغايته وهمته ونفسه وطبيعته.
وهذا على العموم قياسٌ ومعيار نسبيٌ قد لا يكون دقيقاً مئةً بالمئة.. لكنه بحكم التجربة والخبرة والمعاشرة = وجد أنه يعطي نتائج ملموسة في تحديد الشخصية البشرية.
فإن كان طلبك دنيوي = فينظر من أي أمور الدنيا هو؛ أمن سفاسفها وحقيرها وملذاتها، أم من حاجاتها وضرورياتها وكونها عوناً لما هو أعظم.
وإن كان طلبك أخروي = فينظر هل أخلصت واتبعت؛ أم أشركت وقصرت وخالفت؟
(فمن كان يطلب الله) سبحانه وتعالى؛ فإن هذا الإنسان الطالب = وزنه ومعياره في القياس كما قال الشيخ: (فلا قيمة له من طلب الله) فلا يساوي شيئا بطلبه هذا ؛ (فهو _ سبحانه _ أجل من أن يقوّم) ويقاس بغيره من المطلوبات.. فهو سبحانه لا يقارن بشيء ولا يوازن به ولا يوضع في صفه.
فهذا الذي طلب الله ما عرف قدر الله وحقه سبحانه وتعالى، ولا وقف على كبير عظمته وعزته وجبروته وتفرده عز وجل.. بمعنى أن طلب الله ليس تمني وإرادة؛ بل عمل وفعل وقول = إثبات عبادة حقة.
ثم بناءً على ما سبق؛ فإن (من طلب غيره) سبحانه وتعالى ممن هم دونه ممن خلق = (فهو) أي: هذا المطلوب المراد؛ (أخس من أن يكون له قيمة) لحقارته وهوانه وزواله أيضاً.. كيف وإذا قوبل بالله سبحانه وتعالى؟! وهذا الذي قصده الشيخ رحمه الله.
فالكلام أيها الحبيب القريب أبا مسفر سليمٌ لا تصحيف فيه.. ويعلم الله حرصت على أن أجيبك قبل غيري حتى يستمر حبل الود والدعاء لا ينقطعان.. فتصل هذه تيك.
جزاكما الله خيرا كثيرا على هذه الفائدة
شيخنا الفاضل المفضال السكران التميمي بارك الله فيك وجزاك كل خير وأعلى درجتك في الدراين
وان شاء الله لن ينقطع حبل الود والدعاء وكيف ولا تزال فوائدك تجدده وهداياك توثّقه
وللفائدة يا اخوان فان رسالة ابن رجب الحنبلي رحمه الله (المحجة في سير الدلجة) والتي هي شرح لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: " ان الدين يسر، ولن يشاد الدين احد الا غلبه، فسددوا وقاربوا وابشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشىء من الدلجة". وكعادة ابن رجب فقد اتى باللالئ والدرر من كلام السلف وقد شدني بيتين استشهد بهما هما:
ما للعبـاد عليه حق واجـب *** كـلا ولا سعي لديـه ضـائـع
إن عذبوا فبعدله او انعموا *** بفضله وهو الكريم الواسع
اخواني الكرام : الظاهر عندي ان المراد إن قيمتك أيها الإنسان على قدر ما تطلب،
فإن كنت تطلب رضاء الله فقيمتك غالية،بل انت اعظم من ان تقوم بمعايير الدنيا
وإن كنت تطلب غير الله وتسال غيره حوائجك فانت احقر من ان يكون لك قيمة
( ومن يهن الله فماله من مكرم )
فلينظر كل إنسان ما ذا يطلب ثم يعلم أن مكانته وقيمته على قدر مطلبه,
فإن كان مطلبه غالياً كانت قيمته غالية، وإن كان مطلبه دنيئاً كانت قيمته كذلك. والله اعلم.
بارك الله فيكم أخانا
أؤيد رأيكم في المعنى لأن القيمة تعود على الطالب ليس على المطلوب حسب فهمي و قد بيّن ذلك في بداية قوله, فقد تستقيم العبارة كلآتي : " قيمة كل امرئ ما يطلب، فمن كان يطلب الله فلا قيمة له ( أي لا نستطيع تقويمه)، من طلب الله فهو أجلّ من أن يقوّم ( أي الطالب لله), و من طلب غيره فهو أخس من أن يكون له قيمة "
و الله أعلم