هل قول الشاعر
نسي الطين ساعة انه طين
استعارة تصريحية ولماذا لاتكون مكنية
عرض للطباعة
هل قول الشاعر
نسي الطين ساعة انه طين
استعارة تصريحية ولماذا لاتكون مكنية
أخي خالد ،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فالاستعارةُ ـ يا أخي ـ في قولِ أبي ماضي تصريحيةٌ ؛ ولا يمكنُ أن تكونَ مكنيةً ؛ وذلكَ يتضحُ من بيان الفرقِ بينَ النوعين ؛ فاعلمْ ـ يا أخي ـ أنَّ الاستعارةَ التصريحيةَ تستعارُ فيها لفظةٌ لتدلَّ على شيءٍ آخرَ لعلاقةِ المشابهةِ بينهما معَ قرينةٍ تدلُّ على أنَّ المرادَ هُو المدلولُ الاستعاريُّ للكلمةِ كمَا في قولِه تعالى:
(واعتصِمُوا بحبلِ اللهِ جميعًا) ؛ فقدِ استعيرتْ لفظةُ حبلٍ للدلالةِ على الدِّينِ ؛ وذلكَ لأنَّ الحبلَ يربطُ شيئًا بشيءٍ ، والدين يصلُ الناسَ بالله تعالى ويربطهم به ، وكمَا في قولِه : ( لتخرجَ الناسَ من الظلماتِ إلى النُّور ) ؛ فقد استعيرتْ لفظةُ الظلماتِ للدلالةِ على الكفر ، ولفظةُ النُّور للدلالة على الإيمان ؛ لما بينهما من شبه واضح ،
وأما الاستعارةُ المكنيةُ فتعارُ فيها صفاتُ شيءٍ لشيءٍ آخر ، فيظهرُ بهذه الصفاتِ الجديدة التي أعيرت إياه ـ وليستْ من طبيعته ـ في صورةٍ غير صورته في الواقع ، كقول الشاعر :
السحب تركض في الفضا **** ء الرحب ركض الخائفين
فقد استعار الشاعرُ صفة الركض للسحب وهكذا ، والآن أعرفت لم كان قولُ الشاعر :
نسي الطين ساعة أنه طين
استعارةً تصريحيةً لا مكنيةً ؟ ذلك لأنَّ الشاعر استعار لفظةَ الطين للدلالة على الإنسان
هذا ، والله أعلم ، والسلام .
شكرا اخي على هذا التوضيح و زادكم الله بسطة في العلم و بارك الله فيكم
اخي محمود اذا قلنا ذلك فان حادثني التاريخ استعارة مكنية
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
على الرغم من أن السؤال تعلق بشطر من بيت لأبي ماضي غير أن الشرح والأمثلة كان في غيره ،وهذا علنميا غير جائز..
فهل هي فعلا تصريحية،ووجه الشبه في الإنسان أقوى مما هو في الطين..والمعروف أن الفرق بين الاستعارتين أن يكون وجه الشبه في المشبه به أقوى مما هو في المشبه..
فإذا صُرِّحَ بالمشبه به فهي تصريحية..
فالتشبيه هو كما يلي:الإنسان طين [إذا جاز أن نسميَه تشبيه]..المشبه هو الطين والمشبه به الإنسان..وعليه نقول :الطين إنسان..أليس كذلك؟
لأن النسيان في الإنسان ،وليس في الطين..
والعبارة مجازية باعتبار الإنسان كان في الأصل طينا..
وبين المجاز المرسل والاستعارة اختلاف العلاقات..لأن الأول له علاقات كثيرة كهذه باعتبار ما كان [لأن العلاقة لما أطلق لا لما أراد] وفي الاستعارة العلاقة المشابهة..فهل يجوز تشبيه الانسان بالطين؟ [وقد تحفظت على الصورة في البداية]
فهل الانسان يشبه الطين أم كان طينا ؟
ولتوضيح ذلك أذكر مستأنسا بقوله تعالى:"فتحرير رقبة مومنة" فهل يجوز أن نشبه الرقبة بالانسان وهي جزء منه؟لا يجوز طبعا..
فالعلاقة جزئية..وليست مشابهة..
وبالله التوفيق..
أخي خالد ،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعدُ :
فاعلمْ أنَّ في قولِ القائلِ : ( حادثني التاريخُ ) استعارةً مكنيةً ؛ حيثُ استعار القائلُ صفةَ المحادثةِ ، وخلعَها على التاريخ ، وهي ليستْ من صفاتِه في الأصل ؛ فبدا كأنه إنسانٌ يتحدَّثُ ؛ فهي إذن استعارةٌ مكنيَّةٌ ، ولو جرينا على اصطلاحات البلاغيين لقلنا : إنَّ القائلَ شبَّه التاريخَ بإنسانٍ يحادثه ، وحذف المشبَّهَ به وهو الإنسانُ ، وأتى بشيءٍ من لوازمِه وهو : (حادثني) ؛ فالاستعارةُ أيضا مكنيَّة ، ومثالُ ذلك ـ يا أخي ـ قولُ الشاعر :
عضَّنا الدهرُ بنابِهْ **** ليتَ ما حلَّ بنا بِهْ
فقدْ شبَّه الدهرَ ـ كما يقول صاحبُ البلاغةِ الواضحة ـ بحيوانٍ مفترسٍ بجامع الإيذاء في كلٍّ ، ثمَّ حذف المشبَّهَ به ورُمِزَ إليه بشيءٍ من لوازمه وهو :( عض ) فالاستعارةُ مكنيةٌ ، وعليه فقولُه : حادثني التاريخ ـ كما قلت لك ـ استعارة مكنية ، لكنِ اعلمْ أنه يمكنْ أن تُجرى الاستعارةُ هنا مجرى آخر فيقالُ : إنَّ القائلَ شبَّه قراءةَ التاريخِ بالمحادثةِ ، وحذفَ المشبَّهَ وصَرَّحَ بالمشبَّهِ به ؛ فالاستعَارةُ إذن تصريحيةٌ ، وما ذكرتُ أولا أولى ،
هذا ، والله أعلمُ ، والسلام .
قد يكونُ ـ والله ـ كلامُ أخينا ياسين صحيحًا ، ويكونُ في قول الشاعر :
( نسي الطين ساعة أنه طين ) مجازٌ مُرسلٌ ؛ حيثُ أطلقَ الشاعرُ الطينَ ، وأرادَ الإنسانَ باعتبارِ ما كان ؛ فجزاكَ الله خيرًا ـ يا أخي ـ على التنبيهِ ، وليراجعْ أهلُ المجلس ما قلتُه ، لبيانِ ما فيهِ من صوابٍ أو خطأٍٍ .
أخي في الله خالد ،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعدُ :
فقد قلتُ في المشاركةِ السابقةِ : ( قد يكونُ ـ والله ـ كلامُ أخينا ياسين صحيحًا ، ويكونُ في قولِ الشاعر :
( نسي الطين ساعة أنه طين ) مجازٌ مُرسلٌ ؛ حيثُ أطلقَ الشاعرُ الطينَ ، وأرادَ الإنسانَ باعتبارِ ما كان ) هذا ما قلتُ في المشاركة السابقة ، غيرَ أنَّ هذا الذي قلتُ ـ وإنْ كان صحيحًا ـ لايمنعُ إطلاقًا القولَ بأنَّ في البيتِ استعارةً تصريحيةً ؛ إذ تشبيه الإنسان بالطين ليس في النسيان ـ كما قال الأخ ياسين ـ وإنما في الحقارة والوضاعة ، إن أبا ماضي شبَّه الإنسانَ المتكبِّرَ بالطين بجامع الحقارةِ في كُلٍّ ـ كما يقولُ البلاغيون ـ ثم حذفَ المشبَّهَ وصرَّحَ بالمشبَّهِ به ، أو قُلْ ـ كما قلت في أول مشاركة ـ : إنه استعار لفظةَ الطينِ للدلالة على الإنسانِ المتكبِّر ؛ لما في الطين والإنسان المتكبر من حقارة ؛ فالكلام إذن استعارة تصريحية ,
هذا ما أردتُ قولَه بعدَ مُراجعتي لنفسي ، واللهُ أعلمُ ، وما أبرئُ نفسي من الخطأ ؛ فإنَّ عقيدتي التي أدينُ بها ـ كما قلت في النظم المفيد الحاوي عقيدة التوحيد للطحاوي ـ :
وَمَا عَلَيْنا عِلْمُهُ قَدْ يَشْتَبِهْ ... [1353] ... نَقُولُ فِيهِ رَبُّنا أَعْلَمُ بِهْ
وَلَفْظُ : لا نعْلَمُ فِيما نجْهَلُ ... [1354] ... لا نَسْتَحِي مِنْ قَوْلِهِ أوْ نخْجَلُ
فالعِلْمُ نَصٌّ في الكِتَابِ مُحْكَمُ ... [1355] ... أَوْ أثرٌ قَدْ صَحَّ أوْ لا نَعْلَمُ
ولا أدري لم بخلَ علينا أستاذُنا أبو مالكٍ بالتَّوضيحِ والتبيان ، وهو الذي ضَبطَ لنا عقُودَ الجمان ، والسؤالُ لم يخرجْ عنْ علمِ البيان ، واللهُ الموفِّقُ ، وعليه التكلان ، والسَّلام .
واعلم ـ أيها الأخ الفاضل ـ أنه يمكنُ إجْراءُ استعارةٍ أخرى في القرينة ( نسي ) فنقول : إنَّ الشاعرَ استعار صفةَ النسيان ، وخلعها على الطين فبدا في صورةٍ غير صورته ، أو على حدِّ قول البلاغيين جعل الشاعرُ الطينَ إنسانًا ينسى ، أو شبَّه الشاعرُ الطينَ بإنسانٍ ، وحذف المشبَّه به ، ورمزَ إليهِ بشيءٍ من لوازمِهِ وهو : ( نسيَ ) ؛ فالاستعارةُ على هذا مكنيةٌ ، والله أعلم
بارك اللهُ فيكم جميعًا.
إذا تبينَ مقصودُ الشاعرِ، وأنه يعني بالطين الإنسانَ-لم يكن وجهٌ للعدول عن كونِ ذلك منه مجازًا مرسلا على حدّ قولِه تعالى: فففوآتوا اليتامى أموالهمقققالآية َ، ولا حاجةَ-من ثَمّ-لأنْ نتكلفَ وجوهًا أخرى، واللهُ أعلمُ.
السلام عليكم اخواني ارى ان كثيرا من امثلة الاستعاة التصريحية يجوز فيها ان تكون مكنية ومنها قول الشاعرقلدوهاالا ثرالمعجز وقوله وكسوه ابدالدهرمن الفخرثيابا
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله في الجميع ،وأنار بكم دروب المتعلمين.
ما دام الأمر اتضح،بقصدية الشاعر،في حديثه عن الإنسان،و أنه كان طينا في الأصل،
فلا أرى مجالا لتفريع وتخريج العبارة وتحميلها أكثر مما تحتمل [كما ذهب الأخ الفاضل أبو بكر المحلى]
ونجعل من طرفيها علاقة مشابهة،ولو لم تحتمل..
والسلام عليكم..
أختي الفاضلة ،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فالكلمةُ أوِ الفعْلُ : ( يمكِن ) منصوبٌ بِأَنْ ، وعلامةُ النَّصبِ الفتحةُ الظاهرةُ ، ولا وجهَ للسُّكُونِ هُنا ، وما وَضِع إلا خطأً ، و
سبحانَ من له الكمالُ الخالصُ *** وليسَ في أوْصَافِه نقائِصُ
وما كان ينبغي لكِ ـ أيتها الفاضلةُ ـ أنْ تسألي عن أمْرٍ جَلِيٍّ خَطَؤُهُ
هذا ، واللهُ الموفقُ ، والسلام .