معنى الإجماع يختلف باختلاف مراد ناقله
الحمدُ للهِ ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ ، وآلهِ وصحبهِ ومن والاه .
وبعد : فإنه - كما هو معلوم إن شاء الله - أنَّ الأدلةَ ترتب بحسبِ قوتِها في الاحتجاجِ بها ، القرانُ ثم السنةُ ثم الإجماعُ ثم القياسُ ،
والإجماعُ - كما هو معلومٌ إن شاءَ اللهُ - حُجَّةٌ شرعيةٌ باتفاقِ الأمةِ جملةً ، ولم يخالفْ في هذا ، إلا أفرادٌ ممن شذُّوا أو ممن لا يعتدُّ بخلافِهم ، منهم أبو إسحاقَ النَظَّام ، ومن نحا نحوَهُ من بعضِ الشيعةِ والخوارجِ ، وليس هذا مجالَ بَسْطِ الاختلافِ ، ولكن المهمَّ أنْ نَعْرفَ أنَّ هناكَ مغايرةً بين تعريفِ الأصوليين للإجماعِ وبين الإجماعِ المنقولِ في كتبِ الإجماعاتِ وغيرِها ، فإن الأصوليينَ قد عرَّفوهُ بالتالي : [ هو اتِّفاقُ كافَّةِ المجتَهِدينَ في عصرٍ مِنَ العُصورِ بعدَ وفاةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم على حكمٍ شرعيٍّ ] ، ومُقْتضى هذا التعريفِ محالُ الوقوعِ ، لأنَّهُ لم يعرفْ أنَّ مجتَهِدي الأمَّةِ اتَّفَقُوا كُلُّهم جملةً وتفصيلاً على حكمٍ شرعيٍّ بحيثُ لم يخالفْ في هذا واحدٌ ! ، فَيبدو لي - واللهُ أعلمُ - : أنَّ معنى الإجماعِ يختلفُ باختلافِ مُرادِ ناقلِهِ ، فمنهم من يريدُ بالإجماعِ إجماعَ الصحابةِ ، ومنهم من يريدُ إجماعَ أهلِ المدينةِ ، ومنهم من يريدُ إجماعَ أهلِ الكوفةِ ، ومنهم من يريدُ إجماعَ أهلِ المدينةِ ، ومنهم من يريدُ إجماعَ الأئمَّةِ الأربعةِ ، ومنهم من يريدُ إجماعَ من بلغَهَ قولُهُ من العلماءِ، بل ومنهُمْ مَنْ يريدُ إجماعَ علماءِ المذهَبِ ... إلخ ، فلا تتسرَّعْ في نقلِ الإجماعِ بمجرَّدِ أن وجدته في كتابٍ ما ؛ لأنَّ مقصودَ الإمامِ مِنَ الإجماعِ قد يختلفُ عن مقصودِكَ أنت ممَّا فهمتَهُ مِنَ الإجماعِ ، والموضوعُ محلُّ بحثٍ ونقاشٍ ، واللهُ أعلمُ .
رد: معنى الإجماع يختلف باختلاف مراد ناقله
ملاحظة طيبة ، وقد تحدث أهل العلم في نقلة الإجماع فوصفوا بعضهم بكونه متساهلا في نقل الإجماع كابن المنذر مثلا ، وجاء هذا الحكم نظرا لتعقب إجماعته فانتقذ في بعضها.
وكذلك الأمر عند كثير من الأصوليين يدعون الإجماع ولكنها لا تسلم لهم.
فينبغي التحري ، والتثبت قبل ادعاء الإجماع.
و الله أعلى وأعلم
رد: معنى الإجماع يختلف باختلاف مراد ناقله
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مروان
وقد تحدث أهل العلم في نقلة الإجماع فوصفوا بعضهم بكونه متساهلا في نقل الإجماع كابن المنذر مثلا ، وجاء هذا الحكم نظرا لتعقب إجماعته فانتقذ في بعضها.
نعم ، لأن ابن المنذر - غالباً - إنما يعني بالإجماع : ما لا يعلم هو فيه خلافاً ممن يحفظ عنه من أهل العلم ، فقول ابن المنذر : " أجمعوا " ، أو : " اتفقوا " ، أو نحو ذلك يساوي قوله أو قول غيره من المجتهدين : " أجمع من نحفظ عنه من أهل العلم " ، أو : " لا أعلم فيه خلافاً " ، ونفي العلم بالخلاف لا يستلزم نفي الخلاف نفسه ، والله أعلم .