كافر مات وليس له وريث؟ سؤال لطلبة العلم المتمكنين فقط ..
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد
أريد أن اسأل أهل المعرفة, من طلبة العلم المتمكنين من العلوم الشرعية, حول رجل كافر مات وليس له وريث, وكان ماله في متناول يدي, هل أنتفع به, أم لا؟
رد: كافر مات وليس له وريث؟ سؤال لطلبة العلم المتمكنين فقط ..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،،
إن كان في بلاد الكفار فاترك ماله . ((والذين كفروا بعضهم أولياء بعض))
وإن كان ذمياً فماله يرجع لبيت مال المسلمين فيئاً .
رد: كافر مات وليس له وريث؟ سؤال لطلبة العلم المتمكنين فقط ..
قَالَ ابن قدامة في المغني: ( أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ .وَقَالَ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءُ : لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ .
يُرْوَى هَذَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
وَبِهِ قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ ، وَعُرْوَةُ ، وَالزُّهْرِيُّ ، وَعَطَاءٌ ، وَطَاوُسٌ ، وَالْحَسَنُ ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابُهُ ، وَمَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَعَامَّةُ ، الْفُقَهَاءِ .وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ .
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ ، وَمُعَاذٍ ، وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، أَنَّهُمْ وَرَّثُوا الْمُسْلِمَ مِنْ الْكَافِرِ ، وَلَمْ يُوَرِّثُوا الْكَافِرَ مِنْ الْمُسْلِمِ .وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَمَسْرُوقٍ ، وَعَبْدِ اللَّه بْنِ مَعْقِلٍ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَالنَّخَعِيِّ ، وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ ، وَإِسْحَاقَ .وَلَيْسَ بِمَوْثُوقٍ بِهِ عَنْهُمْ .
فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ : لَيْسَ بَيْنَ النَّاسِ اخْتِلَافٌ فِي أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ .
وَرُوِيَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمُرَ احْتَجَّ لِقَوْلِهِ ، فَقَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ ، أَنَّ مُعَاذًا حَدَّثَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { الْإِسْلَامُ يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ } وَلِأَنَّنَا نَنْكِحُ نِسَاءَهُمْ ، وَلَا يَنْكِحُونَ نِسَاءَنَا ، فَكَذَلِكَ نَرِثُهُمْ ، وَلَا يَرِثُونَنَا .
وَلَنَا ؛ مَا رَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ ، وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ } .مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ : عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى } .
وَلِأَنَّ الْوِلَايَةَ مُنْقَطِعَةٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ ، فَلَمْ يَرِثْهُ ، كَمَا لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ .
فَأَمَّا حَدِيثُهُمْ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَزِيدُ بِمَنْ يُسْلِمُ ، وَبِمَا يُفْتَحُ مِنْ الْبِلَادِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ ، وَلَا يَنْقُصُ بِمَنْ يَرْتَدُّ ، لِقِلَّةِ مَنْ يَرْتَدُّ ، وَكَثْرَةِ مِنْ يُسْلِمُ ، وَعَلَى أَنَّ حَدِيثَهُمْ مُجْمَلٌ ، وَحَدِيثنَا مُفَسَّرٌ ، وَحَدِيثَهُمْ لَمْ يُتَّفَقْ عَلَى صِحَّتِهِ ، وَحَدِيثَنَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، فَتَعَيَّنَ تَقْدِيمُهُ .وَالصَّحِيحُ عَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ : لَا نَرِثُ أَهْلَ الْمِلَلِ ، وَلَا يَرِثُونَنَا .
وَقَالَ فِي عَمَّةِ الْأَشْعَثِ : يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا .)
قال النووي في شرح صحيح مسلم : ((أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْكَافِر لَا يَرِث الْمُسْلِم ، وَأَمَّا الْمُسْلِم فَلَا يَرِث الْكَافِر أَيْضًا عِنْد جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدهمْ ، وَذَهَبَتْ طَائِفَة إِلَى تَوْرِيث الْمُسْلِم مِنْ الْكَافِر ، وَهُوَ مَذْهَب مُعَاذ بْن جَبَل وَمُعَاوِيَة وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَمَسْرُوق وَغَيْرهمْ . وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء وَالشَّعْبِيّ وَالزُّهْرِيّ وَالنَّخَعِيِّ نَحْوه عَلَى خِلَاف بَيْنهمْ فِي ذَلِكَ ، وَالصَّحِيح عَنْ هَؤُلَاءِ كَقَوْلِ الْجُمْهُور . وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ " الْإِسْلَام يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ " . وَحُجَّة الْجُمْهُور هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح الصَّرِيح ، وَلَا حُجَّة فِي حَدِيث " الْإِسْلَام يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ " لِأَنَّ الْمُرَاد بِهِ فَضْل الْإِسْلَام عَلَى غَيْره ، وَلَمْ يَتَعَرَّض فِيهِ لِمِيرَاثٍ ، فَكَيْفَ يُتْرَك بِهِ نَصُّ حَدِيث ( لَا يَرِث الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ) وَلَعَلَّ هَذِهِ الطَّائِفَة لَمْ يَبْلُغهَا هَذَا الْحَدِيث .))
قال الحافظ في الفتح : (هَكَذَا تَرْجَمَ بِلَفْظِ الْحَدِيث ثُمَّ قَالَ " وَإِذَا أَسْلَمَ قَبْل أَنْ يُقْسَم الْمِيرَاث فَلَا مِيرَاث لَهُ " فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ عُمُومه يَتَنَاوَل هَذِهِ الصُّورَة ، فَمَنْ قَيَّدَ عَدَم التَّوَارُث بِالْقِسْمَةِ اِحْتَاجَ إِلَى دَلِيل ، وَحُجَّة الْجَمَاعَة أَنَّ الْمِيرَاث يُسْتَحَقّ بِالْمَوْتِ ، فَإِذَا اِنْتَقَلَ عَنْ مِلْك الْمَيِّت بِمَوْتِهِ لَمْ يُنْتَظَرْ قِسْمَته لِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ الَّذِي اِنْتَقَلَ عَنْهُ وَلَوْ لَمْ يُقْسَم الْمَال . قَالَ اِبْن الْمُنِير : صُورَة الْمَسْأَلَة إِذَا مَاتَ مُسْلِم وَلَهُ وَلَدَانِ مَثَلًا مُسْلِم وَكَافِر فَأَسْلَمَ الْكَافِر قَبْل قِسْمَة الْمَال قَالَ اِبْن الْمُنْذِر : ذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى الْأَخْذ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ عُمُوم حَدِيث أُسَامَة يَعْنِي الْمَذْكُور فِي هَذَا الْبَاب إِلَّا مَا جَاءَ عَنْ مَعَاذ قَالَ : يَرِث الْمُسْلِم مِنْ الْكَافِر مِنْ غَيْر عَكْس ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " الْإِسْلَام يَزِيدُ وَلَا يَنْقُص ، وَهُوَ حَدِيث أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْن يَعْمُر عَنْ أَبِي الْأَسْوَد الدُّؤَلِيّ عَنْهُ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد ، وَتُعُقِّبَ بِالِانْقِطَاعِ بَيْن أَبِي الْأَسْوَد وَمعَاذ وَلَكِنَّ سَمَاعه مِنْهُ مُمْكِنٌ ، وَقَدْ زَعَمَ الْجَوْزَقَانِي ّ أَنَّهُ بَاطِل وَهِيَ مُجَازَفَة ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي " الْمُفْهِم " : هُوَ كَلَام مَحْكِيٌّ وَلَا يُرْوَى كَذَا قَالَ ، وَقَدْ رَوَاهُ مَنْ قَدَّمْت ذِكْرَهُ فَكَأَنَّهُ مَا وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ ، وَأَخْرَجَ أَحْمَد بْن مَنِيع بِسَنَدٍ قَوِيٍّ عَنْ مَعَاذ أَنَّهُ كَانَ يُوَرِّثُ الْمُسْلِمَ مِنْ الْكَافِرِ بِغَيْرِ عَكْس وَأَخْرَجَ مُسَدَّد عَنْهُ أَنَّ أَخَوَيْنِ اِخْتَصَمَا إِلَيْهِ : مُسْلِم وَيَهُودِيّ مَاتَ أَبُوهُمَا يَهُودِيًّا فَحَازَ اِبْنُهُ الْيَهُودِيُّ مَالَهُ فَنَازَعَهُ الْمُسْلِم فَوَرَّثَ مَعَاذٌ الْمُسْلِمَ ، وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن مَعْقِل قَالَ : مَا رَأَيْت قَضَاء أَحْسَنَ مِنْ قَضَاءٍ قَضَى بِهِ مُعَاوِيَةُ : نَرِث أَهْل الْكِتَاب وَلَا يَرِثُونَا ، كَمَا يَحِلّ النِّكَاح فِيهِمْ وَلَا يَحِلّ لَهُمْ ، وَبِهِ قَالَ مَسْرُوق وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيُّ وَإِسْحَاق ، وَحُجَّة الْجُمْهُور أَنَّهُ قِيَاس فِي مُعَارَضَة النَّصّ وَهُوَ صَرِيح فِي الْمُرَاد وَلَا قِيَاس مَعَ وُجُوده ، وَأَمَّا الْحَدِيث فَلَيْسَ نَصًّا فِي الْمُرَاد بَلْ هُوَ مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ يَفْضُل غَيْرَهُ مِنْ الْأَدْيَانِ وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْإِرْثِ ، وَقَدْ عَارَضَهُ قِيَاسٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ التَّوَارُث يَتَعَلَّق بِالْوِلَايَةِ وَلَا وِلَايَة بَيْن الْمُسْلِم وَالْكَافِر لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء ، بَعْضهمْ أَوْلِيَاء بَعْض ) وَبِأَنَّ الذِّمِّيّ يَتَزَوَّج الْحَرْبِيَّة وَلَا يَرِثهَا ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الدَّلِيل يَنْقَلِب فِيمَا لَوْ قَالَ الذِّمِّيّ أَرِث الْمُسْلِمَ لِأَنَّهُ يَتَزَوَّج إِلَيْنَا ، وَفِيهِ قَوْل ثَالِث وَهُوَ الِاعْتِبَار بِقِسْمَةِ الْمِيرَاث جَاءَ ذَلِكَ عَنْ عُمَر وَعُثْمَان وَعَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن وَجَابِر بْن زَيْد وَهُوَ رِوَايَة عَنْ أَحْمَد . قُلْت : ثَبَتَ عَنْ عُمَر خِلَافُهُ كَمَا مَضَى فِي " بَاب تَوْرِيث دُور مَكَّة " مِنْ كِتَاب الْحَجّ فَإِنَّ فِيهِ بَعْد ذِكْر حَدِيث الْبَاب مُطَوَّلًا فِي ذِكْر عَقِيل بْنِ أَبِي طَالِب فَكَانَ عُمَر يَقُول فَذَكَرَ الْمَتْن الْمَذْكُور هُنَا سَوَاء ).
قال في الإنصاف : (وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ- يعني ابن تيمية -يَرِثُ الْمُسْلِمُ مِنْ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ الذِّمِّيِّ، لِئَلَّا يَمْتَنِعَ قَرِيبُهُ مِنْ الْإِسْلَامِ ، وَلِوُجُوبِ نُصْرَتِهِمْ وَلَا يَنْصُرُونَنَا ).
وعليه فاختلاف الدين بين المورث والوارث بالإسلام وغيره مانع من الإرث باتفاق المذاهب الأربعة، فلا يرث المسلم كافراً، ولا الكافر مسلماً، سواء بسبب القرابة أو الزوجية، لقوله صلّى الله عليه وسلم : «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم» وقوله: «لا يتوارث أهل ملتين شتى» وهذا هوالراجح لأن الولاية منقطعة بين المسلم والكافر.
وإنما يكون ماله فيئا لبيت مال المسلمين .