وهذا جواب على من زعم اختصاص العذر بالتأويل بمسائل الاجتهاد دون المسائل القطعية..
بارك الله فيك..
التأويل يدخل مسائل الاجتهاد ويدخل المسائل القطعية أيضاًَ
• قال شيخ الإسلام : ((فمن قال إن المخطىء في مسألة قطعية أو ظنية= يأثم فقد خالف الكتاب والسنة والإجماع القديم ، قالوا وأيضا فكون المسألة قطعية أو ظنية هو أمر إضافي بحسب حال المعتقدين ليس هو وصفا للقول في نفسه فإن الإنسان قد يقطع بأشياء علمها بالضرورة أو بالنقل المعلوم صدقه عنده وغيره لا يعرف ذلك لا قطعا ولا ظنا وقد يكون الإنسان ذكيا قوي الذهن سريع الإدراك علما وظنا فيعرف من الحق ويقطع به ما لا يتصوره غيره ولا يعرفه لا علما ولا ظنا فالقطع والظن يكون بحسب ما وصل إلى الإنسان من الأدلة وبحسب قدرته على الإستدلال،والنا س يختلفون في هذا وهذا فكون المسألة قطعية أو ظنية ليس هو صفة ملازمة للقول المتنازع فيه حتى يقال كل من خالفه قد خالف القطعي بل هو صفة لحال الناظر المستدل المعتقد وهذا مما يختلف فيه الناس فعلم أن هذا الفرق لا يطرد ولا ينعكس)).
• قال شيخ الإسلام : ((وَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ أَنَّ مَسَائِلَ الِاجْتِهَادِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا دَلِيلٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ وُجُوبًا ظَاهِرًا ، مِثْلُ حَدِيثٍ صَحِيحٍ لَا مُعَارِضَ مِنْ جِنْسِهِ فَيَسُوغُ لَهُ - إذَا عَدِمَ ذَلِكَ فِيهَا - الِاجْتِهَادُ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ الْمُتَقَارِبَة ِ .أَوْ لِخَفَاءِ الْأَدِلَّةِ فِيهَا .وَلَيْسَ فِي ذِكْرِ كَوْنِ الْمَسْأَلَةِ قَطْعِيَّةً طَعْنٌ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا مِنْ الْمُجْتَهِدِين َ كَسَائِرِ الْمَسَائِلِ الَّتِي اخْتَلَفَ فِيهَا السَّلَفُ)) .
• قال شيخ الإسلام : (( إن القول بتحريم الحيل قطعي ليس من مسائل الاجتهاد كما قد بيناه وبينا إجماع الصحابة على المنع منها بكلام غليظ يخرجها من مسائل الاجتهاد واتفاق السلف على أنها بدعة محدثة وكل بدعة تخالف السنة وآثار الصحابة فإنها ضلالة وهذا منصوص الإمام أحمد وغيره ، وحينئذ فلا يجوز تقليد من يفتي بها ويجب نقض حكمه ولا يجوز الدلالة لأحد من المقلدين على من يفتي بها مع جواز ذلك في مسائل الاجتهاد وقد نص أحمد على هذه المسائل في مثل هذا وإن كنا نعذر من اجتهد من المتقدمين في بعضها وهذا كما أن أعيان المكيين والكوفيين لا يجوز تقليدهم في مسألة المتعة والصرف والنبيذ ونحوها )).
• وقال الشيخ : ((وَالْخَطَأُ الْمَغْفُورُ فِي الِاجْتِهَادِ هُوَ فِي نَوْعَيْ الْمَسَائِلِ الْخَبَرِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّة ِ)).
فالخمر والزنا ونحوها من المسائل المعلومة بالضرورة التي لا يدخلها التأويل السائغ،ولذلك تقام الحجة على من استحلها بتأويل غير سائغ فإن رجع= وإلا ضربت عنقه كما فعل الفاروق عمر مع قدامة بن مظعون رضي الله عنه.
أما المسائل القطعية التي يمكن أن يدخلها التأويل السائغ كبعض أفراد الخمر(النبيذ) وكنكاح المتعة وبعض أفراد الربا ونكاح التحليل والمعازف ومسائل الاعتقاد كنفي بعض الصفات = فكل ذلك لا تكفير فيه بل يقضى على المخالف فيه بشذوذ قوله ويمنعه التأويل السائغ من الكفر..
ولذلك قال الشيخ عن مسألة المعازف : ((((وَمَعْلُومٌ فِي كُلِّ عَمَلٍ تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ هَلْ هُوَ مُحَرَّمٌ أَوْ مُبَاحٌ لَيْسَ بِقُرْبَةِ أَنَّ مَنْ جَعَلَهُ قُرْبَةً فَقَدْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ وَإِذَا فَعَلَهُ مُتَقَرِّبًا بِهِ كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا بِالْإِجْمَاعِ كَمَا لَوْ تَقَرَّبَ بِلَعِبِ النَّرْدِ وَالشَّطْرَنْجِ وَبَيْعِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْ نِ وَإِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي الْحُشُوشِ وَاسْتِمَاعِ الْغِنَاءِ وَالْمَعَازِفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لِلنَّاسِ فِيهِ قَوْلَانِ التَّحْرِيمُ وَالْإِبَاحَةُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهَا قُرْبَةٌ . ))
فجعلها الشيخ من جنس مسائل الخلاف التي ذكر هو أنه يُعذر المتأول فيها،ولم يجعل المخالف فيها كافراً..
ولذلك لم يقل أحد من أهل العلم بكفر ابن حزم..
ولا كفر أحد من المعاصرين من قال بحل المعازف من المعاصرين،بل خاطب الشيخ الفوزان نفسه بعضهم بألفاظ التشييخ والعلم.
أخي الكريم : يمكنك القول بحرمة المعازف وبعدم سواغ الخلاف فيها وبجواز معاقبة المخالف ،فكل ذلك من جنس أقوال أهل العلم،أما الخلط المذكور في مسائل التكفير فهو أضر وأبعد عن الحق من قول من قال بحل المعازف..