كناطح صخرة فلم يضرها!!....(منقول).
كاتب المقال: أبو مالك العوضي
أصل المقال هنا على الألوكة الأم:
http://www.alukah.net/Culture/0/22963/
سؤال:
ماذا يفعلُ من أراد أن يهدم بناءً شامخًا متطاولا لا تكاد العينُ تبلغ ذروتَه، ولا يكاد الصاعدُ المُجِدُّ يصل إلى قمته؟!
الجواب:
أنه لكي يصل إلى مبتغاه في ذلك ليس أمامه إلا أن يضرب في أصل البناء دون ذروته، ويطعن في أساسه دون قمته؛ لأنه حتى إن استطاع أن يصل إلى أعلاه، فلن يجد أفضلَ من أن يتربع على مثل هذا العرش الشامخ، ويعتلي شرف هذا الصرح السامق! الذي قلما تجد من يصل إلى قمة من قممه!
وأما إن حاول ضربَ الأساس، وأعمل معولَ الهدم في أصل البناء، فقد تُسوّل له نفسُه أن باستطاعته الإتيان على مثل هذا البنيان الشامخ من القواعد حتى يخر سقفه على أصحابه!!
والعجيبُ أنك تجد مثل هذا الذي يبتغي هدم البناء لا يحملُ من أدوات الهدم إلا معولا من ورق، وقدومًا من قش، وقبضة من ريش!
ويظن أن في استطاعته بمثل هذه الأشياء أن يأتي على هذا البناء، مع أنه لن يستطيع أن يزحزحه قِيسَ أَنْمَلة، فضلا عن هدمه!
أعجبتَ من الكلام السابق؟!
أستغربتَ من وجود مثل هذا الإنسان؟!
لعلك لا تعجبُ إن علمت أن مثل هذا في عصرنا كثير بل كثير جدا!
• رجل أراد هدم البناء الشامخ لعلم النحو فألف كتابا يطعن في سيبويه!
• رجل أراد هدم البناء السامق لعلم الحديث فألف كتابا يطعن في البخاري!
• رجل أراد هدم البناء العالي لعلم الأصول فألف كتابا يطعن في الشافعي!
• رجل أراد هدم علم البلاغة فألف كتابا يطعن في عبد القاهر!
• رجل أراد هدم علم الأدب فألف كتابا يطعن في الجاحظ!
وفي سبيل هذه الأمور يستعمل القش والورق والريش! من أمثال هذه الحجج:
• كل شيء لا يعجبه فلا بد أن يكون مأخوذًا من الفلاسفة!
• كل شيء ليس على مزاجه فلا بد أن يكون من وضع المعتزلة!
• كل شيء ليس على هواه فلا بد أن يكون من التأثر بالنصارى!
• كل شيء لا يناسبه فلا شك في كونه مستحدثا بعد القرون المفضلة!
ومن المضحكات المبكيات في القضايا السابقة أن مثل هذا المؤلف يتهم من يخالفه بأن ضعيف النظر، أو مقلد، أو واقع في الرأي المتسرع!
• ولا أدري أي رأي متسرع هذا الذي يستكمل آلته في ألف سنة!
• ولا أدري أي بادي رأي ذاك الذي يستوفي بناءه في مئات السنين؟!
• ولا أدري أي ضعف في النظر يتناوب عليه عشرات العلماء في مئات المصنفات؟!
إن كان ولا بد من وجود ضعف في النظر فهو ولا شك لمن تفرد بقوله عن باقي العلماء.
وإن كان لازمًا وجودُ رأي متسرع فهو ولا بد لمن خالف عقلاء العالم.
وإن كان ولا بد من بادي رأي فهو حتمًا لمن حسب نفسه العاقل الوحيد في الدنيا.
أما صحيح البخاري:
فهو في كتب السنة كالشامة وكالغرة، بل كالدرة على نحر الحرة!
فهو أصح كتاب بعد كتاب الله في قول أهل العلم متقدمهم ومتأخرهم، حتى صار العامة يحلفون عليه ويضربون بالغلط فيه الأمثال!!
/// فماذا يفعل من أراد إسقاط السنة النبوية؟!
يأتي إلى مثل صحيح البخاري فيتتبعه ويلتقط منه ما يحسب أنه أخطاء أو ملاحظات، ثم يستنبط من ذلك أن مثل هذا الكتاب لا يمكن أن يوثق به وفيه مثل هذه الأخطاء الفاحشة!!
ثم يترقى درجة فيسقط باقي كتب السنة؛ لأنه إذا كان هذا حال صحيح البخاري وهو أفضلها، فكيف بالبقية؟!
وقد يترقى درجة أخرى فيتهم أبا هريرة بالكذب، لكثرة مروياته، ثم يتبعه بغيره من الصحابة، ومن ثم يسقط السنة جميعًا.
وأما كتاب سيبويه:
فهو في كتب النحو إمام، وبين النحاة مرجع وبرهان، حتى صار الناس يسمونه قرآن النحو، وصار معوّل الناس عليه لفظًا ومعنى، واستدلالا واحتجاجا، وأصلا وفرعا، وله منة على كل من جاء بعده من علماء النحو.
/// فماذا يفعل من يريد هدم علم النحو؟!
يأتي إلى مثل كتاب سيبويه فيطعن فيه! برميه بمخالفة القرآن تارة، وبالتأويل الفاسد تارة، وبمخالفة العرب تارة، وبالتحكم تارة، وقد يترقى درجة فيطعن في صحته وأنه لم ينقل إلينا بالسند الصحيح، أو حتى يطعن في علم سيبويه نفسه!! إذ كيف نأخذُ عربيتَنا عن مثل هذا الفارسي الذي كان أول أمره لحنا!
/// وأما عبدالقاهر الجرجاني:
فماذا يفعل من أراد هدم علوم البلاغة؟!
يأتي إلى مثل عبدالقاهر، إمام أهل الفن، وباري قوس هذا العلم، وناحِتِ أصوله، ومبين فصوله، فيصفه بالجهل والحماقة؛ لماذا؟!
• لأنه خلط علوم العربية بالكلام!
• وأنه لم يفرق بين كلام العرب والمولدين!
• ولأنه تأثر بأرسطو وعلوم اليونان!
وأمثال هذا الكلام الذي هو بكلام المُبَرْسَمين أشبهُ، ولخفاف العقول أقرب!
إذ لا يقول هذا إلا من هو موصوف بالتخليط، جامع بين الزيف والتخبيط، لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلا ما أشرب من هواه!
ويحسب المسكين أنه بمثل هذا الكلام قد أسقط علومَ القوم أجمع؛ إذ على عبد القاهر اعتمادُهم وإليه مرجعُهم في الكبير والصغير، فإذا سقط الكبير خاف الصغير!
وقد سَوَّل له رأيُه أنه بذلك قد حمل فَزَّاعةً وأخاف بها من حوله فتفرقوا حتى خلا له المقام!
وأما الشافعي:
فهذا أطرف من كل ما مضى وأظرف!!
إذ لا يختلف اثنان من المنتسبين للعلم في فضل الشافعي وعلمه، وفي منته على أهل السنة وانتصاره لأصحاب الحديث، فكيف صار بين عشية وضحاها مؤسسًا لأحد علوم الضلالة، قَيّمًا على أصول اليونان، مُرسخًا لقواعد أرسطو؟!
وهل يقول مثل هذا الكلام إلا من خولط في عقله أو أصابته الحمى في رأسه؟!
ولا والله لا إخال المحمومَ يقول مثل هذا!
فأمثال هذه الدعاوى والأقوال، صارت ممقوتة ممجوجة مكررة، لا تروج إلا عند العامة أو ضعاف الطلبة، أو عند أصحاب الهوى ومحبي الظهور!
والله المستعان، وعليه التكلان.
رد: كناطح صخرة فلم يضرها!!....(منقول).
/// يغفل كثير من رواد المجلس _حفظهم المولى_ عن مقالات الألوكة الأم
مع أنها تحوي على مقالات نفيسة وجوابات محررة لبعض أهل العلم وطلابه
كالشيخ الحميد والطريفي وبكار وغيرهم كثير.
رد: كناطح صخرة فلم يضرها!!....(منقول).
جزاكم الله خيرا. مقال طيب.
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمجد الفلسطيني
/// يغفل كثير من رواد المجلس _حفظهم المولى_ عن مقالات الألوكة الأم
حفظك الله.
ذلك للفصل الموجود بينهما.
والأعضاء يعتبرون المجلس العلمي هو الأم وليس الموقع.
فإن كتبت جميع المقالات في المجلس العلمي، لكان أفضل، وإن استحسن موضوع فيتم نسخه إلى الموقع الأم.
وبالتالي من أراد أن يقرأ أفضل الموضوعات فيدخل على الألوكة الأم. ومن أراد الاطلاع على جميع الموضوعات فيدخل المجلس العلمي.
بارك الله فيكم.
رد: كناطح صخرة فلم يضرها!!....(منقول).
اقتباس:
وفي سبيل هذه الأمور يستعمل القش والورق والريش! من أمثال هذه الحجج:
• كل شيء لا يعجبه فلا بد أن يكون مأخوذًا من الفلاسفة!
• كل شيء ليس على مزاجه فلا بد أن يكون من وضع المعتزلة!
• كل شيء ليس على هواه فلا بد أن يكون من التأثر بالنصارى!
• كل شيء لا يناسبه فلا شك في كونه مستحدثا بعد القرون المفضلة!
ولا حق إلا ما أراه ولا باطل إلا ما عداه ولو خالفني أهل الأرض جميعا
فقد قال ابن مسعود : الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك!