للتذكير .......
عرض للطباعة
" يذكر ابن النديم في هذا العنوان كلمة "اللغات" و كلمة "اللسان"، ولا بد أن نقف قليلا عند الكلمتين، فالكلمة الثانية "اللسان" كلمة ترجع إلى أقدم اللغات السامية، هي من المعجم الأساسي المشترك في اللغات السامية حملتها الهجرة الأكادية معها، فهي أقدم من منتصف الألف الثالث قبل الميلاد. ولو نظرنا إلى الكلمة في اللغات السامية الأخرى وجدناها في العبرية "لاشون" وفي الآرامية "لشانا" والكلمات الثلاث "لسان، لاشون، لشانا" كلمة واحدة من الناحية الاشتقاقية، فالسين في العربية يقابلها شين في العبرية والآرامية، وهذا قانون صوتي والقوانين الصوتية مطردة لا تعرف الشذوذ والحركة التي بعد السين في العربية هي فتحة طويلة وفي العبرية نجد بعد الشين ضمة طويلة، والواقع أن الفتحة الطويلة في العربية يقابلها دائمًا ضمة طويلة في اللغات الكنعانية، والعبرية إحدى اللغات الكنعانية، وهذا أيضًا قانون صوتي مطرد. وإذا نظرنا بعد هذا إلى الكلمة الآرامية "لشانا" لاحظنا أنها بفتحة طويلة، وقد كانت هذه الفتحة الطويلة أداة التعريف في الآرامية فالجماعات السامية الأولى لم تكن تعرف أداة للتعريف فطورت العربية لنفسها أداة هي "أل" تدخل في أول الكلمة وطورت الآرامية لنفسها فتحة طويلة تلحق بآخر الاسم لتفيد التعريف. الكلمات: "لسان، لاشون، لشانا" كلمة واحدة اشتقاقيا وتفيد كل واحدة اللسان. بالمعنى المادي "كجزء من الفم" ثم المعنى المعنوي أيضًا... فقد تحدثوا عن اللسان العربي أو اللسان الآرامي أو اللسان العبري.
لقد استمر استخدام كلمة اللسان بالمعنى المعنوي قرونا طويلة، وعندما تأسست في القرن الماضي مدرسة للغات والترجمة أطلق عليها اسم "مدرسة الألسن" وكان ناظر هذه المدرسة رفاعة رافع الطهطاوي يستخدم في كتبه كلمة "لسان" مثلما نستخدم اليوم كلمة "لغة" فهو يتحدث عن اللسان العربي واللسان الفرنساوي واللسان اللاطيني... ونحن نتحدث اليوم عن الإنجليزي والألماني والعربي والإيطالي، وهذا التعبير ظهر أولا كصفة وموصوف تجده في القرآن الكريم: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِين}1. ونجده عند ابن النديم في القرن الرابع الهجري: "اللسان العربي، اللسان السرياني، اللسان اليوناني" وعند ابن النديم نجد أيضًا حذف الموصوف والاكتفاء بالصفة، أي: بالعربي، بالسرياني، باليوناني أو إلى العربي أو إلى السرياني أو إلى اليوناني، ومن هنا استقر التعبير الشائع عندنا والذي كان صفة لا لمؤنث بل لمذكر هو اللسان.
أما كلمة "لغة" فترجع إلى أصل غير سامي، إنها من الكلمة اليونانية Logos , ومعناها: كلمة، كلام، لغة. وقد دخلت الكلمة العربية في وقت مبكر، فاللغويون العرب جامعو اللغة في القرن الثاني للهجرة تحدثوا عن لغات القبائل وكثيرًا ما وصفت الصيغة اللغوية التي اعتبروها ثانوية أو جانبية بأنها "لغة" وقالوا مثلا: إن كلمة شهد أو كبر فيها أربع لغات شَهْد شِهْد، شَهَد شِهَد وكذلك كبر. فاللغات هنا هي الصيغ أو الأشكال الفرعية. ولكنهم تحدثوا أيضًا عن اللغة بالمعنى الاصطلاحي الذي نعرفه اليوم لكمة: كلام، قالوا: لغته فاسدة أو لغته جيدة، ثم تغيرت دلالة هذه الكلمة في العربية إلى أن حلت شيئًا فشيئًا محل كلمة "لسان" إن الحديث عن تاريخ حياة أي كلمة تاريخ طويل فالكلمة تعيش وتتفاعل، والمعنى هو حصيلة الملابسات التي عاشتها الكلمة."( الحجازي-علم اللغة -310 - 312)،
------------------ في رعاية الله وحفظه.
الأخ أبا إلياس الرافعي ،
ـــــ إن كان هذا هو قولك في اللسانيات أو علم اللغة فاسمح لي أن أقول لك إنك لا تعرف عنه شيئاً إطلاقاً .فأنت تَخلِط بين اللسانيات و علم الأصوات ، بينما علم الاصوات ( الذي يتجسد في علم التجويد ) هو مستوى واحد من أربعة مستويات تدرسها اللسانيات .
ــــــ فمَن يقول إنه أوربي الأصل فلا يعرفُ معناه لأن العرب كانوا السّباقين إلى هذا العلم بما وضعوه من علوم هي في الحقيقة مستويات اللغة التي تدرسها اللسانيات من علم الأصوات phonetics الذي تجسَّد في ما جاء به سيبويه و ابن الجزري و غيرهما ، و علم الصرف morphology الذي قَعَّد له الصرفيون العرب حين وضعوا الاشتقاقات والصيغ و الأبنية الصرفية المختلفة ، و علم التركيب ( النحو ) syntax الذي وضع قواعده النحاة العرب و على رأسهم سيبويه ، و علم المعجم semantics الذي أبلى فيه اللغويون البلاء الحسن حين جمعوا لنا اللغة و وضعوا لنا المعاجم المتنوعة الترتيب فمنها ذات الترتيب الصوتي ، و ذات الترتيب الألفبائي ، و ذات الترتيب الموضوعي .
فكيف بعد كل هذا المجهود الذي بذله اللغويون العرب نقول إن اللسانيات علمٌ أوربي وافِد ؟؟
ـــــ و هذا العلم ليس فيه أخطاء ما دام دارسُه و مُدرِّسُه يُوجِّهه توجيهاً صحيحاً و يأتي بأمثلة من التراث العربي تُثبت أن العرب كانوا لسانيين بامتياز .
ـــــ و هو أيضاً لم يغترّ به أبداً عالمٌ بكنوز التراث العربي ، و إنما يغترُّ به و يرفُضُه كذلك كلُّ جاهل بتراث هذه الأمة .لذلك لا بد أن نقرأ التراث جيّداً و ألا نحكُم على العلوم من خلال ما نسمعُه عنها ، فمَن جهِل شيئاً عاداه .
ينظر للفائدة:
http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=3531
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
لقد قرأت هذه المساجلة فى ترجمة مصطلح linguistics الى العربية أهو اللسانيات أم علم اللغة
أود أن أوضح عدة نقاط أؤسس بها لرأيى :
1-أن القران جاء فيه لفظ لسان عربى أى جاء بما يجرى على ألسنتهم من أصوات -تتركب منها كلمات ثم جمل - توافقوا فيما بينهم على دلالاتها وطرق ادائها
2-أن العرب وقتها لم تعرف الكتابة و التدوين الاقليلا ومن ثم لم تعكف العرب على دراسة أبنية الكلمات و تراكيب الجمل ودلالاتها الافى وقت متأخر مع بداية القرن الثانى الهجرى بينما ارتبط قول الله تعالى بلسان عربى بالاداء الصوتى الصحيح للقران الكريم و قراءاته التى رويت لنا عن رسول الله
3- و يؤكد النقطة السابقة أن بقية علوم العربية النحو و الصرف و الدلالة لم تنشأ على شكل علوم مسقلة كل منها له أهدافه و ابعاده و موضوعاته الا بعد الفتح الاسلامى وظهور اللحن على ألسنة الوافدون الجدد للاسلام - الاعاجم-
4-ان اللغويين القدامى استخدموا لفظ علوم اللغة و لم يستخدموا لفظ اللسانيات فكهذا كتاب السيوطى سماه :المزهر فى علوم اللغة و انواعها
5-ان علوم العربية هى : الاصوات و النحو و الصرف و العروض و المعاجم و البلاغة و فقه اللغة اما مصطلح linguistics فقد اندرج تحته علوم اخرى علم اللغةالاجتماعى و النفسى و الجغرافى و التطبيقى علاوة على منهج دراسة هذه العلوم - المنهج الوصفى و التاريخى و المقارن و التقابلى-
6-ان تعريف مصطلح linguistics يعنى : دراسة اللغة ذاتها ومن اجل ذاتها فهو لا يقصرعلى لغة معينة بل على كل اللغات
7- ان لفظ القران الكريم فى الاية جاء :بلسان عربى فجاءت كلمة لسان مقيدة بكلمة عربى - أى كل ما يرتبط بالاداء الصوتى الصحيح و الفصيح للعرب خاصة
8- ان مصطلح linguistics يترجمه الاخوة لغوى المغرب العربى - ليبيا و الجزائر و تونس و المغرب- اما لغوى المشرق-مصر و الشام و العراق و الخليج العربى - فيترجمونه بعلم اللغة
ومما سبق أرى ان مصطلح linguistics لو ترجمناه باللسانيات لشمل عندى علم التجويد بل تعداه الى اكثر من هذا فشمل علم القراءات و الوقف و الابتداء و أسباب النزول - فهى تمثل السياق الغير لغوى-و البلاغة العربية خاصة علم المعانى-للمناسبة بين التركيب و دلالته-
لذلك أرى بأن ترجمته لعلم اللغة هو اوسع و اوفى لعناصره و ابعاده و مجالاته التى بينها علماء اللغة والله اعلم
حسب علمي فإن أول من ذكر اللسانيات ابن سيده - رحمه الله - في مقدمة "المحكم والمحيط الأعظم"، حيث قال (1/ 31-32، ط1، 1421هـ، دار الكتب العليمة):« وَذَلِكَ انه - أدام الله مدَّته، وَحفظ على مُلكه طُلاوته وجدتّه - لما جمع الْعُلُوم النافعة، من الديانيات واللسانيات، فسلك مناهجها، وشَهَر بمُقدماتها نتائجها، وذلّل من صعابها، وأخضع بفهمه من صِيِد رِقابها، وَعلم مُنتهى سِبارها، وميَّز بالتأمُّل اللَّطِيف طَبَقَات أقدارها، وضَح لَهُ فضلُ هَذَا الْكَلَام العربيِّ، الَّذِي هُوَ مَادَّة لكتاب الله جلَّ وعزّ، وَحَدِيث النبيّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وشرَّف وكرَّم "، فَلَمَّا وضح لَهُ مكانُ الْحَاجة إِلَى هَذِه اللِّسَان الفصيحة، الزَّائِدَة الْحسن، على مَا أُوتِيَه سَائِر الْأُمَم من اللُّسْن، أَرَادَ جمع ألفاظها، فَتَأمل لذَلِك كتب رواتها وحفَّاظها، فَلم يجد مِنْهَا كتابا مُسْتقِلّا بِنَفسِهِ، مُستغنيا عَن مثله، مِمَّا أُلِّف فِي جنسه، بل وجد كل كتاب مِنْهَا يشْتَمل على مَا لَا يشْتَمل عَلَيْهِ صَاحبه، وشلٌ " لَا " تعانَدُ عَلَيْهِ وُرًّادُه، وكلأ لَا تحاقدُ فِي مثله روَّادُه، لَا تشبع فِيهِ نابٌ وَلَا فطيمة، وَلَا تُغنى مِنْهُ خضراءُ وَلَا هشيمة».
وعرف علم اللسان في المخصص (1/ 40-41):« وَلَيْسَ هَذَا الَّذِي نذكرهُ هَهُنَا مَقْصُورا على اللِّسَان الْعَرَبِيّ فَحسب بل هُوَ حد شَامِل لَهُ ولعلم كل لِسَان فَأَرَدْت أَن أفيد المولع بِطَلَب هَذِه الْحَقَائِق هَذَا الْفَصْل اللَّطِيف وَالْمعْنَى الشريف. فَعلم اللِّسَان فِي الْجُمْلَة ضَرْبَان أَحدهمَا حفظ الْأَلْفَاظ الدَّالَّة فِي كل لِسَان وَمَا يدل عَلَيْهِ لشَيْء شَيْء مِنْهَا وَذَلِكَ كَقَوْلِنَا طَوِيل وقصير وعامل وعالم وجاهل وَالثَّانِي فِي علم قوانين تِلْكَ الْأَلْفَاظ وَمعنى القوانين أقاويل جَامِعَة تَنْحَصِر فِي كل وَاحِد مِنْهَا أَشْيَاء كَثِيرَة مِمَّا تشْتَمل عَلَيْهِ تِلْكَ الطَّرِيقَة حَتَّى يَأْتِي على جَمِيع الْأَشْيَاء الَّتِي هِيَ مصوغة للْعلم بهَا أَو على أَكْثَرهَا وَحفظ هَذِه الْأَشْيَاء الْكَثِيرَة أَعنِي هَذِه الْأَلْفَاظ المفردة إِنَّمَا يَدعِي علما بِأَن يكون مَا قصد بحفظه محصوراً بِتِلْكَ القوانين وَتلك القوانين كالمقاييس الَّتِي يعلم بهَا الْمُؤَنَّث من الْمُذكر وَالْجمع من الْوَاحِد والممدود من الْمَقْصُور والمقاييس الَّتِي تطرد عَلَيْهَا المصادر وَالْأَفْعَال وَيبين بهَا الْمُتَعَدِّي من غير الْمُتَعَدِّي وَاللَّازِم من غير اللَّازِم وَمَا يصل بِحرف وَغير حرف وَمَا يقْضِي عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أصل أَو زَائِد أَو مبدل وكالاستدلالات الَّتِي يعرف بهَا المقلوب والمحول والاتباع..... »
وأما المحدثون فيخبطون خبط عشواء شأنهم شأن المغلوب في الاقتداء بالغالب، مثال ذلك ترجمتهم لكتاب
" cours de linguistique générale" لدو سوسر فهناك:
1- ترجمة تونسية لصالح القرمادي ومحمد عجينة ومحمد الشاوش بعنوان "دروس في الألسنية العامة" وصدرت سنة 1985 عن الدار العربية للكتاب.
2- وهناك ترجمة مصرية لأحمد نعيم الكراعين بعنوان "فصول في علم اللغة العام" سنة 1985 عن دار المعرفة الجامعية بالإسكندرية.
3- وترجمة عراقية ليوئيل يوسف عزيز بعنوان "علم اللغة العام" سنة 1985، عن دار آفاق عربية.
4- وترجمة سورية ليوسف غازي ومجيد نصر بعنوان "محاضرات في الألسنية العامة" سنة 1986 عن المؤسسة الجزائرية للطباعة.
5- وترجمة مغربية، لعبد القادر القنيني سنة 1987، بعنوان "محاضرات في علم اللسان العام" عن دار إفريقيا الشرق بالدار البيضاء.
واشتهرت عند الجزائريين باللسانيات.
وما أظن محدثي العرب أوتوا إلا من إلا مما أوتي منه متى بن يونس حينما قال له أبو سعيد السيرافي في مناظرته له كما الإمتاع والمؤانسة (1/ 115-116، دار مكتبة الحياة) :« على أنّ هاهنا سرّا ما علق بك، ولا أسفر لعقلك، وهو أن تعلم أن لغة من اللغات لا تطابق لغة أخرى من جميع جهاتها بحدود صفاتها، في أسمائها وأفعالها وحروفها وتأليفها وتقديمها وتأخيرها، واستعارتها وتحقيقها، وتشديدها وتخفيفها، وسعتها وضيقها ونظمها ونثرها وسجعها، ووزنها وميلها، وغير ذلك ممّا يطول ذكره، وما أظنّ أحدا يدفع هذا الحكم أو يشكّ في صوابه ممن يرجع إلى مسكة من عقل أو نصيب من إنصاف، فمن أين يجب أن تثق بشيء ترجم لك على هذا الوصف؟ بل أنت إلى تعرّف اللغة العربيّة أحوج منك إلى تعرّف المعاني اليونانيّة، على أنّ المعاني لا تكون يونانيّة ولا هنديّة، كما أنّ اللغات تكون فارسيّة وعربيّة وتركيّة، ومع هذا فإنّك تزعم أن المعاني حاصلة بالعقل والفحص والفكر، فلم يبق إلّا أحكام اللّغة، فلم تزري على العربيّة وأنت تشرح كتب أرسطوطاليس بها، مع جهلك بحقيقتها؟».