نصيحة في آداب الحوار والاختلاف.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل أن أسوق إليكم مقالتي
أرغب بشدة أن أقول أن هذه المقالة ليس لها علاقة بشخص ولا بموضوع معين يخص هذا المنتدى الكريم وأنني كتبتها من فترة. وأنها نصح لنا قبل أن تكون لكم غفر الله لنا ولكم.
نصيحة ...!!
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله تعالى فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله
وبعد..،
كم من مرة تحدثتَ مع شخص فاختلفتما واشتد الخلاف في وجهات النظر ، ثم بعد أن خلوت إلى نفسك وتفكرت في الحوار في تعقل وتروٍ وجدت أن كلاكما متفق في الرأي لكنكما اختلفتما في انتقاء الألفاظ وأسلوب العرض؟؟!
الشق الأول من الحادثة متكرر آلاف المرات ..كثيرا ما نختلف وكثيرا ما يشتد الخلاف ونحتد لنثبت وجهات نظرنا ، وقد تصل حدة المناقشة إلى الخصومة .
الشق الثاني قليلا ما يحدث ، أو فلنقل نادرا .....أو إحقاقا للحق ....لا يحدث أبدا إلا ما رحم ربي وإلا ممن رحم ربي.
كم من مرة قرأت مقالة لشخص فظننت أنك ذكي وسريع البديهة وتستطيع التقاط الأفكار بسرعة وحنكة ومهارة فتقرأ أول كل سطر وتمر مرا غير كريما ، بل قل مرا شحيحا على بعض أحرف بعض الكلمات من بعض الأسطر ، ثم تبرق عينك في حبور وذكاء وتهتف : وجدتها !!
ثم تسارع في اتهام صاحب المقال ببعض التهم ثم تذهب لتأكل وتشرب وتضحك تاركا الكاتب يتميز غيظا ويشد شعر سوالفه ولا تكلف نفسك أيضا بقراءة رده أو سماعه ، فكل كلماته دفاعا عن نفسه ولا داعي لمتابعة المرافعات الدفاعية طبعا ، لأن النتيجة معروفة ومحسومة من قبل ، فأنت الأذكى والأصوب والأكثر عقلا وفهما ورأيك صواب لا يحتمل الخطأ ورأي غيرك هو عين الخطأ ولا يحتمل أبدا الصواب ......!!
هذا كثيرا ما نفعله جميعا ، أنا وأنت وكلنا ....إلا من رحم ربي سبحانه ..
فكم من مرة تابعتُ نقاشا علميا محترما في مسألة محترمة ووجدت الردود خارج الموضوع وتنم عن عدم قراءة متأنية للكاتب أو عدم سماع منصت المتحدث ...
لماذا نشك دائما في قدرة الآخرين على إصابة الحق ، ولا نشك للحظات قليلة في قدرتنا على الفهم ؟؟
فالقراءة السريعة والاستماع بنصف أذن تنفع في كثير من الأحيان ولا شك وتختصر الأوقات ....إلا عند الاختلاف ، فعند الاختلاف لابد أن نعود فنقرأ الكلام عدة مرات ، ونعود فنستمع منصتين للحديث عدة مرات ثم نجزم بوجود اختلاف أو تضاد ، ثم يأتي بعد ذلك مرحلة البحث عن صحة الرأيين بصورة موضوعية بدون تعصب شخصي.
فلو أولى كل مناقش أذنه وعينه لمحدثه وقرأ مرة بعد مرة وسمع الحديث مرارا وتكرارا وسأل الكاتب والمتحدث عن قصده ...- أقول لو – لأطحنا بربع الخلاف ..!!
وإذا لم يكن ثمَّ فرصة لسؤال المتحدث والكاتب عن قصده فأعملنا حسن الظن في الكلام – قدر المستطاع- لأطحنا بالربع الثاني من الخلاف ...!!
وإذا أعطى الإنسان نفسه فرصة ووقتا بعد النقاش ليفكر في الحوار وليتدبر ويفهم الكلام على حقيقته ومراد صاحبه لا على مراده الشخصي ولا يترك فرصة لنفث الشيطان ، ولا يترك فرصة لحديث النفس غير السوي الذي يسارع بالاتهام قبل أن يسارع بالعذر ...لأطحنا بالربع الثالث من الخلاف...!!!!
ويبقى ربع من الخلاف يطيح به حسن الخلق والبسمة وحسن الأدب في النقاش والاختلاف ، ثم الود الواجب بين المؤمنين!!
فقد روى الترمذي عن جابر ابن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون ، ولكن في التحريش بينهم صححه الألباني - صحيح الترمذي
ولا شك أن الاختلاف -لا الخلاف العادي- من أشد التحريش بين المصلين فالخصومة تنشأ في الأصل من الجدل وما يتبعه من التباغض وذلك منهي عنه شرعا لقوله صلى الله عليه وسلم : أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء و إن كان محقا" السلسلة الصحيحة – قال الشيخ الألباني حسن لغيره.
والاختلاف وإن كان سنة كونية إلا أنه مذموم لقوله تعالى : "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ " سورة هود الآية رقم 118-119 ، فمن رحم ربك هم الذين اتفقوا على التوحيد كأصل وعلى رد الخلاف لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه وسمته وفهم صحابته فيعود الخلاف اتفاق ورحمة وود ومحبة – ولو تمسك كل منهما برأيه - لأن الذي جمعهم هو المحبة في الله والخضوع لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم .
ولا شك أن الخلاف عندما يتحول إلى حوار غير متصل بين المتحدثين فلا يفهم الأول عن الثاني ولا يبذل الجهد في إدراك مقصد الكاتب أوالمتحدث فيصير النقاش عقيما ويتحول إلى مجرد محاولات لاثبات صحة وجهات النظر الشخصية فهذا ولا شك هو الجدال المذموم الذي ليس له من أثر طيب بل آثاره المتوقعة هي مزيج من البغضاء والتناحر والشحناء والخصومات بين الخلق بالاضافة إلى كم مروع من أمراض القلوب بدءا من العجب ومرورا بالغضب والبغض للمسلمين وحب الانتصار للنفس ثم الرسوخ عند الكبر ومن ثمَّ قتل الاخلاص في مهده فلا يستطيع أن يشب على قدميه أبدا!!
وروى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : سمعت رجلا قرأ آية ، سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم خلافها ، فأخذت بيده ، فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : كلاكما محسن . قال شعبة : أظنه قال : لا تختلفوا ، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا .
فهناك كثير من الأمور قد يكون الطرفين فيها على حق من زاوية لأننا لا نستطيع الجزم لفرد أن معه الحق المطلق ، كما أن أغلب خلافاتنا مع الأخر تكون في وجهات نظر بحته ولكننا نحولها لأمر فصل بين الحق والباطل وقد نختبر عليها الأخرين ونمتحنهم بها رغم أنه لم يرد في الكتاب والسنة الأمر بعقد هذا الاختبار.
ونحترز في هذا المقام من التساهل في عقائد أهل السنة والجماعة فهي غير قابلة لأن تكون مجرد وجهات نظر يسع فيها الخلاف ، كذلك لابد أن ندرك أن الخلافات الفقهية الحق فيها واحد لا يتعدد لكن كل مجتهد مأجور مادام أهلا للاجتهاد ، فمن المؤسف جدا أن نجد مسلما من أهل السنة يعادي مسلما من أهل السنة لأنه خالفه في وضع اليدين في الصلاة ! وترى هذا يختبر الناس عليها ويبني عليها أصول الولاء والبراء!
عذرا قد أطلنا في الكلمات نصحا لأنفسنا قبل أنفسكم ورغم أنها نصيحة معروفة ومألوفة لكن نسأل الله تعالى أن ينفعنا وينفعكم بها فتكون لنا حجة يوم القيامة ولا تكون حجة علينا نسأل الله لنا ولكم السلامة.
رد: نصيحة في آداب الحوار والاختلاف.
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سارة بنت محمد
نسأل الله تعالى أن ينفعنا وينفعكم بها فتكون لنا حجة يوم القيامة ولا تكون حجة علينا نسأل الله لنا ولكم السلامة.
اللهم ءامين
أحسنتم أخية .. وفقكم الله لما يحبه و يرضاه و سددكم
رد: نصيحة في آداب الحوار والاختلاف.
بوركتي بما كتبتي أختي الغاليه
رد: نصيحة في آداب الحوار والاختلاف.
أدب الحوار
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
لقد قيض الله لهذا الدين أنصارا من أمم وشعوب شتى ينافحون عنه ، ويدعون إليه ، ويبينونه للناس ، فعلى من اختاره الله لهذه المهمة النبيلة أن يكون لبقا ، حكيما في دعوته ، وأمره ونهيه ، واضعا نصب عينيه قول الحق ـ تبارك وتعالى ـ: ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ...) إن الكلمة الطيبة التي يلقيها الداعية الصادق في أذن امرىء شارد عن الطريق فيغرس بها بذرة الهداية في قلبه ، تعود على الداعي بثواب عظيم ، وأجر جزيل ، قال عنه المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص من أجورهم شيئا)
ولأن الحاجة إلى الحوار ضرورية وملحة في الدعوة الإسلامية فقد رسم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أروع الأخلاق في الحوار وأحسنها، بل وأسماها وأنبلها؛ لأنها مطلب إلهي أوصى الله به رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كثير من الآيات القرآنية العظيمة، والتي من بينها قوله تعالى: ( وجادلهم بالتي هي أحسن )
و لقد اهتم الإسلام بالحوار اهتماماً كبيراً، وذلك لأن الإسلام يرى بأن الطبيعة الإنسانية ميالة بطبعها وفطرتها إلى الحوار ، أو الجدال كما يطلق عليه القرآن الكريم في وصفه للإنسان : ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ) بل إن صفة الحوار ، أو الجدال لدى الإنسان في نظر الإسلام تمتد حتى إلى ما بعد الموت، إلى يوم الحساب كما يخبرنا القرآن الكريم في قوله تعالى: ( يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها )
عليه فإن للحوار أصولا متبعة ، وللحديث قواعد ينبغي مراعاتها ، وعلى من يريد المشاركة في أي حوار أن يكون على دراية تامة بأصول الحوار المتبعة ؛ لينجح ـ بحول الله ـ في مسعاه ، ويحقق ما يرمي إليه ، ومن آداب الحوار وأصوله ما يلي:
1ـ إخلاص النية لله ـ تعالى ـ وهي لب الأمر وأساسه ، و أن يكون الهدف هو الوصول إلى الحقيقة ، متبعا في ذلك قاعدة : ( قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب ) فالحق ضالة المؤمن أنى وجده فهو أحق به، كما أنه ضالة كل عاقل . فيلزم من الحوار أن يكون حسن المقصد ليس المقصود منه الانتصار للنفس إنما يكون المقصود منه الوصول إلى الحق أو الدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ كان الإمام الشافعي رحمه الله يقول ( ما ناظرت أحداً الا وددت أن الله تعالى أجرى الحق على لسانه ) هذه أخلاق أتباع الأنبياء ، وهنا الإخلاص والتجرد.
2- فهم نفسية الطرف الآخر ، ومعرفة مستواه العلمي ، وقدراته الفكرية سواء كان فردا أو مجموعة ؛ ليخاطبهم بحسب ما يفهمون.
3- حسن الخطاب وعدم استفزاز وازدراء الغير، فالحوار غير الجدال ، واحترام أراء الآخرين أمر مطلوب ، ولنا في حوار الأنبياء مع أقوامهم أسوه حسنة، فموسى وهارون أمرا أن يقولا لفرعون قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى . وفى سورة سبأ يسوق الله لنا أسلوبا لمخاطبة غير المسلمين حيث يقول فى معرض الحوار . "وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين" .
4- حسن الاستماع لأقوال الطرف الآخر ، وتفهمها فهما صحيحا ، وعدم مقاطعة المتكلم ، أو الاعتراض عليه أثناء حديثه.
5- التراجع عن الخطأ والاعتراف به ، فالرجوع إلى الحق فضيلة.
6- أن يكون الكلام في حدود الموضوع المطروح ، وعدم الدخول في موضوعات أخرى.
7- البعد عن اللجج ، ورفع الصوت ، والفحش في الكلام ، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديث ابن مسعود ( ليس المؤمن باللعان ولا بالطعان ولا الفاحش ولا البذيء ) وفي صحيح البخاري عن عبدالله بن عمرو ابن العاص ـ رضي الله عنه ـ انه قال: ( لم يكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاحشاً ومتفحشاً ) وكان يقول : ( إن من خياركم أحسنكم أخلاقا ) .
8- البعد عن التنطع في الكلام ، والإعجاب بالنفس ، وحب الظهور ولفت أنظار الآخرين.
9- التروي وعدم الاستعجال ، وعدم إصدار الكلام إلا بعد التفكر والتأمل في مضمونه ، وما يترتب عليه.
10- عدم المبالغة في رفع الصوت ، إذ ليس من قوة الحجة المبالغة في رفع الصوت في النقاش والحوار بل كل ما كان الإنسان أهداء كان أعمق .
إذا فالحوار الإيجابي الصحي هو الحوار الموضوعي الذي يرى الحسنات والسلبيات في ذات الوقت ، ويرى العقبات ويرى أيضا إمكانيات التغلب عليها ، وهو حوار صادق عميق وواضح الكلمات ومدلولاتها وهو الحوار المتكافئ الذي يعطى لكلا الطرفين فرصة التعبير والإبداع الحقيقي ويحترم الرأي الآخر ويعرف حتمية الخلاف في الرأي بين البشر وآداب الخلاف وتقبله .
وبالله التوفيق...
رد: نصيحة في آداب الحوار والاختلاف.
نفع الله بكم . قول أختنا الفاضلة :
فقد روى الترمذي عن جابر ابن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون ، ولكن في التحريش بينهم صححه الألباني - صحيح الترمذي
[right]الحديث في صحيح مسلم من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم .
فالأولى عزوه إليه .
رد: نصيحة في آداب الحوار والاختلاف.
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني
نفع الله بكم . قول أختنا الفاضلة :
فقد روى الترمذي عن جابر ابن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون ، ولكن في التحريش بينهم صححه الألباني - صحيح الترمذي
[right]الحديث في صحيح مسلم من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم .
فالأولى عزوه إليه .
نعم بارك الله فيكم
جزاكم الله خيرا