وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أختي ساره .. بارك الله فيك وجزاك خيرا
أرجو منك أن توصلي رسالتي هذه إلى صاحبة القصة :
بسم الله الرحمن الرحيم
أختي الحبيبة ..
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
الله أكبر .. الله أكبر
الحمد لله الذي هداك ، وأرشدك إلى سلوك الطريق القويم .. .. زادك الله إيمانا وثبات
وأسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة ويسعدك في الدارين ، وأسأله تعالى أن يفرج عنك ، وييسر أمرك ، ويهدي والدك ، ويصلحه ، وينير بصيرته لاتباع الحق ..
وإني أرجو الله تعالى أن تنجبي لأمتنا أمثال أحمد بن حنبل ، وأبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وما ذلك على الله بعزيز ..
ورأيت أن مما يمكن أن يسلِّي عنك الحزن ، ويزيد من ثباتك إن شاء الله ، أن أنقل لك بعض الآيات ، والأحاديث ، وأقوال السلف ، وقصة الإمام أحمد في محاربته للقول بخلق القرآن وما لقيه في سبيل ذلك ..
في " صحيح مسلم " أن النبي (ص) قال : " ........، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِنْ عَطَاءٍ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ"
أهمية الصبر :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " قد ذكر الله الصبر في كتابه في أكثرَ من تسعين موضعًا، وقرنه بالصلاة في قوله : ففف وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ققق [البقرة: 45]، وجعل الإمامةَ في الدين موروثةً عن الصبر واليقين بقوله : ففف وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ققق [السجدة: 24]، فإن الدِّين كلَّه علمٌ بالحق وعمل به، والعمل به لا بد فيه من الصبر؛ بل وطلبُ علمه يحتاج إلى صبر" ["البصائر": 3/376].
للصبر ثمرات وفضائل :
لعِظَم أمر الصبر جعل اللهُ - تعالى - فيه ثمراتٍ وفضائلَ كثيرةً، أسوق لك شيئًا منها، عشرًا من الكتاب، وعشرًا من السنة، فإليك مما ورد من الكتاب أولاً:
1- أن الله - تعالى - جعل الإمامة في الدين منوطةً بالصبر واليقين؛ قال - تعالى -: ففف وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ققق [السجدة: 24].
2- أن الله أخبر أن الخير في الصبر مؤكِّدًا ذلك باليمين؛ قال - تعالى -: ففف وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ققق [النحل: 126].
ومن أعظم الخير فيه أن أجْره لا يُقدَّر ولا يحدَّد؛ قال - سبحانه -: ففف إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ققق[الزمر: 10].
3- وأخبر الله - جل وعلا - أنه يحب الصابرين؛ قال - تعالى -: ففف وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ققق[آل عمران: 146].
4- وأخبر أنه معهم، فبالصبر ينال العبدُ معيَّةَ الله تعالى؛ قال تعالى: فففوَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ققق [الأنفال: 46].
5- وعلَّق الله - تعالى - الفلاح على الصبر والتقوى؛ فقال - تعالى -: ففف يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ققق[آل عمران: 200].
6- وأعطى الصابرين عند المصيبة ثلاثَ بشائرَ، كلُّ واحدة منها عظيمة بذاتها؛ فقال - تعالى -: ففف وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ /// الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ /// أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ققق [البقرة: 155 - 157].
7- وأخبر أنه بالصبر والتقوى معهما لا يضر كيدُ العدو وتسليطه؛ فقال - تعالى -: ففف وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ققق [آل عمران: 120].
8- وأخبر أن الفوز بالجنة، والنجاة من النار إنما تنال بالصبر؛ فقال - تعالى -: ففف إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ققق [المؤمنون: 111].
9- وأن تدبُّر آياته والانتفاع بها خصَّ به أهل الصبر والشكر؛ فقال - تعالى -: ففف إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ققق [إبراهيم: 5].
10- وأخبر أن الصبر من أعالي الأمور وأعظمها؛ فقال - تعالى -: ففف وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ققق [آل عمران: 186].
وقال حكاية عن لقمان: ففف يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ققق [لقمان: 17].
وهذا مما ورد من فضائل الصبر في القرآن، وهي كثيرة جدًّا، وتقدم قول شيخ الإسلام - رحمه الله - بورود الصبر في القرآن في أكثر من تسعين موضعًا، وامتدح الله - تعالى - الصبر في كثير من المواطن.
وورد في السنة فضائل كثيرة، منها :
11- فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الصبر ضياءٌ؛ ففي "صحيح مسلم" من حديث أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الصبر ضياء " .
16- وأخبر أن من علامات الخيريَّة للعبد أن يصيبه، ولا شك أن العبد بالصبر ينال الفضل الكامل على المصيبة؛ ففي "صحيح البخاري" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من يُرِدِ الله به خيرًا، يُصِبْ منه " .
وكذلك ينال بذلك تكفير السيئات، ولو صغرت المصيبةُ؛ ففي الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ما من مصيبةٍ تصيب المؤمنَ، إلا كفَّر الله بها عنه، حتى الشوكة يُشاكُها " .
17- وأن الصبر في آخر الزمان مضاعَفٌ أجرُه وثوابه، حتى إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن من ورائكم أيامَ الصبر، الصبر فيه مثل قبضٍ على الجمر، للعامل فيهم مثلُ أجر خمسين رجلاً يعملون مثلَه " ، قال: يا رسول الله، أجر خمسين منهم؟ قال: " أجر خمسين منكم "؛ أي: من الصحابة - رضوان الله عليهم - والحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث أبي ثعلبة الخشني - رضي الله عنه.
18- وأخبر أن النصر قرينُ الصبر ومعه، ففي "مسند الإمام أحمد" و"سنن الترمذي" من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرًا كثيرًا، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا "؛ قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
19- وأخبر أن الصبر مع مخالطة الناس والصبر على أذاهم، أعظمُ أجرًا ممن لم يكن كذلك؛ ففي "سنن الترمذي" وابن ماجه و"مسند أحمد" من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " المؤمن الذي يخالط الناسَ ويصبر على أذاهم، أعظمُ أجرًا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم " .
20- وأخبر أن المؤمن بصبره على الضراء يحوِّل ما يصيبه في دنياه إلى خيرٍ يستفيد منه؛ ففي "صحيح مسلم" من حديث صهيب - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كلَّه خيرٌ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابتْه سراءُ شكَرَ، فكان خيرًا له، وإن أصابتْه ضراءُ صبَرَ، فكان خيرًا له " .
وهذه عشرُ فضائلَ مما ورد في السنة، فتتامّت عشرين ثمرة وفضيلة من الكتاب والسنة، ولا أدَّعي حصرها؛ بل هو شيء يسير في فضل هذه العبادة العظيمة، عبادة الصبر .
قال النبي (ص) " بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا ، فطوبى للغرباء "
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 145
خلاصة حكم المحدث: صحيح
ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( وجدنا خير عيشنا بالصبر )
وأنشد بعضهم :
مفتاح باب الفرج الصبر ... و كل عسر معه يسر
و الدهر لا يبقى على حاله ... و الأمر يأتي بعده الأمر
و الكره تفنيه الليالي التي ... يفنى عليها الخير والشر
وكيف يبقى حال من حاله ... يسرع فيها اليوم والشهر
وأخيرا .. هذه محنة الإمام أحمد مقتطعة من خطبة للشيخ سامي بن خالد الحمود :
" إنها صفحة الابتلاء، سنة الله في عباده المؤمنين، وقد روى الإمام أحمد نفسه، والترمذي وقال حسن صحيح، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل من الناس، يُبتلى الرجل على حَسَب دينه، فإن كان في دينه صلابةٌ زِيد في بلائه، وإن كان في دينه رقةٌ خُفف عنه، وما يزال البلاء بالعبد، حتى يمشيَ على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة.
وقد روي أن الإمام أحمد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له: يا أحمد، إنك ستُبتَلى فاصبر، يرفعِ اللهُ لك عَلَماً إلى يوم القيامة .
بدأت أحداث المحنة بعدما تولى المأمون الخلافة، وكان يميل إلى المعتزلة ويقربهم ،وكان أستاذه أبو الهذيل العلاف، وقاضيه أحمد بن أبي دؤاد من زعمائهم ..
اعتنق المأمون هذه العقيدة الفاسدة وهي القول بخلق القرآن ، لكنه تردد في إلزام الناس والعلماء بها ،وخاف من الفتنة ،فأشار عليه ابن أبي دؤاد وجلساء السوء بإظهار القول بخلق القرآن ،وإلزام الناس به ،فكتب المأمون إلى واليه على بغداد إسحاق بن إبراهيم أن يجمع من بحضرته من القضاة والعلماء ،ويلزمهم بالقول بخلق القرآن، ومن أبى حبسه أو عزله أو قتله .
واشتعلت الفتنة في العراق ، وحُبس وعذب وقتل فيها خلائقُ لا يحصون ، بسبب فعل الخليفة المأمون ، وتقريبه لبطانة السوء، لا كثرها الله في كل زمان .
حتى قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ما أظن أن الله تعالى يغفل عن المأمون على ما أدخل على المسلمين .
واشتدت الفتنة ، ولم يثبت فيها سوى أربعة من العلماء، الإمام أحمد بن حنبل ،ومحمد بن نوح ،واثنان آخران ما لبثا أن تراجعا وقالا مثل ما قال الناس .
أمر المأمون أن يقبض على الإمامِ أحمدَ بن حنبل ومحمدِ بن نوح ، وأن يرسلا إليه، فأُرسلا مقيدين على بعير واحد، فأما محمد بن نوح فمات رحمه الله في الطريق قبل أن يصل إلى المأمون في طرسوس .
وبقي الإمام أحمد بن حنبل وحده، وجاءه رسول من قبل المأمون في الطريق. فقال له: إن الخليفة قد أعد لك سيفاً لم يقتل به أحداً ،فقال الإمام أحمد: أسأل الله أن يكفيني مؤونته، فدعا الله عز وجل في أثناء الطريق أن لا يريه وجه المأمون وأن لا يجتمع به ،فاستجاب الله عز وجل دعاءه، وما هي إلا مدة قصيرة وإذا بالخبر يصل بوفاة المأمون قبل أن يصل إليه الإمام أحمد، فأعيد الإمام أحمد إلى السجن مرة أخرى.
ثم تولى الخلافة بعد المأمون ،المعتصم ،وكان المأمون قد أوصاه بتقريب ابن أبي دؤاد ،والاستمرار بالقول بخلق القرآن ،وأخذ الناس بذلك ،وكان الإمام أحمد في السجن ،فاستحضره المعتصم من السجن ،وعقد له مجلساً مع ابن أبي دؤاد وغيره من علماء السوء ،وجلسوا يناقشونه في خلق القرآن، والإمام أحمد يستدل عليهم بالنصوص الواردة، ويقول لهم: أعطوني دليلاً من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،وانفض المجلس ذلك اليوم دون شيء، واستمرت المناظرات ثلاثة أيام، والإمام أحمد ثابت على الحق، يقولون: ما تقول في القرآن؟ ،فيقول: كلام الله غير مخلوق ،قال الله تعالى: ففف وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ققق، قال: وقول الله تعالى: ففف الرحمن علم القرآن ققق، ولم يقل: خلق القرآن، وقال تعالى: ففف يس والقرآن الحكيم ققق، ولم يقل والقرآن المخلوق .
وأحضر المعتصم له الفقهاء والقضاة ،فناظروه بحضرته ثلاثة أيام ،وهو يدمغهم ويحجهم بالحجج القاطعة، فقال المعتصم: قهرنا أحمد، عند ذلك تحدث الوشاة عند الخليفة من علماء السوء ، فقالوا: إن أحمد قد غلب خليفتين ،فأخذت المعتصم العزة بالإثم ،فشتمه وهدده بالقتل ،فقال الإمام أحمد: يا أمير المؤمنين: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل دمُ امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث " فبم تستحل دمي وأنا لم آت شيئاً من هذا؟، يا أمير المؤمنين تذكر وقوفك بين يدي الله عز وجل كوقوفي بين يديك، فهدأ المعتصم ولان، فتدخل ابن أبي دؤاد وقال: يا أمير المؤمنين، إن تركته قِيل إنك تركت مذهب المأمون، أو يقال إنه غلب خليفتين، فهاج المعتصم، وأمر بإعادة الإمام أحمد إلى السجن مرة أخرى .
ومضت الأيام ،وأخرج الإمام في رمضان وهو صائم، فجعلوا والعياذ بالله يضربونه ،وأتى المعتصم بجلادين كلما ضرب أحدهم الإمام أحمد سوطين ،تأخر وتقدم الآخر ،والمعتصم يحرضهم على التشديد في الضرب، وهو يقول شدوا عليه قطع الله أيديكم ،ثم جردوه من ثيابه ولم يبق عليه إلا إزاره ،وصاروا يضربونه حتى يغمى عليه ،فيفيق ،ثم أخرجوه، ونقلوه إلى بيته ،وهو لا يقدر على السير من شدة ما نزل به ..
فلما برئت جراحه ،خرج إلى المسجد ،وصار يدرس الناس ،ويملي عليهم الحديث، وهدأت الفتنة .
ثم توفي المعتصم ،واستخلف من بعده الواثق ،فاتصل به علماء السوء ،ابن أبي دؤاد وغيره ،وحرضوه على الفتنة، فعادت الفتنة مرة أخرى، إلا أن الواثق لم يتعرض للإمام أحمد، واختفى الإمام أحمد رحمه الله تعالى مدة خلافة الواثق ،وهي خمس سنوات تقريباً ،وفي آخر خلافة الواثق منّ الله عليه بالهداية فرجع عن القول بخلق القرآن .
وكان سبب هداية الواثق ،أنه جيء إليه بالشيخ الأذرمي رحمه الله وهو مقيد بالأغلال، من جملة من يؤتى بهم إلى الخليفة، فيكرههم على القول بخلق القرآن، فإن أبوا قتلهم .
فلما دخل الأذرمي على الواثق، قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال: لا سلمك الله ،ولا عليك سلام الله، فقال له الشيخ: إن الذي أدبك ما أحسن تأديبك، ويشير إلى ابن أبي دؤاد لأنه هو شيخه ،وكان عنده حاضراً ،قال الشيخ: إن الله تعالى يقول: ففف وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ققق، وأنت ما حييتني بمثلها ولا بأحسن منها ،فتعجب الخليفة ،وأمر ابن أبي دؤاد أن يناظر الشيخ ،فقال له ابن أبي دؤاد: ما تقول في القرآن ،قال الشيخ: ما أنصفتني، أنا الذي أبدأ بالسؤال ،فقال الخليفة: دعه يسأل، فقال الشيخ: ما تقول أنت في القرآن يا ابن أبي دؤاد؟، قال إنني أقول: إن القرآن مخلوق ،فقال الشيخ: مقالتك هذه التي حملت الناس والخلفاء عليها ،هل قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر أم لم يقولوها؟ فقال ابن أبي دؤاد: ما قالوها ،فقال له: هل كانوا جاهلين بذلك أم عالمين؟ قال: كانوا جاهلين بها. فقال الشيخ: شيء يجهله رسول الله وأبو بكر وعمر ،ويعلمه ابن أبي دؤاد!! فقال: لا، بل كانوا عالمين ،فقال الشيخ: هل وسعهم أن يسكتوا أم أنهم حملوا الناس على ما حملتهم عليه، فقال: لا بل سكتوا ،فقال الشيخ: شيء وسع الرسول صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر ما وسعك أنت؟ .
فسكت ابن أبي دؤاد ،وقال الواثق: اصرفوا الرجل ،ولم يأمر بقتله ،ثم اختلى الواثق بنفسه وصار يفكر ويردد قول الشيخ ،شيء وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر ما وسعك أنت؟، ثم خرج وأمر بإطلاق سراح الشيخ ،ورجع عن القول بخلق القرآن، وارتفعت الفتنة عن الأمة بحمد الله .
ثم توفي الواثق، وتولى بعده أحد الخلفاء الصالحين، وهو المتوكل ، فأعلن السنة ،وكتب إلى العلماء في الآفاق بأن يمنع الناس من الخوض في هذه المسألة ،وأصدر إعلاناً عاماً في كافة أنحاء الدولة ،نهى فيه عن هذه البدعة ،فعم الفرح في كل مكان ، وزالت بذلك هذه المحنة ،وانتصر الحق على الباطل ،ولهذا لما قيل للإمام أحمد أيام المحنة: يا أبا عبد الله، انتصر الباطل على الحق، قال: والله ما انتصر الباطل على الحق ." ا.هـ
http://www.saaid.net/gesah/sami/h/90.htm
وتذكري .. بأنه مهما اشتدت ظلمة الليل ،، فلا بُدَّ من بزوغ الفجر
هديتي إليك :
قصة / رحلتي إلى النور ، على الرابط :
http://www.saaid.net/book/open.php?book=1962&cat=93
أرجو منك أن تقرئيها .. وهي عبارة عن مذكرات لأحد طلاب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، وكنت أريد أن أكتب لك نبذة عنها ، ولكن تحيرت كيف أصفها .. ولكن أتركها لك ..
وختاما .. أنصحك بكتاب المنهج العلمي لطلاب العلم الشرعي للشيخ ذياب الغامدي ..
{ وهو موجود على الشبكة }
وقد وجدت أحد الأعضاء في ملتقى أهل الحديث قد كتب هذه النبذة المختصرة للتعريف بالكتاب أنقلها لك - بتصرف - :
هذا الكتاب للشيخ ذياب الغامدي وهو بعنوان ( المنهج العلمي لطلاب العلمي الشرعي ) وهو مطبوع في 150 صفحة تقريباً وقدم له الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين رحمه الله .
وفيه مداخل للعلم الشرعي ، ومنهج لطلب العلم في أربع مراحل ، وخمس تنابيه ، وثلاث عزائم ، وخمسة عوائق ، ثم الخاتمة .
والكتاب متوفر بالمكتبات في طبعته الثانية والمنقحة .
وأعتذر لك بشدة عن الإطالة ، ولكنِّي أخالك تحبين القراءة كما ذكرت ِ- ابتسامة - ..
أسأل الله أن يغفر لي ولك وأن يرد عنك كيد الكائدين ، وتربص المتربصين ، وحسد الحاسدين ، وأن يحفظك ، ويجمعني بك في الفردوس الأعلى من الجنة ..
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته .
أختك / المحبــــرة من بلاد الحرميــــن
الجمعة 16 جمادى الأولى 1431 هـ