من أعز أمر الله أعزه الله (قصة مؤثرة)
تنبيه : ما كان باللون الأخضر فهو من توضيحي .
ـــــــــــــ
روى الخطيب في تاريخ بغداد 9/288 من طريق عمر بن الهياج بن سعيد ـ أخي مجالد بن سعيد ـ قال :
كنت من صحابة شريك ـ يعني القاضي ـ فأتيته يوماً وهو في منزله باكراً ، فخرج إلي في فرو ليس تحته قميص ، عليه كساء ، فقلت له : قد أضحت عن مجلس الحكم ؟!
فقال : غسلت ثيابي أمس ،فلم تجف فأنا انتظر جفوفها ،اجلس ، فجلست ، فجعلنا نتذاكر : (باب العبد يتزوج بغير إذن مواليه) .
فقال : ما عندك فيه ؟ ما تقول فيه ؟ وكانت الخيزران ـ أم الرشيد ـ قد وجهت رجلاً نصرانياً على الطراز بالكوفة ،وكتب إلى موسى بن عيسى ـ أمير الكوفة ـ : أن لا يعصي له أمراً .
فكان مطاعاً بالكوفة ،فخرج علينا ذلك اليوم من زقاق يخرج إلى النخع ، معه جماعة من أصحابه ، عليه جبة خز وطيلسان على برذونٍ فارهٍ ، وإذا رجلٌ بين يديه مكتوف ، وهو يقول : واغوثاً بالله ، أنا بالله ،ثم بالقاضي ، وإذا آثار سياط في ظهره !
فسلم على شريك ،وجلس إلى جانبه .
فقال الرجل المضروب : أنا بالله ثم بك ! أصلحك الله ! أنا رجل أعمل هذا الوشى ، كراء مثلي مائة في الشهر ، أخذنى هذا مذ أربعة أشهر ،فاحتبسنى في طراز ، يجري على القوت ،ولي عيال قد ضاعوا ، فأفلتُّ اليوم منه ، فلحقنى ففعل بظهري ما ترى !!
فقال : قم يا نصراني فاجلس مع خصمك !
فقال : أصلحك الله يا أبا عبد الله هذا من خدم السيدة ، مُرْ به إلى الحبس !
قال : قم ، ويلك فاجلس معه كما يقال لك !
فجلس فقال : ما هذه الآثار التي بظهر هذا الرجل ؟ من أثّرها به ؟!
قال : أصلح الله القاضي ! إنما ضربته أسواطاً بيدي ،وهو يستحق أكثر من هذا ، مُرْ به إلى الحبس !!
فألقى شريكٌ كساءه ، ودخل داره ، فأخرج سوطاً ربذيّاً ، ثم ضرب بيده إلى مجامع ثوب النصراني ، وقال للرجل : انطلق إلى أهلك !
ثم رفع السوط ، فجعل يضرب به النصراني ، وهو يقول له : يا صبحى قد مَرّ قفا جمل ، لا يضرب والله المسلم بعدها أبداً !
فهمّ أعوانه أن يخلصوه من يديه ، فقال : مَنْ ها هنا من فتيان الحي ؟! خذوا هؤلاء فاذهبوا بهم إلى الحبس ،فهرب القوم جميعاً ، وأفردوا النصراني ،فضربه أسواطاً ،فجعل النصراني يعصر عينيه ،ويبكى ويقول له ـ أي مهدداً لشريك ـ : ستعلم !!
فألقى السوط في الدهليز ، وقال ـ أي شريك ـ : يا أبا حفص ! ما تقول في العبد يتزوج بغير إذن مواليه ؟!
وأخذ فيما كنا فيه ، كأنه لم يصنع شيئاً !!
وقام النصراني إلى البرذون ليركبه ، فاستعصى عليه ، ولم يكن له من يأخذ بركابه ، فجعل يضرب البرذون !
قال : يقول له شريك : ارفق به ويلك ، فإنه أطوع لله منك ! فمضى .
قال : يقول هو : خذ بنا فيما كنا فيه ـ أي في مسألتنا التي كنا نبحث فيها ـ ! قال : قلت : ما لنا ولذا ؟! قد ـ والله ـ فعلتَ اليوم فعلة ستكون لها عاقبةٌ مكروهة !!
قال :
أعزّ أمرَ اللهِ يُعِزُكَ اللـهُ
خذ بنا فيما نحن فيه .
قال : وذهب النصراني إلى موسى بن عيسى ـ وهو الذي أمرت الخيزران أن لا يُعْصى أمرُه بالكوفة ـ فدخل عليه فقال :
من فعل هذا بك ؟! وغضب الأعوان ،وصاحب الشرط !!
فقال : شريك فعل بي كيت وكيت !!
قال :
لا والله ! ما أتعرض لشريك !!
فمضى النصراني إلى بغداد فما رجع !!
ـــــــــــــــ ـــــــ
كم في هذه القصة من عبر وعظات ؟!!
بانتظار ما يتحفنا به الإخوة من تعليقاتهم المثرية للموضوع !
رد: من أعز أمر الله أعزه الله (قصة مؤثرة)
كان عملهم في السر كالعلن، ولم يخشوا الا الله، فجعل الله لهم الهيبة والمكانة، رحم الله شريك، نعم المثل لما كان عليه السلف.
رد: من أعز أمر الله أعزه الله (قصة مؤثرة)
بارك الله فيك يا شيخ عمر
ما أجمل أحوال سلفنا رحمهم الله
أعزهم الله لما زهدوا عن هذه الدنيا الفانية
رد: من أعز أمر الله أعزه الله (قصة مؤثرة)
وهذا المعنى الذي تمثل في موقف شريك ـ رحمه الله ـ
كان واضحاً وضوح الشمس
في حياة الداعية الكبير الشيخ الدكتور/
محمد تقي الدين الهلالي
ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ
والذي كتب مذكراته في الدعوة إلى الله
فيما يقارب 300 صفحة أو تزيد
فإن القارئ لها يدرك ـ وليس يلمس ـ
أثر الصدق ،والاعتزاز بالمبدأ في دعوته رحمه الله .
أنصح كل داعية وطالب علم بقراءتها .
رد: من أعز أمر الله أعزه الله (قصة مؤثرة)
بارك الله فيكم ورحم الله شريكا .
وكأني قد قرأت نحوها لحفص بن غياث أو غيره من قضاة العدل إما في كتاب أخبار القضاة لوكيع أو في أخبار الشيوخ للمروذي، ولعله إن حصل في الوقت فسحه أن أنقل الخبر.