الحمد لله أحسن الخالقين أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين , وأشهد أن لاإله إلاالله وحده لاشريك له الأحد الفرد الصمد ذوالجود والفضل والإحسان , وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله أزكى البرية وأطيبهم خلقا وأفضلهم نسبا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
فإن من الأبواب العظيمة التي تنافس فيها المتنافسون وتسابق في ميدانها الرحب المتسابقون – الأخلاق الحسنة – ذلك الباب العظيم الذي امتاز به ذووالعلى على أصحاب الخساسة والدّنى , إرتفع بها أقوام وسفل بها آخرون , سبيل مرضاة رب العالمين والزلفى لديه يوم الدين والقرب من خليله في جنات النعيم, وردت النصوص المتكاثرة في بيان فضله ومنزلته والحث عليه وبيان وجوهه والتحذير من ضده وهو بمعناه الجامع كما قال بعض من سلف :" بذل الندى وكف الأذى وطلاقة الوجه " فيشمل كل خير أمر به الشارع الحكيم وكف الأذى عام في كل ماقبحه الشرع وشانه ولم يرضاه.
فالأخلاق الحسنة صفة الأنبياء والصالحين والصدقين ونبينا صلوات الله وسلامه عليه يقول :" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" " الصحيحة " ( رقم 45 ) ووصفه ربه جل وعلا فقال :" وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ " (4:القلم) فما أعظمها من شهادة وماأجله من شاهد وماأزكاه من مشهود له ذلك الفضل من الله والله ذوالفضل العظيم . قال ابن القيم رحمه الله" الدين كله خلق فمن زاد عليك في الخلق : زاد عليك في الدين (مدارج السالكين ج2 ص307)
لعمرك ما المرأ إلا بدينه فلا تترك التقوى متكلا على النسب
لقد رفع الإسلام سلمان فارس ووضع الشرك الشقي أبا لهب
أثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة وصاحبه مجاور لخليل الرحمان في أعلى الجنان قال صلى الله عليه وسلم :" إن أقربكم مني منزلا يوم القيامة : أحاسنكم أخلاقا في الدنيا " (حسن-صحيح الجامع)
أفضل الناس أزكاهم خلقا وخيارهم أحاسنهم أخلاقا وهم أكثر الناس أجرا عن عائشة –رضي الله عنها - قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم " (صحيح أبي داود 3 ص911)
من لي بمثل سيرك المدلل تمشي رويدا وتجي في الأول
إنه الباب العظيم الذي أدخل فئاما من الناس في رضوان رب العالمين وفازوا به يوم الدين وقيل لهم ادخلوها بسلام آمنين قال صلى الله عليه وسلم : "أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق"(حسن :الصحيحة برقم977) .
التفاضل بين الناس بقدر ما اكتسبوه من الفضائل وتحلوا به من الأخلاق الحسنة وقديما قيل : قيمة المرء ما يحسنه وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا" ( حسن صحيح _ صحيح أبي داود3 برقم 3916), فتزودوا ياعباد الله فإن خير الزاد التقوى واستمسكوا بالعروة الوثقى فإنها تنجي العبد من نار تلظى.
هذا وليعلم العبد أن سبل الأخلاق الحسنة متنوعة لايخل منها مقام ولامقال فأدناها " الكلمة الطيبة صدقة" (الصحيحة 1025) و" تبسمك في وجه أخيك صدقة ، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة ، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة ، وبصرك الرجل الرديء البصر لك صدقة ، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة ، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة " ( حسن: الصحيحة برقم 572) . ومنها " أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم " أخرجه مسلم
و"يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام" ( صحيح _ الارواء 239/3 ) .وقال جرير البجلي رضي الله عنه:" ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي" (صحيح ابن ماجة1برقم130).
ومن الخلق الحسن ألا يتكلم العبد إلا في خير وأن يحبس لسانه عما لايعنيه قال عليه الصلاة والسلام"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت " (أخرجه البخاري ومسلم) .
وينبغي على العبد المؤمن أن يأتي إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ف:" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (الصحيحة برقم73) .
ومن الأداب النبوية العظيمة عدم التناجي المؤدي إلى الشحناء قال صلى الله عليه وسلم : " لا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذالك يحزنه " (رواه الشيخان) .وقال عزّ من قائل سبحانه:" لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﭭ ﭼ( النساء: ١١٤) .
ومن المتقرر أنه يجب على المسلم أن يحب لإخوانه المسلمين ما يحب لنفسه من الخير والفلاح والسعادة , فيلزم عليه حينئذ أن يبتعد عن كل ما فيه الإحتقار لهم أوالتنقص منهم أوالإزدراء بهم أوبما فيه هتك لأعراضهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" كل المسلم على المسلم حرام ماله وعرضه ودمه حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم " (أخرجه مسلم) .
فبالله عليكم هل يستوي من نامت عيناه بالليل وأكف الضراعة تدعوا له بالخير والتوفيق والصلاح والسداد جزاء ما قدم وأحسن ., وبين من سهام الليل ترميه من كل حدب وصوب والله المستعان ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي المتعال.
وأبواب حسن الخلق كثيرة تزيد على ماتقدم والعاقل اللبيب بالإشارة يفهم والحر يحفظ وداد لحظة وتعليم لفظة وإلى الله الموعد والملتقى ليجزي كل عبد بما قدم وأخر ولا يظلم ربك أحدا.
الدار دار نعيم إن عملت بما يرضي الإله وإن عصيت فالنار
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.