التحذير من الانشغال بطلبة العلم مدحا أو قدحا على وجه المبالغة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد :
هذه نصيحة من القلب أقدمها لإخواني المبتدئين في طلب العلم وسلوك سبيل السلف الصالح .
انشغلوا يا طلبة العلم بما ينفعكم لا تضيعوا أوقاتكم في المدح أو القدح الذي لا فائدة منه تقابل تلك الأوقات الكثيرة التي تصرف فيه ولو أن تلك الأوقات صرفت في العلم النافع أو العمل الصالح لنلتم بسبب ذلك أعلى المراتب في العلم والعمل .
لو أن المبتدئ في طريق العلم واتباع السلف أشغل نفسه بالعلوم النافعة التي لا ريب فيها من قراءة الكتب النافعة كتفسير ابن كثير وابن سعدي ونحوهما وقراءة كتب الحديث كقراءة الصحيحين والسنن والمسانيد .
وكتب شيخ الإسلام على اختلاف مواضيعها وغير ذلك من الكتب الزاخرة بالعلم النافع وقرأ كتب المشايخ المعاصرين الذين بلغوا في العلم والعمل مبلغا كبيرا كابن باز والألباني وابن عثيمين واستمع أشرطتهم المباركة .
ووفر وقته من أجل ذلك يتعلم العلم النافع ويعمل العمل الصالح وتدرج في طريق العلم حتى وصل إلى بغيته وحقق مقصوده بحيث يصير عنده علم نافع كثير مع العناية بعلوم الآلة من لغة وأصول ومصطلح ونحو ذلك أليس هذا السبيل خيرا له من إضاعة الأوقات في المدح والقدح لطلبة علم لا فائدة من مدحهم أو القدح فيهم فمدحهم أو القدح فيهم على وجه المبالغة لا يحقق لنفسك ولا لدينك من الخير من شيء وما هو إلا مضيعة للأوقات وإهدار للطاقات في غير وجهها .
يا شباب الإسلام يا أهل الخير والصلاح إن طلبة العلم إن كانوا من أهل الإخلاص والتقوى لا يحبون منكم أن تنشغلوا بهم في مدحهم أو القدح فيهم فإن القدح في علمهم لا يقدم ولا يؤخر لكونهم أصلا ليسوا علماء فيتوقع منهم الوهم والخطأ ومدحهم لا حاجة إليه ولا يحقق نفعا حقيقيا للأمة لكون كتب العلماء وأشرطتهم مغنية عن كتبهم ومقالاتهم وأشرطتهم .
والقوي المتقن منهم ستعرفه بعد استغراق وقتك في البداية في الاستفادة من علوم العلماء الذين لا يشك أحد من غير الأهواء في علمهم واستقامتهم .
وإذا توجهت منذ البداية للاستفادة من المشايخ الكبار سهل عليك بعد ذلك أن تستفيد من طلبة العلم الصغار مع تمييز ما كان منه صحيح مما يكون منه وهم أو خطأ .
في تصوري لو أن الشباب السلفي المبتدئ بدل الانشغال في المدح والقدح في غير موضعه وتضييع الأوقات في ذلك والخوض في مسائل تصويبا أو تخطئة مع كون الخوض فيها على الوجه السليم لا يتأتى إلا ممن قطع في العلم مراحل وهم لا يزالون في ضحضاح من العلم لا يفرقون بين ما هو اجتهادي لا إنكار فيه وما هو بين لا اجتهاد فيه ولا يحسنون وضع الأمور في مواضعها .
فحذار من هذين الأمرين الانشغال بطلبة العلم مدحا أو قدحا على وجه المبالغة وتضييع الأوقات الكثيرة في ذلك بدل التوجه إلى الكتب والأشرطة والدروس النافعة من قبل أهل العلم الذين لا شك في علمهم وأهليتهم وقد كتب لهم القبول عند أهل الدراية في العلوم الشرعية .
والأمر الآخر الخوض في كل مسألة حتى ولو كانت فوق قدرك وظنك أنك أهل للخوض في كل مسألة ومطلوب منك أن تتخذ موقفا حاسما من كل مسألة مع عدم التفريق بين المسائل الخفية والمسائل الظاهرة والمسائل الاجتهادية والمسائل غير الاجتهادية .
وبإمكان المبتدئ أن يمضي سنين من حياته ينكر المنكر المشهور الذي لا شك فيه من عبادة لغير الله أو زنى أو ترك الصلاة أو المعازف أو الاختلاط ونحو ذلك ويأمر بالمعروف المعروف الذي لا شك فيه كالتعلق بالله وتوحيده والصلاة وصلة الأرحام وبر الوالدين ونحو ذلك ويسكت عن مسائل كثيرة يجد أنها خفية بالنسبة إليه ويكل الأمر إلى عالمه ككثير من مسائل الفقه والحديث وغيرهما .
كم من مسائل غيرها أولى منها وأهم أخذت من الشباب وقتا طويلا وصرفوا من أجل فهمها زمنا مديدا لو صرف هذا الوقت في تعلم القرآن والسنة وما يعين على فهمها وما يستنبط منها لنالوا به مراتب عالية ودرجات رفيعة من الخير والعلم والبركة .
فاحذروا يا شباب الإسلام من تلبيس الشيطان عليكم في سلب أوقاتكم وصرفها في ما لا نفع فيه لا لأنفسكم ولا لدينكم فالسبيل إلى الانتفاع الحقيقي واضح فلا تزيغوا عنه ودعوا كل مسألة لأهلها ولا تتكلفوا ما لا يجب عليكم ولا تحسنون الخوض فيه .
ولا بد مع ذلك من مراقبة القلب دائما حتى لا يدخل إليه ما يكون سببا لفساد العمل وسوء الخاتمة من رياء أو كبر أو نحو ذلك نسأل الله أن يصلح قلوبنا وألسنتنا وأعمالنا وأن يحسن خاتمتنا إنه سميع عليم .
فالذي يظهر لي والله تعالى أعلم أن إقبال الشباب السلفي منذ البداية بعد كتاب الله وسنة نبيه وكتب السلف الصالح ومن اتبعهم من العلماء كابن تيمية وابن القيم وابن كثير والذهبي على كتب أئمة العصر سيختصر عليهم الطريق ويأخذون أصح وأتقن ما يمكن من علم نافع غزير وينجون من أوهام وسقطات بعض طلبة العلم التي كانت سببا للفرقة والشر بين السلفيين وأضف إلى ذلك أن في كتب أئمة العصر من السداد والتوسط في الأمور والبركة ما لا يوجد في كتب من هو دونهم .
والله تعالى أعلم نسأل الله الهداية والتوفيق لنا جميعا بمنه وكرمه .
كتبه أبو معاوية غالب الساقي المشرف على موقع روضة السلفيين www.salafien.com
رد: التحذير من الانشغال بطلبة العلم مدحا أو قدحا على وجه المبالغة
رد: التحذير من الانشغال بطلبة العلم مدحا أو قدحا على وجه المبالغة
بارك الله فيك اخى معاوية و نفع بك
رد: التحذير من الانشغال بطلبة العلم مدحا أو قدحا على وجه المبالغة
بوركت أخي غالب
وجزاك الله خيرا
وكلام الأولين ينمي ملكة الاجتهاد، وما أحوجنا أن ننشغل به.
رد: التحذير من الانشغال بطلبة العلم مدحا أو قدحا على وجه المبالغة
وفيكم بارك الله وأحسن إليكم
رد: التحذير من الانشغال بطلبة العلم مدحا أو قدحا على وجه المبالغة