أو كثيرا خلط بنجس لم يغيره أو شك في مغيره هل يضر أو تغير بمجاوره وإن بدهن لاصق أو برائحة قطران وعاء مسافر
أو كثيرا خلط بنجس لم يغيره
أي أن الماء طهور لا ينجسه شيئ إلا ان تغيرت احد أوصافه باختلاطه مع النجاسة من لون و طعم و رائحة.
أحكام المياه تدور على عدة احاديث :
حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه و سلم { إِنَّ اَلْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ } أَخْرَجَهُ اَلثَّلَاثَةُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ
حديث عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { إِذَا كَانَ اَلْمَاءَ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ اَلْخَبَثَ } وَفِي لَفْظٍ: { لَمْ يَنْجُسْ } أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ. وَابْنُ حِبَّانَ
حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ: { جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ اَلْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ اَلنَّاسُ، فَنَهَاهُمْ اَلنَّبِيُّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ؛ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ. } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
و حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال { لَا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي اَلْمَاءِ اَلدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ } أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .
وَلِلْبُخَارِيّ ِ: { لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي اَلْمَاءِ اَلدَّائِمِ اَلَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ } .
وَلِمُسْلِمٍ: "مِنْهُ"
و حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال { طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذْ وَلَغَ فِيهِ اَلْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ } أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
و حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ، فإنه لا يدري أين باتت يده }. قلت : أخرجه الأئمة الستة
هذه احاديث صحيحة إلا حديث القلتين اختلف فيه , من العلماء من صححه و منهم من قال باضطرابه.
اجمع العلماء على أن لماء المستبحر لا تضره النجاسة و اختلفوا في الماء القليل اذا خالطته نجاسة فذهب مالك و الظاهرية و رواية عن احمد الى ان الماء اذا لم تتغير أوصافه باختلاطه بالنجاسة فهو طهور قليلا كان او كثيرا عملا بحديث الماء طهور لا ينجسه شيئ فخصصوا الحديث بالاجماع القائم على أن الماء اذا تغيرت احد اوصافه بالنجاسة نجس.
و ذهب الحنفية و الشافعية الى التفريق بين الماء القليل و الكثير فالقليل ينجس باي نجاسة وقعت فيه و ان لم يتغير و الكثير لا تضره النجاسة لكن اختلفوا في الحد بين القليل و الكثير فقال الشافعية و رواية عن احمد حده قلتين من قلال هجر و هي خمسمئة رطل عملا بمفهوم حديث القليتين, ان كان اقل من ذلك نجس و ان كان اكثر من ذلك بقي طاهرا و ذهب الحنفية إلى تحديد الكثير بالماء الذي اذا حرك احد طرفيه لم يتحرك الاخر هذا قول الامام ابي حنيفة اما صاحبيه يوسف و الحسن فحددوا ذلك بعشرة امتار في عشرة .
استدل الشافعية و الحنفية لذلك بحديث ادخال اليد و ولوغ الكلب فمدلول الحديثين أن قليل الماء تفسده النجاسة إلا أن ذلك معارض بحديث الاعرابي فمدلوله أن الماء القليل ان غلب النجاسة لا ينجس فرد ذلك الشافعية بتفريقهم بين ورود النجاسة على الماء و بين ورود الماء على النجاسة فقالوا ان حديث الاعرابي فيه ورود الماء على النجاسة فذلك يطهر بعكس وقوع النجاسة في الماء فذلك ينجس و لا يخفى ما في هذا الجواب من تكلف.
إعلم أن الجمع بين هذه الاحاديث لا يحصل إلا بالقول أن الماء قليلا كان أو كثيرا ان وقعت فيه نجاسة فهو طاهر ما لم يتغير اما حديث الاستيقاظ فهو محمول على الندب لا على نجاسة الماء فكون اليد نجسة عند الاستيقاظ مشكوك فيه و الشك لا يرفع اليقين أما حديث ولوغ الكلب فحمله مالك على التعبد و حمله غيره على نجاسة الكلب و جعلوا لها حكما خاصا أما حديث القلتين فعلى فرض صحته فمفهومه يدل على نجاسة الماء الذي لاقى نجاسة ان كان اقل من القلتين الا أن هذا المفهوم معارض بالمنطوق من حديث الماء طهور لا ينجسه شيئ و المنطوق مقدم على المفهوم.
و من ناحية المعقول انه ان بلغ الماء قلة و لاقى نجاسة فعلى مذهب الشافعية نجس فان اضفنا اليه قلة ايضا لاقت نجاسة فهي نجسة لكن مجموع المائين طاهر لأنه بلغ القلتين و هذا مخالف للمعقول كيف يطهر ماء نجس جمع مع نجس.
الذي عليه المحققون أن الماء طاهر ما لم يتغير بنجاسة قليلا كان أو كثيرا و الله الموفق إلى الصواب.
أو شك في مغيره هل يضر
أي أن الماء إذا تغير وشك في الذي غيره هل هو مما يسلبه الطهورية أو مما لا يسلبه الطهورية ؟ فالأصل بقاؤه على الطهورية و ذلك لأن الشك لا يرفع اليقين.
أو تغير بمجاوره وإن بدهن لاصق
أي أن الماء قد يتغير بما وضع بجانبه او ما لاصقه كالدهن يلاصق الماء فوق سطحه فما دام لم يختلط بالنجاسة فهو طاهر لأنه باق على أصله.
أو برائحة قطران وعاء مسافر
أي أن وعاء المسافر قد يوضع فيه قطران فالماء الموضوع فيه طاهر و ان تغيرت رائحته بالقطران و ذلك لأن القطران طاهر و الماء ان خالط طاهرا بقي طاهرا مادام يسمى ماء دليل ذلك حديث أم هانئ رضي الله عنها: أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) اغتسل هو وميمونة من إناء في قصعةٍ فيها أثر العجين) اخرجه النسائي فالعجين لا بد له من ان يختلط بالماء الا ان الوضوء جاز به فهو طاهر , و كذلك كانت اوعية الصحابة في السفر من ادم و هذه لا يسلم منها تغير الماء و كانوا يتوضؤون به.
الماء المختلط بطاهر طاهر ما لم يغلب عليه كالشاي مثلا.
و صل الله و سلم على نبينا محمد .