نواقض التوحيد
بعد الانتهاء من شرح الشروط فاعلم انه يلزمك تعلمنواقص التوحيد أي تعلم الإسلام وما يناقضه أيضا حتى لا يقع المسلم فيها وهو لا يعلموالعياذ بالله.
وكما قيل: والضد يظهر حسنه الضد وبضدها تتبن الاشياء
النواقض:جمع ناقض اسم فاعل والنقض في الأصل حل المبرم وإفساده من نقضت الشيء إذ أفسدته قال تعالى:}ولاتنقضوا الإيمان بعد توكيدها{وقال تعالى:}ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوةأنكاثا{سورة النحل92
فنو اقض الإسلام هي مفسدات هومبطلاته التي متى طرأت عليه أفسدته وأحبطت العمل وصار صاحبه من المخلدين في الناروالعياذ بالله كالحدث إذا دخل في الطهارة أفسدهاوأبطلها.
وقد جمعها الشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في عشرة نواقض حتى يسهل على الناس معرفتها وقد ذكر هذه العشرة لأهميتها لان الأغلب يقع في هذه النواقض وهي أكثر من ذلك كما يذكره الفقهاءفي كل باب حكم المرتد فهو المسلم الذي يكفر بعد إسلامه نسال الله العافية والسلامةولذلك وجب على كل مسلم أن يخاف على دينه أكثر مما يخاف على نفسه وعلى ماله فيخاف أن يقع في فتنة الشهوات أو الشبهات لأنهما سبب خروج الإنسان على دينه والعياذ باللهيقول النبي صلى الله عليه وسلم :(أنها ستكون فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناويمسي كافر ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا ) فالمسلم ما دام علىقيد الحياة فانه معرض للفتن ومعرض للردة عن دين الله لهذا كان إمام الحنفاء الخليلعليه السلام يدعوا ربه فيقول}واجنبني وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن اضللن كثيرا منالناس{فهذا الخليل الذي كسر الأصنام بيده وأوذي والقي في النار يخاف على نفسه من أن يرتد عن التوحيد ويعبد الأصنام وهذا نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم وهو أكمل الناس إيمانا وأكملهم توحيدا يخاف على نفسه فيدعوا ويقول:} يا مقلب القلوب ثبت قلبيعلى دينك{ فتقول له عائشة رضي الله عنها تخاف على نفسك؟فيقول الرسول صلى الله عليهوسلم يا عائشة وما يؤمنني وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن؟ فإذا كان الخليلين إبراهيم ومحمد صلوات الله عليهم خافا على دينهما فالواجب ممن هو دونهما أن يخاف أكثر والخوف وحده لا يكفي فلابد أن يكون مع الخوف عمل يقيه من هذه الفتنة ولاننجى من فتنة الشبهات والشهوات إلا بالتعلم لان الجاهل قد يقع في هذه النواقض وهولا يدري بل يقلد الناس ومن يحسن بهم الظن فيفعل مثل فعلهم وأما العالم الرباني فانهينفعه علمه بإذن الله ويتجنب هذه الأمور ومن كان بالله اعرف كان من الله أخوف فلابدمن تعلم التوحيد ويعمل به ويتعلم نواقض الإسلام حتى يتجنبها ولا يقع فيها كما قال حذيفة ابن اليمان كان الناس يسالون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنتاسأله عن الشر مخافة أن يدركني .
.1الشرك:أول ناقض هو الشرك و معناه صرف نوع من أنواع العبادات التي لا تكون إلا لله لغيرالله.
والعبادة كما شرحها الشيخ ابن تيمية هي اسم جامع لكل ما يحيه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرةوالباطنة.
فمن صرف شيئا من أنواع هذه العبادات كالذبح أو النذر أو الدعاء أو غير ذلك لغير الله فقد أشرك بالله لان هذاهو معنى الشرك أن تخلص لله في بعض الأمور وتشرك به في بعض الأمور الأخرى والعياذبالله فمن اخلص جميع أعماله لله فقد نجا.
والشرك ينقسم إلى ثلاثأقسام: اكبر مخرج من الملة واصغر غير مخرج من الملة وشرك خفي غير مخرج من الملةأيضا.
والشرك الأكبر ينقسم بدورهإلى أربع أقسام:
1.شرك الدعاء: أي الدعاء والدليل قوله تعالى:}فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللهمخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون{يخبر تعالى عن الكفارالمشركين به أنهم إذا كانوا في البحر على السفن التي سخرها الله لهم تسير بهم حيثشاءوا بسهولة فإذا جاءتهم ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وتيقنوا بالهلاك لجئواحينئذ إلى الله وحده في كشف كربتهم لعلمهم انه لا ينجيهم إلا هو وحده فيخلصون له الدين والدعاء بالتضرع والبكاء ويتركون آلهتهم كلها ويقولون لئن أنجيتنا من هذهلنكونن من الشاكرين فيستجيب دعائهم الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويوصلهمإلى مطلوبهم سالمين فإذا نزلوا عن السفينة عادوا إلى شركهم وكفرهم يخادعون الله وهوخادعهم ولكن لتمام علمه وحكمته وحلمه يمهلهم إلى اجل مسمى ولو شاء لأهلكهم في البرأو في أي مكان كانوا فإذا كان يوم القيامة فإذا الحجة قد قامت عليهم فيدخلون جهنم داخرين خالدين فيها أبدا والعياذ بالله.
وقد قال شيخ الإسلام رحمهالله تعالى في القواعد الأربع القاعدة الرابعة:أي مشركي زماننا أغلظ شركا من الأولين لان الأولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة ومشركوا زماننا شركهم دائمفي الرخاء والشدة.
نعم فأهل زماننا يشركون فيالرخاء والشدة ومثال ذلك أن المرأة إذا لم تنجب ذهبت إلى الولي الفلاني تدعوه فان منحها الله الولد حملت إلى الولي ما يسمى بالمرفوضة وهي عبارة عن ذبيحة تذبحها عندضريح الولي كل سنة والعياذ بالله فهذه أشركت مع الله في الشدة أي عند الرغبة في الولد وفي الرخاء أيضا وقد يتلبس هذا الأمر على الكثير بقولهم ولماذا عندما تذهب ترزق الولد أو الزوج سبحان الله فان ذلك الرزق كان آتي لا محال ولكنها استعجلت فيالرزق وأشركت بالله ويمكن تلخيص حقيقة هذا الأمر بان ذاك الضريح الذي يقصده هؤلاءالجهال لجلب المنفعة أو دفع ضر هو مكان مليء والعياذ بالله بملوك الجن والشياطين همهم وهدفهم الأول والأخير إخراج الإنسان من دائرة الإسلام فيزينون لهم الكفر وبأيطريقة كانت كما اقسم الملعون في قوله تعالى وعزتك وجلالك لأغوينهم أجمعين فمثلاعندما تأتي واحدة إلى ذلك الضريح تريد الولد ينظر إن كانت تطبب عالجوها وان كان بهاسحر يفك سحرها بطرد الجني المكلف بسحرها وهي عندما تعالج تظن أن النفع والضر بيدالولي وهذا ما يريده الشياطين منها.
.2شرك النية والإرادةوالقصد:والدليل قوله تعالى: }من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم لا يبخسون.اؤلئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوافيها وباطل ما كانوا يعملون{.
شرك النية وهي لغة القصدوهو عزم القلب على فعل الشيء.والإرادة لغة: الميل. والقصد لغة: الطلب فهذه الثلاث كالمترادفات ومعناها متقارب.
والمقصود أن من نوى وأرادبإعماله الدنيا أو الرياء كاهل النفاق الخلص إرادة كلية ولم يقصد بها وجه الله تعالى والدار الآخرة فهو مشرك الشرك الأكبر أما من أراد بأعماله الله والدار الآخرةولكن طرا على بعض أعماله رياء أو نحو ذلك فليس داخلا في ذلك بل يكون عمله شرك اصغركما سيأتي الكلام عليه إن شاء الله.
والآية التي في سورة هودتبين أن كل من عمل لأجل الدنيا وترك الآخرة انه يعطى ما طلب من غير نقصان ولكن بينالله تعالى في سورة الإسراء أن هذه الآية ليست مطلقة لكل احد بل مقيدة بمن أرادالله سبحانه وتعالى كما قال: }من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريدثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا.{
اخرج مسلم من حديث عن أبيهريرة رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها فقال ما عملت بها؟قال:قاتلت فيك حتى استشهدت قال كذبت ولكنك قاتلت لان يقال جرئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى القي في النار ورجل تعلم العلم وعلمه أو قرأ القران فأتي به فعرفه نعمه فعرفهافقال ما عملت فيها؟ قال تعلمت وعلمته وقرأت القران فيك قال كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القران ليقال قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى القي فيالنار ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها فقال فما عملت فيها؟ فقال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت فيها لك قال كذبتولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى القي في النار(
وفي الحديث:أن معاوية لمابلغه هذا الحديث غشي عليه فلما أفاق قال صدق الله ورسوله قال الله عز وجل(من كانيريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم لا يبخسون.اؤلئك الذين ليسلهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوايعملون(
شرك الطاعة: والدليل قوله تعالى: }اتخذوا أحبارهم ورهباهم أربابا من دون اللهوالمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا اله إلا هو سبحانه عمايشركون{ سورةالتوبة31.
تفسير ابن كثير:روى الإمام احمد والترمذي وابن جرير من طرقعن عدي بن حاتم رضي الله عنه انه لما بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرإلى الشام وكان قد تنصر في الجاهلية فأسرت أخته وجماعة من قومه ثم من رسول الله صلىالله عليه وسلم على أخته وأعطاها فرجعت إلى أخيها فرغبته في الإسلام وفي القدوم علىرسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم عدي إلى المدينة وكان رئيسا في قومه طيء وأبوهحاتم الطائي المشهور بالكرم فتحدث الناس بقدومه فدخل على رسول الله صلى الله عليهوسلم وفي عنق عدي صليب من فضة وهو يقرا قوله تعالى اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابامن دون الله.. قال فقلت:أنهم لم يعبدوهم فقال:(بلى إنهم حرموا عليهم الحلال واحلوالهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم.انتهى)
وبعد سؤال عدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه إلى الإسلام فاسلم وكان أول ما تعلمه من الرسول صلى الله عليه وسلم هو مفهوم العبادة وأنها ليست فقط ركوع وسجود وإنما الطاعة فيالتحليل والتحريم أيضا عبادة فتعلمه واقر به وعمل به رضي الله عنه وعن جميع المسلمين.
وهذا الغلط في مفهوم العبادة وقع فيه أهل زماننا ايضا وقد صدق الصادق الأمين صلى الله عليهوسلم حينما قال:(لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى إذا دخلوا جحرضب دخلتموه قالوا:اليهود والنصارى قال فمن غيرهم. (
وقال السدي في قوله تعالى :} اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله{قال استنصحوا الرجال ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ولهذا قال تعالى:}وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا){ أي الذي إذا حرم الشيء فهو حرام وما أحله فهو الحلال وما شرعه اتبع وما حكم بهنفذ. (
نعم وهذا مايظهر على ارض واقعنا استنصحوا الرجال ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم فأين شرع اللهوحكمه؟وهل اتبع شرعه أم نبذ.
فالله سبحانه وتعالى وضع أحكاما وبين لنا الحلال منهاوالحرام فحرم علينا الربا والزنا لكنه في الواقع الربا حلال والزنا حلال نجد البنوك الربوية المرخص لها والمشجع عليها بكل وسائل الإعلام وإغراء الشخص بكل الوسائل حتىيقوم بالربا والعياذ بالله وكذلك الزنا أصبح لها دور مرخص لها وأما التحريم فواضحجدا ممنوع الصلاة أثناء العمل الصلاة يا عباد الله عمود الإسلام وممنوع لبس الحجاب الشرعي في العمل....حتى انه من أراد في هذا الزمان أن يتمسك بدينه شعر بالغربة كماقال النبي صلى الله عليه وسلم:( بدا الإسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء )وأحس وكأنه قابض في يده جمرة كما قال أيضا صلى الله عليه وسلم القابض على دينه كالقابض على الجمر.
وما يدل دلالة صريحة على أن الطاعة في التحليل والتحريم شرك المناظرة التي حدثت بينالمسلمين والمشركين حول تحريم الميتة حيث أراد المشركون إقناع المسلمين بأنه لا فرقبين الشاة تموت وحدها والشاة التي يذبحها المسلمون بشبهة أن الميتة إنما ذبحها اللهتعالى فانزل الله تعالى حكمه من فوق سبع سموات }وان أطعتموهم إنكم لمشركون{أي لوأنهم أطاعوهم فيما قالوا لأصبحوا بها كافرين.
إذن فالطاعة الشركية ليست مقتصرة على الركوع والسجود ودعاءغير الله وإنما أيضا الطاعة في التحليل والتحريم وقد صدق ابن المبارك حينماقال:وهل افسد الدنياإلا الملوك وأحبار السوء ورهبانهم.
4.شرك المحبة:والدليلقوله تعالى: }ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحبالله..{
والمرادبهذه المحبة محبة العبودية المستلزمة للإجلال والتعظيم والذل والخضوع التي لا تنبغيإلا لله وحده لا شريك له ومتى أحب العبد بها غيره معه فقد أشرك به الشركالأكبر.
أما المحبةالطبيعية كمحبة المال والأهل والولد... ونحو ذلك فليست كذلك بل هي مباحة إذا لمتقدم على محبة الله ورسوله أو تزاحمها أو تؤذي إلى معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بل قد تكون مستحبة بحسب النية الصالحة.
أما محبة الرسول صلى الله عليه وسلم فهي تابعة لمحبة الله لازمة لها بل قد نفى النبي صلى الله عليه وسلم إيمان العبد حتى يكون صلى الله عليهوسلم أحب إليه من ولده والناس أجمعين كما في الصحيحين وغيرهما.
والمقصود أنالمحبة عبادة من اجل أنواع العبادات فمن صرفها لغير الله فقد أشرك به الشرك الأكبر)للتفصيل أكثر ارجع لشرح شرط المحبة في درسالشروط(.
النوع الثاني من أنواع: الشرك الأصغر وهوالرياءوالدليل قولهتعالى (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربهأحد(
والفرق بينالشرك الأكبر والأصغر ما يلي:
الشرك الأصغر لا يوجب الخلودفي النار كالأكبر.
انه لا يحبط جميع الأعمالوإنما يحبط العمل الذي قارنه فقط أو ينقض ثوابالعمل.
أن صاحبه ماله إلى الجنة سواء عذب أو أو لم يعذببخلاف الأكبر...
إلىغير ذلك من الفوارق.
والشرك الأصغر هو أعظم الذنوب بعد الشرك الأكبر واكبر منالكبائر حتى إن بعض أهل العلم يختار إن من مات على الشرك الأصغر قبل التوبة منه انهلابد من دخوله النار وتعذيبه على قدر شركه كما هو ظاهر الآية}إن الله لا يغفر أنيشرك به{ ولكنه لا يخلد في النار بل ماله إلى الجنة كما هو معتقد أهل السنةوالجماعة.
وقد فسرالشيخ الشرك الأصغر بالرياء والدليل على ذلك ما رواه الإمام احمد وغيره عن النبيصلى الله عليه وسلم قال: (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا وما الشركالأصغر قال الرياء يقول الله تعالى يوم القيامة إذا جازى الناس بأعمالهم اذهبوا إلىالذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟)حديثصحيح.
ففي هذا الحديثبيان واضح في تسميته بالرياء وفيه انه أخوف ما يخاف منه على الصالحين فإذا كانالنبي صلى الله عليه وسلم يخاف على الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين مع قوة إيمانهموعلمهم فغيرهم ممن هو دونهم باضعاف أولى بالخوف من الشرك أصغرهوأكبره.
وروى ابن خزيمة في صحيحه عن محمود بن لبيد رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى اللهعليه وسلم فقال:( يا أيها الناس إياكم وشرك السرائر قالوا يا رسول الله وما شركالسرائر؟ قال يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه فذلك شركالسرائر(.
قال ابنالقيم رحمه الله تعالى: (وأما الشرك الأصغر فكيسير الرياء والتصنع للخلق والحلف بغيرالله وقول الرجل للرجل ما شاء الله وشئت وهذا من الله ومنك وأنا بالله وبك وماليإلا الله وأنت وأنا متوكل على الله وعليك ولولا الله وأنت لم يكن كذا وكذا وقد يكونهذا شركا اكبر بحسب قائله ومقصده(.
والمقصود من قول ابن القيم أن هذا قد يصل إلى الشرك الأكبرحسب قصد القائل فلو مثلا واحد حلف بغير الله خطا لحداثة عهده بالإسلام ولتعود لسانهقبلا على ذلك ولم يقصد كان يقول مثلا وحق القران أو وحق جاه النبي أو أو فهدا لايصل به إلى الشرك الأكبر بعكس الذي يحلف وهو يعتقد تعظيم الحالف به فهذا شركاكبر.
وأما تفصيلالرياء والعمل لغير الله تعالى فقد ذكره العلماء وشرح الحديث في مصنفاتهم مثلا قولالحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم( واعلم أن العمل لغير الله تعالى أقسام: فتارة يكون رياء محضا كحال المنافقين كما قال تعالى(وإذا قاموا إلى الصلاة قامواكسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا) وتارة يكون العمل لله ويشاركهالرياء:فان شاركه من أصله فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه فان خالط نية الجهاد مثلانية غير الرياء مثل اخذ أجرة للخدمة أو اخذ شيء من الغنيمة أو التجارة نقص بذلك اجرجهاده ولم يبطل بالكلية وأما إن كان أصل العمل لله ثم طرا عليه نية الرياء :فان كانخاطرا ثم دفعه فلا يضره بغير خلاف وان استرسل معه فهل يحبط عمله أم لا فيجازى علىأصل نيته؟ في ذلك اختلاف بين العلماء من السلف فبعض العلماء يبطله بالكلية وبعضهميقول أن استرسل معه فله اجر إخلاصه وعليه وزر الرياء وأما إذا عمل العمل لله خالصاثم ألقى الله له الثناء الحسن في قلوب المؤمنين بذلك ففرح بفضل الله ورحمته لم يضرهذلك وفي هذا المعنى جاء حديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انهسئل عن الرجل يعمل العمل لله من الخير ويحمده الناس عليه فقال تلك عاجل بشرى المؤمنخرجه مسلم(
النوع الثالث من أنواع الشرك:الشرك الخفيوالدليل قوله صلى الله عليه وسلم:(الشرك في هذه الأمة أخفى مندبيب النملة السوداء على صفاة سوداء في ظلمة الليل وكفارته قوله صلى الله عليه وسلماللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا وأنا اعلم وأستغفرك من الذنب الذي لا اعلم(.
وسمي هذا النوع خفيا لكونه يخفى على المرء نفسه فضلا عن غيره أو لكون صاحبه يخفيه عن الناس فلايطلع عليه إلا الله الذي لا تخفى عليه خافية كما قد سمي بذلك أيضا الشرك الأصغر وهوالرياء في حديث أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعا عن احمد وابن ماجة( حديث حسن راجع فتحالمجيد وغيره) والمقصود أن الشرك الخفي دقيقجدا.
وقد أورد نحوهذا الحديث الشيخ محمد ابن عبد الوهاب في كتاب التوحيد عن ابن عباس رضي الله عنهماموقوفا فقال( فلا تجعلوا لله أندادا وانتم تعلمون(
عن ابن عباس رضي الله عنها في الآية الأنداد هوالشرك أخفى من دبيب النمل على صفة سوداء في ظلمة الليل وهو أن تقول والله وحياتكيافلان وحياتي وتقول لولا كليبة هذا لاتنا اللصوص ولولا البط في الدار لأتانااللصوص وقول الرجل لصاحبه ما شاء الله وشئت وقول الرجل لولا الله وفلان لا تجعلفيها فلانا هذا كله به شرك)رواه ابن حاتم بسندحسن.
روى البخاري فيالأدب الفرد وابن المنذر وأبو يعلى وابن أبي حاتم وغيرهم عن حذيفة بن اليمان رضيالله عنه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عنالنبي صلى الله عليه وسلم قال:( الشرك فيكم اخفي من دبيب النمل) قال أبو بكر يا رسول الله وهل الشرك إلا ما عبد من دونالله أو ما دعي من دون الله؟ قال ثكلتك أمك الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ألاأخبرك بقول يذهب صغاره و كباره(أو قال صغيره و كبيره) قال بلى قال تقول كل يوم ثلاثمرات : اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وانأ اعلم وأستغفرك لما لا اعلم. والشرك أنتقول:أعطاني الله وفلان والند أن يقول الإنسان:لولا فلان قتلنيفلان.
2.الناقض الثاني من نواقضالإسلام: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعةكفر.
ويشرح الشيخ ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى الوسائط أي وسائط من الخلق يتوسطون له عند اللهبزعمهم وهذه المسالة مسالة الواسطة بين الله وخلقه فيها تفصيل كما قال الشيخ فمنقال لابد من واسطة بين الله وبين خلقه فانه يسال :ما مقصوده بالواسطة؟فان كانالمقصود انه لابد لنا من واسطة في تبليغ الرسالة فيما بيننا وبين الله فهذا صحيحهذه واسطة لابد منها من أنكرها كفر فلابد من واسطة في تبليغ شرعه وهم الرسل منالملائكة والبشر فمن أنكر هذه الواسطة كفر.فلابد من واسطة في تبليغ شرعه وهم الرسلمن الملائكة والبشر فمن أنكر هذه الواسطة كفر فمن أنكر الملائكة والرسل الذين يأتونبشرع الله وقال:لا حاجة إليهم نحن نتصل بالله بدونهم كما تقول الصوفية أنهم يأخذونعن الله مباشرة بلا واسطة فهذا كفر بالإجماع
وهناك واسطة من أثبتها فقد كفر وهي التي ذكرها الشيخ رحمهالله تعالى وهي أن يتخذوا واسطة بينه وبين الله يدعوهم ويطلب منهم الشفاعة ويتوكلعليهم فهذه الواسطة من أثبتها كفر إجماعا لأنه لا واسطة بيننا وبين الله في عبادته بل يجب علينا أن نعبد الله وندعوه مباشرة وبدون واسطة وان نطلب منه الشفاعة بدونواسطة وان نتوكل عليه بدون واسطة بيننا وبين الله قال تعالى:}ادعواني استجب لكم{ ماقال ادعواني بواسطة فلان أو تخذوا واسطة فهذه واسطة من أثبتها فقد كفر وهي أن يجعلبينه وبين الله وسائط يصرف لهم شيئا من العبادة من اجل أن يقربوه إلى الله كمايقولون المشركون من قبل }ويعبدون من دون الله ما لايضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاءشفعاؤنا عند الله{
فسمي هذه عبادة }قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السمواتولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون{. سمى هذا شركا ونزه نفسه عنه وهذا هو حالعباد الأموات والأضرحة الآن يتخذون الأولياء والصالحين وسائط عند الله
يذبحون لهمعند قبورهم وينذرون لهم ويستغيثون بهم ويدعونهم من دون الله فإذا قيل لهم هذا شرك قالوا هؤلاء وسائط بيننا وبين الله نحن لا نعتقد أنهم يخلقون مع الله ويرزقون معالله ويدبرون مع الله وإنما اتخذناهم وسائط بيننا وبين الله يبلغون الله حوائجنافيذبحون لهم ويعظمونهم وينذرون لهم بحجة أنهم وسائط بينهم وبين الله فهذا هو شركالأولين كما قال تعالى:}والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلىالله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذبكفار{ فسمى فعلهم هذا كذبا وكفرا.
ومن أمثلة هذا ما يفعله اغلب أهل زماننا عند الأضرحةيتبركون بترابها وأعتابها ويحجون إليها في أوقات معينة ويعكفون عندها ويأتون بقطعانالأنعام فيذبحونها في ساحات الأضرحة يتقربون بها إلى الأضرحة بزعمهم يقربونهم إلىالله ويبلغون الله حوائجهم وهذا هو شانهم من قديم منذ بنيت المساجد على القبور كمااخبر النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهموصالحهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فاني أنهاكم عن ذلك) وكان هذا ممنوعا فيالصدر الأول من هذه الأمة في عصر القرون المفضلة ولا يوجد شيء من البنايات علىالقبور حتى جاءت دولة الفاطميين الشيعة واستولوا على مصر وكثير من البلاد وهم شيعةباطنية فبنوا المشاهد على القبور في مصر وغيرها ثم تكاثرت الأضرحة في بلاد المسلمينبعد ذلك بسبب هؤلاء الشيعة قبحهم الله كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية.
الناقض الثالث:من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر
أولا نعرف معنى الكفر و أنواعه فمن لم يعلم من هو الكافر كيف يكفره فالأولى أن يتعلم من هوالكافر أولا.
الكفركفران:كفر اكبر مخرج من الملة وكفر اصغر
والكفر لغة يطلق على التغطية والشر والجحود وغير ذلك والتكفير حكمي شرعي فلا نكفر إلا من حكم الله له بالكفر من فوق سبع سموات فمن اعتقدأو قال أو فعل ما حكم به الله سبحانه وتعالى كفر فهو كافر ولا يحق لشخص أنيكفر شخص آخر على حسب هواه أو غضبا لنفسه وإنما نكفر كل من حكم عليه الشارع بالكفر.
والكفرالأكبر ينقسم إلى خمسة أقسام وكل قسم بدليله كما سنورد إن شاءالله
.1 كفرالتكذيب:والدليل قوله تعالى: }ومن اظلم ممن افترى على اللهكذبا أوكذب بالحق لما جاءه اليس في جهنم مثوىللكافرين{
تفسيرالآية :ومن اظلم اي لا احد اشد عقوبة ممن كذب على الله فقال أن الله اوحي اليه ولميوحى اليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما انزل الله وهكذا لا احد اشد عقوبة ممن كذببالحق لما جاءه فالأول مفتر والثاني مكذب و لهذا قال تعالى:}أليس في جهنم مثوىللكافرين{
اي النوعالأول من أنواع الكفر الأكبر كفر التكذيب وهو اعتقاد كذب الرسل وهذا النوع قليل في الكفار فان الله تعالى أيد رسله بالمعجزات وأعطاهم من البراهين والآيات على صدقهمما أقام به الحجة وأزال به المعذرة قال الله تعالى عن فرعون وقومه (وجحدوا بهاواستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا...) وقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم( فإنهم لايكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون( والمقصود من كذب الرسل ظاهرا او باطنا فقدكفر.
2.كفر الإباء والاستكبار مع التصديق القلبيوالدليلقوله تعالى:}وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان منالكافرين. {
وهذاالنوع هو الغالب على أعداء الرسل وهو كفر إبليس لعنه الله فانه لميجحد
أمر الله ولاقابله بالإنكار وإنما تلقاه بالإباء والاستكبار كما قال تعالى:}ما منعك أن لا تسجدإذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين{فلما قال ذلك لعن و طرد(وكان من الكافرين) ومن هذا كفر من عرف صدق الرسول وانه جاء بالحق من عند الله ولم ينقدله اباءا واستكبارا كما حكى الله تعالى عن فرعون وقومه أنهم قالوا :}انؤمن لبشرين مثلناوقومهما لنا عابدون{ المؤمنون47.
وقول الأمم لرسلهم:}إن انتم إلا بشرمثلنا{ابراهيم15
وهوكفر اليهود كما قال تعالى:}فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به{فهم كانوا موقنين ببعثةخاتم المرسلين ويعلمون صفاته وعلاماته ومكان مبعثه وعلموا ذلك من كتابهم ولكن ظنواانه سيبعث منهم فلما بعث في العرب استكبروا وكفروا والعياذبالله.
وهو أيضا كفرأبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم فانه صدق ابن أخيه ولم يشك في صدقه ولكنأخذته الحمية وتعظيم آبائه وان يرغب عن ملتهم ويشهد عليهمبالكفر.
3.كفرالشك: وهو كفر الظن والدليل قوله تعالى: }ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أنتبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا قالله صاحبه وهو يجاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هوالله ربي ولا أشرك بربي احد{الكهف35-37.
تفسير الآية:} ودخل جنته{أي الرجل الذي أعطاه الله هذاالبستان}وهو ظالم لنفسه{أي بكفره وتمرده وتجبره وإنكاره للمعاد}قال ما أظن أن تبيدهذه أبدا{ وهذا اغترار منه لما رأى في جنتيه المتقدم ذكرهما من الزر وع والثماروالأشجار والأنهار المطردة في جوانبها وأرجائها ظن أنها لا تفنى ولا تهلك ولا تتلفأبدا وذلك لقلة عقله وضعف يقينه وإعجابه بالحياة الدنيا وزينتها وكفره بالآخرةولهذا قال}وما أظن الساعة قائمة{ أي كائنة}ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منهامنقلبا{ أي ولئن كان معاد ورجعة ومرد إلى الله ليكونن لي هناك أحسن من هذا الحظ عندربي ولولا كرامتي عليه ما أعطاني هذا}قال له صاحبه وهو يحاوره{أي يجاوبه}أكفرتبالذي خلقك من تراب{وهذا انكار على ما وقع فيه من جحود ربه الذيخلقه.
والشك:هو الترددوالظن قريب منه وضد ذلك الجزم واليقين.
فالشاك لا يجزم بصدق الرسل ولا يكذبهم بل يشك في أمرهموالعياذ بالله وهذا لا يستمر شكه إلا إذا ألزم نفسه الإعراض عن النظر في آيات صدقالرسل جملة فلا يسمعها ولا يلتفت إليها وأما مع التفاته إليها ونظره فيها فانه لايبقى معه شك لأنها مستلزمة للصدق ولا سيما بمجموعها فان دلالتها على الصدق كدلالةالشمس على النهار.
فكل من شك في أمر من الأمور التي اخبرنا الله بهايكفر كمن يشك في البعث أو وجود الجن أو الملائكة أو أو.. ..
4.كفرالاعراض:والدليل قولهتعالى:(والذين كفروا عماانذروا معرضون{ويقول تعالى:}ومن اظلم ممن ذكر بايات ربه ثماعرض عنها{أي لا اظلم ممن ذكر باياته وبينها ووضحها ثم بعد ذلك تركها وجحدها واعرضعنها وتناساها كانه لا يعرفها }ان من المجرمين منتقمون{أي سانتقم ممن فعل ذلك اشدالانتقام والعياذ بالله ويقول تعالى:} ومن اظلم ممن ذكر بآيات ربه فاعرض عنها ونسيتما قدمت يداه {ويقول تعالى:}يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا{ويقول تعالى:}فإمايأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشةضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لما حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتكءايتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى.{
فالله سبحانه وتعالى حذر في هذه الآيات من الإعراض عن ذكرهوهو القران والسنة وعدم تعلمها والعمل بهما بأنواعالوعيد.
والإعراض معناه الانصراف عن الشيء مع عدم الرغبة فيه.
والمراد بالإعراض عن دين الله أي عما يجب على كل مكلف بعينهتعلمه والعمل به وهو معرفة أصول الدين وما لا يسع المسلم جهله أما معرفة تفاصيلالدين فليس ذلك المراد هنا وان كان مذموما لان معرفة تفاصيل الدين ونحو ذلك فرضكفاية إذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين.
فلا يتعلمه هذه طريقة الضالين من النصارى والمتصوفة وغيرهم ولا يعمل به هذه طريقة اليهود ومننحا نحوهم من كل عالم لا يعمل بعلمه فهناك من الناس من يرفض الدليل وقبول الحق إذابين له محافظة على دين الآباء والأجداد وحمية ولا يقبل الحق ويبقى على ما هو عليهوما أدرك عليه آباءه وأجداده كما كان عليه المشركون فالذين يعبدون القبور لا يقبلونحقا ولا يقبلون جدالا فهم مقتنعون بما هم عليه تماما ولا يقبلون توجيها أو إرشادايغلقون أسماعهم عن قبول الحق ويصرون على ما هم عليه بل ربما يقاتلون دونه ويبذلونأنفسهم دون هذه العقائد الباطلة ولا يقبلون الحق مهما يسمعون من القران والسنةويسمعون النهي عن الشرك والأمر بالتوحيد ولا يلتفتون إلى ما في القران بل هم معرضون عنه وهذا كثير في الناس اليوم قال تعالى:}والذين امنوا بالباطل وكفروا بالله اؤلئكهم الخاسرون{فهؤلاء يؤمنون بالباطل ويكفرون بالله ويعبدون غيره ويستغيثون بغيرهويؤمنون بعبادة غير الله ويكفرون بالله علنا وجهارا هذا هو الإعراض الكفري والعياذبالله حمية وأنفة.
وأيضا هناك أنواع من الدعاة يقولون لا تعلموا الناس التوحيدوالعقيدة لأنهم مسلمون بالبيئة ولا يحتاجون لان يتعلموا التوحيد هذا هو الإعراض عندين الله لان الدين لا يؤخذ بالوراثة والبيئة الدين يؤخذ بالعلم والتعلم فلابد منتعلم الدين وتعليمه والعمل به ومن جزاء المعرضين عن تعلم أمور دينهم ما أخرجهالبخاري :(دخل ثلاثة المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه فواحد منالثلاثة جاء فجلس في الحلقة راغبا في التعلم والثاني استحيا أن ينصرف وجاء فجلسوالثالث اعرض وخرج فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بخبر الثلاثة؟ قالوابلى يا رسول الله. قال:أما احدهم فقد أوى فأواه الله والثاني استحيا فاستحيا اللهمنه والثالث اعرض فاعرض الله عنه(.
كفر النفاق:والدليل قولهتعالى:}ذلك بأنهم امنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لايفقهون{.
النفاقلغة:مخالفة الباطن للظاهر
والنفاق نوعان:اعتقاديوعملي
قال العلامةابن القيم رحمه الله تعالى في مدراج السالكين (فصل:وأما النفاق فالداء العضال الباطن الذي يكون الرجل ممتلئا منه وهو لا يشعر فانه أمر خفي على الناس.وكثيرا مايخفى على من تلبس به فيزعم انه مصلح وهو مفسد وهو نوعان:اكبر واصغر فالأكبر يوجبالخلود في النار في دركها الأسفل وهو يظهر للمسلمين إيمانه بالله وملائكته ورسلهواليوم الآخر وهو في الباطن منسلخ من ذلك كله مكذب به لا يؤمن بان الله تكلم بكلامانزله على بشر جعله رسولا للناس يهديهم بإذنه وينذرهم باسه ويخوفهم عقابه..إلى أخركلامه(
وينقسم النفاقالاعتقادي إلى ستة أنواع صاحبها من أهل الدرك الأسفل من النار تحت اليهود والنصارىوالعياذ بالله .
1 .تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم :وهذا النوع أعظم الأنواع وضوحا لأنه يستلزمالتكذيب بالدين كله وهو حال المنافقين الخلص ومن الأدلة على هذا النوع قولهتعالى:}إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله واللهيشهد إن المنافقين لكاذبون...{
2.تكذيب بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم:وهذاالنوع اقل من الذي قبله ولكنه اشد خطرا منه لأنه قد يقع فيه المسلم وهو لا يشعروالعياذ بالله فان المرء قد ينكر شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولايصدق به وهو لا يعلم أن ذلك نوع من أنواع النفاق الأكبر المخرج من الملة .
3.بغض الرسول صلىالله عليه وسلم : فمن ابغض النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فهو منافق خالد مخلد فينار جهنم.
4.بغض بعضما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم: وهذا النوع اخص من الذي قبله فانه قد يصدر منمسلم يحب الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به ولكن لجهله وشقائه يستفزه الشيطانويغويه فيبغض بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فيقع في النفاق الأكبر وهولا يدري وأعظم من ذلك انه قد يكون عاملا بما ابغضه ولم يخالفه في الظاهر فلا ينفعهذلك مثل من يبغض الصوم ولو كان يصوم أو يبغض تحريم الربا ولو لم يفعله أو يبغض تحريم الزنا ولو لم يفعله...فهذا النوع دقيق شديدالخطر.
5.المسرةبانخفاض دين الرسول صلى الله عليه وسلم:المسرة وهي السرور والاستبشار والفرحبانخفاض وهبوط الدين ويدخل فيه أهل الإسلام لأجل تمسكهم بالدين فمن سر بانخفاض الدين وأهله فهو من المنافقين النفاق الأكبر كمن سر إذا انخفض الأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر أو أهين أهله وأذلوا لأجله فهو منافق ملعون خارج دين الإسلام بالكلية وكذلك من يفرح إذا أهينت معالم الإسلام وأذل أنصاره أو استبدلت أحكامه أوضيعت شرائعه أو عطلت حدوده..كما قال تعالى في سورة التوبة(إن تصبك حسنة) من نصر وعزوفتح(تسؤهم)أي تحزنهم لأنه يسر النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين (وان تصبك مصيبةيقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون(
6.الكراهيةبانتصار دين الرسول صلى الله عليه وسلم:وهذا النوع قريب من الكلام الذي قبلهفالمنافقون إذا ظهر الدين وعلا وانتصر غاظهم ذلك اشد الغيظ وحزنوا اشدالحزن...
النوع الثاني من أنواعالنفاق وهو النفاق العملي :نفاق اصغر غير مخرج من الملة وهوالنفاق العملي في الظاهر دون الباطن وينقسم إلى خمسة أنواع مجموعة في قوله صلى اللهعليه وسلم(آية المنافق ثلاث:إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا ائتمن خان)وفيرواية(وإذا خاصم فجر وإذا عاهد غدر)رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي اللهعنه.
- الخصلة الأولى: إذا حدث كذبوهذه خصلة ذميمة قبيحةفان الكذب في الأصل حرام ومن الأحاديث الدالة على ذم الكذب حديث عبد الله بن مسعودرضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن الصدق يهدي إلى البر وان البريهدي إلى الجنة وان الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وان الكذب يهدي إلى الفجوروان الفجور يهدي إلى النار وان الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا) متفقعليه.
-الخصلةالثانية:إذا وعد اخلفوإخلاف الوعد على نوعين احدهما أن يعد ومن نيته أن لا يفيبوعده والثاني أن يعد ومن نيته أن يفي ثم يبدوا له فيخلف من غير عذر فيالخلف.
أما إذا كانمن نيته أن يفي ولكن حصل له عذر أو نحوه فلا يكون داخلا في هذه الخصلة المذمومةوالله اعلم.
-الخصلة الثالثة:إذا ائتمن خانقال الله تعالى: }ياأيها الذين امنوا لا تخونوا الله ورسوله وتخونوا أماناتكم وانتم تعلمون{ وقال النبيصلى الله عليه وسلم:(أد الأمانة إلى من ائتمنك)رواه أبو داود والترمذي وحسنه الحاكموصححه ووافقه الذهبي.
فإذا ائتمن الرجل أمانة فالواجب عليه أنيؤذيها.
الخصلةالرابعة:وإذا خاصم فجروالمقصود بالفجور هنا أن يخرج عن الحقعمدا حتى يصير الحق باطلا والباطل حقا.وفي سنن أبي داوود عن ابن عمر رضي الله عنهماعن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط اللهحتى ينزع)وفي رواية(ومن أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب منالله).
-الخصلةالخامسة:إذا عاهد غدرأي لم يف بالعهد وقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعهد كماقال تعالى (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقصوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتمالله عليكم وكيلا(
واعلم أن الغدر حرام في كل عهد بين المسلم وغيره ولو كان المعاهد كافرا ولهذا في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من قتل نفسا معاهدا بغير حقها لم يرح رائحة الجنة وان ريحها ليوجد منمسيرة أربعين عاما)خرجه البخاري.
وقد أمر الله تعالى بالوفاء بعهود المشركين إذا أقاموا علىعهودهم ولم ينقضوا منها شيئا وأما عهود المسلمين فيما بينهم فالوفاء بها اشد نقضهاأعظم إثما.
بعد الانتهاء من ذكر انواع الكفر الاكبر ننتقل الىالنوع الثاني من انواع الكفر وهو الكفر الاصغر لا يخرج من الملة وهو كفر النعمةوالدليل قوله تعالى:}وضرب الله مثلا قرية كانت امنة مطمئنة ياتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بانعم الله فاذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوايصنعون{
وهذا النوع عليه من الوعيد الشديد وهو كفر النعمة أي جحودها وعدم القيام بشكرها على الوجهالمطلوب.
وقد ورد فيالنصوص من ذكر الكفر الذي يصل الى حد الكفر الاكبر كقول النبي صلى الله عليهوسلم:(اثنان في الناس هما بهم كفر:الطعن في النسب والنياحة على الميت)رواه مسلم أيهما بالناس كفر حين كانتا من اعمال اهل الجاهلية وكقول النبي صلى الله عليه وسلمايضا:(لا ترغبوا عن ابائكم فمن رغب عن ابيه فهو كفر)متفق عليه ففرق بين الكفر المعرف كقول النبي صلى الله عليه وسلم :(ان بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)وبين كفر منكر الاثبات.
وبهذا ننتهي من انواع الكفر فكل من تامل احوال الكافرينفانه لا يخرج عن هذه الانواع الخمس فمن لم يكفر الكافر الذي حكم الله عليه بالكفرفهو كافر لانه يجب على المسلم ان يكفر من كفره الله ورسوله صلى الله عليه وسلمفالذي يشك في كفر المشركين عموما سواء كانوا من الوثنيين او اليهود او النصارى اومن المنتسبين الى الاسلام وهم يشركون باللهيكفر.
ومثال ذلك الذي يذبح لغير الله تعالى فحكمه الكفر لانه صرف نوع من انواع العبادات التي لا تكون الالله لغير الله كما قال تعالى:}فصل لربك وانحر{فمن راى هذا الفعل ولم يكفر صاحبه يكفرايضا لانه :
v اولا: لم يحكم بحكم الله في هذا الشخص الذي كفره الله من فوق سبعسموات.
v ثانيا:انهتساوى عنده الايمان والكفر.
v ثالثا لم يتبع ملة ابراهيم عليه السلام التي امرناالله باتباعها يقول
تعالى:}ومن يرغب عن ملةابراهيم{اي عن طريقته ومنهجه فيخالفها ويرغبعنها وفي قوله تعالى}:إلا من سفه نفسه{أي ظلم نفسه بسفهه وسوء تدبيره بتركه الحقالى الضلال حيث خالفطريق مناصطفى في الدنيا للهداية والرشاد من حداثة سنه إلى أن اتخذه الله خليلاوهوفي الآخرة من الصالحينالسعداء فمن ترك طريقه هذا ومسلكه وملته واتبع طريق الضلالةفأي سفه أعظم من هذا؟وأي ظلم اكبر من هذا؟انتهى.
وملة إبراهيم عليه السلام مثل جميع الملل لان الدين واحد اما الشرائع فقد تختلف يقولتعالى}: ثم اوحينا اليك ان اتبع ملةابراهيم حنيفا{ ويقو تعالى: }واذ قال ابراهيم لابيهوقومه اني براء مما تعبدون الا الذي فطرني فانه سيهدين{ ويقول تعالى:} قد كانت لكم اسوة حسنة فيابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم انا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكموبدا بيننا وبينكم العدواةوالبغضاء ابدا حتى تومنوا بالله وحده{ فهذه هيالعقيدة الابراهيمية التي امرنا اللهباتباعها .
فإبراهيم عليه السلام عرف الكفر وأنكره وكفر أهله وابغضهموعادهم وهذه هي عقيدة جميع الرسل والأنبياء لأنها هي حقيقة الاسلام فلا يجتمعالإيمان بالله ومحبة أعداء الله بل لا تجد المؤمنين إلا محادين من حاد الله ورسوله كما قال تعالى: }لاتجد قوما يومنون بالله وباليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله)فمن كفر الكافرين فقد والى الله ورسوله ومن لم يكفر الكافرين فقد أصبح منهمكما قال تعالى (ومن يتولهم منكم فانه منهم{
والأشد من هذا من صحح مذهبهم لانه ليس فقط لم يكفرهم وإنماصحح مذهبهم أيضا والعياذ بالله فكل من استحسن شيئا ينافي دين الإسلام من يهودية أونصرانية أو اشتراكية أو علمانية أو غيرها من فرق الكفروالضلال.
ومن تامل واقعنا الان يجد دعوة قائمة تدعواالى وحدة الاديان الثلاثة والعياذ بالله الاسلام واليهودية والنصرنية وهذا لا يقلبه إلا كافر مرتد أو جاهل لحقيقة دين الاسلام لأنه معلوم أن الرسول صلى الله عليهوسلم هو خاتم الرسل وان كل من لم يتبعه كافر بلا شك كما قال صلى الله عليه وسلم:( لايسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بالذي جئت به إلا دخل النار) بل إن المسيح إذاانزل في آخر الزمان كما هو معلوم فانه يتبع محمد صلى الله عليه وسلم ويحكم بشريعةالإسلام كيف لا وقد بشر بمحمد صلى الله عليه وسلم قبلا في الإنجيل وأمر بإتباعه كماقال تعالى:}يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرابرسول يأتي من بعدي اسمه احمد{كما بشر به موسى عليه السلام أيضا في التوراة كما قالتعالى:}الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراةوالإنجيل{ فمن لم يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر ولو اقر بأنه رسولالله ولكن قال إن رسالته خاصة بالعرب دون غيرهم فهذا أيضاكافر.