السبيل إلى محاورات راقية مثمرة بنّاءة!
السبيل إلى محاورات راقية مثمرة بنّاءة!
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهده، أما بعد:
الجفاء الإليكتروني:
إنّ الناظر في "المجتمع الإليكتروني" يجد من أسباب الجفاء ودواعيه الشيء الكثير .. بدءً من "أدوات التواصل الماديّة": شاشة، لوحة المفاتيح، فأرة، أسلاك .. إلخ .. إلى غير ذلك من الحواجز النفسيّة، والتي منها: اختلاف: النشأة، والطباع، والأخلاق، والعادات، وضعف البيان عن مكنونات القلوب - فهذه جميعها - وغيرها -: حواجز مادية نفسية لها - ولابد - من الآثار غير الإيجابية المؤثّرة على "صحّة الحوار التفاعلي المثمِر البنّاء" ..
بينما نجد أنّ "التواصل المباشر" أكثر إيجابيّة في إنتاج محاورات إنسانيّة راقية ..
ومن أدوات "التواصل المباشر" المعِينة على إنتاج "حوار مثمر بنّاء": المصافحة وتلامس الأيدي، والتقاء الأعين بحنوّ وشفقة، وابتسامة رقيقة صادقة - فجميع هذه الأدوات - وغيرها -: تعين بشكل كبير على سدّ فرجات الشيطان بين المتحاورين، وعلى تآلف القلوب لا اختلافها، ولِين الجوارح الذي تتداعى له الأرواح استجابةً ولينا .. ونجد هذه المعاني جليّة في أحاديث، منها: مرسل عطاء الخراساني: "تصافحوا: يذهب الغِل"، وحديث أبي مسعود رضي الله عنه: "استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم"، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنه - وفي وصله كلام - : "أقيموا الصفوف؛ فإنما تَصُفُّون بصفوف الملائكة، وحاذوا بين المناكب، وسُدُّوا الخلل، ولِينُوا في أيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشياطين"، وقال النُّعمان بن بَشير رضي الله عنه: "رأيت الرجل منا يُلْزِقُ كعبَه بكعب صاحبِه" .. إلى غير ذلك من الأخبار ..
ومن الأمور المعِينة على إنتاج: "حوار مثمر بنّاء":
1- تهيئة النيّة الصالحة ..
2- ينبغي الاجتهاد في التحرُّر من الأغراض النفسيّة السيّئة، وترك الكِبر والعُجب والاعتداد بالنفس..
3- ينبغي التحرُّز من إرسال الدعاوى وإطلاقها، وإثبات العرش قبل النقش، وتحقيق مباني الكلام قبل المضيّ في تأويل معانيه..
4- بذل الوسع في معايشة المحاوَر، ومحاولة فهمه كما يريد على التحقيق هو لا كما نريده نحن، ويحصل ذلك: باستقراء الملف العلمي = ومنه يقف المحاوِر على نظرة كليّة تعِينه على استظهار شخصيّة محاوره. وينبغي أن نتحرّى في تكوين هذه النظرة : الموضوعيّة والحَيدة - قدر الطاقة البشريّة - ..
5- فَهْم المحاوَر علميّا، ويتم ذلك بالوقوف: على أصوله العلميّة التي ينطلق منها، وتفسير مصطلحاته التي يُكثر من تداولها ..، حتى لا يتم الغلط عليه ..
6- ينبغي التحلّي بالأمانة العلميّة، وترك المحاكاة و"التقمّص" لشخصيّات أخرى في الأسلوب أو الطريقة، بل الواجب: مجاهدة ذلك، وصناعة شخصيّة مستقلة للمحاوِر ..
7- ينبغي تحقيق نقطة البحث، وتحرير موطن النزاع والخلاف، وعدم الالتفات إلى الالتفات، وعدم الانتقال إلى نقطة جديدة إلا بعد الانتهاء من الأولى ..
8- ينبغي ترك الدفع بالصدر في مناقشة المسائل العلميّة، ومحاولة معرفة وجه القول أو اللفظ لا دفعه ابتداء. وتحرير وجه القول: لا يعني التزامه، ولكنه يعينك على التواصل الراقي الذي يدفعك دفعا إلى إحسان الظن بالمحاوِر وأنه ما أراد إلا سلوك المنهج العلمي المجرّد عن الهوى ..
9- ترك التسليم المطلق لكل موروث علمي، بل الواجب: تمحيص كل مادّة، وإعادة النظر فيها، لا سيّما في المسائل المشتبهة = غير القطعيّة أو المجمع عليها ..
10- ينبغي أن يتحلّى أطراف الحوار بالتواضع والحكمة، والأناة، والتؤدة والتروّي، وترك العجلة في تكذيب الآخر أو رميه بالوهم أو الخطأ دون أدلّة أو بيّنات أو قرائن معتبرة..
11- ينبغي إحسان الخُلُق والظن المتبادل، وانتقاء أطايب الكلام، والعدول عن اللفظ القاسي أو الجارح إلى اللفظ السهل المحبّب إلى النفس، مع حياطة ذلك بالدعاء الصادق الخالي عن الهمز واللمز والتعريض ..
12- الارتقاء بالحوار وبالعلاقات الإنسانيّة، وإنْ أراد أن ينزل بها أحد أطراف الحوار، فلا يلتفت إلى سلوكه، بل يُجاهد نفسه في ترك النزول إليه، وأن يسلك سبيل المحسنين .. وليس الواصل بالمكافيء ..
13- ينبغي الاستجابة للحق إذا ظهر جليّا، أو تعليق الحوار إذا كان مشتبها، أو الانفضاض عنه إذا ظهر بلا مرية أن الطرف الآخر: لا يريد إلا المراء، أو كان من المعاندين أرباب الهوى ..
14- ينبغي - قدر الطاقة والإمكان - ختام الحوار بالمحافظة على أواصر المودّة بين المتحاورين ..
15- تعاهد النيّة في جميع المراحل السابقة، وتجديدها ..
تم
رد: السبيل إلى محاورات راقية مثمرة بنّاءة!
رد: السبيل إلى محاورات راقية مثمرة بنّاءة!
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
رد: السبيل إلى محاورات راقية مثمرة بنّاءة!
أشكر: إدارة الألوكة: المجلس العلمي، على تثبيت الموضوع
* * * * * * * * * * *
وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم أخي أبا عبدالرحمن بن ناصر
رد: السبيل إلى محاورات راقية مثمرة بنّاءة!
بارك الله فيك شيخنا أبا محمد على هذه العبارات الذهبية
حقيقة أينما وقع قلمك ترك وراءه بصمات مثمرة -عفوا أناملك
-ألم تقل الخيوط والأسلاك ولوحة المفاتيح
إبتسامة
لاتنس أني أحبك في الله
رد: السبيل إلى محاورات راقية مثمرة بنّاءة!
أخي الحبيب/ أبومروة/ أحبك الله الذي أحببتني له
ثم إني أشهد أنّ بعض الإخوة قد وفّقهم الله تعالى إلى إزالة جميع الحواجز المادّيّة والنفسية، بل ذلّلها الله تعالى لهم، بصدق توجّههم، ونبل أخلاقهم، ورقيّ سلوكهم ...، فسبحان الله إذ يقول: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) [سبأ: 10]، وقال تعالى: (ذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَ ا قَوْمًا آخَرِينَ، فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) [الدخان: 28 - 29]، وصدق نبينا صلى الله عليه وسلم، إذ يقول: (إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحْبِبْهُ. فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ. فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِيالأَرْضِ).
الشاهد: أنّ الحواجز الماديّة المذكورة - سابقا - من أسلاك وشاشات .. - وكذا الحواجز النفسيّة - إلخ .. بصدق العبد .. يذلّلها الله تعالى له، بل يحيلها من حواجز "سلبية" إلى أسباب "إيجابية" مثمرة .. والله أعلم.
رد: السبيل إلى محاورات راقية مثمرة بنّاءة!
رد: السبيل إلى محاورات راقية مثمرة بنّاءة!