بسم الله الرحمان الرحيمالحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده.تأييد الشيخ فركوس
أما بعد...فقد سألني بعض الإخوة الشباب من طلبة العلم الشرعي عن مضمون فتوى الشيخ أبي العز فركوس المتعلقة بمقاطعة شرائح شركة الهاتف النقال" جيزي" و ما قولي فيها.
فأقول و بالله أستعين : ليس مثلي يسأل عن فتاوي الشيخ الفاضل أبي العز فركوس،فعلى الشباب أولا مراجعة بعض قواعد التعامل مع أهل العلم ، و أن لا يشحذوا سكاكينهم في أهل العلم، ولا يتعلموا الحلاقة في رؤوسهم، أقصد خاصة مشائخ الجزائر ، فهذا من الزهد فيهم ،كما قال عكرمة: أزهد الناس في عالم أهله.
فمن أراد أن يخدم الدين، و أن يبرز فما عليه إلا أن يشمر على ساعد الجد ،أما المشائخ أمثال الشيخ فركوس فالواجب علينا كاهل سنة أن نلتف حولهم، و نشد من عضدهم من غير تعصب ، فالشيخ فركوس مشهود له بالسبق، والرسوخ في علم الفقه و أصوله ، وله قدم صدق، وصبر ومصابرة في نصرة الحقّ جزاه الله كل خير.
وفي سنن أبي داود عن عائشة أنها قالت :" أمرنا رسول الله أن ننزل الناس منازلهم " ، ومما نتقرب به إلى الله نصره وموالاته ومعاونته على نصرة الدين و إعزازه، فإنه ينبغي أن تكون مواقف الشباب معاونة له، ومناصرة له، لما فيه علو قدر الدين.
ولنحذر من أن نجعله غرضا لسهام الأعداء باختلافنا معه و منافرتنا له .
فلابد أن الشيخ فركوس قد قدر المصالح الشرعية التي تترتب عليها فتواه ، و إن كنت من حيث توثيق الفتوى لا استطيع الجزم إن صدرت منه أولا،فلم أقف بعد على كلامه، فمعلوماتي عنها بعض ما يتناقله الشباب، أو ما كتبته الصحف ، و أظن أن أصلها صحيح، و إن كان المخبرون قد يزيدون و ينقصون منها.
وعليه، فالذي يظهر لي أن فتوى الشيخ فركوس وقد عللها، و ذكر أسبابها المشروعة، وهي عدم إعانة من يعصي الله أو يشيع المعصية بطريق من الطرق ، في حدود القدرة و الإمكان، فهذا أصل معروف عند فقهاء الأثر في مسألة عدم معونة الكافر على كفره، و الفاسق على فسقه، قد فصلها شيخ الإسلام في كتابه الماتع "الاقتضاء"كما فصلها غيره.
و حيث إن الشيخ فركوس قد علل فتواه بما هو واضح ومعروف للكافة، و حيث انه راعى المآلات و المقاصد الشرعية من إرجاع الأمر إلى ولي الأمر، إذ هذا من خصائصه، و قد أدى الشيخ فركوس واجبه كعالم من علماء المسلمين ببيان الحكم الشرعي، فلا استدراك عليه بوجه من الوجوه إن شاء الله.
وهذه الفتوى يمكن مناصرتها بالشرع الصحيح و الأدلة عليها كثيرة ليس هذا موضع بسطها،كما كذلك مما يجب أن يتنبه إليه أهل الدين أن فتوى الشيخ فركوس فتوى يتعزز بها الدين، و يتعزز بها أهل الدين، وكل ما أفضى إلى عزة الدين وذل أعدائه فهو مقصود شرعا .
و أما ما يثيره بعض الناس كما كتب في جريدة الخبر من تعجب بعضهم من هذه الفتوى، كون الشيخ فركوس ينتمي حسب قولهم إلى فئة تضلل من يقاطع السلع الأجنبية ، فالشيخ فركوس غير ملزم بما يفتي به غيره ، و غير ملزم بالثبات على فتوى معينة إذا ظهر له وجه آخر و أدلة أخرى، فهذا رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول:" وإنِّى وَاللهِ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرَاً مِنْهَا، إلاَّ كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينى وَأَتَيْتُ الَّذى هُوَ خَيْرٌ".
كما يجب أن يعلم الشباب أن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فريضة على أهل العلم يقومون بها بأقلامهم و ألسنتهم وفق الضوابط الشرعية، وما يقوم به الشيخ فركوس يدل على الغيرة الإسلامية و عمارة القلب بشرف الإيمان.
و بالتالي يلزم الشباب أن يساندوا الشيخ فركوس في فتواه ، و أن يلتفوا حوله، فهذا من مظاهر الوعي بواقع الأمة، و الوعي بأهمية أهل العلم ومكانتهم التي يجب أن يحتلوها في المجتمع.
اسأل الله أن يوفقنا جميعا لخدمة دينه ، و التعاون على البر و التقوى،و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين.
أرزيو/ الجزائر في2009-04-21مختار الأخضر الطيباوي