رد: الإيمان سبيل الاطمئنان
ما أجمله من كلام
رحم الله الشيخ علياً
وبارك فيك وسددك يا أخانا العزيز
رد: الإيمان سبيل الاطمئنان
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
رد: الإيمان سبيل الاطمئنان
رحم الله القائل ،وعفا عن الكاتب
رد: الإيمان سبيل الاطمئنان
أحفظ كلمة جميلة للشيخ على ، يقول فيها : " إن الذى يسعى بعمله للمدح وتوجيه الأنظار إليه ، كتمثال من الثلج ، تمثال جميل ، ولكنه لا يعيش طويلا ، فريثما تطلع الشمس وتحمى ، فإذا هو يسيل ماء يختلط بتراب الأرض ، فيصير وحلاً !!
رحمه الله ، وشكر لك .
رد: الإيمان سبيل الاطمئنان
جزاكم الله خيرا على المشاركة
رد: الإيمان سبيل الاطمئنان
هذا مقال آخر رأيت أنه في مثل الموضوع
باب الله .. ثوب الرضا
علي فريد
نَزَلَتْ بي نازلةٌ من نوازل الدنيا لم أستطع دفعها ، ولم أقوَ على تحملها ، فَشَلَّت عقلي عن التفكير ، وأركاني عن السعي والتدبير ، حتى ضاقت عليَّ الأرضُ بما رَحُبَتْ ، وأيقنت بسوء العاقبة وفداحة المصير ... وكنت كُلما طرقت باباً أظن الفرج وراءه وَجَدتُ باطنه الرحمة ، وظاهره من قِبَلِيَ العذاب ، حتى لم يبق في يد أحدٍ من البشر ـ ممن وَسَّطتهم لحل مشكلتي ، وكشف نائبتي ـ سبباً يُفَرِّجُ الهَمَّ ويكشف الكرب ؛ فاتصلت بأحد إخواني ممن أظن فيهم الصلاح والتقوى أطلب منه الدعاء ... فدعا بخير ، ثم قال : ولمَ لا تدعو أنت لنفسك وليس بينك وبين الله واسطة ... فكأنه نَبَّهَني إلى باب من أبواب الفَرَجِ لم أحفل به ، ولم أفزع إليه ؛ فَلُمْتُ نفسي ووبختها إذ جَعَلَتْ باب الله أهون الأبواب ، وَلَجَأَتُ إلى خلقه وهم لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ... ثم صليتُ فأكثرت ، ودعوتُ فألححت ... حتى أحسست راحةً انقشع لها ما كنت أجده من الخوف والترقب ودوام الفكر ... ولمْ يَعُد يُهِمُني الغد ـ جاء بالفرج أم بضده ـ وصرت كالصبي الذي ألقي هَمَّه على والده ولم يحفل بشئ ؛ ليقينه أنه اعتمد على من لا يَخْذلُه أبدا .... ولم يكن غير سواد الليل ، وبياض النهار حتى أجرى الله الفرج علي يد من لم أرجُ من مثله فرجا .
............................
أوقفتني هذه الحادثة أمام نفسي ، وعجبت ... كيف طرقت جميع الأبواب إلا باب الله مع يقيني أنه ـ جل وعلا ـ لا يُعجزه شئ في الأرض ولا في السماء ، وتفكرت في الأمر فوجدت أن النفس تخدع صاحبها باليقين الكاذب ، ويخدعها صاحبها بالإيمان اللفظي فإذا حَزَبَه الأمر قال بلسانه : يا الله ، ونفسه متعلقة بعلائق الخلائق ؛ فيخدع نفسه ثانياً كما خدعته أولاً ... فإذا توقف وسألها عن هذه العلائق أعادت له الخديعة كاملة ؛ فتقول : أليس الله قد أمر باتخاذ الأسباب ... ولا يزالان يتخادعان حتى تتساقط الأسباب ، ويجِدَّ الجد ، ويشتد الأمر ، وتضيق المداخل والمخارج ، ويقعان بين السيف والجدار ؛ فإذا باب الله مُشْرَعٌ لهما ؛ فيَلِجَاه غصباً ... ولو ابتدآ به لما غُصِبَا عليه ... ولذلك قال ابن عطاء الله السكندري : " لا ترحل من كونٍ إلى كونٍ فتكون كحمار الرحى ؛ يسير والمكان الذي ارتحل إليه هو الذي ارتحل منه ، ولكن ارحل من الأكوان إلى المُكَوِّن " وهذا الكلام يكتب بماء الذهب ؛ لأن الإنسان لابد له من ملجأ يلجأ إليه ، فإن وجده وإلا اصطنعه ... وهو مهما علا وتسلط واستقوى بالأسباب ، محتاجٌ إلى يد الله الحانية التي تمسح عن جبينه وعثاء الدنيا ، ومرارة الأيام ، وكأنه عندما خُلق من قبضة من طين الأرض ونفخة من روح السماء لا يكتمل إلا بهما ، فلا تنفعه أسباب الأرض وحدها إن لم تُعِنْهُ روح السماء ... وهو بين هذا وذاك دائرٌ في فَلَكِ الله الذي لا يُسَيِّرُهُ غَيْرُه ، ولا يملك زمامه سواه ؛ فإذا التجأ إلى غير المالك لم يزل في شك من النجاح ؛ إذ غير المالك في ذاته محتاجٌ إلى المالك ، ورجاء المحتاجِ للمحتاجِ حمقٌ وخسران ... فإذا أدرك بعض الغُنْم من رجاء غير الله ، لم يزل يترقب الزوال ، ويخاف العواقب ، ويتوقع الانتقاص ، ويُغضي على المِنَّةِ ؛ فيصبح الغُنمُ الذي أصابه من طريق البشر غُرماً ، والفرجُ ضيقاً ، والنعمةُ نقمة ، وكلما استشرفت نفسُه إلى مرتبةٍ أعلى ، زاد هَمُّه ، وعَظُمَت بَليَّتُه ، وتكاثرت قيوده ، وإذا هو كَالْمُنْبَتْ لا أرضًا قَطَعَ ولا ظَهْرَاً أبقى ...
ومن هنا كثرت الأمراض النفسية عند أهل الدنيا ؛ لِتَشَوِّهِ نفوسهم تبعاً لِتَشَوِّه غاياتهم ومقاصدهم ، لأن بُعْدَهُم عن باب الله ـ وهو الغاية الكبرى ـ جعلهم يتخبطون في مسالك المهالك ، ويهيمون في أودية الضياع ، فإذا ذَكَّرَتْهُم الحوادث ، وَنَبَّهَتْهُم المصائب ، لجأوا إلى بابه لجوءَ من أراد رفع العتب وإبراء الذمة ، بينما قلوبهم متعلقة بجاه هذا وسلطان ذاك ، وكأنهم يخادعون الله ، والله لا يُخَادَع ... فإذا أدركتهم عنايتُه ورحمتُه ، عادوا سيرتهم الأولى ـ رغم أنهم لم يخرجوا منها ـ فهم كالذي يعبد الله على حرف إن أصابه خير اطمأن به ، وإن أصابته سيئةٌ انقلب على عقبه ... ومثلهم في ذلك كمثل كلبٍ قال لأسد : ياسيد السباع ، غَيِّر اسمي فإنه قبيح ، فقال له : أنت خائن ولا يصلح لك غير هذا الاسم ، قال : فَجَرِّبْنِي ، فأعطاه قطعة لحم ، وقال : احفظ لي هذه إلى الغد وأنا أُغَيِّرُ اسمك ، فجاع وأخذ ينظر إلى اللحم ، ويتصبر ، فلما غَلَبَتْهُ نَفْسُه قال : وأي شيء باسمي ؟ وما " كلب " إلا اسم حسن ، فأكل ...
..................
أما إذا ارتكن إلى الله وسلم أمره إليه فهو في عافية دائمة ولو ظهر عليه خلاف ذلك ... فإذا جاءه ما توقع من الفرج فقد أدرك مراده ، وإذا تأخر عنه أو امتنع ، علم ـ من ثقته بخيرية أقدار الله ـ أن الفرج الذي أراده ليس سوى كربٍ آخر رآه في صورة الفرج ... إذ ليس الفرج كله في العطاء بل ربما يأتي الفرج في صورة المنع ، كما قال ابن عطاء الله السكندري : ( ربما أعطاك فمنعك وربما منعك فأعطاك ومتى بان لك وجه الحكمة في المنع عاد المنع عين العطاء ) فإذا فهم الإنسان حكمة المنع أصبح المنع في ذاته عطاءً ...
وكم من أمر من أمور الدنيا طلبتُه بشدة ، وأجهدتُ نفسي في الحصول عليه ، وظننت أني إن لم أدركه خسرت وضاع مستقبل أيامي ، ثم تكشف لي بعد ذلك أني لو أدركته لَصُبَّتْ عليَّ المصائبُ صَباً ، ولَمَا تَخَلَّصْتُ من آثاره السيئة سنين عددا ؛ فكنت كالطفل الذي يطلب ما يؤذيه ـ وهو لا يدري ـ فَيُمنع منه رفقاً به وخوفاً عليه ، وصدق أبو العلاء المعري حين قال :
وَرُبَّ ظَمَْآَنٍ إلى مَوْرِدٍ
والموتُ لو يَعْلمُ فِي وِرْدِهِ
......................
ومتى وصل الإنسان إلى هذه الحالة من الرضا عن الله ، واليقين بخيرية أقداره عاش في نعمة وعافية وستر ، حتى لو رأى الناسُ أن البلاءَ مُوَكَّلٌ به ، ومُقْتَصِرٌ عليه ؛ لأن منحة المعرفة عنده غَلَبَتْ محنةَ المصيبة ؛ فيأتنس بالراحة بينما غيرُه مستوحشٌ بالتعب ، وينعم بالهدوء وغيرُه يشقى بالقلق ... فإذا أراد الله رفع درجته وإعلاء منزلته رَضَّاهُ بقضائه وَقَنَّعَهُ بقدره ... ولا تسأل حينئذٍ عن السعادة التي كان يَنْعَم بمثلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال : ما أبالي على أي حالة أصبحت ؛ على ما أحب أو على ما أكره ، وذلك أني لا أدري الخير فيما أحب أو فيما أكره .