الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
فهذا جمع لطيف في ذكر ( العلماء الأعلام الذين لم يصنفوا شيئاً ) أقدمه تحفة ثمينة تحمل في طياتها معانٍ عظيمة و مقاصد شريفة لطالب العلم الناصح لنفسه .
أقدمه لطلبة العلم الذين هم في أول الطريق – وكلنا ذاك الرجل - ، واقتحموا التصنيف وتعجلوا فيه قبل أوان الأشد وبدو الصلاح ، وقد غاب عنهم أنه لا يصح بيع الثمر قبل بدو صلاحه (إلا بشرط القطع) .
وقد اسثنيت من هذا الجمع طبقة الصحابة والتابعين لأن التصنيف في ذلك العصر قليل ، بل لو قيل أن الأصل عدم التصنيف لم يكن بعيداً
وليس المقصد هنا الصد عن التصنيف لمن تأهل وأشتد ساعده ، بل هو من أفضل ما يخلفه العبد المسلم ذخيرة له إذا ارتهن بعمله .
قال الحافظ السخاوي في " فتح المغيث" : وما أحسن قول التاج السبكي العلم وإن امتد باعه واشتد في ميادين الجدال وقاعه واشتد ساعده حتى خرق به كل سد سد بابه واحكم امتناعه فنفعه قاصر على مدة حياته ما لم يصنف كتابا يخلد بعده أو يورث علما ينقله عنه تلميذ إذا وجد الناس فقده أو تهتدي به فئة مات عنها وقد ألبسها به الرشاد برده.
ولعمري إن التصنيف لأرفعها مكانا لأنه أطولها زمانا وأدومها إذا مات أحيانا لذلك لا يخلو لنا وقت يمر بنا خاليا عن التصنيف ولا يخلو لنا زمان إلا وقد تقلد عقده جواهر التأليف ولا يجلو علينا الدهر ساعة فراغ إلا ويعمل فيها العلم بالترتيب والترصيف . اهـ
هذه طليعة هذا الجمع والبقية تأتي - إن شاء الله - .