هل
القلوب تصدأ؟
؟
نعم ان القلوب لتصدأ وفي ذلك يقول المولى تبارك وتعالى في سورة المطففين 14: كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون
والرين هنا الصدأ الذي تشكل على القلوب من كثرة الخطايا والذنوب المتراكمة ذنبا تلو الآخر دون الرجوع الى الله عزوجل بالاستغفار والندم والتوبة النصوح
وان كان الرين عادة يعتري قلوب الكافرين , فليس محالا أن يعترينا نحن أيضا المسلمين ان اطلقنا العنان لذنوبنا ولم نتعظ, وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أخرجه النسائي رحمه الله: انّ العبد اذا أخطأ خطيئة نكت في قلبه نكتة سوداء, فاذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه, فان عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه, فهو الران الذي قال عنه الله تعالى: كلا بل ران علة قلوبهم ماكانوا يكسبون
وقال الحسن البصري رحمه الله: الران هو الذنب حتى يعمي القلب فيموت..
وكما في الحديث المتفق عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: انّ في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله, وان فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب
لذلك كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك وفي رواية على دينك.
وكان عليه الصلاة والسلام يكثر أيضا من قوله: يا مُصرّف القلوب صرّف قلوبنا الى طاعتك.نعم ان القلوب لتصدأ اذا الفت الذنوب والخطايا وانغمس في الشهوات الحرام كما يصدأ الحديد اذا ألف الماء وانغمس فيه..
والبعيد المجافي عن ذكر الله ومناجاته سبحانه وتعالى حتما سيغلف الله عزوجل قلبه ببقعة سوداء, ولن تمحى الا بذكر الله تعالى كما في قوله عزوجل في سورة الرعد 28: ألا بذكر الله تكمئن القلوب
هل القلوب تصدأ ؟ نعم انها تصدأ, ولكن كيف لنا قراءة ذلك على ضوء القرآن الكريم؟
للتوصل الى الاجابة على تساؤل كهذا أنتم مدعوون الى هذه الجولة العلمية القرآنية مع الباحث الشاب عبد الدائم كحيل لنغرف من علمه الواسع الذي علمه الله عزوجل اياه من حيث لا يشعر, فيقول جزاه الله عنا في كل خير:
القلب يتأثر بالحب والكره والعلاقات العاطفية، وقد وجد العلماء أن العلاقات العاطفية الفاشلة تؤدي إلى حقيقية أمراض في القلب، ولكن هل من إشارات قرآنية؟ لنقرأ هذا الخبر الطبي الجديد:
في خبر طبي جديد اكتشف العلماء أنه من الممكن مداواة القلوب المحطمة و"المكلومة". وأجرى باحثون أمريكيون تجارب على سبعين من المرضى يعانون "ظاهرة القلب المحطم"، وهي ظروف صحية ناجمة عن الضغوط التي تسببها متاعب عاطفية ونفسية. والعينة التي خضعت للبحث مكونة من مرضى من ولاية رود آيلند الأمريكية، عانى أفرادها من أعراض الظاهرة ما بين سنتين 2004 و 2008.
وتبين أن هؤلاء المرضى يتماثلون للشفاء بمجرد تناولهم للأسبرين أو للعقاقير التي توصف عادة للمرضى بالقلب، على الرغم من أن نسبة 20 في المئة كانوا في حال حرجة. وقال هؤلاء الخبراء في تقرير نشر بالمجلة الأمريكية لطب القلب إن ارتفاعاً في هرمون الضغط والقلق قد يكون السبب في
"ظاهرة القلب المحطم".
وتعرف هذه الظاهرة علمياً باسم تاكوتسوبو كارديوميوباثي، وكان باحثون يابانيون هم أول من اكتشفها في تسعينيات القرن الماضي. وعلى الرغم من أن أعراض الظاهرة تشبه إلى حد ما أعراض الأزمة القلبية من قبيل آلام الصدر وضيق التنفس، فإنها تظل ظاهرة مؤقتة يمكن الشفاء منها تماماً إذا ما عولجت على وجه السرعة.
كيف نقرأ هذه الدراسة على ضوء القرآن الكريم؟
إن الدراسة الجديدة تؤكد أن الحالة العاطفية للإنسان وبخاصة حالة الحب التي يمر بها تؤثر على القلب، وتُنتج الأعراض ذاتها التي يعاني منها مرضى القلب. ماذا يدل ذلك؟ إنه يدل ببساطة على أن القلب ليس مجرد مضخة للدم! بل يتأثر ويتفاعل مع الحالة العاطفية للإنسان، وربما ندرك لماذا قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) [النازعات: 40-41]. فقد أمرنا بعدم الانجراف باتجاه العلاقات غير المشروعة والتي قد تنتهي بتحطيم القلوب، وبشرنا بالجنة كجزاء للالتزام بهذه التعاليم الكريمة، وفي الدنيا نضمن لقلوبنا السلامة والاطمئنان.
كذلك فإن القرآن تحدث في أكثر من خمسين موضعاً عن عمل القلوب، فالقلب يحزن ويفرح ويخاف ويتعلم ويدرك ويحب ويكره ويشمئز... وصفات أخرى كثيرة، لا يزال العلماء يكتشفونها شيئاً فشيئاً.
إذاً القلب يتأثر بالحب، ويمكننا أن نقول إن القلب هو خزان للعلاقات العاطفية، فإما أن تكون علاقاتنا قائمة على محبة الله ورضوانه، فلا نحب أحداً إلا في الله ومن أجل الله، ولا نكره أحداً إلا من أجل الله، وهذا ما يمنحنا الاطمئنان الكامل تصديقاً لقوله تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].
يقول تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج: 46]. هذه الآية العظيمة تدل على أن القلب يعقل ويعمى فكيف ذلك؟
إن العلماء للأسف لم يدرسوا حتى الآن علاقة الإلحاد بالقلب، ولذلك فإن العلم لا يعترف بأهمية الإيمان في سلامة القلب واستقرار عمله. ونحن المسلمين لدينا الأساس القرآني الذي يؤكد لنا أن قلب الملحد هو قلب مريض!! يقول تعالى: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) [البقرة: 10]. ونقول إن القلب يمرض مرضاً حقيقياً، فكما أن الحب والهيام والعلاقات العاطفية الفاشلة كل ذلك يؤدي إلى مرض القلب مرضاً حقيقياً فإن الإلحاد يؤدي إلى مرض في القلب أيضاً.
ولكن هذه القضية تحتاج لمزيد من البحث، ولو أن بعض الدراسات العلمية الحديثة تؤكد أن الإيمان ضروري لصحة القلب، بعد أن وجد العلماء أن المؤمن يتماثل للشفاء بصورة أسرع من الملحد، ولذلك بدأوا ينادون بضرورة الإيمان كوسيلة للعلاج من الأمراض المستعصية!
ولذلك ندعو أطباءنا للقيام بتجارب علمية (وهي تجارب سهلة جداً ولا تكلف الكثير، تحتاج فقط للتوكل على الله تعالى)، وذلك بهدف اختبار القلب وعلاقته بالإيمان أو الإلحاد، وأظن بأن مثل هذه الأبحاث سيكون لها أثر كبير في الدعوة وإقناع غير المسلمين بحقيقة الإسلام الرائعة!
الرجاء ممن يتنبه لخطأ في نص آية قرآنية أو حديث شريف ان يُحيط المشرف علما لتعديلها وجلّ الله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم.