وفقك الله
لو كان هذا هو الشرط المقصود، فهل يوجد جورب ينفذ الماء أصلا ؟!
عرض للطباعة
وفقك الله
لو كان هذا هو الشرط المقصود، فهل يوجد جورب ينفذ الماء أصلا ؟!
صدقت . تأويل بعيد
ولكن هذا الشرط الذي اشترطه بعض أهل العلم لم يدخل مزاجي ؛ لأن الصحابة مسحوا على الجوارب .
أعلم أنها ثخينة ، ولكن طالما أنّ فيها مسامات فإنّ الماء نافذ نافذ بالغسل
على الهامش : أقصد هذا الشرط فقط .
من قال ذلك ؟ هل من دليل على ما قلت ؟
محل الخلط في هذه المسألة هو الاشتباه في الأسماء، فيظن القارئ أن ما نسميه نحن الآن (جوربا) هو ما كان يسمى عندهم (جوربا)، وهذا هو المتعلق الوحيد عند مجيزي المسح على الجوارب المعاصرة، ومن الواضح أنه تعلق واضح الفساد.
نحن نعلم يقينا أن الجوارب الحالية لا يمكن المشي فيها، ونعلم يقينا أن جوارب الصحابة كانوا يمشون فيها بل قد يسافرون فيها، وهذا وحده كاف في إبطال التشابه المدعى بينهما.
وأعطيك مثالا تقريبيا فقط وليس قياسا:
- اللحاف ( أو ما يسمى البطانية ) الذي يتغطى الناس به من المؤكد أن فيه مسامَّ، ومع ذلك فهو غير منفذ للماء.
- بعض الأحذية المعاصرة تكون مصنوعة من أنواع متينة من النسيج لا تنفذ الماء.
- العباءات السميكة منها بعض الأنواع لا تنفذ الماء.
أبو مسعود الأنصاري (عقبة بن عمرو) رضي الله عنه مسح على جورب من شعر .
ومثل هذا قد ينفذ الماء .
ماذا تعرف عن بيوت الشَّعَر عند العرب ؟
خفاف الشعر مثل بيوت الشعر، أعني في أنها ثخينة لا تنفذ الماء؛ لأن الذي ينفذ الماء لا شك أنه ينفذ الهواء، وما كان ينفذ الهواء لا يمكن الاستتار به في الحر الشديد والبرد الشديد، وهو خلاف المعلوم قطعا من حال العرب.
طيب، دعك من كل هذا يا أخي الكريم
هل توافقني في أن جماهير أهل العلم اشترطوا عدم إنفاذ الماء؟
إن كنت توافق على ذلك، فعلام استند هؤلاء؟
استندوا في اشتراط هذا الشرط إلى أن هذا هو حال الجوارب عند العرب، فينصرف النص إليها.
فحتى لو قلنا بجواز المسح على ما ينفذ الماء فسيكون ذلك من باب القياس والإلحاق، أو لأن شرط عدم إنفاذ الماء غير منصوص.
أما الجوارب التي عند العرب فلا نزاع عند هؤلاء في أنها لم تكن تنفذ الماء.
بارك الله فيكم
لكن ما ضابط إمكان المشي بالجورب؟
وما ضابط الأرض التي يمشى عليها؟ فالمشي على الرمال لا يؤثر على الجوارب المعاصرة
إلا بعد قطع كيلوات كثيرة، بخلاف المشي على الأرض المليئة بالأحجار، فهو مؤثر في الجلود
أمرٌ آخر:
في حديث راشد بن سعد عن ثوبان رضي الله عنه: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريَّة فأصابهم البرد
فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين
أخرجه أبو داود في سننه وأحمد في المسند وغيرهما
والتساخين لفظٌ يتضمن وصفاً يصدق على الجوارب المعاصرة، إذ تسخَّن بها الأقدام
وهذا الحديث تكلم فيه بعض الأئمة من حيث سماع راشد من ثوبان، فأعله الإمام أحمد وغيره
قال الإمام أحمد: (لا ينبغي أن يكون راشد سمع ثوبان)
وخالف في هذا الإمامُ البخاري فصرَّح بسماعه منه، إضافة إلى أنه عاصره بضع عشرة سنة
ومال إلى تقوية الحديث من المتأخرين الذهبي وابن عبدالهادي وغيرهما
مشرفنا السابق :) ،
الدراية في تخريج أحاديث الهداية ج1/ص72
وقال البخاري : حديث لا يصح
وفقك الله يا شيخنا الفاضل
هذا الضابط اختلف فيه أهل العلم، ولكنهم اتفقوا على أن هذا الاختلاف لا يسقط أصل الاشتراط، فلا يصح أن أستند إلى الاختلاف في الضابط في إسقاط الشرط، وهذا أمر مطرد في كل موارد الشريعة، فكثير من الأمور متفق عليها في الجملة وإن وقع الاختلاف في تفاصيلها، فلا يصح الاستناد إلى الاختلاف في التفاصيل إلى إسقاط الأصل المتفق عليه.
بعض العلماء قال: الضابط: إمكان المشي فيه يوما وليلة؛ لأن هذا أقل مدة مشروعة المسح.
وبعضهم قال: ثلاثة أيام؛ لأن هذا هو المشروع في حق المسافر.
وبعضهم قال: ما جرى به العرف عند الناس.
وقد فهم بعض المعاصرين من قول العلماء ( أن الضابط ما جرى به العرف ) تجويز ذلك في الجوارب المعاصرة؛ لأنها يمسح عليها في عرف الناس الآن.
وهذا فهم واضح البطلان؛ لأن جريان العرف المقصود هو في المشي في الجوارب، وليس في المسح عليها، ومن المعلوم قطعا أن الناس لا تمشي في الجوارب المعاصرة ولا حتى عشرة أمتار !
وأما الاستدلال بحديث المسح على التساخين ففيه نظر من أوجه:
الأول: أن هذا تعليق للحكم بالمفهوم من اللقب، وهو مرجوح عند أكثر العلماء.
الثاني: أننا لو طردنا هذا الوصف لجوزنا المسح على القفازات، وهو خلاف الإجماع.
الثالث: أن تسخين القدم أمر إضافي، فبعض الناس تسخن قدمه بالجورب الرقيق، وبعضهم لا تسخن قدمه إلا بالجورب الثخين جدا، فلا يمكن تعليق الحكم على أمر غير منضبط.
الرابع: أن العصائب أيضا يحصل بها الدفء فلو كان الوصف المؤثر هو مطلق التسخين، لكان عطف العصائب على التساخين لغوا؛ فلا بد أن نقول إن المقصود بالتساخين شيء أخص من مطلق ما يسخن القدم، فلا تتم الدعوى.
والله تعالى أعلى وأعلم.
أمرٌ ثالث يتعلق بإنفاذ الماء:
ذكر النووي خلافاً عند الشافعية فيه، وأنَّ ثمة وجهين، وظاهر المذهب اشتراطه
وذكر بعض الحنابلة أنه ليس شرطاً، وقدَّمه ابن مفلح في الفروع، ونص عليه صاحب المنتهى
لا أستطيع أن أرسل لك رسالة خاصة .
فرّغ التانكي
جزاكم الله خيراً على هذه المباحثة والفوائد.
الأخ/ أبو مالك العوضي
نعم يا أخي أنا قرأتها في الإنترنت، ولكني لا أذكر موضعها الآن، ويبدو أنها كانت في ( طريق الإسلام )