إعلام الزكي أن واضع علم أصول الفقه هو الشافعي
إعلام الزكي أن واضع علم أصول الفقه هو الشافعي
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين
أما بعد :
فقد اعترض بعض الفضلاء على كون الشافعي رحمه الله هو واضع علم أصول الفقه ، و رأي أن أول من دون في أصول الفقه هو أبو يوسف صاحب أبي حنيفة رحمهما الله ، وهذا خلاف ما عليه جل علماء الشريعة القدامى و المحدثين والمعاصرين فكانت هذه الكلمة في بيان أن واضع علم أصول الفقه هو الشافعي رحمه الله ،و أن ما قيل أن الأحناف هم أول من كتب في أصول الفقه أقوال لم يدعهما الواقع .
الفرق بين وضع علم أصول الفقه و تدوين علم أصول الفقه :
الفرق بين وضع علم أصول الفقه و تدوين علم أصول الفقه :
قبل الحديث عن واضع علم أصول الفقه يستحسن بنا أن نفرق بين تدوينعلم أصول الفقه وبين وجود علم أصول الفقه فعلم أصول الفقهكان موجودا في أذهان العلماء من الصحابة والتابعين ،ونشأ مع نشأة الفقه نفسه، لأن استنباط الأحكام متوقف، والصحابة رضي الله عنهم كانوا يعملون بمقتضى أصول الفقه في معرفة الأحكام الفقهية ، ولكنهم لم يدونوه فهم لم يقولوا بالحقيقة والمجاز وبدلالة العبارة ودلالة الإشارة وغيرها من مسائل أصول الفقه لكنهم كانوا يعملون بمقتضى الحقيقة والمجاز و يعملون بمقتضى دلالة العبارة ودلالة الإشارة فعلم أصول الفقه كان مستقرا في أذهان الصحابة ، ولكنهم لم يدونوه ، وقواعد علم أصول الفقه كانت مرعية في اجتهاداتهم فمثلا قاس علي رضي الله عنه حد السكران على القاذف ، و ابن مسعود قال بأن عدة الحامل المتوفى عنها زوجها وضع الحمل ؛ لأن هذه العدة جاء النص عليها في سورة الطلاق التي نزلت بعد سورة البقرة التي فيها حكم عدة الوفاة .
الشافعي أول من دون في أصول الفقه
يعتبر الشافعي أول من دون في علم أصول الفقه و كتب فيه بصورة مستقلة ، وجمع مسائله في كتاب له سماه الرسالة تكلم فيه عن القرآن وبيانه للأحكام،و السنة و بيانها للقرآن و الإجماع و القياس و الناسخ و المنسوخ و الأمر و النهي و الاحتجاج بخبر الآحاد و ما يكون حجة من الأحاديث و ما لا يكون و الخاص والعام فرحمه الله رحمة واسعة .
أقوال بعض العلماء القدامى في أن الشافعي أول من دون في أصول الفقه :
أقوال بعض العلماء القدامى في أن الشافعي أول من دون في أصول الفقه :
قال الإمام أحمد : ( لم نكن نعرف الخصوص والعموم حتى ورد الشافعي ) [1] .
قال الرازي : اعلم أن نسبة الشافعي إلى أصول الفقه كنسبة أرسطو إلى علم المنطق و كنسبة الخليل بن أحمد إلى علم العروض )[2] .
قال أبو حامد الغزالي : ( ولا خلل في أصول مذهب الشافعي وقد كان أعرف الناس بعلم الاصول وهو أول من صنف في هذا العلم )[3] .
قال بدر الدين الزركشي :( الشافعي رضي الله عنه أول من صنف في أصول الفقه صنف فيه كتاب الرسالة " ، وكتاب أحكام القرآن " ، واختلاف الحديث " ، وإبطال الاستحسان " وكتاب جماع العلم " وكتاب " القياس " الذي ذكر فيه تضليل المعتزلة ورجوعه عن قبول شهادتهم ، ثم تبعه المصنفون في الأصول )[4] .
قال الجويني في شرح الرسالة : (لم يسبق الشافعي أحد في تصانيف الأصول ومعرفتها ) [5] .
قال السبكي : ( وقد تجرد لذلك في المائة الثانية جماعة من العلماء ما منهم إلا من جاهد وجاهد وكد ودأب ونصب واجتهد والله لسعيه شاهد وكان من أعظمهم منة على من بعده من طلاب الفوائد الإمام الشافعي رضي الله عنه فإن له أجمل العوائد لجمعه بين الحديث والفقه وكان غيره يقتصر منهما على واحد ولبناية كلامه على أصول هو أول من صنفها لما سأله ابن مهدي فصنف له الرسالة وكم فيها من الفوائد فهو أول من صنف في أصول الفقه لا يمتري في ذلك إلا معاند )[6] .
[1]- البحر المحيط لبدر الدين الزركشي
[2]- مناقب الشافعي للرازي ص 56
[3]- المنخول في تعليقات الأصول للغزالي ص 497 الناشر : دار الفكر – دمشقالطبعة الثانية ، 1400 هـ
[4]- البحر المحيط لبدر الدين الزركشي
[5]- البحر المحيط لبدر الدين الزركشي
[6]- الإبهاج في شرح المنهاج ص 1/4 الناشر : دار الكتب العلمية – بيروتالطبعة الأولى ، 1404 هـ
أقول بعض أساتذة الشريعة المعاصرين في أن الشافعي أول من دون في أصول الفقه :
أقول بعض أساتذة الشريعة المعاصرين في أن الشافعي أول من دون في أصول الفقه :
قال الدكتور محمد سليمان الأشقر : ( علم أصول الفقه لم يتميز عن غيره إلا عندما جمع مسائله الإمام الشافعي رضي الله عنه في كتاب له سماه الرسالة )[1] .
قال الدكتور عبد الكريم زيدان : ( الشائع عند العلماء أن أول من دون هذا العلم ، وكتب فيه بصورة مستقلة هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي )[2] .
قال الدكتور وهبة الزحيلي : ( بدأ تدوين علم أصول الفقه بنحو شامل على يد الإمام الشافعي المتوفى سنة 204 هـ في كتابه الرسالة أول مدون في هذا العلم )[3] .
قال الشيخ عبد الوهاب خلاف : ( أول من دون من قواعد هذا العلم و بحوثه مجموعة مستقلة مرتبة مؤيدا كل ضابط منها بالبرهان ووجهة النظر فيه الإمام محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة 204 للهجرة فقد كتب فيه رسالته الأصولية التي رواها عنه صاحبه الربيع المرادي ، و هي أول مدون في هذا العلم وصل إلينا فيما نعلم ،و لهذا اشتهر على ألسنة العلماء أن واضع أصول افقه الإمام الشافعي ) .[4]
قال الدكتور محمد الزحيلي : ( الشافعي ...صنف أول كتاب في علم أصول الفقه ، هو الرسالة )[5] .
قال الشيخ بن عثيمين : ( علماء أصول الفقه يقولون : إن أول من ألف في أصول الفقه : الإمام الشافعي رحمه الله و تابعه الناس على ذلك )[6] .
[1]- الواضح في أصول الفقه للأستاذ الدكتور محمد سليمان الأشقر ص 15 دار السلام الطبعة الأولى 1422هـ 2001 م
[2]- الوجيز في أصول الفقه د.عبد الكريم زيدان ص 16 مؤسسة الرسالة الطبعة السابعة 1421هـ 2000 م
[3]- الوجيز في أصول الفقه د. وهبة الزحيلي ص 16 دار الفكر الإعادة الحادية عشرة 1427هـ 2006 م
[4]- علم أصول الفقه للشيخ عبد الوهاب خلاف ص 18 دار الحديث 1423هـ 2003 م
[5]- علم أصول الفقه د. محمد الزحيلي ص 29 دار القلم الطبعة الأولى 1425هـ 2004 م
[6]- شرح الأصول من علم الأصول لابن عثيمين ص 7 المكتبة التوفيقية .
كلام نفيس للدكتور أحمد الكردي في تقرير أن الشافعي أول من صنف في أصول الفقه
كلام نفيس للدكتور أحمد الكردي في تقرير أن الشافعي أول من صنف في أصول الفقه ، وليس الأحناف :
قال الأستاذ الدكتور أحمد الكرديي: (( اختلف المؤرخون فيما بينهم على أول واضع لعلم أصول الفقه، فذهب الأكثرون إلى أن الإمام محمد بن إدريس الشافعي هو أول من وضع علم أصول الفقه، وألف فيه كتابه المسمى "الرسالة" فإليه يرجع الفضل في إرساء حجر الأساس لهذا العلم، وذهب آخرون إلى أن الحنفية هم أول من وضع قواعد هذا العلم، وأن الإمام أبا حنيفة ألف فيه كتاباً سماه "الرأي" ضمنه قواعد الاستدلال، وأن الإمامين أبا يوسف ومحمدا ألفا كتابين في هذا العلم أيضاً، ولكن هذه الكتب لم تصل إلينا إلا لمامات عنها في بطون الكتب ، كما أن الإمام مالكاً أيضاً أشار في كتابه "الموطأ" إلى بعض هذه القواعد، وهذه الكتب كلها كانت قبل الشافعي، والحق أن علم الأصول نشأ مع نشأة الفقه نفسه، لأن استنباط الأحكام متوقف عليه، هذا إذا عنينا المعنى العام لهذا العلم، ولكننا إذا قصدنا ذلك الترتيب والتقعيد المخطوط الذي وصل إلينا عن هذا العلم كما نراه الآن بين أيدينا، فلا بد لنا من أن نعترف للإمام الشافعي بقصب السبق في ذلك، فقد كان كتابه "الرسالة" فتحا جديداً في هذا الفن ، وكل ما روي من أن الحنفية سبقوا الشافعي في ذلك فما هو إلا روايات لم يدعمها الواقع، لأنه لم يصل إلينا من ذلك شيء رغم وصول كل كتبهم تقريباً وفي طليعتها كتب ظاهر الرواية للإمام محمد ))[1] . وكتب ربيع أحمد يبد بكالوريوس الطب والجراحة جامعة عين شمس الأربعاء 26/11/2008 م 28 ذو القعدة 1429 هـ
[1]- بحوث في علم أصول الفقه للدكتور أحمد الكردي