مخرف يدعي أن مجرة درب التبانة هي عرش الرحمن!! : التحذير من المدعو محمد سمير
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه..
أما بعد فقد جاء في الأثر عن الامام مالك رحمه الله أنه قال: "لا أوتَ برجل غير عالم بلغات العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالا""
وكان علي رضي الله عنه يقول مثل هذا فيمن يتكلم في القرءان ولا يدري الناسخ من المنسوخ!!
ومما أثر عن أبي بكر رضي الله عنه أنه كان يقول: "أي سماء تظلني وأي أرض تقلني لو قلت في كتاب الله ما لا أعلم!!"
وهكذا كان حال سلفنا الصالح رضي الله عنهم وأرضاهم، يتهيبون من التفسير ويستعظمون الكلام فيه أيما استعظام! لأن الخطب خطير حقا، أن يقول القائل: ان رب العالمين يقصد من كلامه هنا كذا وكذا!! انه مقام مهيب لا يهابه الا من قدر الله حق قدره، وقدر كتابه حق قدره، نسأل الله أن نكون من هؤلاء...
ووالله انها لفتنة من فتن هذا الزمان المتأخر أن نرى قوما جهالا لا حظ لهم من العلم بكتاب ربهم وسنة نبيهم، قد فتنتهم وبهرتهم أنوار العلوم المادية الغربية، فراحوا يلفقون ويتأولون كلام ربهم ورسوله تحت راية الاعجاز العلمي، تلك الراية التي أصبحت اليوم عباءة فضفاضة واسعة لكل زائغ ذي ميول اعتزالية عقلانية يأتي ويجترئ على كتاب الله وعلى كلام نبيه، يقول: "هذا الفهم الذي فهمه السلف كان ناقصا، وكان قاصرا عاجزا لأنهم كانوا بدائيين، فهم مساكين معذورون، حاولوا فهم كتاب الله ولكن لم يتمكنوا من ذلك لفقدهم تقنيات زماننا هذا وعلومه، فقالوا كلاما بدائيا على وفق ما عايشوه من "تكنولوجيا"، والصواب أن الله يريد هنا كذا، ويقصد هنا كذا وكذا، مما اكتشفه بل ومما افترضه فلان وفلان من علماء الغرب،... "
وهكذا، فيجعل ذلك الكلام حجة على فهم كتاب رب العالمين في مكان كلام السلف المخاطبين بالقرءان وبسائر خطاب الدين، ولا حول ولا قوة الا بالله!!
فاذا قلت له لقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في هذه الآية كذا وكذا، قال لك: ابن عباس لم يكن عنده تليسكوب ولا جهاز تحليل الطيف البصري ولا مجسات للموجات السيزمية ولا... !! ونحن مأمورون بالتفكر، وهذا من التفكر!! فبالله يا عقلاء يا نبلاء المسلمين، متى كان الأمر بالتفكر مطلقا غير مقيد الا عند الفلاسفة وأتباع الأهواء والزيغ؟؟ ومتى كان تأويل كلام رب العالمين وتفسيره داخلا في هذا التفكر؟؟ ان الكلام الذي يترك صاحبه تفسيره وفهم مراده منه لكل سامع يفهمه كما يريد وكما يهوى، انما هو كلام لا قيمة له!!
التفكر الذي تتكلمون عنه في آيات الله في خلقه المراد منه التأمل في عظمة قدرة الله جل وعلا، فعظم الخلق دال على عظم الخالق، وهذا ما به يتحقق التوحيد في القلب من خشية وانابة وتوكل وكذا.. أما التفكر بغية البحث عن تفسير يفهم الناس به مراد الله من كلامه فهذا والله ما تركه ربكم هكذا نهبا مستباحا لكل عابر سبيل!! ما تركه لكل زائغ صاحب نظرية يأتينا بنظرية جديدة يقول بها: الله يريد هنا كذا وكذا"!!! فأي قيمة تكون لكتاب يحفظه الله لفظا ونصا ومتنا ولا يحفظ معه فهمه ومراده منه؟؟؟ هل تزعمون أن ابن عباس جاءكم بتأويل كتاب الله من نتاج التفكر من عند نفسه؟؟ مكث يتفكر ويتامل وينظر، فخرج بهذا الذي نقل عنه، هو وغيره من أئمة الصحابة والتابعين في تفسير كتاب الله؟؟؟ كلا والله وحاشاه وحاشاهم أن يقولوا على الله ما لا يعلمون!! بل ظننا بهم أنهم ما كانوا يتحرون الا ما وصل اليهم عن أعلم الصحابة بكتاب الله والذين سمعوا شرحه وتفسيره من رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فان وقع خلاف في المنقول عن هؤلاء، قيل بأن الحق في مراد الله لا يخرج عن تلك الأقوال، وكان الجمع والا فالترجيح ببحث الأسانيد والمتون كما هي صنعة أهل العلم في تتبع النصوص والآثار وتحقيقها.. أما روايات بني اسرائيل فما أوردها المفسرون – سيما الطبقة الثانية منهم طبقة التابعين - الا استئناسا بها في الأعم الأغلب، واكثهرا ساقط معلول كما هو معلوم.
فالذي صدق وأخلص لله في طلب الحق في فهم مراده سبحانه من كلامه فلن يحيد عما نقل الينا عن سلفنا رضي الله عنهم في ذلك.. فهو مظنته ولا يطلب من غيره!
أما هؤلاء الجهال المساكين الذين فتنوا بما يسمى بالاعجاز العلمي، فهؤلاء لا يغني عنهم حسن نيتهم في شيء ولا عذر لهم به ما داموا يتكلمون في القرءان بلا علم ولا بصيرة، وما أكثر الذين وضعوا الأحاديث كذبا على رسول الله في تاريخ الأمة الا من هذا الصنف: صنف أرادوا خيرا، كتعظيم عمل بعينه قد زهد فيه الناس، أو تخويفهم من شيء قد تساهلوا فيه أو نحو ذلك، ومع هذا لا يخرجهم قصدهم ذاك من كونهم كذابين داخلين في الوعيد الذي ثبت في حق الذين يكذبون عليه متعمدين، صلى الله عليه وسلم!
والذي يدعي أن السلف قد جهلوا بهذا الذي فهمه هو، فهو الضال المخذول لا هم، لأن الله قد قضى لهذه الأمة ألا تجمع على ضلالة أبدا، فكيف بأهل القرون الفاضلة، الذين هم أول من سمع وتلقى القرءان وفهمه وعمل به تحت عين المبعوث به حامل أمانة تبليغه وتعليمه للناس، رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟
قاتل الله أهل الهوى والزيغ والخذلان!
أما بعد، فهذا المقال أكتبه ها هنا بعون من الله ومدد، لأجعل واحدا من هؤلاء الجهال المتعالمين نكالا وعبرة لمن يعتبر، كما هو دأب السابقين من أئمتنا رحمهم الله مع أمثاله، صيانة لجناب القرءان والسنة ومصادر الدين!
ولقد وقعت قدرا على موقعه الذي نشر فيه غثاءه هذا على الانترنت، وتبينت من كلامه أنه قد نصحه بعض العلماء وأنكروا عليه ومع ذلك فهو يرد عليهم ويصر على جهالته، فانتقل الأمر عندي فيه من مقام نصحه وتحذيره وانذاره هو نفسه الى مقام تحذير الناس منه ومن جهله بل والتنكيل به، والله المستعان..
الغلو فيما هو فاعل، كدأب أهل الأهواء
في مقدمة بحثه المنشور على موقعه بعنوان "عرش الرحمن هل هو المجرة؟" يقول: "لكن مبدئيا أليس في اكتشاف ما ورد بالقرآن يعد لصالح الإسلام ؟ أم أنه ضده ؟ بكل تأكيد الاكتشاف العلمي لما ورد بالقرآن الكريم يعد نصرا عظيما للإسلام لأنه دليل دامغ على صدقه. فلنسع للاكتشاف ونرحب به ونفرح به، ولا ننغلق ونتعصب ونرفض فنفقد فرصاً عظيمة لصالح الإسلام"!!
قلت أولا اعلم يا هذا أنه ليس هناك "اكتشاف" لما ورد في القرءان!! فما ورد في القرءان لم يتركه الله غامضا مبهما يجهله السابقون حتى تأتي أنت أو غيرك لتكتشفوه!! والفرق كبير والبون شاسع جدا بين أن يقال: "اكتشاف تفسير آية من آيات الله" وأن يقال "اكتشاف حقيقة علمية تثبت صدق النبوة وصدق ما جاء في القرءان" .. فتفسير القرءان – من حيث معاني كلماته - ليس مخبوءا ليكتشفه الناس كل عصر بحسب قدرته!! ولا يقول مسلم يعي ما يقول أن الصحابة كانوا متخلفين في فهم كتاب الله ومقاصد التنزيل والتأويل ومراد الله من كلامه عمن جاء بعدهم!! فأي "تفسير" هذا الذي نكتشفه نحن اليوم وقد كانوا هم يجهلونه؟؟؟ أنت لا تحسن ضبط ألفاظك ولا توجيه ما تقصده فكيف لمثلك أن يتكلم في آيات الله؟؟؟
فان سألتني هل اكتشاف ما ورد في القرءان لصالح الاسلام أم ضده، قلت لك أنه هدم للقرءان نفسه ولا شك وليس خدمة له كما زينه لك الذين زينوه!! فقولك "تأكيد الاكتشاف العلمي لما ورد في القرءان الكريم" هذا لا يستوي مع ما ذكرته قبلها في قولك "اكتشاف ما ورد في القرءان"!! فعندما يكون هناك نص في القرءان قد فهمه الصحابة والسلف على وجهه ولكنهم لم يروا تأويله وتحققه بأعينهم، ثم جاء من بعدهم فرأوه بما آتاهم الله من أدوات، وأثبتوا صحة نص القرءان عليه، هذا يقال أنه دليل من دلائل النبوة وصدق الوحي، وليس يقال انه "اعجاز" لأنه لم يُرد الرب بتنزيل ذلك النص بعينه أن يعجز الأولين، فكيف يتغير مراده منه ليصبح اعجازا للناس بعد أن لم يكن كذلك؟؟ ومن من السلف تناوله على أن المراد منه هو الاعجاز؟؟ فالذين يستعملون هذه العبارة لا يفهمون حقيقتها ويخلطون بها خلطا مبينا! وهذه الحالة، حالة اثبات صحة الوحي، تختلف اختلافا بينا عن تغيير تأويل الوحي والحيدة به الى تأويل جديد غير ما فهمه السلف أصلا، تحت ذريعة أن الألفاظ تحتمل – عند صاحب هذه الفرية – ذلك الفهم الجديد ولا تمنعه، وبحجة أن القرءان حمال وجوه!! فهذا التغيير والالحاد بمرادات الله من كلامه الى هذه المعاني الحادثة، ووضع ذلك التأويل على انه هو مراد الله من تلك الآيات، هو ما يعبر عنه صاحبنا هذا بالاكتشاف لما ورد في القرءان، بينما تأكيد الاكتشافات العلمية لصحة ما جاء به الوحي على نحو ما فهمه الأولون من التأويل، هذه قضية أخرى لا اشكال فيها، بل وفيها خير كثير بشرط أن يعي الباحث ويدرك أن معنى وتأويل ما جاء به الوحي – والذي أثبت الاكتشاف العلمي الحديث صحته - هو ما فهمه منه السلف وليس ما يريد هو أن يفسره به على هواه!!
فنحن لا نكتشف تفسيرا جديدا، وانما قد نكتشف ما يثبت صحة التفسير الذي نص عليه السلف.. والفرق كبير، لا يدركه ولا يفهمه صاحبنا هذا وأمثاله من الغارقين في هذه الفتنة، هداه الله وهداهم!
أما هل هو للاسلام أم ضده، فلننظر فيما أنت فاعل، ولنضعه على ميزان الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، لنرى أهو خدمة للاسلام حقا كما تدعي أم أنه ضده، والله المستعان!
ويقول في ذات المقدمة في ذيلها: " لم أجد أمرا في القرآن أهم وأخطر وأكثر تأكيداً من ضرورة التفكر في السماوات والأرض،..."
قلت سبحان الله! مررتَ بالقرءان كله من أوله الى آخره فلم تجد فيه أمرا أهم ولا أخطر ولا آكد من ضرورة التفكر في السماوات والأرض؟؟؟ سبحان الملك! فأين التوحيد ونبذ الشرك؟ وأين كفاح الأنبياء السابقين مع أقوامهم في سبيل تلك الغاية؟؟ وأين تقرير أسماء الله وصفاته وربوبيته واقامة الحجج على المشركين من أهل الكتاب وغيرهم؟؟ كل هذا ليس عندك أهم ولا أخطر من التفكر في السماوات والأرض؟؟
هكذا كل صاحب هوً، في أي مجال كان هواه وعمله، تراه يسعى أيما سعي ليجعل هذا الذي يهواه ويريد أن يبدع ويخترع فيه هو أهم ما في الكون، وهو أخطر وأعظم وأفضل ما به ينجو الناس وتصلح لهم دنياهم بل وآخرتهم!! ترى الواحد من المتصوفة يضع نصا للصلاة على النبي عليه السلام، ثم يمكث يكتب كتابا كاملا في فضائل تلك الصلاة ويضع النصوص المكذوبة ينسبها الى الخضر وداود عليه السلام وغيرهما في الوعيد لمن تركها وفي الترغيب الشديد في فعلها والمواظبة عليها وما الى ذلك!! وترى الواحد من الباحثين في أي صنعة من صنائع الدنيا، يكتب في مقدمة بحثه فوائد ذلك البحث، فيسهب في ذلك ويجتهد في استعمال الألفاظ الكبيرة التي تجعل القارئ يتصور أن بحثه هذا هو سبيل نجاة البشرية كلها، حتى ولو كان البحث في مسألة هينة تافهة لا تأثير لها على حياة الناس أصلا!! هذا أمر مطرد في كل من له هوً فيما هو فاعل، يريد أن يصبح به مقدما بين الناس في فن من الفنون، اذ جاءهم فيه بما لم يأت به الأولون، وتفوق عليهم في ذلك!
ونحن لا نقول أن البحث في دلائل صدق الوحي أمر تافه، كلا وحاشا، فكل أمر الوحي عظيم، ولا يفهمن زائغ من عبارتنا السابقة أننا نسفه ذلك الباب أو نحط من قدره هكذا باطلاق، ولكننا نلقي الضوء هنا على غلو هذا الباحث في قيمة وأهمية ما كتبه، كما هو دأب كل مفتون بما كسبته يداه! فنحن نقطع بأن التفكر في السماوات والأرض ليس هو أهم وأخطر وآكد ضرورة في القرءان يراها القارئ لكتاب الله!! ولكن هكذا يراها صاحبنا لأنه ما بذل ما بذل الا فيها، وما أتى بما أتى من الاختراعات الا فيها، فتقديمها على ما سواها يلزم منه تبعا: تقديمه هو على من سواه!
فالله نسأل أن يهديه هو وجميع من ابتلوا بما ابلتي هو به، آمين.
الجهل الفاضح بعلم الحديث..
يقول: " وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( أنا مدينة العلم وعلى بابها، فمن أتى العلم فليأت الباب ) أورده ابن الجوزى ووافقه الإمام الذهبي."
قلت يا مسكين، هذا الحديث لم يذكره واحد من أهل الحديث المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين الا وحكم عليه بالوضع والكذب والبطلان، ولا يشك في ذلك من شم رائحة العلم من أهل السنة أصلا! أما ابن الجوزي فانما أورده في كتابه "الموضوعات"، والموضوعات هذه بالمناسبة معناها عند ابن الجوزي – والظاهر أنك لا تدري ما معناها أصلا لا عنده ولا عند غيره: الأحاديث الباطلة التي يستبعد كونها من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.. أما الذهبي فما ساق هذا الحديث في كتاب من كتبه الا ونسفه نسفا.. فقال في ترتيب الموضوعات: باطل، موضوع، وقال في ميزان الاعتدال: باطل! فكلمة "وافقه" هذه التي زينت بها كلامك، على أي شيء تدل عندك يا جهول؟ وافقه على أنه موضوع أم على تصحيحه أم ماذا؟؟؟ أم أنها مصطلحات سمعتَها ورأيتَ أهل العلم والحديث يتكلمون بها فساغ لك انتحالها بلا علم ولا فهم وزرعها في كلامك حتى يبدو الكلام "علميا" "شرعيا" ؟؟؟؟
هلا سألت أهل الشأن قبل أن تفتري على رسول الله الكذب من حيث لا تدري ؟؟؟؟
الله المستعان!
وفي نفس الصفحة يتحفنا بهذا الاستدلال، يقول: " والجدير بالذكر أيضا أنه ورد في حديث ملفت للنظر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الناس لكم تبع، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرضيين، يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا ) رواه الترمذي، فلو قال رسول الله أن الناس يأتون من ( الأرضيين ) لكان ذلك يعني أن القارات هي الأرضيين ذاتها، لكن رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى وكلامه في غاية الدقة وقد اختصر له اختصارا قال ( أقطار الأرضيين ) يعني ذلك أن الأرضيين السبع هي طبقات الأرض السفلية، وأن أقطار الأرضيين هي القارات .. واضح"
قلت نعم واضح جدا! فهذا الحديث ضعيف أيضا، ضعفه أئمة الحديث وتابعهم الألباني رحمه الله، فلا حاجة لتأمل الاستدلال وقد سقط الدليل نفسه، ولكن لمزيد من اثبات جهالة ذلك الرجل، نبين أنه حتى لو ثبت الحديث وصح، فانه لا دلالة فيه على هذا الذي يقول! ولا عجب فالرجل أجنبي على صنعة الاستدلال من الكتاب والسنة وعلى العلوم الشرعية، وما أسهل الكلام في دين الله في زماننا هذا بعلم وبغير علم، ولا حول ولا قوة الا بالله!
فهو يقول مفرقا بين قول النبي عليه السلام "من أقطار الأرضين" وبين قوله "من الأرضين" أنه لو قال الثانية وليس الأولى لدل ذلك على أن كلمة الأرضين يقصد بها القارات!! ولكنه لما قال "أقطار" دل ذلك على الدقة في كلامه عليه السلام اذ يريد من أقطار الأرضين: حافة تلك الأرض الأخيرة الظاهرة التي نحن نعيش عليها، وهي التي يأتي منها الناس وليس بقية الأرضين التي تحتها، ولهذا قال أقطار!!!
فهل رأيت أيها القارئ الكريم ما هو أجهل من هذا بلغة العرب، وأجرأ على التألي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير علم؟؟ لعله قد فهم الرجل كلمة أقطار على وفق تفكيره الهندسي على أنها أقطار الأشكال الهندسية مثلا، فتصور أن المراد بكلمة أقطار هنا، أطرافها الخارجية التي في نهاية الأرض السابعة يعني حيث يعيش البشر!! وهذا فهم سقيم وتصور واه شديد الوهاء، لا يدل عليه أي دليل لا من لغة ولا من عقل!! فالذي يفهم كيف يتعامل العلماء مع نصوص الكتاب والسنة يعلم أن أول ما يفزع اليه الباحث ليفهم تلك النصوص حق فهمها ويفهم مراد الكلمات فهما صحيحا، انما هو مأثور الصحابة والسلف في فهم تلك الألفاظ بحسب لسان قومهم لا لسان غيرهم، فكيف بها أن تكون تلك الألفاظ على اصطلاح أهل صنعة ما علموا هم بها أصلا!!! النبي عليه السلام يخاطب صحابته باصطلاحات فيثاغورس الهندسية؟؟ ما هذا الهراء؟؟
ثم حتى لو وجهنا اللفظ على هذا المصطلح الهندسي تنزلا مع صاحبنا، فانه لن يدل على هذا الذي يريد، بل سيؤدي الى فهم أن الناس يأتون من الأرضين السبع جميعا، لأن قطر الشكل الهندسي هو الوتر الأطول الرابط بين أي طرفين متقابلين منه، وهو في الدائرة الوتر المار بمركزها!! فمجيء الناس من أقطار الأرضين على هذا التوجيه سيكون معناه خروجهم من جميع الطبقات السبع على السواء!!
فحتى الهندسة الكارتيزية التي وجه هذا المسكين كلام النبي عليها تخذله وتنبذه نبذا!!
كلمة "الأقطار" يا بليد تعني في اللغة النواحي والجوانب البعيدة!!
قال ابن سيده: "والقطر : الناحية والجانب . والجمع : أقطار ." (المحكم والمحيط الأعظم 6/266)
وفي تاج العروس: " والقُطْرُ بالضَّمّ : الناحِيَةُ والجَانِبُ ، ج أَقْطَارٌ ، وقوله تعالى : مِنْ أَقْطَارِ السَّموَاتِ والأَرْضِ . أَقطارُهَا : نَوَاحِيها" (تاج العروس من جواهر القاموس 13/445)
وقال ابن منظور: " والقُطْر بالضم الناحية والجانب والجمع أَقْطار وقومُك أَقْطارَ البلادِ على الظرف وهي من الحروف التي عزلها سيبويه ليفسر معانيها ولأَنها غرائب وفي التنزيل العزيز من أَقطار السموات والأَرض أَقطارُها نواحيها واحدها قُطْر" (لسان العرب 5/105)
ثم ما باله يكتبها هكذا: "الأرضيين"؟؟ الكلمة على الجمع بياء واحدة لا اثنتين، وهي في رواية الترمذي بياء واحدة، فأين رأى هذا العجب؟؟!!
الجهل المركب بمقاصد التنزيل
يقول صاحبنا في بحثه عن العرش، بعد أن ساق عددا من المخلوقات التي ذكرها القرءان في السماء المرئية لنا (كالنجوم والشمس والقمر والكواكب وكذا): " فهل يعقل بعد كل ذلك أن يغفل الإسلام عن ذكر المجموعة الشمسية والمجرة وسط هذا الخضم الهائل من الإعجاز العلمي للقرآن الحكيم والسنة النبوية الشريفة"
وأنا أقول يا مسكين، لم يغفل الاسلام عن هذا الذي يعرف بالمجموعة الشمسية ولا غيره، فالاسلام أصلا ما أنزله الله ليخبرنا عن المجموعة الشمية والمجرة وأقطار النجوم والمسافات فيما بينها وبين بعضها، وغير ذلك مما اكتشفه الأولون والآخرون!! فالقرءان ليس كتاب فلك ولا كتاب طبيعة! وما ذكر الله ما ذكره في كلامه عن تلك الآيات المشاهدة الا لأنها آيات كونية واضحة يراها كل أحد بعيني رأسه، فتصلح لتكون آيات يخوف بها الناس ويُذكرون بربهم وبقدرته في كل زمان ومكان، مهما كان حال البشر من العلم أو الجهل بالفلك والنجوم ونحوها من العلوم!! فهو خطاب هداية حكيم خاتم محفوظ صالح لكل زمان وكل مكان، لا يتوقف فهمه وتحقق المراد منه على وصول الناس الى درجة مخصوصة من العلم بالطبيعة والفلك وغيرها!! فأنت يا مسكين الغافل الجاهل بمقاصد كتاب ربك، ولو فهمتها لما تشوفت لترى القرءان يتكلم أو يشير الى المجرات أو الى غيرها مما اكتشفه الناس اليوم في ذلك الكون!! والا فابحث عن الالكترونات والنيوترونات كذلك في كتاب الله ان شئت، ودونك اليها خرط القتاد!!
مشكلة هؤلاء المساكين أنهم لا يفهمون لماذا قصر الله ما ذكره من آيات الخلق على هذا الذي ضرب به المثل ولم يذكر غيره، فيتصورون أن ذكر غير تلك الآيات مما هو أعظم منها واكتشفناه نحن في زماننا هذا ولم يعرف به الأولون، يكون من باب أولى! ولو أنهم فهموا لماذا نزل القرءان أصلا، وعلى من نزل، ومن هو المخاطب به في الأرض، وكيف تختلف أحوال المخاطبين به من زمان الى زمان الى قيام الساعة، وتتفاوت مقادير ما فتح الله عليهم به من العلوم الحسية المشاهدة في كل عصر ومصر، لأدرك أنه بعبثه هذا انما ينسف ذلك كله وهو يحسب أنه يحسن صنعا!
وتأمل اذ يقول: " عندئذ – أي عندما يفقدون ذكر المجرة على عظمها كآية في القرءان - سيدعي غير المسلمين أن القرآن ليس من عند الله وإنما من عند محمد لأنه تكلم بما يرى الجميع في السماء بالعين المجردة مثل الشمس والقمر والنجوم والكواكب."!!
قلت فهذا والله آية ظاهرة على جهلك المبين! فهذه المجرة من الغيب النسبي، وهي بالنسبة لك أنت ولي أنا من الغيب، وان رآها غيرنا، ومن قبل كانت مغيبة عن سائر الناس! فالغيب النسبي هو ما قد يكون غيبا لبعض الناس وشهادة لغيرهم، أو قد يكون مغيبا عن الناس كلهم في عصر من العصور ثم يصبح شهادة لمن بعدهم في زمان آخر يأتي بعده.. فأنا أقول لهذا المسكين الذي فتنته المجرة، فما بالك بما هو أعظم وأكبر منها مما لا يزال في علم الله وهو مغيب عنا، ولا ندري أيكتشفه الذين يأتون من بعدنا أم لا يكتشفونه؟؟ أحينئذ يسألون هم أيضا، لماذا لم يذكر القرءان هذه الآية الكبرى؟؟؟ انني أقول لك أيها المسكين، لعلك تحسن الجواب على أمثال هذا التافه من غير المسلمين والذي يرميك بهذا الكلام، قل لهم ان سألوك: لو كنتم لا ترون في هذا القرءان على ما هو عليه، من الآيات والبراهين والدلائل الساطعة الواضحة ما يثبت بكل وضوح أنه من عند الله رب العالمين، فلا ذكر المجرة ولا غيرها يمكن أن يغير ذلك في قلوبكم وقد طمس الله عليها وأعماها!! والله نزل الكتاب ليخاطب به في أول الأمر قوما لم يعرفوا ما المجرة ولا المجموعة الشمسية ولا غير ذلك مما عرفتم أنتم، فما باله يحدثهم بتفاصيل لا يرونها في مقام ضرب المثل لاظهار عظمته وقدرته لهم؟؟؟ لو قلت لك: أنظر كيف صنعتُ السيارة لترى مدى قدرتي وتفوقي، وأنت من أمة لا تدري ما السيارة أصلا، ولا تستطيع أن تراها أو تدركها مهما عملت، فكيف يكون ظنك في، وما فائدة قولي هذا اذا؟؟؟ فلله المثل الأعلى! فليس اثبات عظمة الله بمتعلق على هذا الذي رصدته مناظيرهم، وليس علمنا بوجوده أصلا بها مما ينبني عليه ثواب أو عقاب كما هو حال الأخبار الغيبية الأخرى، النسبي منها والمطلق!! فهل تريدون أن يمشي التنزيل على هواكم؟؟
((وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ)) [المؤمنون : 71]
أهو عبث ولهو، يذكر الرب في كتابه ما تريدون وما يحلو لكم وان كان لا قيمة لذكره ولا اضافة يضيفها في مقصد الكتاب ومراد التنزيل؟؟؟ ما شأننا نحن وقد سفه الكفار أنفسهم حتى صاروا لا يرون ما رآه من هم أبسط منهم وأقل علما ونظرا في آفاق السماء من الآيات الباهرات التي تصرخ في وجوه البشر بصدق الوحي وصدق نسبة هذا الكتاب الى خالقهم جل وعلا؟؟؟
انها الحكمة كل الحكمة، ألا يتكلم الخالق في مقام اظهار آيات العظمة الظاهرة، في كتاب باق في الأرض الى قيام الساعة، الا بما يراه الجميع في كل زمان ومكان وهم فيه سواء بلا تفاوت!! انها الحكمة بعينها والرحمة بعينها ولكنهم قوم يجهلون!!
ألم أقل لك أيها القارئ الكريم أنه غلو أهل الأهواء فيما هم فاعلون وما يخترعون؟؟
وكما قال حمار الحكيم:
"لو أنصف الدهر لكنت أركب ....... فأنا جاهل وصاحبي جاهل مركب"
الاستدلال العقلي المجرد من المرجعية الشرعية
ويدل على هذا الجهل المركب ايراده لقوله تعالى: " (( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ )) [الأنعام : 38]" يريد أن يستدل به على أنه لابد أن يكون للمجرة والمجموعة الشمسية ذكر في كتاب الله، لأنه سبحانه ما فرط فيه من شيء!! فبأي شيء يُرد على هذا الجهول الا بالزجر وبأمره بأن يتقي الله في دينه وفي دين الناس، وبأن يذهب ليتعلم التفسير والتأويل من مظانه قبل أن يخرج علينا بهذا الخلف والهجر المبين؟؟ يا جهول لو طردنا كلامك هذا للزم أن نرى في كتاب الله تفاصيل كيفية صناعة السيارات، ونرى في موضع آخر، أسس انشاء المباني على التربة الهشة، ولتوقعنا أن نرى في آية أخرى شرحا مفصلا لتشريح جسم الانسان، ولكيفية عمل العين في الابصار، ولرأينا في غيرها بيانا واضحا لكيفية صناعة الكمبيوتر المحمول والطائرة النفاثة.... !!! فهل هذا ما تفتح أنت القرءان طمعا في أن تتعلمه؟؟؟! ما أعظم هذا الجرم الذي يرتكبه أمثالك وهذا العدوان على كتاب رب العالمين!!! فحسبنا الله ونعم الوكيل! لو فهمت معنى ((الكتاب)) وما يقصده به الرب كلما ذكره، وحقيقة الغاية من تنزيله على المرسلين وحقيقة المراد منه، لفهمت ما المقصود بقوله ((من شيء))!! ولكن لماذا تفتح كتب السلف والأئمة وتتكلف ذلك أصلا وقد رأيت نفسك أحسن منهم وأعلم وأفهم لكتاب الله؟؟؟ فلتقل اذا ما يحلو لك ولا عليك بما قالوا!!!!
ولن أدله على تفسير هذه الآية تحديدا، ولكن يكفي أن أنبهه إلى أن الكتاب ههنا بالذات، ليس المراد به القرءان أصلا، فلعله يتقي الله ويرجع إلى كتب المفسرين قبل أن يضرب في القرءان هكذا برأسه، والله المستعان!
ثم يذكر قوله تعالى ((سنريهم آياتنا)) ويعلق بأن الكلام جاء عن شيء سيقع في المستقبل، وأقول وأين الاشكال؟؟ سيريهم سبحانه آيات خلقه وقدرته في أمور لا يمكن الا أن يتكون خلقا محكما دقيقا من رب عليم قدير.. فهل يلزم من تحقق رؤيتهم لتلك الآيات أن تكون كلها مذكورة تعيينا بالاسم في القرءان؟؟؟ أبدا! لا تلازم أصلا!!
فانظر اذ يتسائل قائلا: " ثم ما هي نوعية تلك الآيات التي سنراها في المستقبل ؟ لابد أن تكون قد ذكرت في القرآن الحكيم ولكن ربما بأسماء مختلفة عن تسمياتنا الحديثة .. أليس كذلك ؟"
فأقول نعم ليس كذلك!! ليس كذلك ولا شك!! فالقرءان انما نزل بلسان قومه الذين خوطبوا به أول الأمر، فالكلمة اما أن يكون هذا هو معناها عندهم فيفهمونها، واما ألا تكون كذلك في أي من استعمالاتهم لها فلا يفهمونها!! فهل تدعي أنه خاطبهم بكلمة عربية لا يعرفون معناها ولا يفهمونها؟؟ فأي لسان عربي مبين يكون هذا الذي نزل به القرءان اذا؟؟ لا شك أن قولك أنه ربما سمى المجرة – مثلا – باسم غير اسمها الذي نعرفه نحن، مؤداه أنه اسم لم يكن الأولون يعرفونه أيضا!! أي أن الرب استعمل لفظة في القرءان لم يفهم السلف معناها!! والا فكيف يكون للمجرة اسم عندهم خاطبهم به القرءان وهم لا يعرفون ما المجرة ابتداءً ولا يتصورونها؟؟ فتأمل أيها القارئ كيف يجنح هذا المسكين الى تجهيل السلف والى الباطنية في التأويل من حيث لا يدري!! كل هذا وهو ما يرى الا أنه ينتصر للاسلام نصرا مبينا ويفتح للدين فتحا عظيما، اذ جاء بما لم يأت به الأولون!! فانا لله وانا اليه راجعون!
وتأمل قوله هداه الله: " فإن دققنا قليلا في القرآن الحكيم سنجد ذكرا لشيئين غامضين ومثيرين جدا وهما الكرسي الذي وسع السماوات والأرض، والعرش الأضخم من الكرسي والذي يسعه أيضا، بمعني أن الله سبحانه وتعالي ذكر المجموعة الشمسية والمجرة ولكن بأسماء مختلفة"
قلت كذبت!! الله ذكر الكرسي والعرش، ولكنه لم يذكر المجموعة الشمسية ولا المجرة!! فمن أين لك بأن الكرسي هو المجموعة الشمسية وأن العرش هو المجرة؟؟؟ كيف ومعلوم أن العرش هو نهاية المخلوقات وهو المخلوق الذي يحتوي سائر السماوات والأرض، والذي استوى الرب فوقه جل وعلا؟؟ فكيف وبأي عقل يدعي ذلك الجهول أن العرش هو المجرة، ومعلوم – وبشهادته هو نفسه – أن المجرة انما هي واحدة من 500 مليار مجرة؟؟؟؟ هذه المجرات كلها وبقية الكون والسماوات تقع خارج العرش؟؟؟؟ فالله اذا مستو فوق المجرة محاط ببقية المجرات!!! سبحان الله وتعالى وتقدس!! هذا هو لازم ذلك الخطل المبين!! فأنا أتساءل: ألا يعي هذا المخبول ما يقول ؟؟
يقول في ذيل مقدمة هذا البحث: "والمجرة بالنسبة للكون عبارة عن ذرة"
فهل عرش الرحمن بالنسبة للكون عبارة عن ذرة ؟؟؟؟
حسبنا الله ونعم الوكيل!!
........... يتبع باذن الله ان كان في العمر بقية .................
رد: مخرف يدعي أن مجرة درب التبانة هي عرش الرحمن!! : التحذير من المدعو محمد سمير
مع أن الأمر أتفه بكثير من أن يرد عليه، ولكن لا بأس من الترفيه على الاخوة الأعضاء الكرام بمواصلة التنكيل بذلك الجهول لعله أن يكون عبرة لمن يعتبر..
فها هو يتكلم في الصفحة الثانية من بحثه سالف الذكر عن العرش، حول السماوات السبع.. يريد أن يثبت أنها - وتأمل!! - هي تلك الطبقات السبع التي يتكون منها الغلاف الجوي للكرة الأرضية!!!
يقول: " يأمرنا الله عز وجل بما يلي { قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } [يونس : 101]
ويتعجب الله ممن يترك التفكر في السماوات والأرض { أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ } [الأعراف : 185]
ويؤكد أننا لا نراهم فحسب بل نمر فيهم { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } [يوسف : 105]
ثم يمدح الله المؤمنين بما يلي { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُون َ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران : 191]
نحن إلى الآن لم نرى نهاية الكون الذي يعتقدون أنه مازال السماء الأولى
فكيف يأمرنا الله أن ننظر في السماوات السبع ؟ ونتفكر فيها ؟ بل نمر فيها ؟
ألا يعني ذلك أننا نرى السماوات السبع ؟ حتى يمكننا التفكر فيها على الأقل !
ألا يدل ما سبق على كونها الغلاف الجوي الذي نراه أمامنا ؟"
انتهى..
قلت ألا يستحيي هؤلاء القوم؟؟ يمضي الرجل منهم عشرات السنين في دراسة علم من علوم الدنيا ويتقنه أيما اتقان، يحيط بثوابته وأصوله وبدقائق فروعه، ويتمكن من كلياته وجزئياته، ويتعلم كيف يُخرج هذا على ذاك، ويمحص الصواب من الخطأ فيه بدليله، ويعتصر أمهات الكتب والمراجع في كل بابة من أبوابه، ويعلم تماما كيف يناقش ويحقق الأقوال فيه ويعزو كل نظرية الى صاحبها وينقدها بما سبقه اليه أساطين البحث في صنعته تلك، أيا كانت ... ثم اذا ما قفزت الى ذهن ذلك المفتون ذات يوم فكرة تتعلق بالقرءان أو السنة أو الدين بوجه عام، راح يؤلف فيها ويكتب ويستخرج الآيات من الكتاب هكذا من تلقاء نفسه وبكل جرأة، ويقدم ويؤخر ويستدل ويفسر ويؤول كما يحلو له، كل هذا وقد لا تجده سبق له أن فتح كتاب تفسير في حياته ولو لمرة واحدة، بل وربما لا تجده يحسن قراءة القرءان أصلا!!!! ثم هو يؤلف ويبدع ويقدم فكرا جديدا، ويريد - زعم - أن يقدم بذلك خدمة تاريخية للاسلام!!!
فأنا أعجب حقيقة، كيف لا يستحيي هؤلاء القوم ولا يخجلون من أنفسهم، وكيف ينسبون أنفسهم الى البحث العلمي أصلا، أيا كانت الصنعة التي برعوا فيها، وكيف تجاسروا على نشر هذا الهراء الذي اخترعوه في أمر القرءان؟؟؟
انها مأساة والله: بلية وفتنة هذا الزمان!!
ولكن لا عجب فهي نبوءة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.. أن ينطق الرويبضة التافه!! فحسبنا الله ونعم الوكيل!
يجب أن يفهم هؤلاء أن حسن نيتهم وقصدهم لا يغني عنهم شيئا ما داموا جاهلين بكتاب الله!!
ولكن من الذي يصل اليهم بهذا المعنى، وقد أصبحت هناك اليوم هيئات "شرعية" تتخصص في تشجيع هؤلاء الرويبضات على تقديم "ابداعاتهم" هذه بل وتنظم المسابقات للباحثين فيما يسمى بالاعجاز العلمي في جميع التخصصات، ليقدموا ابداعاتهم في استخراج "الاعجاز العلمي" من الكتاب والسنة، كل منهم في مجاله!!! حتى لقد طالعت - وابك أو اضحك أيها القارئ ما بدا لك - بحثا يتناقله بعض طلبة قسم العمارة والتخطيط العمراني في احدى الجامعات، كتبه واحد من هؤلاء المساكين وأسماه "العمارة والعمران في القرءان" - ان لم تخني الذاكرة - يريد أن يثبت هو الآخر اكتشافا جديدا توصل اليه وهو أن أسس وأصول التخطيط العمراني الحديث موجودة بتمامها في نصوص القرءان الكريم!!!! ولعله شارك في تلك المسابقة التي أسلفت ذكرها بذلك البحث الخطير، والله المستعان!!
فمن لكتاب الله يصُنه من هذا الهراء والعبث؟؟؟
على أي حال، لن نستطرد، ودعونا نحاول ايقاظ ذلك المسكين من حلمه الوردي لعله يفيق ويتقي الله في كتاب الله!!!
وسنرد عليه من جهتين، من جهة علوم القرءان، ومن جهة علوم المتيورولوجيا وطبقات الأجواء، فمن الواضح أنه لا ناقة له ولا جمل في كليهما جميعا، وليس في القرءان فحسب..
فأما من جهة نصوص القرءان، فقوله تعالى: ((قل انظروا ماذا في السماوات والأرض))، هذا واضح لكل من له أدنى علم باللغة العربية أن المراد بقوله انظروا ليس النظر بالعين الى جميع السماوات والأرضين!! وهل يتصور انسان عاقل أصلا أن يتمكن من النظر الى كل شيء في الأرض وحدها، دع عنك السماء وما فيها؟؟؟ كلا ولا شك!! فلهذا كانت دقة اللفظ القرءاني، في قوله ((انظروا ماذا في السماوات)).. فنظر العين له حدود ونظر التأمل العقلي والتفكر له حدود أيضا، ومهما نظرنا فلن نرى الا القليل، ولكن هذا القليل ولا ريب يكفي، ويتحقق به المراد فينا كما تحقق في الذين من قبلنا.. وهو أن نرى في كل مخلوق تصل اليه أبصارنا وتتامله أفكارنا = وحدانية الخالق جل وعلا وعظمته، واستحقاقه لأن يفرد بالعبودية وحده لا شريك له.
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره عند هذا الموضع: " يرشدُ تعالى عباده إلى التفكر في آلائه (1) وما خلق في السموات والأرض من الآيات الباهرة لذوي الألباب، مما في السموات (2) من كواكب نيرات، ثوابت وسيارات، والشمس والقمر، والليل والنهار، واختلافهما، وإيلاج أحدهما في الآخر، حتى يطول هذا ويقصر هذا، ثم يقصر هذا ويطول هذا، وارتفاع السماء واتساعها، وحسنها وزينتها، وما أنزل الله منها من مطر فأحيا به الأرض بعد موتها، وأخرج فيها من أفانين الثمار والزروع والأزاهير، وصنوف النبات، وما ذرأ فيها من دوابّ مختلفة الأشكال والألوان والمنافع، وما فيها من جبال وسهول (3) وقفار وعمران وخراب. وما في البحر من العجائب والأمواج، وهو مع هذا [مسخر] (4) مذلل للسالكين، يحمل سفنهم، ويجري بها برفق بتسخير القدير له، لا إله إلا هو، ولا رب سواه." اهـ.
ان المعنى حقيقة لا يحتاج الى نقل كلام ابن كثير ولا غيره من أهل التفسير، فلا توجد شبهة أصلا حتى تدفع بالنقل من أمهات الكتب، ولكني أدرت الاستئناس بكلام ابن كثير هنا لأنه يظهر منه كيف يكون تأثير تلك الوصية الربانية بالنظر في السماوات والأرض وما فيهما من آيات الخلق..
فهكذا تأمل ابن كثير رحمه الله في السماوات والأرض بما رأى بعينيه وحواسه، وتفكر في ذلك كله وأشار الى ما يفضي اليه ذلك التفكر بالضرورة: أنه لا اله الا هو ولا رب سواه! وهذا هو المراد من نصوص القرءان.. فهل تخلف ذلك المراد عند الأولين بسبب عدم ذكر المجرة أو نحوها؟؟؟ وهل يلزم من تحقق ذلك المراد أن يتمكن الناظر "في" السماوات والأرض من رؤية "جميع" السماوات والأرض يحيط بها احاطة؟؟؟؟ وهل وقع ذلك لأحد من بني آدم أو هل يمكن أن يقع لأحد منهم في يوم من الأيام؟؟؟ أبدا!! فمال هذا المسكين لا يفقه حديثا؟
كل ما في الأمر أن زادت آيات الخلق التي رآها المتأخرون على ما رآه المتقدمون شيئا من نفس جنس ما رأوه، وينتظم في ذات المراد الكوني والشرعي.. فلقد رأينا في زماننا هذا – مثلا – كيف سخر الله للأرض طبقات كذا وكذا من الغلاف الجوي لتحميها، كل منها تختص بشيء لا تقوم به الأخرى، وما صنع الله فيها من مواد وتفاعلات تقينا من الأشعة الكونية والترددات الضوئية الضارة، وصرنا نرى صورا بديعة من أفانين الخلق والزينة في السماء ما كان يراها الأقدمون وما كانوا يستطيعون..
فهل حُرم السلف من رؤية "السماوات" والأرض بتمامها وبالتالي من التفكر والأتمل فيما خلق الله فيها، بينما صرنا نحن اليوم نحيط بها رصدا ونظرا فتحقق مراد القرءان فينا؟؟؟
وليضحك القارئ الكريم من هذا الاستدلال ان شاء: " ويؤكد أننا لا نراهم فحسب بل نمر فيهم { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } [يوسف : 105]"
فبناء على ما ذكر في الجملة السابقة على تلك، فان الضمير في قوله "فيهم" يعود على السماوات والأرض! فأي عاقل هذا الذي يفهم من الآية السابقة أننا نمر في سائر السماوات والأرضين؟؟؟ بل النص واضح في كوننا نمر على ما نراه في السماوات والأرض من الآيات – وليس فيها – فيتنبه المؤمن ويعتبر، بينما يعرض الكافر، فذمه الله بذلك الاعراض!! فأين ما يُفهم منه أننا "نمر فيهم" يعني السماوات والأرض جميعا؟؟؟
ثم يأتي بآية آل عمران بعد هذا الاستدلال الفذ غير المسبوق– وهي صريحة في التفكر وليس في نظر العين تحديدا – ليقول أن هذا مما يحمد عليه المؤمنون.. فما علاقة ذلك بهذه القفزة الاستدلالية الفذة التي تأتي بعد ذلك في قوله:
" نحن إلى الآن لم نرى نهاية الكون الذي يعتقدون أنه مازال السماء الأولى.. فكيف يأمرنا الله أن ننظر في السماوات السبع ؟ ونتفكر فيها ؟ بل نمر فيها ؟"
؟
قلت نعم صدقت!! مساكين هؤلاء الذين تتكلم عنهم يا علامة زمانك يا جهبذ الجهابذة.. يعتقدون أن كل ما نراه في السماء انما هو السماء الأولى فقط!! لم يروا طبقات الغلاف الجوي، ليس هذا فحسب، بل ولم يفهموا القرءان أيضا!! فكيف يأمرنا الله بالنظر في السماوات السبع، والتفكر فيها، بل ونحن نمر فيها أيضا – تأمل – ويقولون بعد ذلك أننا لا نرى من السماوات الا السماء الأولى؟؟؟
والله لا يسعني الا السخرية من هذا الهراء، فان كان ثمة من يقرأ هذا الكلام الآن ويجد ازاءه في نفسه نوع تعاطف مع هذا الرجل، فليتق الله في كتاب الله، وليعلم أن هناك حدودا لكل شيء من تجاوزها بغير اجازة كان حقه التنكيل والطرد!!
يواصل المسكين خطله المبين فيقول: " ألا يعني ذلك أننا نرى السماوات السبع ؟ حتى يمكننا التفكر فيها على الأقل !"
قلت ما شاء الله! أنت اذا لا يمكنك أن تتفكر في شيء حتى تراه بعينيك!! فأنا أعجب والله، كيف تتفكر في الجنة وما فيها، والنار وما فيها، والملائكة وعظم خلقهم، وغير ذلك مما ذكر من أمر الغيب، وكيف تتفكر فيما أنزل الله من العقوبات على الأمم السابقة، وكيف تتفكر في خبر الرسل الأولين وفي قصة آدم وخلقه، وكيف وكيف وكيف.. كل هذا تحتاج لأن تراه – على الأقل - حتى تتفكر فيه! فاسمح لي أن أسأل: ماذا صنعت بكتاب الله أصلا وما فائدته وما نفعه وما ثمرته في رأس وقلب رجل مثلك؟؟؟ يجب أن ترى السماوات السبع حتى تتفكر فيهن؟؟ سبحانك ربي!
ثم هل أنت رأيت بعينيك السماوات السبع هذه التي تقول أنه يجب أن يراها الانسان حتى يتفكر فيها؟؟ هل مررت من قبل في طبقات الغلاف الجوي وتأملت عجائب صنع الله فيها بنفسك، فتحقق بذلك مراد الآيات – على حسب فهمك المريض – عندك؟ كلا! ولعله لم يتحقق – بناء على ذلك الفهم – الا في ثلاثة مروا حقيقة في الغلاف الجوي كله بسائر طبقاته واخترقوه الى ما وراءه: "نيل أرمسترونغ" – على افتراض صحة واقعة نزوله على سطح القمر – و"يوري جاجارين" وثالثهما – وهي سابقتهما الى ذلك – كلبة من روسيا تسمى الكلبة لايكا، أعزكم الله!
وأخيرا يتحفنا العبقري الفذ بالاستنتاج المحكم البديع، فيقول:
" ألا يدل ما سبق على كونها الغلاف الجوي الذي نراه أمامنا ؟"
قلت بلى ولا شك!! أحسنت، لا فض فوك!! ما أبدعك!
والآن تعال يا هذا الى ساحة علوم الطبيعة التي فتنتك حتى أدارت رأسك حول منخرك..
فنسألك هذا السؤال:
بناءً على أي نظرية من نظريات علماء المتيورولوجيا بالتحديد قلت بأن الغلاف الجوي ينقسم الى سبع طبقات بالذات؟؟؟
بل المشهور أنهم خمس طبقات فقط، وبعضهم يعدها أربع طبقات.. وهذا على اعتبار أنها طبقات رئيسة وفي بعضها طبقات ثانوية!! وهي من أعلى الى أسفل بالترتيب: ثيرموسفير – ميزوسفير – وستراتوسفير - وتروبوسفير..
بينما يجعلها صاحبنا كالتالي: "ماجنيتوسفير – ايكزوسفير – ثرموسفير – أيونوسفير – ميزوسفير – ستراتوسفير – تروبوسفير."
وهذا حتى يكمل بها سبع طبقات بالعدد..
وفي الحقيقة فان ما يسمى بالايكزوسفير – بمعنى الطبقة أو الغلاف الخارجي – انما هو الطبقة الأخيرة الرقيقة في نهاية طبقات الثيرموسفير، فهو جزء منه، ولا يضاف اليه غالبا كطبقة مستقلة! بينما ما يسمى بالماجنيتوسفير فليس طبقة أصلا ولا دخل له بطبقات الغلاف الجوي، ولكنه الحقل المغناطيسي الذي يحوط بالأرض ويضبط العلاقة بينها وبين الشمس من جهة الجذب والدفع..
وفي الحقيقة فلو أردنا أن نسلك مسلك صاحبنا هذا لنجعل السماوات عشر سماوات بل احدى عشر سماء – وليس سبعا فقط، لوسعنا هذا، ولأضفنا الى قائمته هذه وبنفس طريقته: طبقة الأوزون (وأكثرها واقع داخل طبقة الأيونوسفير)، وطبقة الميزوبوز (وهي التي تقع بين الميزوسفير والثيرموسفير)، والتروبوبوز (وتقع بين التروبوسفير والستراتوسفير)، وطبقة الثيرموبوز (وهي تحوط طبقة الثيرموسفير في أعلاها).. فما رأي صاحبنا الجهبذ في هذا التقسيم؟؟
هذا المسكين لا دراية له بالقرءان ولا بلغة العرب ولم يمر في حياته على نصوص السنة في مسألة الخلق وفي السماوات وما فيها، وفي رحلة الاسراء والمعراج وغيرها، ولا يعنيه ذلك، وهو حاطب ليل في غير ذلك من العلوم كما هو واضح.. فبالله من أي أرض خبيثة تنبت أمثال تلك الرؤوس؟؟
الى الله المشتكى..
........... أكتفي بهذا القدر، فالوقت أثمن من هذا، وقد تحقق المقصود من الرد فيما أرى، والله المستعان ................
رد: مخرف يدعي أن مجرة درب التبانة هي عرش الرحمن!! : التحذير من المدعو محمد سمير
ملحوظة: الرجل اسمه : محمد سمير عطا .. فالاقتصار على "محمد سمير" قد لا يكفي لتمييزه، هداه الله.