سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أحكام الشتاء في السنة المطهرة للشيخ علي حسن عبد الحميد ( أنصح باقتنائه و قراءته )
- لم ترد كلمة الشتاء في القرآن الكريم سوى مرة واحدة , و ذلك في قوله تعالى ( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء و الصيف ...) ص 7
- قال الإمام مالك : الشتاء نصف السنة و الصيف نصفها , و قال قوم : الزمان أربعة أقسام : شتاء , و ربيع , و صيف , وخريف !
و قال قوم : هو شتاء , وصيف , و قيظ و خريف !
قال القاضي أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن ( 4/1982 ) ( و الذي قال مالك أصح , لأجل قسمة الله الزمان قسمين , و لم يجعل لهما ثالثا ) ص 7
- الصحيح : أنه يحرم نسبة ذلك - أي المطر - إلى النجم و لو على طريق المجاز , فقد صرّح ابن مفلح في ( الفروع ) بأنه يحرم قول مطرنا بنوء كذا و جزم في ( الإنصاف ) بتحريمه و لو على طريق المجاز ولم يذكر خلافا ص 9
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
بإنتظار البقية ..
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جزاكم الله تعالى كل خير
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- إن تنبؤات الطقس هي دراسات علمية متطورة تقوم في مجملها على إلتقاط صور الغيوم و سمكها مع معرفة حركة الرياح و اتجاهاتها و سرعتها , ثم على ضوء ذلك توقع الحالة الجوية المستقبلية لمدة يوم أو أكثر من حيث درجات الحرارة , و كميات الأمطار , و نحو ذلك ..... , و هذا كله من الناحية الشرعية جائز و مشروع , بل يدل عليه عموم قوله تعالى ( و هو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات .... ) .
و لكن لابد هنا من تنبيهين مهمين :
الأول : وجوب ربط هذا التوقع أو ذاك بالمشيئة الإلهية , لأن حالات كثيرة وقعت في كثير من البلاد جرى فيها خلاف المتوقع , و عكس ما ذكرته الأرصاد الجوية , فحصل ما لا يحمد عقباه .
الثاني : أن هذه التوقعات ليست من علم الغيب في شيء إنما هي توقعات مبنية على مقدمات تتبعها نتائج فلا يجوز إصدارها بصورة القطع , و لا يجوز - أيضا - تلقيها بصورة الجزم , و إنما هي نافعة للحيطة و الحذر ص 9
- بعض الناس يتساهلون في أيام البرد في الوضوء كثيرا : لا أقول : لا يسبغون !! و إنما لا يأتون بالقدر الواجب , حتى إنّ بعضهم يكاد يمسح مسحا !! وهذا لا يجوز و لا ينبغي , بل قد يكون ذلك من مبطلات الضوء ص 17
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- بعض الناس يتحرجون من تسخين الماء للوضوء ! و ليس معهم أدنى دليل شرعي على ذلك , قال الإمام ابن المنذر في الأوسط ( 1/250 ) : ( فالماء المسخّن داخل في جملة المياه التي أمر الناس أن يتطهّروا بها ) .
و ما روي عن مجاهد من كراهته لذلك كما في ( مصنف ابن أبي شيبة 1/25 ) فلا يصح , لأنه من رواية ليث بن أبي سليم , و هو ضعيف ! .
و روى مسلم في صحيحه ( 251 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا , و يرفع به الدّرجات ؟ قالوا : بلى يا رسول الله , قال : إسباغ الوضوء على المكاره ..)
قال القرطبي في ( المفهم 2/593 ) ( أي تكميله و إيعابه مع شدّة البرد و ألم الجسم و نحوه ) , و قال الأبيّ في ( إكمال إكمال المعلم 2/54 ) : ( تسخين الماء لدفع برده ليقوى على العبادة لا يمنع من حصول الثواب المذكور ) .
قال الشيخ علي حسن : و بهذا يندفع إشكال يتوهمه البعض حول معنى المكاره الوارد في هذا الحديث , و هذا كلّه لا يمنع من الوضوء بالماء البارد لمن قدر عليه و لم يتضرر به ص 17
- يتحرّج بعض الناس من تنشيف أعضاء الوضوء في البرد , إمّا لغلبة عادتهم أيّام الحرّ , و إمّا تأثما فيما يظنّون , و ليس لذلك أصل البتّة , بل قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان له خرقة يتنشّف بها بعد الوضوء و هذا عامّ الدهر كله , دونما تخصيص بصيف أو شتاء ص 18
- الوحل - بفتح الحاء - هذه هي اللغة الصحيحة , و لغة سكون - الحاء - ضعيفة . ص 20
- لا يجب غسل ما أصاب الثوب من هذا الطين , لأن الأصل فيه الطهارة , و قد روى عبد الرزاق في ( المصنف ) عن عدّة من التابعين ( أنّهم كانوا يخوضون الماء و الطين في المطر , ثمّ يدخلون المسجد فيصلّون ) ص 20
- قال الإمام ابن دقيق العيد في ( الإحكام 1/113 ) : ( و قد اشتهر جواز المسح على الخفين عند علماء الشريعة , حتى عد شعارا لأهل السنة , و عدّ إنكاره شعارا لأهل البدع ) ص 22
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- قال العلامة ابن القيم في ( زاد المعاد 1/199 ) ( و مسح صلى الله عليه و سلم على العمامة مقتصرا عليها , و مع الناصية , و ثبت عنه ذلك فعلا و أمرا في عدّة أحاديث , لكن في قضايا أعيان يحتمل أن تكون خاصّة بحال الحاجة و الضرورة , و يحتمل العموم كالخفين , وهو الأظهر )
و قال ابن حزم في ( المحلى 2/58 ) ( و ككل ما لبس على الرأس من عمامة او خمار أو قلنسوة أو بيضة أو مغفر - أو غير ذلك - أجزأ المسح عليها , المرأة و الرجل سواء في ذلك لعلّة أو غير علة ) , ثم ساق أحاديث متعددو في المسح على العمامة و الخمار و أورد - بعدها - آثارا عدّة في المسح على القلنسوة , منها عن سفيان الثوري قال ( القلنسوة بمنزلة العمامة ) .
ثم قال ابن حزم ( و هو قول الأوزاعي و أحمد بن حنبل , و إسحاق بن راهويه , و أبي ثور و داود بن علي , و غيرهم . و قال الشافعي : إن صحّ الخبر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فبه أقول , والخبر - و لله الحمد - قد صحّ , فهو قوله ) .
ثم رجح - رحمه الله تعالى - بدلائل وافيه جواز المسح على العمامة , سواء لبست على طهارة أم لا , و أنه لا توقيت لها و لا تحديد ص 26
- هل يشترط سبق النية للمسح أو لمدة المسح ؟
قال الشيخ ابن عثيمين ( النية هنا غير واجبة , لأن هذا عمل علّق الحكم على مجرّد وجوده , فلايحتاج إلى نيّة , كما لو لبس الثوب , فإنّه لا يشترط أن ينوي به ستر عورته في صلاته مثلا , فلا يشترط في لبس الخفين أن ينوي أنه سيمسح عليهما , و لا كذلك نيّة المدة , بل إن كان مسافرا فله ثلاثة أياّم نواها أم لم ينوها , و إن كان مقيما فله يوم وليلة نواها أم لم ينوها ) . ص 39
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- روى البخاري في صحيحه ( 901 ) ومسلم ( 699 ) عن ابن عباس أنه قال لمؤذنه في يوم مطير ( إذا قلت : أشهد أن محمدا رسول الله , فلا تقل : حي على الصلاة , قل صلّوا في بيوتكم , فكأنّ الناس استنكروها قال : فعله من هو خير مني إنّ الجمعة عزمة , و إنّي كرهت أن أخرجكم فتمشون في الطين و الدّحض ) .
و روى البخاري في صحيحه ( 623 ) و مسلم ( 697 ) عن نافع قال : ( أذّن ابن عمر في ليلة بضجنان - إسم جبل قريب من مكة - ثم قال : صلّوا في رحالكم , فأخبرنا أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأمر مؤذنا يؤذن , ثم يقول على إثره : ألا صلّوا في الرحال , في الليلة الباردة , أو المطيرة في السّفر ) .
ورى أحمد ( 5/74 و 75 ) و أبو داود ( 1057 ) و صحّحه ابن خزيمة ( 1658 ) و ابن حبان ( 2083 ) عن أسامة بن عمير قال : كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية , وأصابنا مطر لم يبلّ أسافل نعالنا , فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه و سلم أن ( صلّوا في رحالكم ) ص 41
- قال ابن بطال : ( أجمع العلماء أنّ التخلف عن الجماعة في شدة المطر - قال الشيخ علي حسن : و حديث أسامة بن عمير يردّ تقييد الجواز بشدّة المطر - و الريح و ما أشبه ذلك مباح ) ص 42
- المؤذن - حين العذر - يبدل قوله : ( حيّ على الصلاة ) بقوله ( صلوا في رحالكم ) أو ( ... بيوتكم ) و قد وردت روايات أخرى صحيحة بجواز قولها بعد الحيعلتين , و كذا بعد الإنتهاء من الأذان كلّه .... و الأمر واسع إن شاء الله تعالى . ص 43
- لا فرق في جواز التخلّف عن الجماعة حين العذر , سواء قال المؤذن : ( صلوا في الرحال ) أم لم يقل ص 43
- أن الصلاة في البيوت - حين العذر - على التخيير , و ليست على الوجوب , لذلك بوّب البخاري في صحيحه ( كتاب الأذان : باب 40 ) ( باب الرخصة في المطر و العلّة أن يصلّي في رحله ) ص 43
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- أخرج مسلم في صحيحه ( 705 ) ( 57 ) عن عبد الله بن شقيق قال : خطبنا ابن عباس بالبصرة يوما بعد العصر حتّى غربت الشمس , و بدت النجوم , و جعل الناس يقولون : الصلاة ! الصلاة ! , قال : فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر و لا ينثني : الصلاة ! الصلاة ! ,فقال ابن عباس : أتعلّمني السنة لا أم لك ! ؟ ثم قال ( رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى الظهر و العصر و المغرب و العشاء ) .
قال عبد الله بن شقيق : فحاك في صدري من ذلك شيء ! فأتيت أبا هريرة فسألته , فصدّق مقالته ص 46
- قال النووي في شرح مسلم ( 5/219 ) : ( و ذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة , و هو قول ابن سيرين و أشهب من أصحاب مالك , و حكاه الخطّابي عن القفّال الشاشيّ الكبير من أصحاب الشافعي , و عن أبي إسحاق المروزيّ عن جماعة من أصحاب الحديث , و اختاره ابن المنذر ) .
و كذا قال الحافظ في الفتح ( 2/24 ) و الزّرقانيّ في شرح الموطأ ( 1/294 ) ص 48
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( 24/77 ) معلّقا على حديث عبد الله بن شقيق , عن ابن عباس ( فهذا ابن عباس لم يكن في سفر و لا في مطر , و قد استدلّ بما رواه على ما فعله , فعلم أنّ الجمع الذي رواه لم يكن في مطر , و لكن كان ابن عباس في أمر مهمّ من أمور المسلمين يخطبهم فيما يحتاجون إلى معرفته , و رأى أنّه إن قطعه و نزل فاتت مصلحته , فكان ذلك عنده من الحاجات التي يجوز فيها الجمع , فإنّ النبي صلى الله عليه و سلم كان يجمع بالمدينة لغير خوف و لا مطر , بل للحاجة تعرض له , كما قال أراد أن لا يحرج أمته ) ص 49
- المعلوم أنّ جمع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة و مزدلفة لم يكن لخوف و لا مطر و لا لسفر أيضا . ص 49
- شرح الشوكاني في نيل الأوطار ( 3/245 ) تعليل ابن عباس للجمع المذكور بقوله ( إنّما فعل ذلك لئلاّ يشق عليهم , و يثقل فقصد إلى التخفيف ) , ( و لم يعلّله بمرض و لا غير ) , و ( و إنّما شرع الجمع لئلاّ يحرج المسلمون ) كما قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( 25/231 ) ص 49
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- أحكام المسبوق عند الجمع : و له أربع صور :
1 - من جاء أثناء صلاة الظهر - عند الجمع بين الظهر و العصر - له أن يتم صلاته , ثم يلحق بصلاة العصر , و مثل ذلك من جاء أثناء صلاة المغرب عند الجمع بين المغرب و العشاء .
2 - من جاء عقب انتهاء صلاة الظهر , يدخل مع مصلي العصر بنية الظهر , و لمّا لم يدرك شيئا من الصلاة الأولى فإنّ الجمع يكون قد فاته .
3 - من جاء في أول الصلاة المجموعة - و هي العشاء - و لم يصلّ المغرب , ماذا يفعل ؟ قال شيخنا الألباني : هذا الرجل يقتدي بالإمام الذي يصلّي العشاء , و ينوي هو صلاة المغرب , فإذا قام الإمام إلى الركعة الرابعة , نوى هذا المأموم المفارقة بنية الإمام ثم جلس و تشهّد , و أتمّ صلاته وحده , فله - و الحالة هذه - أن يقوم بعد فراغه من الصلاة الأولى ليلحق الإمام بجزء من صلاة العشاء المجموعة , ثم يتمّ ما فاته , كالوضع الطبيعي المعتاد .
4 - من جاء بعد انتهاء الركعة الأولى - فما فوق - من صلاة العشاء - و هي المجموعة - , لا يجوز له الجمع , لأنه لم يدرك إلاّ ما يسع الصلاة الأولى , و أمّا الصلاة المجموعة فلم يدرك منها شيء . ص 56
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- الجمع في غير المسجد : و هو على قسمين :
الأول : البيت و المصلى : قال الإمام الشافعي في الأم ( 1/95 ) ( و لا يجمع أحد في بيته , لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المسجد , و المصلي في بيته مخالف المصلي في المسجد ) .
و الوجه في ذلك أن الخروج إلى المسجد مظنّة المشقّة بينما من كان في بيته أو في مصلى ملحق بعمله أو مدرسته , فإنّ مظنّة المشقة منفية عنه , و ليس تمّت عليه حرج في ذلك .
الثاني : المتفرد و الجماعة : فالكلام فيه متعلّق بنوعين من الجمع :
1 - عذر المطر و البرد و نحوهما
2 - العذر الشخصي , كالمرض و الأذى و الحرج الخاص , و نحو ذلك .
أما الأول , فلا يجوز إلا في جماعة - كما تقدم - لكونه عذرا عاما , و أما الثاني , فإنه جائز لكونه متعلقا بالمشقة التي تلحق المصلّي الفرد , و مقدارها , والضابط في هذا العذر أنّ الإنسان حسيب نفسه كما قال تعالى ( بل الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره ) ص 57
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- صلاة السنن عند الجمع :
قال النووي في روضة الطالبين ( و الصواب الذي قاله المحققون : إنه يصلي سنة الظهر التي قبلها , ثم يصلي الظهر ثم العصر , ثم سنة الظهر التي بعدها , ثم سنة العصر ) , و قد خالف بعض أهل العلم في ذلك , بحجة الأحاديث الورادة في النهي عن الصلاة بعد العصر , و هذا كلام غير صحيح وبيانه من وجهين : 1 - أن الوقت الحقيقي للعصر لم يدخل , وإنّما قدّم وقت العصر إلى الظهر , فالوقت الموجود - حقيقة - هو وقت الظهر , و لا نهي عن الصلاة في هذا الوقت , 2 - روى أحمد وأبوداود و الطيالسي و البيهقي و صحّحه ابن حزيمة و ابن حبّان وابن حزم والعراقيّ و ابن حجر , عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة ) .
و روى أبو يعلى عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تصلوا عند طلوع الشمس و لا عند غروبها , فإنّها تطلع و تغرب على قرن شيطان , وصلّوا بين ذلك ما شئتم ) و إسناده حسن .
قال شيخنا في السلسلة الصحيحة ( 1/561 ) معقّبا ( و في هذين الحديثين دليل على أنّ ما اشتهر في كتب الفقه من المنع عن الصلاة بعد العصر مطلقا - و لو كانت الشمس مرتفعة نقية - مخالف لصريح هذين الحديثين , و حجّتهم في ذلك الأحاديث المعروفة في النهي عن الصلاة بعد العصر مطلقا , غير أن الحديثين المذكورين يقيّدان تلك الأحاديث , فاعلمه ) .
قلت : و تبويب ابن خزيمة و ابن حبان دالّ على ما قال - حفظه الله و نفع به - , رحمه الله تعالى .
و عليه : فلا غضاضة على من أدّى صلاة السنن عقب جمعه صلاتي النهار - الظهر والعصر - , و لا حرج - أيضا - على من صلّى السنن مع الوتر عقب صلاتي الليل - المغرب والعشاء - حتى ولو لم يدخل الوقت الحقيقي للصلاة الثانية المجموعة , لكن :
لبعض أهل العلم وجه آخر غير جميع ما سبق , و هو أنّهم يقولون : عند الجمع لا تصلى السنن البتّة ! و حجّتهم في ذلك أنّه لم تنقل صلاة السنن عند الجمع بين الفريقين , كما نقل الجمع نفسه , و لا شرع إلاّ بنص ..... ,
و هي حجة متماسكة , لكن من الممكن أن تعكس على قائليها , فيقال لهم : الأصل في الصلاة ما هو معروف عنها أساسا بفرضها و رواتبها و ترتيبها , و لم يتغيّر شيء من ذلك إلاّ تقديم الفرض أو تأخيره - وهو الذي نقل - , أما السنن فباقية على حالها , و لا تحتاج إلى نقل جديد , اكتفاء بما هو معروف عنها في الأصل , و لطالما قدّم الفرض للعذر , فالسنّة من باب أولى , و عندي - والكلام طبعا للشيخ علي حسن - أن الأمر واسع , و لكل وجهة هو مولّيها , وليس من دليل يقطع الخلاف إلى أحد الرأيين سوى هذين العمومين .... و الله تعالى أعلم ص 59 إلى ص 62
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- القول المرضي عند جماهير العلماء أنه يجمع بمزدلفة و عرفة من كان أهله على مسافة القصر , و من لم يكن أهله كذلك , فإن النبي صلى الله عليه وسلم لمّا صلّى صلّى معه جميع المسلمين , أهل مكة و غيرهم , و لم يأمر أحدا منهم بتأخير العصر , و لا بتقديم المغرب ص 72
- أوسع المذاهب في الجمع بين الصلاتين مذهب الإمام أحمد , فإنه نص على أنه يجوز الجمع للحرج و الشغل , بحديث روي في ذلك - لعله يشير إلى حديث ابن عباس و هو متفق على صحته - ص 74
- الصلاة جمعا في المساجد أولى من الصلاة في البيوت مفرقة باتفاق الأئمة الذين يجوزون الجمع كمالك والشافعي و أحمد و الله تعالى أعلى و أعلم ص 75
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- لا يشترط للجمع و لا للقصر نيّة , و هو قول الجمهور من العلماء كمالك و أبي حنيفة و غيرهما , بل قد نصّ أحمد على أنّ المسافر له أن يصلي العشاء قبل مغيب الشفق , و علل ذلك أنّه يجوز له الجمع , و الصحيح أنه لا تشترط أيضا الموالاة بحال لا في وقت الأولى , و لا في وقت الثانية , فإنّه ليس لذلك حدّ في الشرع , و لأنّ مراعاة ذلك يسقط مقصود الرخصة ص 76
- قال الشيخ محمد شقرة في رسالته إرشاد الساري إلى عبادة الباري : ( يجوز الجمع مطلقا , سواء أكان جمع تقديم أو جمع تأخير , و سواء أكان في سفر أم في حضر , و سواء أكان في مطر أم في صحو , و سواء أكان في صحّة أم في سقم , و ذلكم إذا خشي المسلم فوت أمر أو مصلحة حضرته , يتحقق فيها النفع , و ينتفي منها الحرام , و شبهة الحرام , و سواء أكانت هذه المصلحة خاصة أم عامة , و ذلك صريح قوله عليه السلام , فيما رواه ابن عمر رضي الله عنه ( إذا حضر أحدكم الأمر يخشى فوته , فليصلّ هذه الصلاة , يعني الجمع بين الصلاتين ) السلسلة الصحيحة , و تقدير فوت هذا الأمر يعود إلى من يحضره , و هو يضع نصب عينيه تقوى الله سبحانه ) ص 81
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- قال السفاريني في شرح ثلاثيات المسند : الأفضل في الجمع الأرفق , كما فعل صلى الله عليه وسلم في أنّه كان يجمع تقديما حيث يكون مقيما في وقت الثانية فإذا دخل وقت الأولى في حال سيره أخّرها إلى وقت الثانية , فتكون الفضيلة بحسب المصلحة والحاجة , فإن استويا فالتأخير أفضل خروجا من خلاف من منع التقديم ص 81
- سبب الجدب والقحط ارتكاب المخالفات , كما أن الطاعة سبب البركات , قال تعالى ( و لو أنّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء و الأرض و لكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ) و قال تعالى ( و ألّو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا ) ص 95
- قال النووي في شرحه ( 6/187-188 ) : أجمع العلماء على أن الإستسقاء سنة , و كذا في التمهيد ( 17/172 ) لابن عبد البر .
و قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ( 2/492 ) ( و قد اتفق فقهاء الأمصار على مشروعية صلاة الإستسقاء , و أنها ركعتان.. ) ص 96
- قال النووي ( 6/188 ) شارحا الحديث : ( فيه استحباب الخروج للإستسقاء إلى الصحراء لأنه أبلغ في الإتقار و التواضع , و لأنها أوسع على الناس ) ص 96
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- صلاة الإستسقاء يجهر بها كما رواه البخاري ( 1024 ) عن عبد الله بن زيد و الخطبة فيها واحدة كما في حديث عائشة , و هي ركعتان كصلاة العيد , أما تعيين سور معينة فيها لم يصح , كما بينه شيخنا العلامة الألباني رحمه الله تعالى في تمام المنّة ( ص 264 ) ص 98
- الجمهور على أن تحويل الرداء يكون للنّاس - أيضا - كما هو للإمام , و السنة في التحويل جعل ما على الأيمن على الأيسر و عكسه كما قال أستاذنا العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في تعليقه على فتح الباري ( 1/498 ) و هو ما ذكره ابن عبد البر في الإستذكار ( 7/138 ) و أشار إلى أنه قول جمهور الفقهاء ص 98 و 99
- صلاة الإستسقاء ليس لها وقت معين يخرج فيه , و لكنها لا تفعل في أوقات النهي لعموم الأدلة كما في المغني ( 2/432 ) و غيره ص 99
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- قال الحافظ ابن حجر في الفتح ( 2/506-507 ) : ( و فيه إدخال - أي حديث الرجل الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يستسقي لهم و هو على المنبر يخطب للجمعة - دعاء الإستسقاء في خطبة الجمعة و الدعاء به على المنبر , و لا تحويل فيه و لا استقبال , و الإجتزاء بصلاة الجمعة عن صلاة الإستسقاء ) .
و في هذا الدعاء الخاص بالإستسقاء صحّ رفع الأيدي في الدعاء للإمام و المأمومين ص 100
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه نهى عن السّدل في الصلاة ) - مشكاة المصابيح 764 - و قد اختلف أهل العلم في معنى السّدل , و الذي يترجّح عندي - و الله أعلم - ما قاله الإمام ابن الأثير في النهاية ( 3/74 ) ( هو أن يلتحف بثوبه , و يدخل يديه من داخل , و يركع و يسجد و هو كذلك , و هذا مطّرد في القميص و غيره من الثياب ) و اختار صدّيق حسن خان في الروضة النديّة ( 1/82 ) .
و المعنى ظاهر و هو وضع الملابس - كالمعطف و نحوه - على الكتفين دون إدخال الأيدي في الأكمال .
و لكن روى مسلم في صحيحه ( 401 ) عن وائل بن حجر - رضي الله عنه - ( أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل في الصلاة كبّر , ثم التحف بثوبه , ثم وضع يده اليمنى على اليسرى , فلّما أراد أن يركع أخرج يده من الثوب ثم رفعها ... ) .
و الجمع بين المعنيين الواردين في الحديثين ينضبط بما قاله الإمام أبو عبيد القاسم بن سلاّم في غريب الحديث ( 3/482 ) ( السّدل : هو إسبال الرجل ثوبه من غير أن يضم جانبيه بين يديه فإن ضمّه فليس بسدل ) ص 103
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- روى البخاري ( 367 ) عن أبي سعيد الخدري أنّه قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اشتمال الصّمّاء ) قال ابن قتيبة : سمّيت صمّاء لأنه يسد المنافذ كلّها فتصير كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق .
قال الشيخ علي حسن : أي ليس فيها أكمام , و لا منافذ , كالبرنس يلبس على الجسد كله , و الطيسان يلبس فوق الكتفين , و كلاهما دون أكمام ص 105
- النهي عن السّدل و اشتمال الصماء نهي عام في الأوقات كلها صيفا و شتاءا , و يكثر - كما هو ظاهر - في الشتاء , فهذا لا يجيز فعله .. و لكن : روى أبو داود بسند صحيح ( في سننه 727 ) من حديث وائل بن حجر في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم , قال في آخره ( .... ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد شديد , فرأيت الناس عليهم جلّ الثياب تحرك أيديهم تحت الثياب ) فهذا تخصيص بالبرد الشديد لضرورة فتنبه ص 105
- نصّ أهل العلم رحمهم الله تعالى على كراهة استقبال الشمع والنار في الصلاة , و إن كان المصلّي لا يقصد ذلك , كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد صلاة الفجر و صلاة العصر لأنه وقت سجود المشركين للشمس ص 107
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- الصلاة على الراحلة أو السيارة خشية الضرر :
قال ابن تيمية في ( الإختيارات العلمية ص 75 ) : ( و تصح صلاة الفرض على الراحلة خشية الإنقطاع عن الرّفقة , أو حصول ضرر بالمشي )
قال ابن قدامة في المغني ( 2/323 ) : ( و إن تضرر بالسجود و خاف من تلوث يديه و ثيابه بالطين و البلل , فله الصلاة على دابته , و يومئ بالسجود ) قال الترمذي في سننه ( 2/268 ) : ( و العمل على هذا عند أهل العلم و به يقول أحمد و إسحاق ) ص 111
- الإمام هو سيّد الموقف - في مسألة الجمع في الصلاة - و هو الذي يتحمّل مسؤولية فعله بينه و بين ربّه , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( الإمام ضامن فإن أحسن فله و لهم , و إن أساء - يعني - فعليه و لهم ) أنظر السلسلة الصحيحة ( 1767 ) , فمن رضي بجمعه فليجمع , و من لم يرضى , و لم تطمئن نفسه به , فله أن يصلّي معه بنيّة النفل و التطوّع , أو أن ينصرف صامتا هادئا ص 114
- إقامة الصلاة في وقتها الأصلي بعد الجمع في المساجد : و هذا صنيع لا يتعارض مع الجمع , لأن من النّاس من لم يدركوا الجمع ففاتهم و منهم من لم يشهده أصلا لعمل أو علّة , فالمسجد المجموع فيه يؤذّن فيه في أوقات الصلاة المعتادة , و تقام فيه الصلاة على الوجه الطبيعي للسبب المذكور بقاءا على الأصل , و ليس يوجد نصّ يخالف ما ذكرت , و لا ريبة تعارض ما قررت و الله تعالى أعلم ص 115
رد: سلسلة الفوائد والنكت: أحكام الشتاء في السنة المطهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس :
روى البخاري ( 1959 ) عن أسماء بنت أبي بكر قالت : ( أفطرنا يوما من رمضان في غيم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ طلعت الشمس )
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( 25/231-232 ) : ( و هذا يدل على شيئين :1 - على أنه لا يستحب مع الغيم التأخير إلى أن يتيقن الغروب , فإنهم لم يفعلوا ذلك , و لم يأمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم , و الصحابة مع نبيّهم أعلم و أطوع لله و لرسوله ممّن جاء بعدهم .
2 - لا يجب القضاء , فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم لو أمرهم بالقضاء لشاع ذلك كما نقل فطرهم , فلمّا لم ينقل ذلك دلّ على أنّه لم يأمرهم به ) ص 118
- الدعاء مطلقا - عند المطر - مستحب لما رواه الشافعي في الأم ( 1/235 ) - و من طريقه البيهقي في المعرفة ( 7326 ) - مرسلا عن مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش , و إقامة الصلاة و نزول الغيث ) و هو - على إرساله - فيه إبهام ضعيف , لكنه ينجبر بما له من شواهد , ذكرها المنذري في الترغيب ( 1/116 ) , و ابن القيم في زاد المعاد ( 1/416 ) .
و جزم شيخنا الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ( 1469 ) بحسنه ص 128