فتاوى في سجود التِّلاوة ( للشيخ العلامة ابن جبرين )
بسم الله الرحمن الرحيم
’’ فتـاوى في سُجود التِّلاوة ‘‘
لسَمَاحَةِ الشَّيْخِ العَلَّامَةِ د. عَبْدِ اللَّـهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جِبْرِيْنٍ
ـ حَفِظَهُ اللَّـهُ تَعَالَى ، ورَعَاهُ ـ
قام بتنسيق الفتاوى ونشرها :
سَلمَانُ بْنُ عَبْدِ القَادِرِ أبُوْ زَيْدٍ
- غَفَرَ اللَّـهُ لَهُ ، ولِوَالدَيْهِ ، ولِمَشَايخِهِ ، ولجَمِيْعِ المُسْلِمِيْنَ -
تقديم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله وحده ، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه ، وبعد :
فقد رفع إلي الدكتور طارق بن محمد بن عبد الله الخويطر أسئلة تتعلق بسجود التلاوة ، وحكمه ، وشروطه ، وما يقال فيه ، وقد أجبت عليها باختصار لتناسب العامة والخاصة ، وقد أذنت له في تصحيحها ثم طباعتها ، والإشراف على الطبع والنشر ، وله الصلاحية فيما يراه من العنوان والكمية لأهليته لذلك .
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .
قاله وكتبه : عبد اللَّـه بن عبد الرَّحمن الجِبرين
عضو الإفتاء المتقاعد .
رد: فتاوى في سجود التِّلاوة ( للشيخ العلامة ابن جبرين )
« حكم سجود التِّلاوة »
س 1 : ما حكم سجود التلاوة ؟ .
ج 1 : سجود التلاوة سنة مؤكدة ، وليس بواجب ، سواء قيل إنه صلاة ، أو إنه عبادة مستقلة ، وإنما هو مشروع في حق القارئ والمستمع دون السامع .
والجمهور ( 1 ) على أن سجود التلاوة سنة مؤكدة ، وذهب أبو حنيفة ( 2 ) إلى أنه واجب وليس بفرض ، وقد ثبت أن عمر - رضي الله عنه - قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل ، حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجد الناس ، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها ، حتى إذا جاء السجدة قال : يا أيها الناس ، إنا نمرّ بالسجود ، فمن سجد فقد أصاب ، ومن لم يسجد فلا إثم عليه . وفي لفظ : إن الله لم يفرض علينا السجود ، إلا أن نشاء رواه البخاري ( 3 ) .
وفي الصحيحين عن زيد بن ثابت قال : « قرأت على النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم فلم يسجد فيها » متفق عليه ( 4 ) فعلى هذا يكون سجود التلاوة مستحبًّا ومؤكدًا ، فمن سجد فله أجره ، ومن لم يسجد فلا إثم عليه .
==========
( 1 ) بداية المجتهد 1 / 227، روضة الطالبين 1 / 319، الإقناع 1 / 154 .
( 2 ) تحفة الفقهاء 1 / 235، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية، الاختيارات / 60 .
( 3 ) برقم (1077) .
( 4 ) البخاري (1073) ومسلم (577) .
رد: فتاوى في سجود التِّلاوة ( للشيخ العلامة ابن جبرين )
« الطّهارة واستقبال للقبلة لسجود التّلاوة »
س 2 : هل يشترط لسجود التلاوة طهارة واستقبال للقبلة ؟
ج 2 : المشهور عن الإمام أحمد ( 1 ) أن سجود التلاوة صلاة ، فيشترط له ما يشترط للصلاة : من الطهارة ، وستر العورة ، واستقبال القبلة ، والتكبير للخفض والرفع ، والسلام ، على خلاف في بعض ذلك ، إلا أنهم أجازوا - أو بعضهم - التيمم ، إذا قرأ آية سجدة أو سمعها وهو محدث .
وذهب بعض المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية ( 2 ) إلى أن سجود التلاوة وسجود الشكر ليس بصلاة ؛ لأن أقل ما يسمى صلاة ركعة كاملة كما في الوتر ، فلا يسمى الجزء منها صلاة ؛ ولأن هذا السجود يحدث صدفة ويشق على الإنسان أن يكون دائمًا على وضوء ، وهذا القول أوجَه ؛ وعليه فيجوز للمحْدث السجود ، ويجوز لأهل الحلقة الكثيرين السجود ولو كان بعضهم مستدبر القبلة ؛ لمشقة انحرافهم جميعًا إلى جهة القبلة .
========
( 1 ) الإقناع 1 / 155 .
( 2 ) الاختيارات / 60 .
رد: فتاوى في سجود التِّلاوة ( للشيخ العلامة ابن جبرين )
« الأدعية الخاصة بسجود التّلاوة »
س 3 : ما الدعاء الذي يقال في سجود التلاوة داخل الصلاة وخارجها ، وهل يجوز الاقتصار على الدعاء دون قول سبحان ربي الأعلى ؟
ج 3 : ورد من الأدعية الخاصة بسجود التلاوة أو العامة لسجود التلاوة وسجود الصلاة أحاديث كثيرة منها : ما رواه أبو داود ( 1 ) وغيره ( 2 ) أنه يقول : اللهم إني لك سجدت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، وعليك توكلت ، سجد وجهي لله الذي خلقه وصوره ، وشق سمعه وبصره ، بحوله وقوته ، تبارك الله أحسن الخالقين ، اللهم اكتب لي بها أجرًا ، وضع عني بها وزرًا ، واجعلها لي عندك ذخرًا ، اللهم تقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود ، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام . ذكر هذه الأدعية ابن القيم في زاد المعاد ( 3 ) وغيره .
ويتأكد أن يبدأ سجوده بقول ( سبحان ربي الأعلى ) مرة على الأقل ؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : « اجعلوها في سجودكم » ( 4 ) وله أن يزيد على ذلك بما يناسبه .
======
( 1 ) برقم (1414) .
( 2 ) الترمذي (579، 580) .
( 3 ) 1 / 362 .
( 4 ) أبو داود (869) وابن ماجه (887) .
رد: فتاوى في سجود التِّلاوة ( للشيخ العلامة ابن جبرين )
« سجدة سورة ( ص ) »
س 4 : هل يسجد عند سجدة ( ص ) ؟
ج 4 : المشهور أنها ليست من السجدات المسنونة ، وقد روى أبو داود ( 1 ) عن ابن عباس قال : « ليس ( ص ) من عزائم السجود ، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها » .
وروى أيضًا ( 2 ) عن أبي سعيد قال : « قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر ، فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه ، فلما كان يوم آخر قرأها ، فلما بلغ السجدة تَشَزَّنَ ( 3 ) الناس للسجود ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما هي توبة نبي ، ولكن رأيتكم تَشَزَّنْتُم للسجود فنزل فسجد وسجدوا » .
وروى النسائي ( 4 ) عن ابن عباس : « أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في ( ص ) وقال : سجدها داود توبةً ، ونحن نسجدها شكرًا » .
واستدل بعض الصحابة على شرعية السجود فيها بقول الله - تعالى - : ﴿ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾ [ سورة الأنعام ، الآية : 90 ] أي : ما فيها من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقتدي بالأنبياء المذكورين في الآيات السابقة ومنهم داود ؛ فعلى هذا تكون سجدة شكر ، والمختار سجودها خارج الصلاة .
=====
( 1 ) برقم (1409) .
( 2 ) برقم (1410) .
( 3 ) التَّشَزُّن : التأهب والتهيؤ للشيء والاستعداد له . النهاية 2 / 471 .
( 4 ) برقم (958) .
رد: فتاوى في سجود التِّلاوة ( للشيخ العلامة ابن جبرين )
« سجود التلاوة لكل من يستمع القراءة »
س5 : هل يلزم سجود التلاوة لكل من يستمع القراءة ؟
ج5 : سجود التلاوة سنة وفضيلة ، وليس بواجب ؛ فقد روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه ذَكَرَ أنهم يمرون بآية السجود ، فمن شاء سجد ، ومن شاء ترك ، وأخبر بأنه لم يُكتب علينا أي : لم يكن واجبًا ( 1 ) .
وقد ذكر العلماء أنه يشرع السجود للقارئ والمستمع دون السامع ، والفرق فيها أن المستمع هو الذي ينصت لسماع القراءة ، ويتابع القارئ ، ويتأمل ويتعقل ما يستمعه من هذه القراءة ، فإذا سجد القارئ سجد معه المستمع ، وإن لم يسجد القارئ لم يسجد المستمع ؛ حيث إنه بمنزلة المأموم .
وأما السامع فهو الذي يسمع القراءة من بعيد ، ولم يكن متابعًا للقارئ ولا منصتًا لقراءته ، فهذا لا يشرع له السجود ، وإن سجد فلا بأس بذلك ، سيما إذا جمع آية السجدة ورأى القارئ سجد بعدها ، حتى ولو كان ماشيًا أو مشتغلا بغير الاستماع .
=====
( 1 ) البخاري (1077) .
رد: فتاوى في سجود التِّلاوة ( للشيخ العلامة ابن جبرين )
« السجود عبادة مستقلة »
س 6 : إذا كان الشخص يكرر سورة للحفظ فيها سجدة فهل يسجد عند كل قراءة ؟
ج 6 : يشرع له ذلك فإن السجود عبادة مستقلة ، وقربة وطاعة ، وهو أفضل أفعال الصلاة ؛ ولهذا يتقرب به مستقلا كسجود التلاوة وسجود الشكر ، ومع ذلك فإنه مستحب لا واجب ، فإن شق على القارئ تكرار السجود اكتفى بسجدة واحدة ، سواء في المرة الأولى أو فيما بعدها ، وهكذا لو سجد مرتين أي : في أول القراءة وفي آخرها ، فليس لذلك حد محدود .
رد: فتاوى في سجود التِّلاوة ( للشيخ العلامة ابن جبرين )
« السجود للتلاوة في وقت النهي »
س 7 : هل يسجد للتلاوة في وقت النهي ؟
ج 7 : اختلف في سجود التلاوة : هل هو صلاة أو ليس بصلاة ؟ ولعل المختار أنه ليس بصلاة كما رجح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( 1 ) فعلى هذا لا مانع من السجود وقت النهي ، حيث إن النهي إنما ورد عن مسمى الصلاة ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : « لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس » ( 2 ) فإن مسمى الصلاة إنما يقع على ما فيه القيام والقعود والركوع والسجود ، فلا تسمى السجدة الواحدة صلاة كسجدة الشكر وسجود التلاوة .
أما على القول بأنه صلاة كما اختاره كثير من الفقهاء ، وذكر ذلك ابن قدامة كما في المقنع ( 3 ) وفي مختصره ( 4 ) وشروحه( 5 ) فإن بعض العلماء منعوا من السجود وقت النهي مخافة التشبه بالنصارى الذين يسجدون للشمس عند طلوعها وعند غروبها ، فمنع من الصلاة في هذه الأوقات ؛ مخافة اعتقاد أن السجود لأجل الشمس ، وأجاز آخرون سجود التلاوة وقت النهي ولو كان عندهم صلاة ، وجعلوه من ذوات الأسباب ، كركعتي الطواف وتحية المسجد وإعادة الصلاة .
ولعل الصواب أنه يجوز في الوقت الموسع دون المضيق ، وهو عندما تنتصف الشمس للغروب وعند طلوعها حتى ترتفع قيد رمح .
======
( 1 ) الاختيارات / 60 .
( 2 ) متفق عليه ، البخاري (586) ومسلم (827) .
( 3 ) 1 / 206 .
( 4 ) زاد المستقنع مطبوع مع الروض المربع / 93 .
( 5 ) الشرح الكبير 1 / 209 ، الإنصاف 1 / 209 ، المبدع 2 / 27 .
رد: فتاوى في سجود التِّلاوة ( للشيخ العلامة ابن جبرين )
رفع اللَّـهُ قدركُم ،ونفع بكم ،وباركَ فيكُم.
رد: فتاوى في سجود التِّلاوة ( للشيخ العلامة ابن جبرين )
للشيخ أبو عبد الله حماد المراكشي كتاب ماتع في الموضوع ،،،،
رد: فتاوى في سجود التِّلاوة ( للشيخ العلامة ابن جبرين )
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلمان أبو زيد
رفع اللَّـهُ قدركُم ،ونفع بكم ،وباركَ فيكُم.
آمين ، ولكم بمثله ، بارك الله فيكم ،،،
رد: فتاوى في سجود التِّلاوة ( للشيخ العلامة ابن جبرين )
رد: فتاوى في سجود التِّلاوة ( للشيخ العلامة ابن جبرين )
رد: فتاوى في سجود التِّلاوة ( للشيخ العلامة ابن جبرين )
اقتباس:
وذهب بعض المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية ( 2 ) إلى أن سجود التلاوة وسجود الشكر ليس بصلاة ؛ لأن أقل ما يسمى صلاة ركعة كاملة كما في الوتر ، فلا يسمى الجزء منها صلاة ؛ ولأن هذا
السجود
يحدث صدفة
ويشق على الإنسان أن يكون دائمًا على وضوء
، وهذا القول أوجَه ؛ وعليه فيجوز للمحْدث
السجود
، ويجوز لأهل الحلقة الكثيرين
السجود
ولو كان بعضهم مستدبر القبلة ؛ لمشقة انحرافهم جميعًا إلى جهة القبلة
طالما فتوى بالرأي . . تحتاج الى تحرير ومراجعة . .
لا سجود لله الا على طهارة ولاسجود دون اتجاه للقبلة . .
. . ولا أعلم وجه التحقيق في مثل هذه الفتوى . .
..