الجهمي تارة يقول بالنفي و السلب و تارة يقول بالحلول و الاتحاد ؟
( سَبَبُ ذَلِكَ: أَنَّ الدُّعَاءَ وَالْعِبَادَةَ وَالْقَصْدَ وَالْإِرَادَةَ وَالتَّوَجُّهَ يَطْلُبُ مَوْجُودًا؛ بِخِلَافِ النَّظَرِ وَالْبَحْثِ وَالْكَلَامِ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ وَالْكَلَامَ وَالْبَحْثَ وَالْقِيَاسَ وَالنَّظَرَ يَتَعَلَّقُ بِالْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْقَلْبُ فِي عِبَادَةٍ وَتَوَجُّهٍ وَدُعَاءٍ سَهُلَ عَلَيْهِ النَّفْيُ وَالسَّلْبُ وَأَعْرَضَ عَنْ الْإِثْبَاتِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي حَالِ الدُّعَاءِ وَالْعِبَادَةِ فَإِنَّهُ يَطْلُبُ مَوْجُودًا يَقْصِدُهُ وَيَسْأَلُهُ وَيَعْبُدُهُ وَالسَّلْبُ لَا يَقْتَضِي إلَّا النَّفْيَ وَالْعَدَمَ فَلَا يَنْفِي فِي السَّلْبِ مَا يَكُونُ مَقْصُودًا أَوْ مَعْبُودًا )
( الْأَوَّلُ - الحلول - هُوَ الْغَالِبُ عَلَى عَامَّتِهِمْ وَعُبَّادِهِمْ وَأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَالتَّحْقِيقِ مِنْهُمْ
و الثَّانِي - السلب و النفي - هُوَ الْغَالِبُ عَلَى نُظَّارِهِمْ وَمُتَكَلِّمِيه ِمْ وَأَهْلِ الْبَحْثِ مِنْهُمْ وَالْقِيَاسِ فِيهِمْ. وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَجْمَعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ؛ فَفِي حَالِ نَظَرِهِ وَبَحْثِهِ يَقُولُ بِسَلْبِ الْوَصْفَيْنِ الْمُتَقَابِلَي ْنِ كِلَيْهِمَا.
فَيَقُولُ: لَا هُوَ دَاخِلُ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجُهُ.
وَفِي حَالِ تَعَبُّدِهِ وَتَأَلُّهِهِ يَقُولُ بِأَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَلَا يَخْلُو مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى يُصَرِّحُونَ بِالْحُلُولِ فِي كُلِّ مَوْجُودٍ - مِنْ الْبَهَائِمِ وَغَيْرِهَا - بَلْ " بِالِاتِّحَادِ " بِكُلِّ شَيْءٍ؛ بَلْ يَقُولُونَ " بِالْوَحْدَةِ " الَّتِي مَعْنَاهَا أَنَّهُ عَيْنُ وُجُودِ الْمَوْجُودَاتِ ) الفتاوى لابن تيمية
و عند التحقيق تجدهم لا يثبتون شيئا ؟
فيقول الحلولي
( الله في كل مكان لا كالشيء في الشيء ولا كالشيء على الشيء ولا كالشيء مع الشيء خارجا عن الشيء ولا مباينا للشيء !!
فيقال له إن أصل قولك القياس والمعقول فقد دللت بالقياس والمعقول على أنك لا تعبد شيئا لأنه لو كان شيئا ما خلا في القياس والمعقول أن يكون داخلا في الشيء أو خارجا عنه فلما لم يكن في ذلك شيئا استحال أن يكون كالشيء أو خارجا عن الشيء فوصفت لعمري ملتبسا لا وجود له وهو دينك وأصل مقالتك التعطيل )
تلبيس الجهمية
رد: الجهمي تارة يقول بالنفي و السلب و تارة يقول بالحلول و الاتحاد ؟
.............................. ...................
قال عبد العزيز بن يحيى الكناني المشهور، صاحب الشافعي، صاحب «الحيدة» في كتاب «الرد على الزنادقة والجهمية» و هو يناقش الجهمية في مسالة الاستواء .
لزمك أيها الجهمي أن تقول، إن الله عز وجل محدود، وقد حوته الأماكن إذا زعمت في دعواك أنه في الأماكن، لأنه لا يُعقل شيء في مكان إلا والمكان قد حواه، كما تقول العرب: فلان في البيت، والماء في الجُبِّ، والبيت قد حوى فلانًا والجُبُّ قد حوى الماء.
ويلزمك أشنع من ذلك، لأنك قلت أفظع مما قالت النصارى وذلك أنهم قالوا: إن الله عز وجل حلّ في عيسى، وعيسى بدن إنسان واحد، فكفروا بذلك وقيل لهم: ما أعظم الله تعالى إذ جعلتموه في بطن مريم! وأنتم تقولون: إنه في كل مكان، وفي بطون النساء كلها، وبدن عيسى، وأبدان الناس كلهم.
ويلزمك أيضًا أن تقول: إنه في أجواف الكلاب والخنازير، لأنها أماكن، وعندك أنه في كل مكان تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا!
فلما شنعت مقالته قال: أقول إن الله في كل مكان لا كالشيء في الشيء، ولا كالشيء على الشيء، ولا كالشيء خارجًا عن الشيء ولا مباينًا للشيء.
باب البيان لذلك: يقال له: أصل قولك القياس والمعقول، فقد دلَّلت بالقياس والمعقول، على أنك لا تعبد شيئًا، لأنه لو كان شيئًا ما خلا في القياس والمعقول، أن يكون داخلًا [في الشيء] أو خارجًا منه، فلما لم يكن في قولك شيءٌ، استحال أن يكون كالشيء في الشيء، أو خارجًا من الشيء، فوصفت شيئًا لا وجود له؛ وهو دينك وأصل مقالتك التعطيل »
بيان تلبيس الجهمية