الذاكرة.. حافظ عليها في الصغر تحميها في الكبر

الذاكرة.. حافظ عليها في الصغر تحميها في الكبر


رشا عرفة


رغم أن أمراض الذاكرة غالبا ما تصيب كبار السن إلا أن أعراضها المختلفة من ضعف ونسيان قد تظهر عند الإنسان وهو لايزال في العشرينات من عمره - دون أن تكون في صورة مرضية - ومع التقدم في العمر قد تتحول الأعراض إلى أمراض، والنسيان إلى فقدان، والاضطرابات إلى هذيان.
وإذا علم المرء منذ الصغر أن الذاكرة تشبه العضلات إذا تم تدريبها تنمو وتزدهر، وإذا لم يتم رعايتها تذوى وتضعف لساهم بشكل كبير في حماية ذاكرته من الأمراض عن الكبر، لكن ما هو الحال وقد تقدم الإنسان في العمر؟ وما هي الأمراض التي تصيب الذاكرة؟ وكيف يستطيع كبار السن تحسين ذاكرتهم؟ هذا ما سنتعرف عليها خلال هذا التقرير:
أمراض الذاكرة
تتعدد الأمراض التي تصيب الذاكرة عند كبار السن، وتتداخل فيما بينها، ومن بين هذه الأمراض: الخرف، والزهايمر، والهذيان.
الخرف أو العته يعنى حدوث خلل واضطراب في الوظائف المعرفية للمخ، وهو أحد المشاكل الشائعة بين المسنين، وأحد أسباب العجز والوفاة، ونظراً للتأثير الكبير الذي يحدثه هذا المرض على الأسرة والمجتمع ككل فإنه من الضرورى التشخيص المبكر لأعراضه لتسهيل الرعاية والعلاج.
والخرف طبيا يعني حدوث خلل واضطراب في الوظائف المعرفية للمخ تشمل خللا في الذاكرة واللغة وخللا في القدرة على تمييز الأبعاد في الفراغ والوظائف الإجرائية: (الحكم على الأشياء – التفكير التجريدى – التخطيط).
والخرف هو مجموعة من الأعراض تنتج عن إصابة المخ بأمراض عديدة ويمثل مرض الزهايمر 60% من مجموع أنواع الخرف بينما يمثل خرف الأوعية الدموية 10 – 20% وهذا النوع من الخرف ينتج عن خلل في الدورة الدموية بالمخ إما عن طريق جلطات متكررة أو جلطة وحيدة في أحد مراكز الذاكر ة في المخ .
وهناك كذلك الخرف المرتد، الذي يزول بزوال السبب، ومن أشهر أنواعه، الخرف وخلل الذاكرة المصاحب للاكتئاب، وهو ما يطلق عليه الخرف الكاذب، فبعلاج الاكتئاب تتحسن الذاكرة، وهناك الخرف الناتج عن نقص هرمون الغدة الدرقية، أو الناتج عن نقص فيتامين "ب12"، والخرف الناتج عن ورم بالمخ، والخرف الناتج عن استسقاء الدماغي ذو الضغط الطبيعي، والخرف الناتج عن الإصابة ببعض الأمراض المعدية مثل الزهري.
مرض الزهايمر، هو أحد الأمراض التي تصيب الذاكرة عند كبار السن، والزهايمر يعد إحدى المشكلات المرتبطة بالشيخوخة، فالمريض لا يعرف المحيطين به من الأهل والأصدقاء وينسي كل شئ حتى أسماء أقرب الناس إليه وتتدهور حالته العقلية بسرعة.
ويعتبر مرض الزهايمر مسئولا عن 60% من حالات العته، فهو يهاجم المخ ويؤثر على قوة الذاكرة والفهم والإدراك والكلام والقدرات الحركية عند الفرد، ومن أسباب الإصابه بهذا المرض، نقص مادة الأستيل كولين اللازمة للموصلات العصبية للمخ، وهذا المرض يجعل المريض يفقد إحساسه بالزمان والمكان، وقد يفقده القدرة على النطق.
وقد وجد أن هناك علاقة بين مستوى التعليم وحدوث المرض حيث تزيد نسبة المرض عند المستويات المنخفضة التعليم.
ولا توجد مقاييس بيولوجية كتحليل الدم مثلا أو عمل أشعة لاكتشاف المرض، لكن يتم التشخيص من خلال الحالة الاكلينيكية عن طريق الاخصائي النفسي.
الهذيان، مجموعة من الأعراض تدل على وجود خلل في وظائف المخ، ودرجة الوعى، وينتج عن سبب عضوي في المخ، أو نتيجة تناول بعض الأدوية، أوسوء التغذية، ومن أعراضه الهلاوس البصرية أو السمعية أو الحسية، وحدوث تغيير في درجة الوعى، وخلل في الوظائف المعرفية بالمخ.
مرض فقدان ذاكرة الاتجاه وهو ما أشارت إليه الدراسة التي أعدت من قبل الباحثين بمؤسسة "بيكريست روتمان" للبحوث العصبية في تورونتو بكندا، التي أوضحت أن كبار السن معرضون للإصابة بما يعرف بفقدان ذاكرة الاتجاه حول المعلومات التي يعتقدون أنهم سبق وأن أبلغوها لأحد الأشخاص الذين يتعاملون معه، وهم في الحقيقة لم يبلغوها لأحد، وفقدان ذاكرة الاتجاه هو نوع من أنواع تشتت انضباط السيطرة على الذاكرة واستخدامها، ما يتسبب في الكثير من أنواع الإحراج الاجتماعي للمسن، كما أنه يتسبب بنوع ضار من تشتيت نوعية ومستوى التواصل مع الأطباء وتبادل المعلومات معهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بعلاقة الطبيب بالمريض حول الأعراض التي قد يشكو منها المريض، أو أنواع الأدوية التي يتعين عليه تناولها أو غير ذلك. ويعلل الباحثون هذا الاضطراب في الذاكرة بأنه ناتج عن تدني قدرات الانتباه، والتركيز الذهني لدى كبار السن؛ ما يمنع المسن من التذكر بالضبط لمن سبق أن وجه الحديث.
الوقاية خير من العلاج
ولكي يستطيع المسن تحسين ذاكرته، أو التقليل من احتمال حدوث انتكاسات الذاكرة، رأى الباحثون ضرورة استخدام مجموعة متنوعة من الوسائل العقلية والتغييرات البسيطة في نمط الحياة والتي بإمكانها تحسين الذاكرة عند كبار السن منها:
- تدريب عقولنا؛ فالناشطون اجتماعياً والمنشغلون في ممارسة الأنشطة الإدراكية قد يكونون قادرين على تقليل شيخوخة المخ المعتادة، كذلك القيام بحل الكلمات المتقاطعة وممارسة ألعاب الذكاء؛ لأن هذا يحافظ على نشاط المخ.
- المشاركة في العمل التطوعي، وممارسة الهوايات، ومراجعة المعلومات المهمة.
- الحرص على تناول المكملات الغذائية؛ فكلما تقدم العمر تفقد الأمعاء الدقيقة قدرتها على امتصاص فيتامين ب12 الذي يقوي الذاكرة والوظائف العقلية الأخرى.
- تناول كميات كبيرة من الفاكهة؛ إذ تحتوي على مركبات كيميائية يطلق عليها الفلافونويد ومركبات مضادة للأكسدة تقلل من تأثيرات الشوارد الحرة، وهي بدورها جزيئات أكسجين غير مستقرة في الجسم قد تتلف الأوعية الدموية في المخ، وتزيد من خطورة الإصابة بانحدارات الذاكرة.
- تناول كميات كبيرة من الخضروات خاصة الجزر والكرفس والفلفل؛ إذ يحتوى على مادة اللوتيولين التي تساهم في الحدّ من مشاكل الذاكرة لدى الأشخاص المتقدمين في السنّ وهو ما أشارت إليه دراسة أمريكية، حيث قال الباحث رودني جونسون من جامعة إيلينوي التي نشرت دراسته في دورية "علم الغذاء" إن مادة اللوتيولين الموجودة في الجزر والكرفس والفلفل وزيت الزيتون والنعناع وإكليل الجبل والبابونج تتمتع بمميزات مضادة للالتهاب، وتساهم بشكل مباشر في تخفيض إنتاج مادة السيتوكين في الدماغ، التي تفرزها الخلايا الدعامية الصغيرة. وبين إن الالتهاب في الدماغ هو أحد أبرز العوامل المسببة لمشاكل الذاكرة، وأشار إلى أن السيتوكين يسبب أمراضاً مثل قلة النوم وفقدان الشهية والمشاكل في الذاكرة والاكتئاب.
- الحرص على ممارسة الرياضة بانتظام، فلقد أظهرت دراسة أمريكية حديثة أن السير لا يساعد كبار السن على الحفاظ على لياقتهم البدنية فحسب، بل قد يساعدهم أيضاً في الحفاظ على قدراتهم الذهنية، وأشارت الدراسة التي أجراها فريق من باحثي جامعة بيتسبرج بقيادة كيرك إريكسون أستاذ طب الأعصاب ، إلى أن السير مسافة عشرة كيلومترات أسبوعياً على الأقل يحمي من فقدان الذاكرة المرتبط بتقدم العمر.
- البعد عن مصادر التوتر، فالتعرض للتوتر بصفة مستمرة قد يعوق القدرة على تذكر المعلومات،وكذلك محاربة الإكتئاب.