(بين يدي الحج)
فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
الإدارة الشرعية
(بين يدي الحج)
فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
س 19: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا حجَّ الإنسان عدة مرات فهل الأفضل أن يترك الحج ويتصدق بنفقات الحج؟
فأجاب فضيلته بقوله-: هذا حسب ما تدعو الحاجة إليه، فإذا كان الناس في حاجة إلى الصدقة، فالصدقة أفضل، وإذا لم يكونوا في حاجة فالحج أفضل.
س20: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: تتوق النفس للحج ولكن نسمع كلمات من الناس لا ندري أهي صحيحة أم لا؟
يقولون: من حج فليترك المجال لغيره، مع أننا نعلم أن الله عز وجل أمرنا بالتزود، فهل قول الناس بأن من حج يترك المجال لغيره، صحيح؟ وإذا كان الإنسان إذا ذهب إلى الحج ربما نفع الله به عدداً كبيراً، سواء ممن يقدم إلى هذه البلاد أو من يصاحبهم من بلاده هو، فما تقولون وفقكم الله؟
فأجاب فضيلته بقوله-: هذا القول ليس بصحيح، أعني القول بأن من حجَّ فرضه فليترك المجال لغيره، لأن النصوص دالة على فضيلة الحج، وقد روي محن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "تابعوا بين الحج والعمرة: فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة" والإنسان العاقل يمكن أن يذهب إلى الحج ولا يؤذي ولا يتأذى إذا كان يعامل الناس بالرفق فإذا وجد مجالاً فسيحاً فعل ما يقدر عليه من الطاعة، وإذا كان المكان ضيقاً عامل نفسه وغيره بما يقتضيه هذا الضيق، ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - حين دفع من عرفة يأمر الناس بالسكينة، وشنق لناقته الزمام يعنى جذبه حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله من شدة جذبه للزمام، لكنه إذا وجد فجوة نصّ . قال العلماء: يعني إذا وجد متسعًا أسرع، فدل هذا على أن الحاج ينبغي له أن يتعامل مع الحالة التي هو عليها، فإذا وجد الضيق فليتأن في مشيه وليرفق بالناس وبهذا لا يتأذى ولا يؤذي، فهذا الذي نراه في هذه المسألة، يحج ويستعين الله تعالى على الحج، ويقوم بما يلزمه من واجبات، ويحرص على أن لا يؤذي أحداً، ولا يتأذى بقدر المستطاع.
ولو فرض أن هناك مصلحة أنفع من الحج مثل أن يكون بعض المسلمين محتاجاً إلى الدراهم للجهاد في سبيل الله، فالجهاد في سبيل الله أفضل من الحج النافلة، وحينئذ يصرف هذه الدراهم إلى المجاهدين، أو كان هناك مسغبة يعني جوعاً شديداً على المسلمين، فهنا صرف الدراهم في إزالة المسغبة أفضل من الحج بها.
س 21: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حدَّث عن ربه أنه قال: "إن عبداً أصححت له جسمه، ووسعت عليه يمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إليَّ لمحروم " هل هذا الحديث ثابت، وهل يشمل الحج والعمرة؟
فأجاب فضيلته بقوله-: لا أدري عن صحته و لا يمكن أن يثبت هذا إذا كان مراده الحج والعمرة، لا يثبت أبداً؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صح عنه أنه لما ذكر الحج قال له الأقرع بن حابس: أفي كل عام يا رسول الله؟ قال: "لو قلت نعم لوجبت، الحج مرة فما زاد فهو تطوع " ولو صح هذا الحديث لكان ما زاد فيه التطوع وفيه الواجب، فأظن هذا الحديث لا يصح.
س 22: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ذكرتم في أحد دروسكم أنه يشرع في أيام العشر الرحيل إلى بيت الله الحرام لأداء العمرة، أليس في ذلك مشقة ومضايقة لمن أتى مكة لأداء العمرة والحج؟
فأجاب فضيلته بقوله-: نحن نريد لأداء العمرة والحج، ونريد أيضاً لأداء العمرة، لأن العمرة مشروعة في أشهر الحج التي أولها شوال وآخرها ذو الحجة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعتمر إلا في أشهر الحج، حتى إن بعض العلماء تردد: هل العمرة في أشهر الحج أفضل، أو العمرة في رمضان أفضل؟ لأن عُمُرَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - كلها في أشهر الحج: عمرة الحديبية في ذي الحجة في أشهر الحج، وعمرة القضاء في ذي القعدة في أشهر الحج، عمرة الجعرانة في ذي القعدة في أشهر الحج، وعمرة حجته في ذي الحجة أيضاً في أشهر الحج. فلو أن الإنسان تيسر له أن يأتي بالعمرة في أشهر الحج في ذي القعدة أو في شوال يكون طيباً، لكن كلامنا حيث قلنا: يرتحل الناس إلى مكة لأداء العمرة والحج، أو لأداء العمرة وحدها. نريد الأمرين جميعاً.
وأما مسألة التضييق فقد قال بعض المعاصرين: ينبغي للإنسان إذا أدى الفريضة أن لا يحج لأنه يضيق على الناس، ولكننا لا نرى هذا الرأي، نقول: الحج رغب فيه الشرع وحث عليه، لكن بعد القدرة. والزحام والمشقة لا تكون إلا من سوء التصرف، ولو أن الناس عملوا بهدوء وطمأنينة وخشوع، ما حصلت هذه الأذية، ولهذا نرى أن الناس إذا كانوا يؤدون المناسك بهدوء وخشوع، وتعبد لله لا يحصل لهم أذية أبداً، لأنه كل ماشي على درجة الأذية تحصل من الجدال والمخاصمة والمغالبة لا من الكثرة.
س 23: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما قولكم بمقالة العامة: من حج فرضه فليقعد بأرضه. كذلك النساء هل يمنع الولي زوجته أو أبنته أو أخته من الحجِ بحجة الزحام وهي تريد التطوع؟ أم أن الأفضل التزود خصوصاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سماه جهاداً، والجهاد يرغب فيه، ويتزود منه، وما رأيكم بمن يقول: (لا تزاحموا الناس) أرجو التفصيل.
فأجاب فضيلته بقوله-: هذا السؤال سبق الجواب عنه، قلنا: الأفضل أن يحج، ولكن يحرص على أن لا يتأذى ولا يؤذي بالمزاحمة، وأن غالب المشقة التي تحصل إنما هي من سوء التصرف فيما بين الناس.
س24: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة تقول: يحصل لي الحج في كل عام- ولله الحمد- وقد قال لي بعض الناس بأن عملي هذا فيه أذية للمسلمين، حيث إني أضيق عليهم رغم أني أفيد من يذهب معنا من النساء بالتوجيه والإرشاد، فما رأي فضيلتكم وتوجيهكم لي جزاكم الله خيرًا؟
فأجاب فضيلته بقوله-: أرى أن هذه المرأة التي يستفيد منها النساء بالتوجيه والإرشاد أن تحج، ومسألة التضييق إذا لم تضيق هي ضيق غيرها، فإذا كانت في حملة توجه النساء وترشدهن فلا شك أن حجها أفضل من بقائها. أما إذا كانت من عامة النساء فإننا نقول: إعانة من أرادت الحج فريضة بالمال الذي تحج به أفضل، لأن الإنسان إذا أعان أخاه في عبادة فكأنه فعلها، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "من أعان غازياً فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا" .
س 25: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: بعض الناس ينصح من حج أن لا يحج مرة ثانية وثالثة بحجة أن يفسح لغيره المجال، ما رأيك في هذا القول؟
فأجاب فضيلته بقوله-: أنا أتوقف في هذا. فتارة أقول: إذا رأينا الزحام الشديد وأن الإنسان يتعب بنفسه في أمر قد يكون بقاؤه في بلده أخشع وأتقى لله، لأنه في بلده سوف يقيم على ذكر، وتكبير وقراءة قرآن وصيام، وصدقة، وإحسان، ويؤدي العبادات مطمئناً فيه، فتارةً: أقول هذا أفضل. وتارةً إذا رأيت الأدلة على الحث على الحج وبيان فضله أقول: إن الحج أفضل، ثم إذا رأيت أيضاً أن الحجاج بعضهم يحج فريضة وبعضهم نافلة، ولا شك أن أمكنة المناسك والمشاعر لمن يؤدي الفريضة أولى، لأنهم أحق بها، ممن يحج متطوعاً، وأنا متردد في هذا، أخشى أن قلت: لا تحجوا والنصوص جاءت بالحث على الحج أن يكون في هذا إثم عظيم. وإذا نظرت إلى المفاسد وتخفيف الضرر على الناس قلت: عدم الحج أفضل، ومن عنده فضل مال فأبواب الخير كثيرة.
س 26: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أنا شاب سبق لي أداء الحج أكثر من مرة ولله الحمد والمنة، فما هو الأفضل في حقي الآن: أحج لنفسي أم أتبرع بتكاليف الحج لمسلم لم يؤدِ الفريضة فأدفع ذلك المال إلى مكتب الجاليات أو غيره؟
فأجاب فضيلته بقوله: الأفضل أن تعطيه من يستعين به على أداء الفريضة، ولعله يكتب لك إن شاء الله أجره، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من جهز غازياً فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا" .
س 27: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل المتوكل بالحج عن شخص آخر يناله ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ".
فأجاب فضيلته بقوله-: يتوقف الجواب على هذا السؤال: هل هذا الرجل حج عن نفسه أو عن غيره؟ الجواب: أنه إنما حج عن غيره، ولم يحج لنفسه، فلا يدرك الأجر الذي قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -: لأنه إنما قام بالحج عن غيره، لكنه إن شاء الله إذا قصد نفع أخيه، وقضاء حاجته فإن الله تعالى يثيبه.
س 28: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل ورد شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضل كون الحج يوم الجمعة؟
فأجاب فضيلته بقوله-: لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضل الجمعة إذا صادف يوم عرفة، لكن العلماء يقولون: إن مصادفته ليوم الجمعة فيها خير: أولا: لتكون الحجة كحجة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - صادف وقوفه بعرفة يوم الجمعة.
وثانياً: أن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه الله إياه. فيكون ذلك أقرب إلى الإجابة.
وثالثاً: أن يوم عرفة عيد ويوم الجمعة عيد، فإذا اتفق العيدان كان في ذلك خير. وأما ما اشتهر من أن حجة الجمعة تعادل سبعين حجة فهذا غير صحيح.
س 29: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: يعتقد بعض الناس أن العمرة أمر واجب على كل مسلم في رمضان، فهل هذا صحيح؟
فأجاب فضيلته بقوله-: هذا غير صحيح، والعمرة واجبة مرة واحدة في العمر، ولا تجب أكثر من ذلك، والعمرة في رمضان مندوب إليها؟ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عمرة في رمضان تعدل حجة".
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإخواننا المسلمين لما يحب ويرضى، إنه جواد كريم.
س 30: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حج جماعة وأدوا جميع مناسك الحج، وعندما أرادوا أخذ العمرة بعد إتمام المناسك، قال لهم أحد الحجاج الذين معهم: لا داعي لأخذ العمرة فحجكم تام. فلم يعتمروا علما بأنهم مفردين، ولأول مرة يؤدوا الفريضة، فهل حجهم تام أم لا؟ وإذا لم يكن تامًا فماذا عليهم في ذلك، وفقكم الله لخدمة الإسلام والمسلمين.
فأجاب فضيلته بقول-: حجهم تام ما دام أنهم أتوا فيه على الأمر المشروع، وليس من شرط تمام الحج أداء العمرة، لكن العمرة ما داموا لم يعتمروا من قبل واجبة عليهم إن استطاعوا إليها سبيلا، فمتى تهيأ لهم السفر إلى مكة ليؤدوا العمرة في أي زمن وجب عليهم أداؤها.
س 31: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم عمرة المكي وهل هي بدعة كلما قيل؟
فأجاب فضيلته بقوله-: هذا القول الذي ذكره السائل ذهب إليه بعض العلماء، وقالوا: إن المكي لا عمرة له. ولكن ظاهر الأدلة على خلافه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين وقت المواقيت "هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد الحج أو العمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة" فهذا يدل على أن العمرة قد تكون لأهل مكة، لكن إذا أرادوا العمرة فلا بد أن يخرجوا إلى التنعيم أو غيره من الحل، ليحرموا منه. والله أعلم.
س32: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: يقول السائل بعد أيام نستقبل عشرة ذي الحجة فما نصيحتك للجميع، ونرجو بيان فضلها والأعمال التي تسن فيها؟
فأجاب فضيلته بقوله-: عشرة ذي الحجة تبتدىء من دخول شهر ذي الحجة، وتنتهي بيوم عيد النحر، والعمل فيها قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر" قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء" وعلى هذا فإني أحث إخواني المسلمين على اغتنام هذه الفرصة العظيمة، وأن يكثروا في عشر ذي الحجة من الأعمال الصالحة، كقراءة القرآن والذكر بأنواعه: تكبير، وتهليل، وتحميد، وتسبيح، والصدقة والصيام، وكل الأعمال الصالحة.
والعجب أن الناس غافلون عن هذه العشر تجدهم في عشر رمضان يجتهدون في العمل لكن في عشر ذي الحجة لا تكاد تجد أحداً فرَّق بينها وبين غيرها، ولكن إذا قام الإنسان بالعمل الصالح في هذا الأيام العشرة إحياء لما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الأعمال الصالحة. فإنه على خير عظيم. هذه العشرة إذا دخلت والإنسان يريد أن يضحي فإنه لا يأخذ من شعره، ولا من ظفره، ولا من بشرته شيئاً، كل هذه لا يأخذ منها إذا كان يريد أن يضحي. فأما الذي يضحى عنه فلا حرج عليه، وعلى هذا فإذا أراد الإنسان أن يضحي عنه وعن أهل بيته بأضحية واحدة كما هي السنة، فإن أهل البيت لا يلزمهم أن يمسكوا عن الشعر، وعن الظفر، وعن البشرة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فإذا أراد أحدكمِ أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئاً" فوجه الخطاب لمن يريد أن يضحي.
ولكن لو قال قائل: إذا كان هذا الذي يريد أن يضحي سافر للحج فسوف يؤدي العمرة ويقصر مع أنه أوصى أهله أن يضحوا؟
نقول: هذا لا يضر، لأن التقصير في العمرة نسك لابد من فعله، وكذلك التقصير في الحج والحلق لا بأس به.
س 33: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما هي الفضائل في شهر ذي الحجة؟
فأجاب فضيلته بقوله-: شهر ذي الحجة المراد العشر ينبغي للإنسان في هذا الشهر أن يكثر من الأعمال الصالحة من الصلاة، والصدقة والصيام أيضاً، لأنه سوف يصوم الأيام التسعة، وكذلك كل عمل صالح، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر" قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء" .
س 34: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا كان الإنسان عليه ذنوب من كبائر، ثم حج فهل يمحو الله عنه هذه الذنوب بعد التوبة، أرشدني جزاك الله خيراً؟
فأجاب فضيلته بقوله-: إذا تاب الإنسان من الذنوب وإن لم يحج، وكانت التوبة نصوحًا، فإن الله يمحوها عن آخرها، قال الله تبارك تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ) هو أي يشرك باللّه، أو يقتل النفس، أو يزني (يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ) [سورة الفرقان، الآيات: 68 - 70] فأنت إذا تبت إلى الله توبة نصوحًا وإن لم تحج فإن الله تبارك وتعالى يمحو سيئاتك.
س 35: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قلنا عن الحج: إنه يكفر الذنوب، ويعود الحاج كيوم ولدته أمه. فالحديث الذي قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه للصحابي الذي اشترط أن يغفر له ما سبق قال: "ألم تعلم أن الإسلام يهدم ما قبله، وأن الحج يهدم ما قبله " أفي هذا دليل على أن كبائر الذنوب كذلك تغفر بالحج؟
فأجاب فضيلته بقوله-: ظاهر الحديث "من حج فلم يرفث ولم يفسق " إذا أتى بهذا القيد "رجع كيوم ولدته أمه " وكذلك حديث عمرو بن العاص الذي أشرت إليه هو: "أن الحج يهدم ما قبله " ظاهره العموم فهو يهدم كل شيء ما عدا الكفر، فلابد فيه من توبة.
س 36: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: قال بعض علماء الحديث إن كبائر الذنوب لا تغفر إلا بالتوبة؟
فأجاب فضيلته بقوله-: يقال هذا ظاهر الحديث، وليس لنا أن نعدو الظاهر إلا بدليل، وهذا الذي ذكره السائل ذكره بعض العلماء، قالوا: إذا كانت الصلوات الخمس لا تكفر إلا إذا اجتنبت الكبائر، وهي أعظم من الحج وأحب إلى الله، فالحج من باب أولى، لكن نقول: هذا ظاهر الحديث: ولله تعالى في حكمه شئون، والثواب ليس فيه قياس، والحمد لله أنت احتسب على ربك هذا فلعل الله عز وجل أن يؤتيك إياه.
س 37: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: هل الكبائر يكفرها الحج؟
فأجاب فضيلته بقوله-: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين: ظاهر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه " وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" أن الحج المبرور يكفر الكبائر، ويؤيد هذا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" فإن تكفير العمرة إلى العمرة لما بينهما مشروط باجتناب الكبائر، ولكن يبقى النظر: هل يتيقن الإنسان أن حجه كان مبروراً؟ هذا أمر صعب، لأن الحج المبرور ما كان مبروراً في القصد والعمل، أما في القصد فأن يكون قصده بحجه التقرب إلى الله تعالى والتعبد له بأداء المناسك بنية خالصة لا يشوبها رياء، ولا سمعة، ولا حاجة من حوائج الدنيا، إلا ما رخص فيه في قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ) [سورة البقرة، الآية: 198] وكذلك المبرور في العمل بأن يكون متبعاً رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أداء المناسك، مجتنباً فيه ما يحرم على المحرم في العمل بخصوصه وما يحرم على عامة الناس، وهذا أمر صعب، لا سيما في عصرنا هذا، فإنه لا يكاد يسلم الحج من تقصير وتفريط، أو إفراط ومجاوزة، أو عمل سيىء، أو نقص في الإخلاص؛ وعلى هذا فلا ينبغي للإنسان أن يعتمد على الحج، ثم يذهب يفعل الكبائر، ويقول: الكبائر يكفرها الحج. بل عليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى من فعل الكبائر. وأن يقلع عنها ولا يعود، ويكون الحج نافلة أي زيادة خير في الأعمال الصالحة.
ومن الكبائر ما يكون لبعض الناس اليوم، بل لكثير من الناس من الغيبة، وهي أن يذكر أخاه غائباً بما يكره، فإن الغيبة من كبائر الذنوب، كما نص على ذلك الإمام أحمد رحمه الله، وقد صورها الله عز وجل بأبشع صورة، فقال تعالى: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ) [سورة الحجرات، الآية: 12] ومن المعلوم أن الإنسان لا يحب أن يأكل لحم أخيه لا حياً ولا ميتاً، وكراهته لأكل لحمه ميتاً أشد، فكيف يرضى أن يأكل لحم أخيه بغيبته في حال غيبته، والغيبة من كبائر الذنوب مطلقاً، وتتضاعف إثماً وعقوبة كلما ترتب عليها سوءً أكثر، فغيبة القريب ليست كغيبة البعيد؛ لأن غيبة القريب غيبة وقطع رحم، وغيبة الجار ليست كغيبة بعيد الدار؛ لأن غيبة الجار منافية لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم جاره " ووقوع في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن: من لا يأمن جاره بوائقه " فإن غيبة الجار من البوائق، وغيبة العلماء ليست كغيبة عامة الناس، لأن العلماء لهم من الفضل والتقدير والاحترام ما يليق بحالهم، ولأن غيبة العلماء تؤدي إلى احتقارهم وسقوطهم من أعين الناس، وبالتالي إلى احتقار ما يقولون من شريعة الله، وعدم اعتبارها، وحينئذ تضيع الشريعة بسبب غيبة العلماء، ويلجأ الناس إلى جهالٍ يفتون بغير علم، وكذلك غيبة الأمراء وولاة الأمور الذين جعل الله لهم الولاية على الخلق، فإن غيبتهم تتضاعف، لأن غيبتهم توجب احتقارهم عند الناس وسقوط هيبتهم، وإذا سقطت هيبة السلطان فسدت البلدان، وحلت الفوضى والفتن، والشر والفساد، ولو كان هذا الذي يغتاب ولاة الأمور، يقصد الإصلاح، فإن ما يفسد أكثر مما يصلح، وما يترتب على غيبة ولاة الأمور أعظم من الذنب الذي ارتكبوه، لأنه كلما هان شأن السلطان في قلوب الناس تمردوا عليه ولم يعبئوا بمخالفته ولا بمنابذته، وهذا بلا شك ليس إصلاحاً، بل هو إفساد وزعزعة للأمن ونشر للفوضى، والواجب مناصحة ولاة الأمور من العلماء والأمراء على وجه تزول به المفسدة، وتحل به المصلحة، بأن يكون سرًّا وبأدب واحترام، لأن هذا أدعى للقبول وأقرب إلى الرجوع عن التمادي في الباطل، وربما يكون الحق فيما انتقده عليه منتقد، لأنه بالمناقشة يتبين الأمر، وكم من عالم أغتيب وذكر بما يكره، فإذا نوقش هذا العالم تبين أنه لم يقل ما نسب إليه، وأن ما نسب إليه كذب باطل، يقصد به التشويه والتشويش والحسد، وربما يكون ما نسب إليه حقاً، ولكن له وجهة نظر تخفى على كثير من الناس، فإذا نوقش وبين وجهة نظره ارتفع المحظور. أما كون الإنسان بمجرد ما يؤتى له عن ولي الأمر من أمير، أو عالم يذهب فيشيع السوء ويخفي الصالح، فهذا ليس من العدل وليس من العقل، وهو ظلم واضح، قال الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا) يعني لا يحملكم بغضهم على ترك العدل، (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [سورة المائدة، الآية: 8] فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا أسباب الشر والفساد وأن يؤلف بين قلوبنا، وأن يجعلنا من المحتابين فيه، المتعاونين على البر والتقوى، إنه على كل شيء قدير.
س 38: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: كليف يكون الحج مبروراً؟ وكيف تكون العمرة صحيحة وهل لها طواف وداع؟
فأجاب فضيلته بقوله-: الحج المبرور هو ما جمع الإخلاص والمتابعة لرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأن يكون من كسب طيب، وأن يتجنب فيه الرفث والفسوق والجدال، وأن يحرص على العلم بصفة حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليطبقها.
وأما العمرة فإنها حج أصغر، فيها طواف وسعي وتقصير، ولها طواف وداع كالحج، إلا إذا سافر من حين انتهائها، مثل أن يطوف ويسعى ويقصر، ثم يمشي راجعاً إلى بلده، فهنا لا يحتاج إلى طواف وداع اكتفاءً بالطواف الأول، لأنه لم يفصل بينه وبين السفر إلا السعي والتقصير، وهما تابعان للطواف.
س 39: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: إذا حج من لا يصلي ولا يصوم فما حكم حجه وهو على تلك الحال؟ وهل يقضي ما ترك من العبادات إذا تاب إلى الله عز وجل؟
فأجاب فضيلته بقوله-: ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة، موجب للخلود في النار، كما دل على ذلك الكتاب، والسنة، وقول السلف- رحمهم الله- وعلى هذا فهذا الرجل الذي لا يصلي لا يحل له أن يدخل مكة، لقوله تعالي: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) [سورة التوبة، الآية: 28].
وحجه وهو لا يصلي غير مجزىء ولا مقبول، وذلك لأنه وقع من كافر، والكافر لا تصح منه العبادات، لقوله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) [سورة التوبة، الآية: 54] .
وأما بالنسبة لما ترك من الأعمال السابقة فلا يجب عليه قضاؤها، لقوله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) [سورة الأنفال، الآية: 38] فعلى من وقع في ذلك أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، ويستمر في فعل الطاعات والتقرب إلى الله عز وجل بكئرة الأعمال الصالحة، ويكثر من الاستغفار والتوبة، وقد قال الله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)) [سورة الزمر، الآية: 53] وهذه الآية نزلت في التائبين، فكل ذنب يتوب العبد منه ولو كان شركاً باللّه عز وجل فإن الله يتوب عليه.
س 40: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: أرى كثيراً من الناس يؤدون فريضة الحج ويصومون شهر رمضان مع أنهم لا يصلون، فما حكم ذلك؟ أفيدونا بارك الله فيكم؟
فأجاب فضيلته بقوله-: هذه المسألة مسألة عظيمة وخطيرة، يقع فيها بعض الناس، بأن يكونوا يصومون، ويحجون، ويعتمرون، ويتصدقون، ولكنهم لا يصلون: فهل أعمالهم الصالحة هذه مقبولة عند الله عز وجل أم مردودة؟ هذا ينبني على الخلاف في تكفير تارك الصلاة، فمن قال: إنه لا يكفر. قال: إن هذه الإعمال مقبولة. ومن قال: إنه يكفر. قال: إن هذه الأعمال غير مقبولة. ومرجع خلاف العلماء ونزاعهم إلى كتاب الله تعالى وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لقوله تعالى: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) [سورة الشورى، الآية: 10] وقوله: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) [سورة النساء، الآية: 59] ونحن إذا رددنا نزاع العلماء في هذه المسألة إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وجدنا أن كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - يدلان على أن تارك الصلاة كافر، وأن كفره أكبر مخرج عن الملة، فمن ذلك قوله تعالى في المشركين: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) [سورة التوبة، الآية: 11] فإن هذه الجملة الشرطية تدل على أنه لا تتم الإخوة لهؤلاء إلا بهذه الأمور الثلاثة: التوبة من الشرك، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. وإذا كانت هذه الجملة الشرطية فإن مفهومها أنه إذا تخلف واحد منها لم تثبت الأخوة الدينية بيننا وبينهم، ولا تنتفي الأخوة الدينية بين المؤمن وغيره إلا بانتفاء الدين كله، ولا تنتفي بالمعاصي وأن عظمت، لأن أعظم المعاصي قتل المؤمن، وقال الله تعالى فيه: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)) [سورة النساء، الآية: 93] فمع ذلك قال الله تعالى في آية القصاص: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ) [سورة البقرة، الآية: 178] فجعل الله تعالى القتيل أخاً للقاتل، مع أن القاتل قتله وهو مؤمن، وقتل المؤمن من أعظم كبائر الذنوب بعد الشرك، وهذا دليل على أن المعاصي وإن عظمت لا تنتفي بها الأخوة الدينية. أما الكفر فتنتفي به الأخوة الدينية، فإن قلت: هل تقول بكفر من منع الزكاة بخلاً؟ قلت: لو لا الدليل لقلت به، بناء على هذه الآية، ولكن هناك دليل رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- في مانع الزكاة حيثما ذكر عقابه، ثم قال بعد ذلك: "ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار" وكونه يرى سبيله إلى الجنة دليل على أنه لم يخرج من الإيمان، وإلا ما كان له طريق إلى الجنة. وأما من السنة فمثل قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه جابر- رضي الله عنه- "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" أخرجه مسلم في صحيحه، وقوله - صلى الله عليه وسلم – فيما رواه بريدة وأخرجه أهل السنن: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" هذا هو الكفر المخرج عن الملة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل بين إسلام هذا الرجل وكفره فاصلاً وهو ترك الصلاة، والحد الفاصل يمنع من دخول المحدودين بعضهما ببعض، فهو إذا خرج من هذا دخل في هذا، ولم يكن له حظ من الذي خرج منه، وهو دليل واضح على أن المراد بالكفر هنا الكفر المخرج عن الملة، وليس هذا مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت " لأنه قال: (هما بهم كفر) أي أن هذين العملين من أعمال الكفر، وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام في: "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر" فجعل الكفر منكراً عائداً على القتال، أي أن القتال كفر بالأخوة الإيمانية ومن أعمال الكافرين، لأنهم هم الذين يقتلون المؤمنين، وقد جاء في الآثار عن الصحابة- رضي الله عنهم- كفر تارك الصلاة. فقال عبد الله بن شقيق وهو من التابعين الثقاة: "كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة" ونقل إجماع الصحابة على أن تارك الصلاة كافر كفرًا مخرجًا عن الملة. إسحاق بن راهويه الإمام المشهور، والمعنى يقتضي ذلك فإن كل إنسان في قلبه إيمان يعلم ما للصلاة من أهمية، وما فيها من ثواب، وما في تركها من عقاب، من يعلم ذلك لا يمكن أن يدعها، خصوصاً إذا كان قد بلغه أن تركها كفر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة، فإنه لا يمكن أن يدعها ليكون من الكافرين، وبهذا علمنا أن دلالة الكتاب والسنة، وآثار الصحابة، والاعتبار الصحيح كلها تدل على أن من ترك الصلاة فهو كافر كفرًا مخرجًا عن الملة. وقد تأملت ذلك كثيراً، ورجعت ما أمكن مراجعة من كتب في هذه المسألة، وبحثت مع من شاء الله ممن تكلمت معه في هذا الأمر، ويتبين لي أن القول الراجح أن تارك الصلاة كافر كفرًا مخرجّاً عن الملة. وتأملت الأدلة التي استدل بها من يرون أنه ليس بكافر، فرأيتها لا تخلو من أربع حالات: إما أن لا يكون فيها دليل أصلاً، وإما أن تكون مقيدة بوصف يمتنع معه ترك الصلاة، أو مقيدة بحال يعذر فيها من ترك الصلاة، لكون معالم الدين قد اندثرت، وإما لأنها عامة مخصصة بأحاديث أو بنصوص كفر تارك الصلاة، ومن المعلوم عند أهل العلم أن النصوص العامة تخصص بالنصوص الخاصة، ولا يخفى ذلك على طالب علم، وبناء على ذلك فإنني أوجه التحذير لإخواني المسلمين من التهاون بالصلاة وعدم القيام بما يجب فيها، وبناء على هذا القول الصحيح الراجح، وهو أن تارك الصلاة كافر كفرًا مخرجاً عن الملة، فإن ما يعمله تارك الصلاة من صدقة، وصيام، وحج لا يكون مقبولاً منه، لأن من شرط قبول الأعمال الصالحة أن يكون العامل مسلماً، وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ) [سورة التوبة، الآية: 54] فدل ذلك على أن الكفر مانع من قبول الصدقة، مع أن الصدقة عمل نافع متعدي النفع للغير، فالعمل القاصر من باب أولى أن لا يكون مقبولاً، وحينئذ الطريق إلى قبول أعمالهم الصالحة أن يتوبوا إلى الله عز وجل مما حصل منهم من ترك الصلاة، وإذا تابوا لا يطالبون بقضاء ما تركوا بل يكثرون من الأعمال الصالحة، ومن تاب تاب الله عليه، كما قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)) [سورة الفرقان، الآيات: 68 - 71] أسال الله أن يهدينا جميعا الصراط المستقيم، وأن يمن علينا بالتوبة النصوح التي يمحو بها ما قد سلف من ذنوبنا، إنه جواد كريم.
س 41: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: سائل يقول: أنا متزوج من امرأة ولي منها أربع بنات، ولكنها لا تصلي علماً أنها تصوم رمضان، وحينما طلبت منها أن تصلي أفادت بأنها لا تعرف الصلاة ولا تعرف القراءة، فكيف يكون موقفي معها؟ فأنا أنوي إحضارها لتأدية فريضة الحج فهل يصح ذلك أم لا؟ وماذا عليّ أن أفعله نحوها؟
فأجاب فضيلته بقوله-: ذكر السائل أن زوجته لا تصلي ولكنها تصوم، وأنه إذا أمرها بالصلاة تقول: إنها لا تعرف القراءة، فالواجب عليه حينئذ أن يعلمها القراءة إذا لم يقم أحد بتعليمها، ثم يعلمها كيف تصلي، وما دام عذرها الجهل فإن من كان عذره الجهل يزول بالتعلم، فليعلمها ليرشدها إلى ذلك، ثم إن أصرت على ترك الصلاة بعد العلم فإنها تكون كافرة- والعياذ بالله- وينفسخ نكاحها، ولا يحل لها أن تأتي إلى مكة، ولكن عليها أن تصلي، إن لم تحسن القراءة فإنها تذكر الله وتسبحه وتكبره، ثم تستمر في صلاتها، ويكون هذا الذكر بدلاً عن القراءة حتى تتعلم ما يجب منها. وما مضى من أيام ليس عليها قضاء في ذلك، ولكن يجب على زوجها أن يبادر بإصلاح حالها.
س 42: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: ما حكم حج من لا يصلي؟ وما حكم إدخاله الحرم؟
فأجاب فضيلته بقوله-: الكافر لا يصح حجه، ولا يجوز أن يدخل حدود الحرم، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) [سورة التوبة، الآية: 28] فهذا الذي لا يصلي لا يحل له أن يدخل حدود الحرم.
فإذا كان معه رفقة يعرفون أنه لا يصلي، فالواجب عليهم إذا أقبل على حدود الحرم أن ينزلوه، فإن أبى كلموا السلطات عنه لأنه كافر، والكافر لا يجوز أن يدخل مكة وحرمها، و لا يصح إحرامه بالحج، ولا حجه، ولا صيامه، حتى يعود إلى الإسلام ويصلي.
س 43: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: عن امرأة كانت لا تصلي لمدة أربعين سنة والآن تريد أن تصلي وتحج فهل يشترط أن تشهد الشهادتين، لأن تارك الصلاة قد كفر؟
فأجاب فضيلته بقوله-: صلاتها توبة، فإذا صلت فقد تابت وصارت مسلمة، فنسأل الله تعالى أن يثبتها على ما تريد وأن يعينها على ذلك، وهي إذا تابت إلى الله وأنابت إليه وقامت بالصلاة والزكاة والصيام والحج كفّر الله عنها، لقول الله تبارك وتعالى:
(وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)) [سورة الفرقان، الآيات: 68 - 70] وقال جل وعلا: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)) [سورة الزمر، الآية: 53.] وأبشرها إذا صدقت في توبتها مع الله أنها على خير، فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الرجل يعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها .
س 44: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: عن طفل بلغ منذ سبعة أعوام ولم يصل صلاة واحدة إلى الآن وهو يريد الحج فهل على الناس منعه من الحج لكونه كافراً أو أنه لا يمنع؟
فأجاب فضيلته بقوله-: الواجب على هذا الذي بلغ منذ سبعة أعوام أن يصلي، والواجب على وليه أن يأمره بالصلاة، ولا أعتقد أن طفلاً بهذا السن يمتنع عن الصلاة، الذي يخشى عليه الامتناع عن الصلاة الكبير. أما هذا بمجرد ما يقول له أبوه: صل، ويلزمه بها فيصلي، وعلى هذا فسنلزمه بأن يصلي، ولا أظن أن من له سبعة أعوام بالغ، وربما يكون بلغ قبل خمس عشرة سنة لا أظن أنه يمتنع عن أبيه.
س 45: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: امرأة نذرت إن رزقها الله بمولود أن تحج ورزقها الله به فهل عليها الحج للنذر، علماً بأنها لم تحج الفرض؟
فأجاب فضيلته بقول-: يجب أن يعلم أن النذر منهي عنه، نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "إنه لا يأتي بخير ولا يرد القضاء" ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن النذر حرام. فلماذا تنذر؟ ولماذا تكلف نفسك؟ وهل الله عز وجل لا يمن عليك بالشفاء أو على قريبك بالشفاء إلا إذا اشترط له شرطاً؟ سبحان الله لا تنذر بل اسأل الله الشفاء والعافية، فإن كان الله أراد أن يشفي شفى سواء نذرت أم لم تنذر، فإذا فعلت ونذرت فإن كان نذر طاعة وجب عليك الوفاء به، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من نذر أن يطيع الله فليطعه " وبناء على هذا نقول لهذه المرأة المذكورة: يجب أن تحج. لكن تبدأ بحج الفريضة، ثم تأتي بحج النذر وجوبًا فإن لم تفعل فقد عرضت نفسها لعقوبة عظيمة، ذكرها الله في قوله: (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76)) [سورة التوبة، الآيتان: 75 - 76] عاهدوا الله إن الله أغناهم أن يتصدقوا، وأن يكونوا من الصالحين أعطاهم الله ذلك، ولكنهم بخلوا بالمال وأعرضوا عن الصلاح (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ) "إلى متى" (إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ) "إلى الموت " (بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77)) [سورة التوبة: 77] والخلاصة احذروا النذر، لا تنذروا فأنتم في عافية، ولا تلزموا أنفسكم ما لم يلزمكم الله به إلا بفعلكم فمن كان عنده مريض فليقل: اللهم اشفه. ومن كان يريد الاختبار فليقل: اللهم نجحني، لأن بعض الطلبة إذا كانت الدروس صعبة وخاف من السقوط يقول: لله عليَّ نذر إن نجحت لأفعل كذا وكذا. من الطاعات، ثم إذا نجح أخذ يسأل ويجيء للعالم الفلاني يقول: خلصوني خلصوني، ولكن لا مفر لابد من الوفاء بالنذر.
س 46: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: عن امرأة كبيرة السن وعندها أخت أكبر منها، وهذه المرأة تقوم بالعناية بأختها الكبيرة، حيث تغسلها وتلبسها وتطعمها وتسقيها، وهذه الأخت ما فرضت الحج إلى الآن، فهل يجوز لها أن تحج مع العلم أنه لا يوجد أحد يقوم بالعناية بأختها؟
فأجاب فضيلته بقوله-: إذا كان الأخت الكبيرة في ضرورة فليس عليها حج، وأما إذا كانت مجرد أنها أحسن رعاية، ويمكن أن يقوم أحد بالواجب، فإنه إذا استطاعت السبيل بأن وجدت النفقة، والمحرم فيجب عليها أن تحج.
س 47: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: عن رجل عنده عمال يريدون أن يؤدوا فريضة الحج فهل يسمح لهم مع العلم أنهم لا يشهدون صلاة الفجر؟
فأجاب فضيلته بقوله-: أقول: إذا أذنت لهم في الحج فجزاك الله خيراً، وأبشر بالخلف العاجل، وأن ما تفقده من الأعمال في زمان حجهم سيعوضك الله تعالى خيراً منه، وأما كونهم لا يصلون صلاة الفجر فانصحهم وهددهم بأنهم إذا لم يحافظوا على الصلوات ترجعهم إلى بلادهم، وهو حق أن ترجع من لا يقيم الصلاة إلى بلده، فلا خير في إنسان لا يصلي، وأما الإذن لهم بالحج فهذا معروف منك، ونرجو الله لك الإثابة.
س 48: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: بعض الكفلاء يمنعون مكفوليهم من السفر لأداء فريضة الحج فهل يأثمون بذلك وما توجيهكم لهؤلاء الكفلاء؟
فأجاب فضيلته بقوله-: بالنسبة للكفلاء الذين يمنعون مكفوليهم من حج الفريضة إن كان مشروطًا عليهم في العقد أن يمكنوا العامل من الفريضة وجب عليهم أن يأذنوا له، وإن لم يكن مشروطاً فلهم الحق في هذا، لأن الأجير لا يملك أن يذهب عن من استأجره ليؤدي الحج، أو غيره، ثم نقول لهذا الرجل المكفول: إنه ليس عليك حج في هذه الحال، لأنك لا تستطيع.
ولكن أنصح إخواننا الكفلاء أن يحسنوا إلى هؤلاء المكفولين بأن يمكنوهم من الحج، وربما يكون هذا سبباً في بركة إنتاجهم، لأن هؤلاء العمال ربما لا يحصل لهم المجيء إلى هذه البلاد مرة أخرى، فنصيحتي أن يحسن هؤلاء الكفلاء إلى مكفوليهم، ثم أبشرهم أنهم إذا أعانوا هؤلاء على الحج صار لهمِ مثل ما لهم من الحج في الأجر، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "من جهز غازياً فقد غزا" وكذلك من جهز حاجاً فإن له مثل أجره.
س 49: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: ما حكم من أدى العمرة فقط ولم يؤد فريضة الحج؟ وما صحة ما اشتهر عند بعض الناس من أن من أتى بالعمرة قبل الحج فإنه لا عمرة له؟
فأجاب فضيلته بقوله: حكمه أن أداءه للعمرة واقع موقعه، وقد برئت ذمته من العمرة إذا أدى الواجب عليه فيها، ولكن بقيت عليه فريضة الحج التي هي فرض بالنص والإجماع، فعليه إذا أدرك وقت الحج أن يحج البيت إذا كان مستطيعاً، قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) [سورة آل عمران، الآية: 97].
وأما ظن بعض الناس أن من أتى بالعمرة قبل الحج فإنه لا عمرة له. فهذا لا أصل له، بل إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر بعد هجرته قبل أن يحج.
س 50: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: إذا خرجت المرأة حاجة وبعد وصولها إلى جدة سمعت بوفاة زوجها فهل لها أن تتم الحج أو أن تجلس للحداد؟
فأجاب فضيلته بقوله-: تتم الحج، لأنها إن رجعت سترجع بسفر، وإن بقيت بقيت بسفر مستمر، فتتم الحج لا سيما إذا كان فريضة، ثم ترجع، وحتى لو كان نافلة فإنها تتمه.
يتبع