مسامحة اللئيم ليست عفوًا عند المقدرة؛ فإنّ فاعلها إمّا أن يكون جبانا، وإمّا أن يكون غبيّا؛ لأنّه بفعله هذا يشجّع اللئيم على التمادي عليه وعلى أمثاله من الناس.
عرض للطباعة
مسامحة اللئيم ليست عفوًا عند المقدرة؛ فإنّ فاعلها إمّا أن يكون جبانا، وإمّا أن يكون غبيّا؛ لأنّه بفعله هذا يشجّع اللئيم على التمادي عليه وعلى أمثاله من الناس.
*****
كما أن النار لاتطفىء النار وشارب السم لايعالج بشربه فإن الشر لايعالج بالشر .
فادفع إساءة من أساء إليك بإحسانك له ولْتر الأذى منه جزاء لذنوبك فإن لم يكن فامتثالاً لربك . ومن لم يظلم نفسه للناس ويتظالم لهم ويتغافل عنهم لن يسلم منهم ..
وليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لايجد من معاشرته بُدّاً حتى يجعل الله له منه فرجا .
فلقد كان الناس ورقاً لاشوك فيه وهم اليوم شوكاً لاورق فيه .. إن ناقدتهم ناقدوك وإن تركتهم لم يتركوك فأقرضهم من عِرضك ليوم عَرضك .
*****
أخي السعيد: لقد قيّدت كلامي باللئيم بل باللئيم الذي قد يتمادى في حال مسامحته،
وهذا مشاهد ومعلوم في حياتنا، والأمر ليس على عمومه، فالأصل (العفو عند المقدرة).
قال ابن حزم رحمه الله في الأخلاق والسير ص123: مسامحة أهل الاستئثار والاستغنام والتغافل لهم ليس مروءة ولا فضيلة، بل هو مهانة وضعف وتضرية لهم على التمادي على ذلك الخلق المذموم … وإنما تكون المسامحة مروءة لأهل الإنصاف المبادرين إلى الإنصاف والإيثار …
وقدْ ينطوي بعضُ مَنْ لا خلاقَ لهمْ على الجرأةِ والتمادي في الغيِّ وإيذاءِ المسامحِ لهمْ ظنًّا منهمْ أنَّهُ فعلَ هذا عنْ ضعفٍ وخوفٍ،وأمثالُ هؤلاءِ لا نعاملُهمْ بقاعدةِ العفوِ عندَ المقدرةِ،بلْ بإجبارِهمْ على ردِّ الحقوقِ أولاً،ثمَّ لنا الخيارُ في العفوِ والتعففِ بعدَها.
قالَ تباركَ وتعالى:(وَكَتَبْ نَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
وقدْ تجرّعْتُ منْ هذا الكأسِ،حيثُ ظُلمْتُ وطُلبَ منّي العفوُ وعندما سامحْتُ،كوفئتُ بأذىً فاقَ الأولَ وبلغَ الآفاقَ.ولمْ يرتدعِ الظالمُ إلّا بعدَ أنْ أخذتُ حقي بالقوةِ.وكما يقولُ المثلُ:(ناسٌ تخافُ ولا تختشي).
الحمد لله أنّكِ أخذتِ حقّك.
ولهذا قلت في حواري مع الأخ السعيد: (وهذا مشاهد معلوم) ومن خلال العديد من قضايا التحكيم لاحظت أن بعضها قد تشعّب بسبب المسامحة مع العلم أن تشعّب بعضها كان متوقعا في الوقت الذي حصلت فيه المسامحة، فأي مسامحة هذه التي يعقبها ظلم فوق ظلم أو قطيعة تجرّ أحقادًا لا مسامحة بعدها؟!!
منْ خلالِ تجربتي أقولُ وباللهِ أستعينُ:الجحودُ والتمادي في الظلمِ واللذانِ ينتجانِ عنِ الصفحِ،يلغيانِ الصفحَ وليَ الحقُّ في الردِّ شاملةً السالفَ والتابعَ.ولنْ أنظرَ لنفسي نظرةً إيجابيةً إذا تساهلْتُ محاولةً إقناعَ نفسي بأنني أمتلكُ مزيدًا منَ العفوِ،أنا لستُ ملاكًا،ومَنْ ينتظرْ منّي العفوَ متماديًا ومستغلًا طبيعتي؛فلينتظرْ منّي الردَّـ،ومَنْ يطرقِ البابَ يسمعِ الجوابَ.