عرض للطباعة
إذا رفع طلبة علم مستفدون وهم مبتدؤون لا منتهون أمرَهم ونزاعَهم إلى عالم من العلماء ثم انفض المجلس على ما فضَّ النزاع من اجله فهل فتواه ملزمة حيث ما اعترضوا أثناء جلستهم على العالم؟ وهل لهم أن لا يأخذوا برأيه؟ سواء أكانت المسـألة المومى إليها فرعية فقهية فرعية أم مسألة ترتبط بالأصول أصول السنة ولو لم تكن في ظاهرها كذلك؟
للتذكير
يختلف على حسب موضوع الخلاف، هل هو أمر يخص الدعوة ومرتبط بالعامة، أو هي مجرد مسألة علمية تختص بالشخص في نفسه؟اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر عباس الجزائري
فليتك تذكر المسألة دون تمثيل.
متى تكون فتوى العالم ملزمة لا يحل لمن حضر وقد كان معنيا أن يخالفها وأصغى الى تفصيله بالأدلة من غير اعتراض منه على ما افتى به ذلك العالم خصوصا في غير المسائل الفروعية الفقهية.
الذي يظهر لي:
إذا ارتضوه حكما بينهم، فقوله المستند على الأدلة الشرعية ملزم، أما إن كان غير مستند إلى أدلة فقوله غير ملزم، والله أعلم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله:
وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالشَّرْعِ اللَّازِمِ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ " حُكْمُ الْحَاكِمِ " وَلَوْ كَانَ الْحَاكِمُ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ ؛ بَلْ حُكْمُ الْحَاكِمِ الْعَالِمِ الْعَادِلِ يُلْزِمُ قَوْمًا مُعَيَّنِينَ تَحَاكَمُوا إلَيْهِ فِي قَضِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ ؛ لَا يَلْزَمُ جَمِيعَ الْخُلُقِ وَلَا يَجِبُ عَلَى عَالِمٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَلِّدَ حَاكِمًا لَا فِي قَلِيلٍ وَلَا فِي كَثِيرٍ إذَا كَانَ قَدْ عَرَفَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ ؛ بَلْ لَا يَجِبُ عَلَى آحَادِ الْعَامَّةِ تَقْلِيدُ الْحَاكِمِ فِي شَيْءٍ ؛ بَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَفْتِيَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ اسْتِفْتَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمًا وَمَتَى تَرَكَ الْعَالِمُ مَا عَلِمَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَاتَّبَعَ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْمُخَالِفِ لِحُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ كَانَ مُرْتَدًّا كَافِرًا يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ...
وَهَذَا إذَا كَانَ الْحَاكِمُ قَدْ حَكَمَ فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ قَدْ تَنَازَعَ فِيهَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فَحُكْمُ الْحَاكِمِ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ سُنَّةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُخَالِفُ مَا حَكَمَ بِهِ فَعَلَى هَذَا أَنْ يَتَّبِعَ مَا عَلِمَ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَأْمُرَ بِذَلِكَ وَيُفْتِيَ بِهِ وَيَدْعُوَ إلَيْهِ وَلَا يُقَلِّدَ الْحَاكِمَ . هَذَا كُلُّهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ .
بورتكم أستاذ أبا مالك.
الذي ظهر من فتوى شيخ الإسلام أنها خاصة بالحاكم على التفصيل الذي نقلتم عنه، لكن ماذا لو كان عالمٌ من العلماء المعتبرين تحاكموا إليه في مسألة ولتكن على سبيل المثال قضية الانتخابات ونحن نعلم تنظيرا أن في المسألة خلافا مرتبطا بتقدير المصالح والمفاسد، لكن ماذا لو تحاكم طلاب علم وقد تنازعوا و ليسوا باهل للفتوى إلى عالم من العلماء فبسط الأدلة على تحريم ذلك أو تجويزه بشروط وفق منظوره إلى نظام ذلك البلد، واجابهم عن اعتراضاتهم الممكنة، فهل يلزمهم المصير إلى قوله فتصير فتواه ملزمة لهم لا يحل لهم مخالفتها أم لا؟.
إذا كان العالم ممن يوثق بدينه وعلمه -وهذا الذي يظهر من سؤالكم- ولم يحدث في قلب السائل ريب من فتواه -وهذا الذي يظهر من سؤالكم أيضا- فقد تحاكموا إليه إذن رضوا بدينه وعلمه وإلا كيف قبلوا التحاكم إليه، ثمّ قنعوا بجوابه؛ فقد أجابهم عن كل اعتراضاتهم الممكنة -كما ذكرتم- وعليه لا يجوز لهم العدول عن قوله فهذا تلاعب وعبث والله أعلم.