رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
فتح الباري ( ج2 / ص 171- 178 )
* " قال البخاري رحمه الله : ( 30 )" باب فضل صلاة الجماعة "
" وكان الاسود إذا فاتته الجماعة ذهب إلى مسجد آخر "
" وجاء أنس إلى مسجد قد صلي فيه فأذن وأقام وصلى جماعة "
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في " شرحه " :
( 1 ) أَشَارَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ إِلَى أَنَّ ظَاهِرَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ يُنَافِي التَّرْجَمَةَ الَّتِي قَبْلَهَا ثُمَّ أَطَالَ فِي الْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ وَيَكْفِي مِنْهُ أَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ وَاجِبًا لَا يُنَافِي كَوْنَهُ ذَا فَضِيلَةٍ وَلَكِنَّ الْفَضَائِلَ تَتَفَاوَتُ فَالْمُرَادُ مِنْهَا بَيَانُ زِيَادَةِ ثَوَابِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ
( 2 ) قَوْلُهُ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً قَالَ التِّرْمِذِيُّ عَامَّةُ مَنْ رَوَاهُ قَالُوا خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَّا بن عُمَرَ فَإِنَّهُ قَالَ سَبْعًا وَعِشْرِينَ قلت ( ابن حجر ) لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ فَقَالَ فِيهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ لَكِنَّ الْعُمَرِيَّ ضَعِيفٌ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ فِي مُسْتَخْرَجِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَهِيَ شَاذَّةٌ مُخَالِفَةٌ لِرِوَايَةِ الْحُفَّاظِ مِنْ أَصْحَابِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَصْحَابِ نَافِعٍ وَإِنْ كَانَ رَاوِيهَا ثِقَةً وَأَمَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ فَلَيْسَتْ مُغَايِرَةٌ لِرِوَايَةِ الْحُفَّاظِ لِصِدْقِ الْبِضْعِ عَلَى السَّبْعِ ..
( 3 ) وَأَمَّا غير بن عُمَرَ فَصَحَّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا فِي هَذَا الْبَاب وَعَن بن مَسْعُود عِنْد أَحْمد وبن خُزَيْمَة وَعَن أبي بن كَعْب عِنْد بن مَاجَهْ وَالْحَاكِمِ وَعَنْ عَائِشَةَ وَأَنَسٍ عِنْدَ السَّرَّاجِ وَوَرَدَ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ ضَعِيفَةٍ عَنْ مُعَاذٍ وَصُهَيْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَكُلُّهَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى خمس وَعِشْرِينَ سِوَى رِوَايَةِ أُبَيٍّ فَقَالَ أَرْبَعٌ أَوْ خَمْسٌ عَلَى الشَّكِّ وَسِوَى رِوَايَةٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ قَالَ فِيهَا سَبْعٌ وَعِشْرُونَ وَفِي إِسْنَادِهَا شَرِيكٌ الْقَاضِي وَفِي حِفْظِهِ ضَعْفٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي عَوَانَةَ بِضْعًا وَعِشْرِينَ وَلَيْسَتْ مُغَايِرَةً أَيْضًا لِصِدْقِ الْبِضْعِ عَلَى الْخَمْسِ فَرَجَعَتِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا إِلَى الْخَمْسِ وَالسَّبْعِ إِذْ لَا أَثَرَ لِلشَّكِّ ..
( 4 ) وَاخْتُلِفَ فِي أَيِّهِمَا أَرْجَحُ فَقِيلَ رِوَايَةُ الْخَمْسِ لِكَثْرَةِ رُوَاتِهَا وَقِيلَ رِوَايَةُ السَّبْعِ لِأَنَّ فِيهَا زِيَادَةٌ مِنْ عَدْلٍ حَافِظٍ وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ الْحَدِيثِ وَهُوَ مُمَيِّزُ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فَفِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ دَرَجَةً أَوْ حَذْفُ الْمُمَيِّزِ إِلَّا طُرُقَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَفِي بَعْضِهَا ضِعْفًا وَفِي بَعْضِهَا جُزْءًا وَفِي بَعْضِهَا دَرَجَةً وَفِي بَعْضِهَا صَلَاةً وَوَقَعَ هَذَا الْأَخِيرُ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَنَسٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنَ التَّفَنُّنِ فِي الْعبارَة وَأما قَول بن الْأَثِيرِ إِنَّمَا قَالَ دَرَجَةً وَلَمْ يَقُلْ جُزْءًا وَلَا نَصِيبًا وَلَا حَظًّا وَلَا نَحْوَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَرَادَ الثَّوَابَ مِنْ جِهَةِ الْعُلُوِّ وَالِارْتِفَاعِ فَإِن تِلْكَ فَوْقَ هَذِهِ بِكَذَا وَكَذَا دَرَجَةً لِأَنَّ الدَّرَجَاتِ إِلَى جِهَةِ فَوْقُ فَكَأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ لَفْظُ دَرَجَةٍ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ لَكِنْ نَفْيُهُ وُرُودَ الْجُزْءِ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ وَكَذَلِكَ الضِّعْفُ وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَ رِوَايَتَيِ الْخَمْسِ وَالسَّبْعِ بِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ ذِكْرَ الْقَلِيلِ لَا يَنْفِي الْكَثِيرَ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ لَا يَعْتَبِرُ مَفْهُومَ الْعَدَدِ لَكِنْ قَدْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَحُكِيَ عَنْ نَصِّهِ وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِالْخَمْسِ ثُمَّ أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِزِيَادَةِ الْفَضْلِ فَأَخْبَرَ بِالسَّبْعِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى التَّارِيخِ وَبِأَنَّ دُخُولَ النَّسْخِ فِي الْفَضَائِلِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لَكِنْ إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَنْعِ تَعَيَّنَ تَقَدُّمُ الْخَمْسِ عَلَى السَّبْعِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْفَضْلَ مِنَ اللَّهِ يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ لَا النَّقْصَ ثَالِثُهَا أَنَّ اخْتِلَافَ الْعَدَدَيْنِ بِاخْتِلَافِ مُمَيِّزِهِمَا وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ الدَّرَجَةُ أَصْغَرُ مِنَ الْجُزْءِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ الْجُزْءُ رُوِيَ عَنْهُ الدَّرَجَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْجُزْءُ فِي الدُّنْيَا وَالدَّرَجَةُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغَايُرِ رَابِعُهَا الْفَرْقُ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ وَبُعْدِهِ خَامِسُهَا الْفَرْقُ بِحَالِ الْمُصَلِّي كَأَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ أَوْ أَخْشَعَ سَادِسُهَا الْفَرْقُ بِإِيقَاعِهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي غَيْرِهِ سَابِعُهَا الْفَرْقُ بِالْمُنْتَظِرِ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهِ ثَامِنُهَا الْفَرْقُ بِإِدْرَاكِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا تَاسِعُهَا الْفَرْقُ بِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ وَقِلَّتِهِمْ عَاشِرُهَا السَّبْعُ مُخْتَصَّةٌ بِالْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ وَقِيلَ بِالْفَجْرِ وَالْعَصْرِ وَالْخَمْسُ بِمَا عَدَا ذَلِكَ حَادِي عَشَرَهَا السَّبْعُ مُخْتَصَّةٌ بِالْجَهْرِيَّة ِ وَالْخَمْسُ بِالسِّرِّيَّةِ وَهَذَا الْوَجْهُ عِنْدِي أَوْجَهُهَا لِمَا سَأُبَيِّنُهُ ثُمَّ إِنَّ الْحِكْمَةَ فِي هَذَا الْعَدَدِ الْخَاصِّ غَيْرُ مُحَقَّقَةِ الْمَعْنَى
( 4 ) أَشَارَ الْكِرْمَانِيُّ إِلَى احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ كَوْنَ الْمَكْتُوبَاتِ خَمْسًا فَأُرِيدَ الْمُبَالَغَةُ فِي تَكْثِيرِهَا فَضُرِبَتْ فِي مِثْلِهَا فَصَارَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ثُمَّ ذَكَرَ لِلسَّبْعِ مُنَاسَبَةً أَيْضًا مِنْ جِهَةِ عَدَدِ رَكَعَاتِ الْفَرَائِضِ وَرَوَاتِبِهَا وَقَالَ غَيْرُهُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرٍ لِلْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا فَإِذَا انْضَمَّ إِلَيْهِ آخَرُ بَلَغَتْ عِشْرِينَ ثُمَّ زِيدَ بِقَدْرِ عَدَدِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ يُزَادُ عَدَدَ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَلَا يَخْفَى فَسَادُ هَذَا وَقِيلَ الاعداد عشرات ومئين وَأُلُوفٌ وَخَيْرُ الْأُمُورِ الْوَسَطُ فَاعْتُبِرَتِ الْمِائَةُ وَالْعَدَدُ الْمَذْكُورُ رُبْعُهَا وَهَذَا أَشَدُّ فَسَادًا مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ
( 5 ) وَقَرَأْتُ بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُلْقِينِيِّ فِيمَا كَتَبَ عَلَى الْعُمْدَةِ ظَهَرَ لِي فِي هَذَيْنِ الْعَدَدَيْنِ شَيْء لم أسبق إِلَيْهِ لِأَن لفظ بن عُمَرَ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ وَمَعْنَاهُ الصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ وَعَلَى هَذَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَحْكُومِ لَهُ بِذَلِكَ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ وَأَدْنَى الْأَعْدَادِ الَّتِي يَتَحَقَّقُ فِيهَا ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ حَتَّى يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَتَى بِحَسَنَةٍ وَهِيَ بِعَشَرَةٍ فَيَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِهِ ثَلَاثُونَ فَاقْتَصَرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْفَضْلِ الزَّائِدِ وَهُوَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ دُونَ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ ذَلِكَ انْتَهَى
( 6 ) وَظَهَرَ لِي فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ إِمَامٌ وَمَأْمُومٌ فلولا الإِمَام مَا سمي الْمَأْمُوم مَأْمُوم وَكَذَا عَكْسُهُ فَإِذَا تَفَضَّلَ اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً بِزِيَادَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةٍ حُمِلَ الْخَبَر الْوَارِد بلفظها علىالفضل الزَّائِدِ وَالْخَبَرُ الْوَارِدُ بِلَفْظِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ عَلَى الْأَصْلِ وَالْفَضْلِ وَقَدْ خَاضَ قَوْمٌ فِي تَعْيِينِ الْأَسْبَاب الْمُقْتَضِيَة للدرجات الْمَذْكُورَة قَالَ بن الْجَوْزِيّ وَمَا جاؤوا بِطَائِلٍ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَعْنِي ثَالِثَ أَحَادِيثِ الْبَابِ إِشَارَةً إِلَى بَعْضِ ذَلِكَ وَيُضَافُ إِلَيْهِ أُمُورٌ أُخْرَى وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ وَقَدْ فَصَّلَهَا بن بَطَّالٍ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّارِحِينَ وَتَعَقَّبَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ بَعْضَ مَا ذَكَرَهُ وَاخْتَارَ تَفْصِيلًا آخَرَ أَوْرَدَهُ وَقَدْ نَقَّحْتُ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَحَذَفْتُ مَا لَا يَخْتَصُّ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَأَوَّلُهَا إِجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ وَالتَّبْكِيرُ إِلَيْهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْمَشْيُ إِلَى الْمَسْجِدِ بِالسَّكِينَةِ وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ دَاعِيًا وَصَلَاةُ التَّحِيَّةِ عِنْدَ دُخُولِهِ كُلُّ ذَلِكَ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ سَادِسُهَا انْتِظَارُ الْجَمَاعَةِ سَابِعُهَا صَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِ وَاسْتِغْفَارُه ُمْ لَهُ ثَامِنُهَا شَهَادَتُهُمْ لَهُ تَاسِعُهَا إِجَابَةُ الْإِقَامَةِ عَاشِرُهَا السَّلَامَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ حِينَ يَفِرُّ عِنْدَ الْإِقَامَةِ حَادِيَ عَاشِرَهَا الْوُقُوفُ مُنْتَظِرًا إِحْرَامَ الْإِمَامِ أَوِ الدُّخُولُ مَعَهُ فِي أَي هَيْئَة وجده عَلَيْهَا ثَانِيَ عَشَرَهَا إِدْرَاكُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ كَذَلِكَ ثَالِثَ عَشَرَهَا تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ وَسَدُّ فُرَجِهَا رَابِعَ عَشَرَهَا جَوَابُ الْإِمَامِ عِنْدَ قَوْلِهِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ خَامِسَ عَشَرَهَا الْأَمْنُ مِنَ السَّهْوِ غَالِبًا وَتَنْبِيهُ الْإِمَامِ إِذَا سَهَا بِالتَّسْبِيحِ أَوِ الْفَتْحِ عَلَيْهِ سَادِسَ عَشَرَهَا حُصُولُ الْخُشُوعِ وَالسَّلَامَةِ عَمَّا يُلْهِي غَالِبًا سَابِعَ عَشَرَهَا تَحْسِينُ الْهَيْئَةِ غَالِبًا ثَامِنَ عَشَرَهَا احْتِفَافُ الْمَلَائِكَةِ بِهِ تَاسِعَ عَشَرَهَا التَّدَرُّبُ عَلَى تَجْوِيدِ الْقِرَاءَةِ وَتَعَلُّمِ الْأَرْكَانِ وَالْأَبْعَاضِ الْعِشْرُونَ إِظْهَارُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ إرغام الشَّيْطَان بالاجتماع على الْعِبَادَة والتعاون علىالطاعة وَنَشَاطِ الْمُتَكَاسِلِ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ السَّلَامَةُ مِنْ صِفَةِ النِّفَاقِ وَمِنْ إِسَاءَةِ غَيْرِهِ الظَّنَّ بِأَنَّهُ تَرَكَ الصَّلَاةَ رَأْسًا الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الِانْتِفَاعُ بِاجْتِمَاعِهِم ْ عَلَى الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَعَوْدُ بَرَكَةِ الْكَامِلِ عَلَى النَّاقِصِ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ قِيَامُ نِظَامِ الْأُلْفَةِ بَيْنَ الْجِيرَانِ وَحُصُولُ تَعَاهُدِهِمْ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فَهَذِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ خَصْلَةً وَرَدَ فِي كُلٍّ مِنْهَا أَمْرٌ أَوْ تَرْغِيبٌ يَخُصُّهُ وَبَقِيَ مِنْهَا أَمْرَانِ يَخْتَصَّانِ بِالْجَهْرِيَّة ِ وَهُمَا الْإِنْصَاتُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ وَالِاسْتِمَاعُ لَهَا وَالتَّأْمِينُ عِنْدَ تَأْمِينِهِ لِيُوَافِقَ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ وَبِهَذَا يَتَرَجَّحُ أَنَّ السَّبْعَ تَخْتَصُّ بِالْجَهْرِيَّة ِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( 7 ) مَا أخرجه بن أبي شيبَة من طَرِيق عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ قَالَ فَضْلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً قَالَ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَى عَدَدِ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ رَجُلٌ وَإِنْ كَانُوا عَشَرَةَ آلَافٍ قَالَ نَعَمْ وَهَذَا لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ لَكِنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2 / ص 178-180 )
( 31 ) - باب فضل صلاة الفجر في جماعة
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
( 1 ) وَمُنَاسَبَةُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَهَا مِنْ قَوْلِهِ وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مَزِيَّةٍ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ عَلَى غَيرهَا
( 2 ) وَزعم بن بَطَّالٍ أَنَّ فِي قَوْلِهِ وَتَجْتَمِعُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الدَّرَجَتَيْنِ الزَّائِدَتَيْن ِ عَلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ تُؤْخَذُ من ذَلِك وَلِهَذَا عقبه بِرِوَايَة بن عُمَرَ الَّتِي فِيهَا بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ
( 3 ) قَوْلُهُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا كَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ فِي نُكَتِهِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الصَّحِيحَيْنِ خَمْسٍ بِحَذْفِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ أَوَّلِهِ وَالْهَاءِ مِنْ آخِرِهِ
( 4 ) قَوْلُهُ سَمِعت سالما هُوَ بن أَبِي الْجَعْدِ وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ هِيَ الصُّغْرَى التَّابِعِيَّةُ لَا الْكُبْرَى الصَّحَابِيَّةُ لِأَنَّ الْكُبْرَى مَاتَتْ فِي حَيَاةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَعَاشَتِ الصُّغْرَى بَعْدَهُ زَمَانًا طَوِيلًا وَقَدْ جَزَمَ أَبُو حَاتِمٍ بِأَنَّ سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَعَلَى هَذَا لَمْ يُدْرِكْ أُمَّ الدَّرْدَاءِ الْكُبْرَى وَفَسَّرَهَا الْكِرْمَانِيُّ هُنَا بِصِفَاتِ الْكُبْرَى وَهُوَ خَطَأٌ لِقَوْلِ سَالِمٍ سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ أَنَّ اسْمَ الصُّغْرَى هَجِيمَةُ وَالْكُبْرَى خَيِّرَةُ
( 5 ) حَالَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النُّبُوَّةِ كَانَ أَتَمَّ مِمَّا صَارَ إِلَيْهِ بَعْدَهَا ثُمَّ كَانَ فِي زَمَنِ الشَّيْخَيْنِ أَتَمَّ مِمَّا صَارَ إِلَيْهِ بَعْدَهُمَا وَكَأَنَّ ذَلِكَ صَدَرَ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي أَوَاخِرِ عُمُرِهِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ فَيَا لَيْتَ شِعْرِي إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْعَصْرُ الْفَاضِلُ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَكَيْفَ بِمَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ مِنَ الطَّبَقَاتِ إِلَى هَذَا الزَّمَانِ
( 6 ) وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ الْغَضَبِ عِنْدَ تَغَيُّرِ شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ بِإِظْهَارِ الْغَضَبِ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَكْثَرَ مِنْهُ
( 7 ) أَنَّ السَّبَبَ فِي زِيَادَةِ الْأَجْرِ وُجُودُ الْمَشَقَّةِ بِالْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْمَشْيُ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ أَشَقُّ مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا وَإِنْ شَارَكَتْهَا الْعِشَاءُ فِي الْمَشْيِ فِي الظُّلْمَةِ فَإِنَّهَا تَزِيدُ عَلَيْهَا بِمُفَارَقَةِ النَّوْمِ الْمُشْتَهَى طَبْعًا
( 8 ) وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنَ الشُّرَّاحِ نَبَّهَ عَلَى مُنَاسَبَةِ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ لِلتَّرْجَمَةِ إِلَّا الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ فَإِنَّهُ قَالَ تَدْخُلُ صَلَاةُ الْفَجْرِ فِي قَوْلِهِ يُصَلُّونَ جَمِيعًا وَهِيَ أَخَصُّ بِذَلِكَ من بَاقِي الصَّلَوَات وَذكر بن رَشِيدٍ نَحْوَهُ وَزَادَ أَنَّ اسْتِشْهَادَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ قُرْآنَ الْفجْر كَانَ مشهودا يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الِاهْتِمَامَ بِهَا آكَدٌ
( 10 ) وَأَقُولُ تَفَنَّنَ الْمُصَنِّفُ بِإِيرَادِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ فِي الْبَابِ إِذْ تُؤْخَذُ الْمُنَاسَبَةُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِطَرِيقِ الْخُصُوصِ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَفْظُ التَّرْجَمَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ فَضْلُ الْفَجْرِ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ وَأَنْ يُرَادَ بِهِ ثُبُوتُ الْفَضْلِ لَهَا فِي الْجُمْلَةِ فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ شَاهِدٌ لِلْأَوَّلِ وَحَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ شَاهِدٌ لِلثَّانِي وَحَدِيثُ أَبِي مُوسَى شَاهد لَهما وَالله أعلم انتهى
قلت : " كنوز وفوائد ودرر للشيخين رحمهم الله "
( 5 )
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
( ج2 / ص 182 )
- " باب احتساب الآثار "
قال ابن حجر رحمه الله تعالى :
( 1 ) أَيْ إِلَى الصَّلَاةِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْهَا لِتَشْمَلَ كُلَّ مَشْيٍ إِلَى كُلِّ طَاعَةٍ
( 2 ) قَوْلُهُ يَا بَنِي سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَهُمْ بَطْنٌ كَبِيرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْخَزْرَجِ وَقَدْ غَفَلَ الْقَزَّازُ وَتَبِعَهُ الْجَوْهَرِيُّ حَيْثُ قَالَ لَيْسَ فِي الْعَرَبِ سَلِمَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ غَيْرَ هَذَا الْقَبِيلِ فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ الَّذِينَ صَنَّفُوا فِي الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ ذَكَرُوا عَدَدًا مِنَ الْأَسْمَاءِ كَذَلِكَ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَيْدِ الْقَبِيلَةِ أَوِ الْبَطْنِ فَلَهُ بَعْضُ اتِّجَاهٍ
( 3 ) قَالَ وَالْمَعْنَى أَلَا تَعُدُّونَ خُطَاكُمْ عِنْدَ مَشْيِكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِنَّ لِكُلِّ خُطْوَةٍ ثَوَابًا اه
وَالِاحْتِسَابُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ الْعَدُّ لَكِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ غَالِبًا فِي مَعْنَى طَلَبِ تَحْصِيلِ الثَّوَابِ بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ
( 4 ) قَوْله وَحدثنَا بن أَبِي مَرْيَمَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ وَقَالَ بن أَبِي مَرْيَمَ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْأَطْرَافِ بِلَفْظِ وَزَادَ بن أَبِي مَرْيَمَ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَا رِوَايَةٍ يَعْنِي مُعَلَّقًا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَلَهُ نَظَائِرُ فِي الْكِتَابِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ فِي الْأُصُولِ
( 5 ) وَفِي قَوْلِهِ وَآثَارَهُمْ قَالَ خُطَاهُمْ وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا التَّعْلِيقِ إِلَى أَنَّ قِصَّةَ بَنِي سَلِمَةَ كَانَتْ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَقَدْ وَرَدَ مُصَرَّحًا بِهِ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكٍ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس أخرجه بن مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ
( 6 ) وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ إِذَا كَانَتْ خَالِصَةً تُكْتَبُ آثَارُهَا حَسَنَاتٍ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ السُّكْنَى بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ إِلَّا لِمَنْ حَصَلَتْ بِهِ مَنْفَعَةٌ أُخْرَى أَوْ أَرَادَ تَكْثِيرَ الْأَجْرِ بِكَثْرَةِ الْمَشْيِ مَا لَمْ يَحْمِلْ
( 7 ) وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ كَانَتْ دَارُهُ قَرِيبَةً مِنَ الْمَسْجِدِ فَقَارَبَ الْخُطَا بِحَيْثُ تُسَاوِي خُطًا مِنْ دَارِهِ بَعِيدَةً هَلْ يُسَاوِيهِ فِي الْفَضْلِ أَوْ لَا وَإِلَى الْمُسَاوَاة جنح الطَّبَرِيّ وروى بن أبي شييبة مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ قَالَ مَشَيْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَارَبَ بَيْنَ الْخُطَا وَقَالَ أَرَدْتُ أَنْ تَكْثُرَ خُطَانَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَهَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمُسَاوَاةُ فِي الْفَضْلِ وَإِنْ دَلَّ عَلَى أَنَّ فِي كَثْرَةِ الْخَطَّا فَضِيلَةً لِأَنَّ ثَوَابَ الْخُطَا الشَّاقَّةِ لَيْسَ كَثَوَابِ الْخُطَا السَّهْلَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْمَاضِي قَبْلَ بَابٍ حَيْثُ جَعَلَ أَبْعَدَهُمْ مَمْشًى أَعْظَمَهُمْ أَجْرًا وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْضُهُمُ اسْتِحْبَابَ قَصْدِ الْمَسْجِدِ الْبَعِيدِ وَلَوْ كَانَ بِجَنْبِهِ مَسْجِدٌ قَرِيبٌ وَإِنَّمَا يَتِمُّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَهَابِهِ إِلَى الْبَعِيدِ هَجْرُ الْقَرِيبِ وَإِلَّا فَإِحْيَاؤُهُ بِذِكْرِ اللَّهِ أَوْلَى وَكَذَا إِذَا كَانَ فِي الْبَعِيدِ مَانِعٌ مِنَ الْكَمَالِ كَأَنْ يَكُونَ إِمَامُهُ مبتدعا
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
فتح الباري ( ج2 / ص 184-188 )
" باب فضل العشاء في الجماعة "
( 1 ) أَنَّ الصَّلَاةَ كُلَّهَا ثَقِيلَةٌ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاة إِلَّا وهم كسَالَى وَإِنَّمَا كَانَتِ الْعِشَاءُ وَالْفَجْرُ أَثْقَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِهِمَا لِقُوَّةِ الدَّاعِي إِلَى تَرْكِهِمَا لِأَنَّ الْعِشَاءَ وَقْتُ السُّكُونِ وَالرَّاحَةِ وَالصُّبْحُ وَقْتُ لَذَّةِ النَّوْمِ
( 2 ) وَفِي أَفْرَادِ الدَّارَقُطْنِي ِّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَفِي الْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَفِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيّ ِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ أَيْضًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَحْدَهُ فَقَالَ أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ فَقَامَ رَجُلٌ فَصَلَّى مَعَهُ فَقَالَ هَذَانِ جَمَاعَةٌ وَالْقِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ دُونَ قَوْلِهِ هَذَانِ جَمَاعَةٌ أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ ُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ صَحِيحٍ
( 3 ) وَتكلم بن بَطَّالٍ هُنَا عَلَى مَسْأَلَةِ أَقَلِّ الْجَمْعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَرَدَّهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ الِاثْنَانِ جَمَاعَةٌ أَنْ يَكُونَ أقل الْجمع اثْنَيْنِ وَهُوَ وَاضح
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
فتح الباري ( ج2 / ص 188- 192 )
" حديث سبعة يظلهم الله في ظله "
( 1 ) لَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ خُبَيْبٍ فَقَالَ عَن أبي سعيد أَو أبي هُرَيْرَةَ عَلَى الشَّكِّ وَرَوَاهُ أَبُو قُرَّةَ عَنْ مَالِكٍ بِوَاوِ الْعَطْفِ فَجَعَلَهُ عَنْهُمَا وَتَابَعَهُ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وَشَذَّا فِي ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ حَفِظَهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَشُكَّ فِيهِ وَلِكَوْنِهِ مِنْ رِوَايَةِ خَالِهِ وَجَدِّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( 2 ) سَبْعَةٌ ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ الْمَذْكُورِينَ بِالثَّوَابِ الْمَذْكُورِ وَوَجَّهَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِمَا مُحَصِّلُهُ أَنَّ الطَّاعَةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الرب أَو بَينه وَبَين الْخلق فَالْأولى بِاللِّسَانِ وَهُوَ الذِّكْرُ أَوْ بِالْقَلْبِ وَهُوَ الْمُعَلَّقُ بِالْمَسْجِدِ أَوْ بِالْبَدَنِ وَهُوَ النَّاشِئُ فِي الْعِبَادَةِ وَالثَّانِي عَامٌّ وَهُوَ الْعَادِلُ أَوْ خَاصٌّ بِالْقَلْبِ وَهُوَ التَّحَابُّ أَوْ بِالْمَالِ وَهُوَ الصَّدَقَةُ أَوْ بِالْبَدَنِ وَهُوَ الْعِفَّةُ
( 3 ) وَقَدْ نَظَمَ السَّبْعَةَ الْعَلَّامَةُ أَبُو شَامَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ فِيمَا أَنَشَدَنَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ التَّنُوخِيُّ إِذْنًا عَنْ أَبِي الْهُدَى أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شَامَةَ عَنْ أَبِيهِ سَمَاعًا مِنْ لَفْظِهِ قَالَ وَقَالَ النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى إِنَّ سَبْعَةً يُظِلُّهُمُ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِظِلِّهِ مُحِبٌّ عَفِيفٌ نَاشِئٌ مُتَصَدِّقٌ وَبَاكٍ مُصَلٍّ وَالْإِمَامُ بِعَدْلِهِ
( 4 ) وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْيُسْرِ مَرْفُوعًا مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وَهَاتَانِ الْخَصْلَتَانِ غَيْرُ السَّبْعَةِ الْمَاضِيَة فَدلَّ على أَن الْعدَد الْمَذْكُورَ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَقَدْ أَلْقَيْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْعَالِمِ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ عَطَاءٍ الرَّازِيِّ الْمَعْرُوفِ بِالْهَرَوِيِّ لَمَّا قَدِمَ الْقَاهِرَةَ وَادَّعَى أَنَّهُ يَحْفَظُ صَحِيحَ مُسْلِمٍ فَسَأَلْتُهُ بِحَضْرَةِ الْمَلِكِ الْمُؤَيَّدِ عَنْ هَذَا وَعَنْ غَيْرِهِ فَمَا اسْتَحْضَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ تَتَبَّعْتُ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَزَادَتْ عَلَى عَشْرِ خِصَالٍ وَقَدِ انْتَقَيْتُ مِنْهَا سَبْعَةً وَرَدَتْ بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ وَنَظَمْتُهَا فِي بَيْتَيْنِ تَذْيِيلًا عَلَى بَيْتَيْ أَبِي شَامَةَ وَهُمَا
وَزِدْ سَبْعَةً إِظْلَالَ غَازٍ وَعَوْنَهُ وَإِنْظَارَ ذِي عُسْرٍ وَتَخْفِيفَ حِمْلِهِ
وَإِرْفَادَ ذِي غُرْمٍ وَعَوْنَ مُكَاتَبٍ وَتَاجِرَ صِدْقٍ فِي الْمَقَالِ وَفِعْلِهِ
***** فَأَمَّا إِظْلَالُ الْغَازِي فَرَوَاهُ بن حِبَّانَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَأَمَّا عَوْنُ الْمُجَاهِد فَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَأَمَّا إِنْظَارُ الْمُعْسِرِ وَالْوَضِيعَةُ عَنْهُ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا إِرْفَادُ الْغَارِمِ وَعَوْنُ الْمُكَاتِبِ فَرَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الْمَذْكُورِ وَأَمَّا التَّاجِرُ الصَّدُوقُ فَرَوَاهُ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ وَأَبُو الْقَاسِمِ التَّيْمِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( 5 ) وَقَدْ أَوْرَدْتُ الْجَمِيعَ فِي الْأَمَالِي وَقَدْ أَفْرَدْتُهُ فِي جُزْءٍ سَمَّيْتُهُ مَعْرِفَةَ الْخِصَالِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى الظِّلَالِ قَوْلُهُ فِي ظِلِّهِ
( 6 ) قَالَ عِيَاضٌ إِضَافَةُ الظِّلِّ إِلَى اللَّهِ إِضَافَةَ مِلْكٍ وَكُلُّ ظِلٍّ فَهُوَ مِلْكُهُ كَذَا قَالَ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ لِيَحْصُلَ امْتِيَازُ هَذَا عَلَى غَيْرِهِ كَمَا قِيلَ لِلْكَعْبَةِ بَيْتُ اللَّهِ مَعَ أَنَّ الْمَسَاجِدَ كُلَّهَا مِلْكُهُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِظِلِّهِ كَرَامَتُهُ وَحِمَايَتُهُ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ فِي ظِلِّ الْمَلِكِ وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَقَوَّاهُ عِيَاضٌ وَقِيلَ الْمُرَادُ ظِلُّ عَرْشِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ سَلْمَانَ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ ظِلَّ الْعَرْشِ اسْتَلْزَمَ مَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِهِمْ فِي كَنَفِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَهُوَ أَرْجَحُ وَبِهِ جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بن الْمُبَارَكِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ ظِلُّ طُوبَى أَوْ ظِلُّ الْجَنَّةِ لِأَنَّ ظِلَّهُمَا إِنَّمَا يحصل لَهُم بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ فِي الْجَنَّةِ ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ مُشْتَرَكٌ لِجَمِيعِ مَنْ يَدْخُلُهَا
( 7 ) في الصدقة - نَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ إِظْهَارَ الْمَفْرُوضَةِ أَوْلَى مِنْ إِخْفَائِهَا
( 8 ) قَوْلُهُ حَتَّى لَا تَعْلَمَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا قَوْلُهُ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ هَكَذَا وَقَعَ فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَقْلُوبًا حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث أغفله بن الصَّلَاحِ وَإِنْ كَانَ أَفْرَدَ نَوْعَ الْمَقْلُوبِ لَكِنَّهُ قَصَرَهُ عَلَى مَا يَقَعُ فِي الْإِسْنَادِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي مَحَاسِنِ الِاصْطِلَاحِ وَمَثَّلَ لَهُ بِحَدِيث أَن بن أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ وَقَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَمَّى هَذَا النَّوْعُ الْمَعْكُوسَ انْتَهَى
( 9 ) وَالْأَوْلَى تَسْمِيَتُهُ مَقْلُوبًا فَيَكُونُ الْمَقْلُوبُ تَارَةً فِي الْإِسْنَادِ وَتَارَةً فِي الْمَتْنِ كَمَا قَالُوهُ فِي الْمُدْرَجِ سَوَاءً وَقَدْ سَمَّاهُ بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَ مَقْلُوبًا قَالَ عِيَاضٌ هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الَّتِي وَصَلَتْ إِلَيْنَا مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَهُوَ مَقْلُوبٌ أَوِ الصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَهُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْمَعْهُودَةَ فِي الصَّدَقَةِ إِعْطَاؤُهَا بِالْيَمِينِ وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي الزَّكَاةِ بَابُ الصَّدَقَةِ بِالْيَمِينِ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْوَهْمُ فِيهِ مِمَّنْ دُونَ مُسْلِمٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ لَمَّا أَوْرَدَهَا عَقِبَ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَلَوْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ لَبَيَّنَهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَى الزِّيَادَةِ فِي قَوْلِهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ انْتَهَى وَلَيْسَ الْوَهْمُ فِيهِ مِمَّنْ دُونَ مُسْلِمٍ وَلَا مِنْهُ بَلْ هُوَ مِنْ شَيْخِهِ أَوْ مِنْ شَيْخِ شَيْخِهِ يَحْيَى الْقَطَّانِ فَإِنَّ مُسْلِمًا أخرجه عَن زُهَيْر بن حَرْب وبن نُمَيْرٍ كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى وَأَشْعَرَ سِيَاقُهُ بِأَنَّ اللَّفْظَ لِزُهَيْرٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ عَنْ زُهَيْرٍ وَأَخْرَجَهُ الْجَوْزَقِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ عَنْ أَبِي حَامِدِ بْنِ الشَّرْقِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ كَذَلِكَ وَعَقَّبَهُ بِأَنْ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَامِدِ بْنِ الشَّرْقِيِّ يَقُولُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عِنْدَنَا وَاهِمٌ فِي هَذَا إِنَّمَا هُوَ حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ قُلْتُ وَالْجَزْمُ بِكَوْنِ يَحْيَى هُوَ الْوَاهِمُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ قَدْ رَوَاهُ عَنْهُ عَلَى الصَّوَابِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ وَفِي الزَّكَاةِ عَنْ مُسَدَّدٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِ يُّ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيِّ وَحَفْصِ بْنِ عُمَرَ وَكُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى وَكَأَنَّ أَبَا حَامِدٍ لَمَّا رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَدْ تَابَعَ زُهَيْرًا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَنَّ الْوَهْمَ مِنْ يَحْيَى وَهُوَ مُحْتَمَلٌ بِأَنْ يَكُونَ مِنْهُ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ هَذَيْنِ خَاصَّةً مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْوَهْمُ مِنْهُمَا تَوَارَدَا عَلَيْهِ وَقَدْ تَكَلَّفَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِي نَ تَوْجِيهَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمَقْلُوبَةِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ الْمَخْرَجَ مُتَّحِدٌّ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ شَيْخِ يَحْيَى فِيهِ وَلَا عَلَى شَيْخِهِ خُبَيْبٍ وَلَا عَلَى مَالِكٍ رَفِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِيهِ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ عِيَاضٍ عَلَى أَنَّ الْوَهْمَ فِيهِ مِمَّنْ دُونَ مُسْلِمٍ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ مِثْلَ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَدْ عَكَسَهُ غَيْرُهُ فَوَاخَذَ مُسْلِمًا بِقَوْلِهِ مِثْلَ عُبَيْدِ اللَّهِ لِكَوْنِهِمَا لَيْسَتَا مُتَسَاوِيَتَيْ نِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُسْلِمًا لَا يَقْصُرُ لَفْظَ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسَاوِي فِي جَمِيعِ اللَّفْظِ وَالتَّرْتِيبِ بَلْ هُوَ فِي الْمُعْظَمِ إِذَا تَسَاوَيَا فِي الْمَعْنَى وَالْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إِنَّمَا هُوَ إِخْفَاءُ الصَّدَقَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
فتح الباري " ( ج2 / ص 192-200 )
قال ابن حجر رحمه الله تعالى :
* 1- قوله " ففاضت عينه " قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَفَيْضُ الْعَيْنِ بِحَسَبِ حَالِ الذَّاكِرِ وَبِحَسَبِ مَا يُكْشَفُ لَهُ فَفِي حَالِ أَوْصَافِ الْجَلَالِ يَكُونُ الْبُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَفِي حَالِ أَوْصَافِ الْجَمَالِ يَكُونُ الْبُكَاءُ مِنَ الشَّوْقِ إِلَيْهِ قُلْتُ قَدْ خُصَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِالْأَوَّلِ فَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عِنْدَ الْجَوْزَقِيِّ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا مَنْ ذَكَرَ اللَّهَ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يُصِيبَ الْأَرْضَ مِنْ دُمُوعِهِ لَمْ يُعَذَّبْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ...
( 2 ) تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ ذِكْرُ الرِّجَالِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ يَشْتَرِكُ النِّسَاءُ مَعَهُمْ فِيمَا ذُكِرَ إِلَّا إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْإِمَامِ الْعَادِلِ الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى وَإِلَّا فَيُمْكِنُ دُخُولُ الْمَرْأَةِ حَيْثُ تَكُونُ ذَاتَ عِيَالٍ فَتَعْدِلُ فِيهِمْ وَتَخْرُجُ خَصْلَةُ مُلَازَمَةِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَالْمُشَارَكَة ُ حَاصِلَةٌ لَهُنَّ حَتَّى الرَّجُلُ الَّذِي دَعَتْهُ الْمَرْأَةُ فَإِنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِي امْرَأَةٍ دَعَاهَا مَلِكٌ جَمِيلٌ مَثَلًا فَامْتَنَعَتْ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ حَاجَتِهَا أَوْ شَابٌّ جَمِيلٌ دَعَاهُ مَلِكٌ إِلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ مَثَلًا فَخَشِيَ أَنْ يَرْتَكِبَ مِنْهُ الْفَاحِشَةَ فَامْتَنَعَ مَعَ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ الثَّانِي اسْتَوْعَبْتُ شَرْحَ هَذَا الْحَدِيثِ هُنَا وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِمَا شَرَطْتُ لِأَنَّ أَلْيَقَ الْمَوَاضِعِ بِهِ كِتَابُ الرِّقَاقِ ...
( 3 ) فَالْمُرَادُ بِالْغُدُوِّ الذَّهَابُ وَبِالرَّوَاحِ الرُّجُوعُ وَالْأَصْلُ فِي الْغُدُوِّ الْمُضِيُّ مِنْ بُكْرَةِ النَّهَارِ وَالرَّوَاحُ بَعْدَ الزَّوَالِ ثُمَّ قَدْ يُسْتَعْمَلَانِ فِي كُلِّ ذَهَابٍ وَرُجُوعٍ تَوَسُّعًا
( 4 ) (قَوْلُهُ بَابُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ)
هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لَفْظُ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ مُسلم وَأَصْحَاب السّنَن وبن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاخْتُلِفَ عَلَى عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ هُوَ السَّبَبُ فِي كَوْنِ الْبُخَارِيِّ لَمْ يُخَرِّجْهُ وَلَمَّا كَانَ الْحُكْمُ صَحِيحًا ذَكَرَهُ فِي التَّرْجَمَةِ وَأَخْرَجَ فِي الْبَابِ مَا يُغْنِي عَنْهُ
( 5 ) وَقَوْلُهُ فَلَا صَلَاةَ أَيْ صَحِيحَةً أَوْ كَامِلَةً وَالتَّقْدِيرُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى نَفْيِ الْحَقِيقَةِ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَقْطَعِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْمُصَلِّي وَاقْتَصَرَ عَلَى الْإِنْكَارِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الْكَمَالِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّفْيُ بِمَعْنَى النَّهْيِ أَيْ فَلَا تُصَلُّوا حِينَئِذٍ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ وَالْبَزَّارُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا فِي نَحْوِ حَدِيثِ الْبَابِ وَفِيهِ وَنَهَى أَنْ يُصَلِّيَا إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَوَرَدَ بِصِيغَةِ النَّهْيِ
( 6 ) قَوْله يُقَال لَهُ مَالك بن بُحَيْنَةَ هَكَذَا يَقُولُ شُعْبَةُ فِي هَذَا الصَّحَابِيِّ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو عَوَانَةَ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَحَكَمَ الْحُفَّاظُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ والإسماعيلي وبن الشَّرْقِي وَالدَّارَقُطْن ِيُّ وَأَبُو مَسْعُودٍ وَآخَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْوَهْمِ فِيهِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ بُحَيْنَةَ وَالِدَةُ عَبْدِ اللَّهِ لَا مَالِكٍ وَثَانِيهُمَا أَنَّ الصُّحْبَةَ وَالرِّوَايَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ لَا لِمَالِكٍ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْقِشْبِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَهُوَ لَقَبٌ وَاسْمُهُ جُنْدُبُ بن نَضْلَة بن عبد الله قَالَ بن سَعْدٍ قَدِمَ مَالِكُ بْنُ الْقِشْبِ مَكَّةَ يَعْنِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَحَالَفَ بَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَتَزَوَّجَ بُحَيْنَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ وَاسْمُهَا عَبْدَةُ وَبُحَيْنَةُ لَقَبٌ وَأَدْرَكَتْ بُحَيْنَةُ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَتْ وَصَحِبَتْ وَأَسْلَمَ ابْنُهَا عَبْدُ اللَّهِ قَدِيمًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مَالِكًا فِي الصَّحَابَةِ إِلَّا بَعْضٌ مِمَّنْ تَلَقَّاهُ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ مِمَّنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ وَكَذَا أَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ الشَّارِحُ فَقَالَ هَذَا الِاخْتِلَافُ لَا يَضُرُّ فَأَيُّ الرَّجُلَيْنِ كَانَ فَهُوَ صَاحب وَحكى بن عَبْدِ الْبَرِّ اخْتِلَافًا فِي بُحَيْنَةَ هَلْ هِيَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ أُمُّ مَالِكٍ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ فَيَنْبَغِي أَن يكْتب بن بُحَيْنَةَ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ وَيُعْرَبَ إِعْرَابُ عَبْدِ اللَّهِ كَمَا فِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ
( 7 ) لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ الْفَصْلِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ لَمْ يَحْصُلْ إِنْكَارٌ أَصْلًا لِأَنَّ بن بُحَيْنَةَ سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ قَطْعًا ثُمَّ دَخَلَ فِي الْفَرْضِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَأَلَهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ قَضَاءَهُمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ مُتَّصِلًا بِهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِنْكَارَ عَلَى بن بُحَيْنَةَ إِنَّمَا كَانَ لِلتَّنَفُّلِ حَالَ صَلَاةِ الْفَرْضِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِعُمُومِ حَدِيثِ التَّرْجَمَةِ
( 8 ) وَقَدْ فَهِمَ بن عُمَرَ اخْتِصَاصَ الْمَنْعِ بِمَنْ يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لَا خَارِجًا عَنْهُ فَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَحْصِبُ مَنْ يَتَنَفَّلُ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَصَدَ الْمَسْجِدَ فَسَمِعَ الْإِقَامَةَ فَصَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى مَعَ الْإِمَامِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ الْحُجَّةُ عِنْدَ التَّنَازُعِ السُّنَّةُ فَمَنْ أَدْلَى بِهَا فَقَدْ أَفْلَحَ وَتَرْكُ التَّنَفُّلِ عِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَتَدَارُكُهَا بَعْدَ قَضَاءِ الْفَرْضِ أَقْرَبُ إِلَى اتِّبَاعِ السُّنَّةِ
( 9 ) وَاسْتُدِلَّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ لِمَنْ قَالَ يَقْطَعُ النَّافِلَةَ إِذَا أُقِيمَتِ الْفَرِيضَةُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَخَصَّ آخَرُونَ النَّهْيَ بِمَنْ يُنْشِئُ النَّافِلَةَ عَمَلًا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم وَقِيلَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ يَخْشَى فَوْتَ الْفَرِيضَةِ فِي الْجَمَاعَةِ فَيَقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا
( 10 ) وَقَالَ حَمَّاد يَعْنِي بن سَلَمَةَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمِزِّيُّ وَآخَرُونَ وَكَذَا أخرجه الطَّحَاوِيّ وبن مَنْدَهْ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِهِ وَوَهِمَ الْكِرْمَانِيُّ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ حَمَّادًا وَافَقَ شُعْبَةَ فِي قَوْلِهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ وَقَدْ وَافَقَهُمَا أَبُو عَوَانَةَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِ يُّ عَنْ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْهُ لَكِنْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ فَوَقع فِي روايتهما عَن بن بُحَيْنَةَ مُبْهَمًا وَكَأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْ قُتَيْبَةَ فِي وَقْتٍ عَمْدًا لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى الصَّوَابِ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُحَيْنَةَ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ مَالِكُ بْنُ بُحَيْنَةَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
" فتح الباري " ( ج2/ ص 198- 202 )
قال ابن حجر رحمه الله :
( 1 ) قَوْلُهُ بَابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ)
قَالَ بن التِّين تبعا لِابْنِ بطال معنى الْحَد هَا هُنَا الْحِدَّةُ وَقَدْ نَقَلَهُ الْكِسَائِيُّ وَمِثْلُهُ قَوْلُ عُمَرَ فِي أَبِي بَكْرٍ كُنْتُ أَرَى مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ أَيِ الْحِدَّةِ قَالَ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الحض على شُهُود الْجَمَاعَة قَالَ بن التِّينِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ هُنَا جِدٌّ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهُوَ الِاجْتِهَادُ فِي الْأَمْرِ لَكِنْ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا رَوَاهُ بِالْجِيمِ انْتَهَى وَقَدْ أَثْبَتَ بن قرقول رِوَايَة الْجِيم وَعَزاهَا للقابسى وَقَالَ بن رَشِيدٍ إِنَّمَا الْمَعْنَى مَا يُحَدُّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ مَعَهُ الْجَمَاعَةُ فَإِذَا جَاوَزَ ذَلِكَ الْحَدَّ لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ شُهُودُهَا وَمُنَاسَبَةُ ذَلِكَ مِنَ الْحَدِيثِ خُرُوجُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَكِّئًا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ شِدَّةِ الضَّعْفِ فَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ مَنْ بَلَغَ إِلَى تِلْكَ الْحَالِ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ تَكَلُّفُ الْخُرُوجِ لِلْجَمَاعَةِ إِلَّا إِذَا وَجَدَ مَنْ يَتَوَكَّأُ عَلَيْهِ
( 2 ) فَقَالَ مَهْ إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ وَصَوَاحِبُ جَمْعُ صَاحِبَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُنَّ مِثْلُ صَوَاحِبِ يُوسُفَ فِي إِظْهَارِ خِلَافِ مَا فِي الْبَاطِنِ ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْخِطَابَ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَالْمُرَادُ بِهِ وَاحِدٌ وَهِيَ عَائِشَةُ فَقَطْ كَمَا أَنَّ صَوَاحِبَ صِيغَةُ جَمْعٍ وَالْمُرَادُ زُلَيْخَا فَقَطْ وَوَجْهُ الْمُشَابَهَةِ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ أَنَّ زُلَيْخَا اسْتَدْعَتِ النِّسْوَةَ وَأَظْهَرَتْ لَهُنَّ الْإِكْرَامَ بِالضِّيَافَةِ وَمُرَادُهَا زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ يَنْظُرْنَ إِلَى حُسْنِ يُوسُفَ وَيَعْذُرْنَهَا فِي مَحَبَّتِهِ وَأَنَّ عَائِشَةَ أَظْهَرَتْ أَنَّ سَبَبَ إِرَادَتِهَا صَرْفَ الْإِمَامَةِ عَنْ أَبِيهَا كَوْنُهُ لَا يُسْمِعُ الْمَأْمُومِينَ الْقِرَاءَةَ لِبُكَائِهِ وَمُرَادُهَا زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ لَا يَتَشَاءَمَ النَّاسُ بِهِ وَقَدْ صَرَّحَتْ هِيَ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَتْ لَقَدْ رَاجَعْتُهُ وَمَا حَمَلَنِي عَلَى كَثْرَةِ مُرَاجَعَتِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِي أَنْ يُحِبَّ النَّاسُ بَعْدَهُ رَجُلًا قَامَ مَقَامَهُ أَبَدًا
( 3 ) وَبِهَذَا التَّقْرِيرُ يَنْدَفِعُ إِشْكَالُ مَنْ قَالَ إِنَّ صَوَاحِبَ يُوسُفَ لَمْ يَقَعْ مِنْهُنَّ إِظْهَارٌ يُخَالِفُ مَا فِي الْبَاطِنِ وَوَقع فِي مُرْسل الْحسن عِنْد بن أَبِي خَيْثَمَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمَرَ عَائِشَةَ أَنْ تُكَلِّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ عَنْهُ فَأَرَادَتِ التَّوَصُّلَ إِلَى ذَلِكَ بِكُلِّ طَرِيقٍ فَلَمْ يَتِمَّ وَوَقَعَ فِي أمالى بن عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ النِّسْوَةَ أَتَيْنَ امْرَأَةَ الْعَزِيزِ يُظْهِرْنَ تَعْنِيفَهَا وَمَقْصُودُهُنّ َ فِي الْبَاطِنِ أَنْ يَدْعُونَ يُوسُفَ إِلَى أَنْفُسِهِنَّ كَذَا قَالَ وَلَيْسَ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ مَا يُسَاعِدُ مَا قَالَ فَائِدَةٌ زَادَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ هُوَ الَّذِي أَمَرَ عَائِشَةَ أَنْ تُشِيرَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَأْمُرَ عُمَرَ بِالصَّلَاةِ أَخْرَجَهُ الدَّوْرَقِيُّ فِي مُسْنَدِهِ وَزَادَ مَالِكٌ فِي رِوَايَتِهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لِأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا وَمِثْلُهُ لِلْإِسْمَاعِيل ِيِّ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَإِنَّمَا قَالَتْ حَفْصَةُ ذَلِك لِأَن كَلَامهَا صَادف الْمرة الثَّالِثَة من الْمُعَاوَدَةِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُرَاجَعُ بَعْدَ ثَلَاثٍ
( 4 ) قَوْلُهُ فَوَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً ظَاهِرُهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ بِعَيْنِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ فِيهِ حَذْفٌ كَمَا تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ وَأَوْضَحُ مِنْهُ رِوَايَةُ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الْأَيَّامَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً وَعَلَى هَذَا لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ الْعِشَاءُ
( 5 ) قَوْلُهُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنْ حَدِيثَيِ الْبَابِ أَنَّهُمَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ الْمَذْكُورَةِ وَجَدَ خِفَّةً مِنْ نَفْسِهِ فَخَرَجَ بَيْنَ بَرِيرَةَ وَنُوبَةَ وَيُجْمَعُ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى الْمَسْجِدِ بَيْنَ هَذَيْنِ وَمِنْ ثَمَّ إِلَى مَقَامِ الصَّلَاةِ بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى التَّعَدُّدِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِي ِّ أَنَّهُ خَرَجَ بَيْنَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَالْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَأَمَّا مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ خَرَجَ بَيْنَ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ فَذَاكَ فِي حَالِ مَجِيئِهِ إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ
( 6 ) تَنْبِيهٌ نُوبَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَبِالْمُوَحَّد َةِ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي النِّسَاءِ الصَّحَابِيَّات ِ فَوَهِمَ وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدٌ أَسْوَدُ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ سَيْفٍ فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ سَالِمِ بن عبيد فِي صَحِيح بن خُزَيْمَةَ بِلَفْظِ خَرَجَ بَيْنَ بَرِيرَةَ وَرَجُلٍ آخَرَ
( 7 ) وَأَغْرَبَ الْقُرْطُبِيُّ شَارِحُ مُسْلِمٍ لَمَّا حَكَى الْخِلَافُ هَلْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِمَامًا أَوْ مَأْمُومًا فَقَالَ لَمْ يَقَعْ فِي الصَّحِيحِ بَيَانُ جُلُوسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ كَانَ عَنْ يَمِينِ أَبِي بَكْرٍ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ انْتَهَى
( 8 ) رَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ أَبِي دَاوُدَ بِسَنَدِهِ هَذَا عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الْمُقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فىالصف وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُقَدَّمُ وَرَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بكر أخرجه بن الْمُنْذِرِ وَهَذَا عَكْسُ رِوَايَةِ أَبِي مُوسَى وَهُوَ اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ عَنْهَا أَيْضا اخْتِلَاف فَأخْرجهُ بن حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمٍ عَنْ شَقِيقٍ عَنْهُ بِلَفْظِ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن خُزَيْمَةَ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ شَقِيقٍ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ أَنَّ عَائِشَةَ لَمْ تُشَاهِدِ الْهَيْئَةَ الْمَذْكُورَةَ وَلَكِنْ تَضَافَرَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهَا بِالْجَزْمِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ هُوَ الْإِمَامُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ
( 9 ) وَخَالَفَهُ شُعْبَةُ أَيْضًا فَرَوَاهُ عَنْ مُوسَى بِلَفْظِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى بِالنَّاسِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّفِّ خَلْفَهُ فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ سَلَكَ التَّرْجِيحَ فَقَدَّمَ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِيهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ مَأْمُومًا لِلْجَزْمِ بِهَا وَلِأَنَّ أَبَا مُعَاوِيَةَ أَحْفَظُ فِي حَدِيثِ الْأَعْمَشِ مِنْ غَيْرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ سَلَكَ عَكْسَ ذَلِكَ وَرَجَّحَ أَنَّهُ كَانَ إِمَامًا وَتَمَسَّكَ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي بَابِ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ حَيْثُ قَالَ مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهُمْ مَنْ سَلَكَ الْجَمْعَ فَحَمَلَ الْقِصَّةَ عَلَى التَّعَدُّدِ وَأَجَابَ عَنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَيُؤَيِّدُهُ اخْتِلَافُ النَّقْلِ عَنِ الصَّحَابَةِ غَيْرِ عَائِشَةَ فَحَدِيث بن عَبَّاسٍ فِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ مَأْمُومًا
( 10 ) قَوْلُهُ قَالَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ زَادَ الْإِسْمَاعِيلِ يُّ من رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَلَكِنَّ عَائِشَةَ لَا تَطِيبُ نَفْسًا لَهُ بِخَيْرٍ وَلِابْنِ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَكِنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَذْكُرَهُ بِخَيْرٍ وَلَمْ يَقِفِ الْكِرْمَانِيُّ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ فَعَبَّرَ عَنْهَا بِعِبَارَةٍ شَنِيعَةٍ وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ تَنَطَّعَ فَقَالَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ ذَلِكَ بِعَائِشَةَ وَرَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا أَبْهَمَتِ الثَّانِيَ لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِي جَمِيعِ الْمَسَافَةِ إِذْ كَانَ تَارَةً يَتَوَكَّأُ عَلَى الْفَضْلِ وَتَارَةً عَلَى أُسَامَةَ وَتَارَةً عَلَى عَلِيٍّ وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْآخَرُ هُوَ الْعَبَّاسُ وَاخْتُصَّ بِذَلِكَ إِكْرَامًا لَهُ وَهَذَا تَوَهُّمٌ مِمَّنْ قَالَهُ وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ لِأَنَّ بن عَبَّاسٍ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ جَازِمٌ بِأَنَّ الْمُبْهَمَ عَلِيٌّ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَدَعْوَى وُجُودِ الْعَبَّاسِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَالَّذِي يَتَبَدَّلُ غَيْرُهُ مَرْدُودَةٌ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ عَاصِمٍ الَّتِي قَدَّمْتُ الْإِشَارَةَ إِلَيْهَا وَغَيْرُهَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعَبَّاسَ لَمْ يَكُنْ فِي مَرَّةٍ وَلَا فِي مَرَّتَيْنِ مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
" فتح الباري " ( ج2 / ص 207 -212 )
قال ابن حجر رحمه الله :
( 1 ) قَوْلُهُ بَابُ إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ حُذِفَ جَوَابُ الشَّرْطِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِشْعَارًا بِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالْحُكْمِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ انْتَهَى
( 2 ) وقد أَشَارَ بِالْأَثَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْن ِ فِي التَّرْجَمَةِ إِلَى مَنْزَعِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ فَإِن بن عُمَرَ حَمَلَهُ عَلَى إِطْلَاقِهِ وَأَشَارَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَى تَقْيِيدِهِ بِمَا إِذَا كَانَ الْقَلْبُ مَشْغُولًا بِالْأَكْلِ وَأثر بن عُمَرَ مَذْكُورٌ فِي الْبَابِ بِمَعْنَاهُ وَأَثَرُ أَبِي الدَّرْدَاء وَصله بن الْمُبَارَكِ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ وَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ تَعْظِيمِ قَدْرِ الصَّلَاةِ
( 3 ) قَوْله حَدثنَا يحيى هُوَ بن سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ السَّرَّاجُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَيْضًا لَكِنَّ لَفْظَهُ إِذَا حَضَرَ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ إِذَا حَضَرَ وَقَالَ بَعْدَهُ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَوُهَيْبٌ عَنْ هُشَيْمٍ إِذَا وَضَعَ انْتَهَى وَرِوَايَةُ وُهَيْبٍ وَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِ يُّ وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة بن نُمَيْرٍ وَحَفْصٍ وَوَكِيعٍ بِلَفْظِ إِذَا حَضَرَ وَوَافَقَ كلا جمَاعَة مِنَ الرُّوَاةِ عَنْ هِشَامٍ لَكِنَّ الَّذِينَ رَوَوْهُ بِلَفْظِ إِذَا وَضَعَ كَمَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِ يُّ أَكْثَرُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ أَنَّ الْحُضُورَ أَعَمُّ مِنَ الْوَضْعِ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ حَضَرَ أَيْ بَيْنَ يَدَيْهِ لِتَأْتَلِفَ الرِّوَايَاتُ لِاتِّحَادِ الْمَخْرَجِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَنَسٍ الْآتِي بَعْدَهُ بِلَفْظِ إِذَا قُدِّمَ الْعَشَاءُ وَلِمُسْلِمٍ إِذَا قُرِّبَ الْعَشَاءُ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُنَاطُ الْحُكْمُ بِمَا إِذَا حَضَرَ الْعِشَاءُ لَكِنَّهُ لَمْ يُقَرَّبْ لِلْأَكْلِ كَمَا لَوْ لَمْ يُقَرَّبْ
( 5 ) قَوْلُهُ وأقيمت الصَّلَاة قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الصَّلَاةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ وَلَا عَلَى تَعْرِيفِ الْمَاهِيَّةِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الْمغرب لقَوْله فابدؤوا بِالْعَشَاءِ وَيَتَرَجَّحُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَغْرِبِ لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى فابدؤوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا الْمَغْرِبَ وَالْحَدِيثُ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَأَحَدُكُمْ صَائِمٌ انْتَهَى
( 6 ) قَوْله فابدؤوا بِالْعَشَاءِ حَمَلَ الْجُمْهُورُ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ قَيَّدَهُ بِمَنْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى الْأَكْلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَزَادَ الْغَزَالِيُّ مَا إِذَا خَشِيَ فَسَادَ الْمَأْكُولِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَعَلِيهِ يدل فعل بن عمر الْآتِي وأفرط بن حَزْمٍ فَقَالَ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ وَمِنْهُمْ مَنِ اخْتَارَ الْبُدَاءَةَ بِالصَّلَاةِ إِلَّا إِنْ كَانَ الطَّعَامُ خَفِيفًا نَقله بن الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ تَفْصِيلٌ قَالُوا يُبْدَأُ بِالصَّلَاةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّقَ النَّفْسِ بِالْأَكْلِ أَوْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهِ لَكِنْ لَا يُعَجِّلُهُ عَنْ صَلَاتِهِ فَإِنْ كَانَ يُعَجِّلُهُ عَنْ صَلَاتِهِ بَدَأَ بِالطَّعَامِ وَاسْتُحِبَّتْ لَهُ الْإِعَادَةُ
( 7 ) وَرَوَاهُ بن حبَان من طَرِيق بن جريج عَن نَافِع أَن بن عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ وَكَانَ أَحْيَانًا يَلْقَاهُ وَهُوَ صَائِمٌ فَيُقَدَّمُ لَهُ عَشَاؤُهُ وَقَدْ نُودِيَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ تُقَامُ وَهُوَ يَسْمَعُ فَلَا يَتْرُكُ عَشَاءَهُ وَلَا يَعْجَلْ حَتَّى يَقْضِيَ عَشَاءَهُ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي انْتَهَى وَهَذَا أَصْرَحُ مَا وَرَدَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ
( 8 ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ الَّذِي يُرِيدُ أَكْلَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ ذَهَابِ كَمَالِ الْخُشُوعِ وَيَلْتَحِقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَشْغَلُ الْقَلْبَ وَهَذَا إِذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ فَإِنْ ضَاقَ صَلَّى عَلَى حَالِهِ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ وَحَكَى الْمُتَوَلِّي وَجْهًا أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْأَكْلِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الصَّلَاةِ الْخُشُوعُ فَلَا يَفُوتُهُ انْتَهَى
( 9 ) وَحَكَى الْمُتَوَلِّي وَجْهًا أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْأَكْلِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الصَّلَاةِ الْخُشُوعُ فَلَا يَفُوتُهُ انْتَهَى وَهَذَا إِنَّمَا يَجِيءُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُوجِبُ الْخُشُوعَ ثُمَّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَفْسَدَتَيْ نِ إِذَا تَعَارَضَتَا اقْتَصَرَ عَلَى أَخَفِّهِمَا وَخُرُوجُ الْوَقْتِ أَشَدُّ مِنْ تَرْكِ الْخُشُوعِ بِدَلِيلِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَالْغَرِيقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِذَا صَلَّى لِمُحَافَظَةِ الْوَقْتِ صَحَّتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَتُسْتَحَبُّ الْإِعَادَة عِنْد الْجُمْهُور
( 10 ) وَادّعى بن حَزْمٍ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةً عَلَى امْتِدَادِ الْوَقْتِ فِي حَقِّ مَنْ وُضِعَ لَهُ الطَّعَامُ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ الْمَحْدُودُ وَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي حَقِّ النَّائِمِ وَالنَّاسِي وَاسْتَدَلَّ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِحَدِيثِ أَنَسٍ عَلَى امْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَاعْتَرَضَهُ بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّهُ إِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ التَّوْسِعَةُ إِلَى غُرُوبِ الشَّفَقِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مُطْلَقُ التَّوْسِعَةِ فَمُسَلَّمٌ وَلَكِنْ لَيْسَ مَحَلَّ الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ فَإِنَّ بَعْضَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى ضِيقِ وَقْتِهَا جَعَلَهُ مُقَدَّرًا بِزَمَنٍ يَدْخُلُ فِيهِ مِقْدَارُ مَا يَتَنَاوَلُ لُقَيْمَاتٍ يَكْسِرُ بِهَا سُورَةَ الْجُوعِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ عَلَى أَنَّ شُهُودَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ يَشْتَغِلُ بِالْأَكْلِ وَإِنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ بَعْضَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْوُجُوبِ كَابْنِ حِبَّانَ جَعَلَ حُضُورَ الطَّعَامِ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ حِينَئِذٍ عَلَى إِسْقَاطِ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ فَضِيلَةِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَة ِ بِقَوْلِهِ فابدؤوا عَلَى تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِمَنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْأَكْلِ وَأَمَّا مَنْ شَرَعَ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا يَتَمَادَى بَلْ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ النَّوَوِيّ وصنيع بن عُمَرَ يُبْطِلُ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّوَابُ
( 11 ) وروى سعيد بن مَنْصُور وبن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وبن عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَأْكُلَانِ طَعَامًا وَفِي التَّنُّورِ شِوَاءٌ فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُقِيمَ فَقَالَ لَهُ بن عَبَّاسٍ لَا تَعْجَلْ لِئَلَّا نَقُومَ وَفِي أَنْفُسِنَا مِنْهُ شَيْء وَفِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ لِئَلَّا يَعْرِضَ لَنَا فِي صَلَاتِنَا وَله عَن الْحسن بن عَلِيٍّ قَالَ الْعَشَاءُ قَبْلَ الصَّلَاةِ يُذْهِبُ النَّفْسَ اللَّوَّامَةَ وَفِي هَذَا كُلِّهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ تَشَوُّفُ النَّفْسِ إِلَى الطَّعَامِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُدَارَ الْحُكْمُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا وَلَا يَتَقَيَّدُ بِكُلٍّ وَلَا بَعْضٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الصَّائِمُ فَلَا تُكْرَهُ صَلَاتُهُ
( 12 ) فَائِدَتَانِ الْأُولَى قَالَ بن الْجَوْزِيِّ ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ حَقِّ الْعَبْدِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ صِيَانَةٌ لِحَقِّ الْحَقِّ لِيَدْخُلَ الْخَلْقُ فِي عِبَادَتِهِ بِقُلُوبٍ مُقْبِلَةٍ ثُمَّ إِنَّ طَعَامَ الْقَوْمِ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا لَا يَقْطَعُ عَنْ لِحَاقِ الْجَمَاعَةِ غَالِبًا الثَّانِيَةُ مَا يَقَعُ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْفِقْهِ إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَالْعشَاء فابدؤوا بِالْعَشَاءِ لَا أَصْلَ لَهُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ بِهَذَا اللَّفْظِ كَذَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ لِشَيْخِنَا أَبِي الْفَضْلِ لَكِنْ رَأَيْتُ بِخَطِّ الْحَافِظِ قُطْبِ الدّين أَن بن أبي شيبَة أخرج عَن إِسْمَاعِيل وَهُوَ بن علية عَن بن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَحَضَرت الْعشَاء فابدؤوا بِالْعَشَاءِ فَإِنْ كَانَ ضَبَطَهُ فَذَاكَ وَإِلَّا فَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بِلَفْظِ وَحَضَرت الصَّلَاة ثمَّ راجعت مُصَنف بن أَبِي شَيْبَةَ فَرَأَيْتُ الْحَدِيثَ فِيهِ كَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمد وَالله أعلم
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
" فتح الباري " ( ج2 / ص 210- 216 )
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
( 1 ) قَوْلُهُ بَابُ إِذَا دُعِيَ الْإِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ)
قِيلَ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي فِي الْبَابِ قَبْلَهُ لِلنَّدْبِ لَا لِلْوُجُوبِ وَقَدْ قَدَّمْنَا قَوْلَ مَنْ فَصَلَ بَيْنَ مَا إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْأَكْلِ أَوْ بَعْدَهُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ كَانَ يَرَى التَّفْصِيلَ وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ فِي التَّرْجَمَةِ بِالْإِمَامِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى تَخْصِيصَهُ بِهِ
( 2 ) وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِالْعَزِيمَةِ فَقَدَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى الطَّعَامِ وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالرُّخْصَةِ لِأَنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى مُدَافَعَةِ الشَّهْوَةِ قُوَّتُهُ وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ انْتَهَى
رد: [ 2000 فائدة فقهية وحديثية من فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله ]
فتح الباري " ( ج2 / ص 210- 216 )
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
( 1 ) قَوْلُهُ بَابُ إِذَا دُعِيَ الْإِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ)
قِيلَ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي فِي الْبَابِ قَبْلَهُ لِلنَّدْبِ لَا لِلْوُجُوبِ وَقَدْ قَدَّمْنَا قَوْلَ مَنْ فَصَلَ بَيْنَ مَا إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْأَكْلِ أَوْ بَعْدَهُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ كَانَ يَرَى التَّفْصِيلَ وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ فِي التَّرْجَمَةِ بِالْإِمَامِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى تَخْصِيصَهُ بِهِ
( 2 ) وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِالْعَزِيمَةِ فَقَدَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى الطَّعَامِ وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالرُّخْصَةِ لِأَنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى مُدَافَعَةِ الشَّهْوَةِ قُوَّتُهُ وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ انْتَهَى
( 3 ) قَوْلُهُ فِي مَهْنَةِ أَهْلِهِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الْهَاءِ فِيهِمَا وَقَدْ فَسَّرَهَا فِي الْحَدِيثِ بِالْخِدْمَةِ وَهِيَ مِنْ تَفْسِيرِ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ شَيْخِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ فِي الْأَدَبِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ وَفِي النَّفَقَاتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَغُنْدَرٍ وَالْإِسْمَاعِي لِيِّ من طَرِيق بن مَهْدِيٍّ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ بِدُونِهَا
( 4 ) وَفِي الصِّحَاحِ الْمَهْنَةُ بِالْفَتْحِ الْخِدْمَةُ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ لَكِنْ فَسَّرَهَا صَاحِبُ الْمُحْكَمِ بِأَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ الْمَهْنَةُ الْحِذْقُ بِالْخِدْمَةِ وَالْعَمَلُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ فِي مَهْنَةِ بَيْتِ أَهْلِهِ وَهِيَ مُوَجَّهَةٌ مَعَ شُذُوذِهَا
( 5 ) وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ التَّشْمِيرُ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّ النَّهْيَ عَنْ كَفِّ الشَّعْرِ وَالثِّيَابِ لِلتَّنْزِيهِ لِكَوْنِهَا لَمْ تَذْكُرْ أَنَّهُ أَزَاحَ عَنْ نَفْسِهِ هَيْئَةَ الْمَهْنَةِ كَذَا ذكره بن بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى ثُبُوتِ
( 6 ) تَنْبِيهٌ أَخْرَجَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَيْسَ هُوَ عِنْدَ مُسلم من حَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث