رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "
*"معاني وغريب القرآن"*
- جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424
قوله تعالى:
﴿وَتَكونُ الجِبالُ كَالعِهنِ﴾ [المعارج: 9].
*قوله {وَ}:* يوم.
*قوله {تَكونُ}:* تصير.
*قوله {الجِبالُ}:* الرواسي العظام، والتي كانت للأرض كالأوتاد، والتي كانت يضرب بها المثل في الثبات (١).
قال البقاعي في نظم الدرر: {وتكون الجبال}: التي هي أشد الأرض وأثقل ما فيها.
*قوله {كَالعِهنِ}:* كالصوف، جمع عهنة، ويقال عهون (٢).
قال الهروي في تهذيب اللغة، وابن فارس في مجمل اللغة، والحميري في شمس العلوم، وأبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، ونجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن: العهن: الصوف المصبوغ.
إلا أن الهروي قال: المصبوغ ألوانا.
قال مكي في النهاية: وأهل اللغة على أنه لا يقال (للصوف) " عهن " حتى يكون مصبوغا (٣).
انتهى
فمعنى قوله تعالى: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ}: يقول: وتكون الجبال كالصوف.
قال الماوردي في النكت والعيون: والمعنى أنها تلين بعد الشدة، وتتفرق بعد الاجتماع (٤).
قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {وَتَكون الْجبَال كالعهن}: كَالصُّوفِ الْأَحْمَرِ وَهُوَ أَضْعَفُ الصُّوفِ، وَهِي فِي حرف ابْن مَسْعُود (كالصوف الْأَحْمَر المنفوش)
قال الواحدي في الوسيط: {وتكون الجبال كالعهن}: كالصوف الأحمر في خفتها، وسيرها.
قال الزمخشري في الكشاف: {كَالْعِهْنِ}: كالصوف المصبوغ ألوانا، لأنّ الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود، فإذا بست وطيرت في الجو: أشبهت العهن المنفوش إذا طيرته الريح.
قال جلال الدين المحلي في الجلالين: {وتكون الجبال كالعهن}: كالصوف في الخفة والطيران بالريح.
قال ابن كثير: وهذه الآية كقوله تعالى : ( وتكون الجبال كالعهن المنفوش ) [ القارعة : 5 ].
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: والعهنة : شجر بالبادية لها ورد أحمر .
ووجه الشبه بالعهن تفرق الأجزاء كما جاءت في آية القارعة: {وتكون الجبال كالعهن المنفوشِ}: فإيثار العهن بالذكر لإِكمال المشابهة لأن الجبال ذات ألوان قال تعالى : {ومن الجبال جُدد بيضٌ وحُمْرٌ مختلف ألوانها}: وإنما تكون السماء والجبال بهاته الحالة حين ينحلّ تماسك أجزائهما عند انقراض هذا العالم والمصيرِ إلى عالم الآخرة.
المعنى الإجمالي للآية، من كتاب (المختصر في التفسير):
﴿وَتَكونُ الجِبالُ كَالعِهنِ﴾ [المعارج: 9].
وتكون الجبال مثل الصوف في الخِفَّة.
....................
(١): قال السعدي: فإذا كان هذا القلق والانزعاج لهذه الأجرام الكبيرة الشديدة، فما ظنك بالعبد الضعيف الذي قد أثقل ظهره بالذنوب والأوزار؟.
(٢): انظر: إعراب القرآن للنحاس، ومعاني القرآن للأخفش الأوسط.
(٣): وهو قول البغوي في تفسيره، والقرطبي في تفسيره، والشوكاني في تفسيره.
(٤): قال القرطبي في تفسيره: والمعنى أنها تلين بعد الشدة ، وتتفرق بعد الاجتماع . وقيل : أول ما تتغير الجبال تصير رملا مهيلا ، ثم عهنا منفوشا، ثم هباء منبثا.
رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "
*"معاني وغريب القرآن"*
- جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424
قوله تعالى:
﴿وَلا يَسأَلُ حَميمٌ حَميمًا﴾ [المعارج: 10].
*قوله {وَ}:* في ذلك اليوم.
*قوله {لا يَسأَلُ}:* عن الحال. من قولك: سألت زيداً، أي: سألته عن حاله وأمره (١)، ومنه قولهم: سألت عنك، أي عن حالك.
وقرأ الأكثرون: «يسأل» بفتح الياء. والمعنى: لا يسأل قريب عن قرابته، لاشتغاله بنفسه (٢). وقُرِىءَ على البناء للمفعول، أي: لا يُطلبُ من حميم حميمٌ، أولا يسألُ منْهُ حالة (٣)ٌ.
قال الطبري في تفسيره: والصواب من القراءة عندنا فتح الياء، بمعنى: لا يسأل الناس بعضهم بعضا عن شأنه.
*قوله {حَميمٌ}:* قريب.
و"الحميم": القريب والصديق، والولي، ومنه قوله تعالى: {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}:
قال القاسمي في محاسن التأويل: أي صديق أو قريب {حَمِيمٌ}: أي شديد الولاء.
وأصل*الحميم الماء الشديدة حرارته. كنى به عن الولي المخلص في وده، لما يجد في نفسه من حرارة الحب والشوق والاهتمام نحو مواليه (٤).
*قوله {حَميماً}:* قريبا.
وخص "الأقرباء" بالذكر: لأنهم كانوا في الدنيا، يسألون عن أحوال بعض، سيما إذا ألمت بهم الملمات؛ ليقوموا بما ينبغي القيام به، من دفع ضر أو جلب منفعة، أما في الآخرة ف/ {فَلا أَنسابَ بَينَهُم يَومَئِذٍ وَلا يَتَساءَلونَ} [المؤمنون: 101]، يذهلون عن السؤال عن أقربائهم لشدة الأهوال، وعظيم ما حل بهم وأشغلهم، وكما قال: {تذهل كل مرضعة عما أرضعت}.
قال كراع النمل في المُنَجَّد في اللغة: والحَميم: الماء الحارُّ. والحَميم: القريب. والحَمِيْمَة - بالهاء -: كِرامُ المالِ.
انتهى
فمعنى قوله تعالى: {وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا}: أي لا يسأل ذو قرابة عن قرابته.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن.
قال الطبري في تفسيره: وقوله: {ولا يسأل حميم حميما يبصرونهم}: يقول تعالى ذكره: ولا يسأل قريب قريبه عن شأنه لشغله بشأن نفسه.
قال الطاهر ابن عاشور: ومعنى {ولا يسأل حميم حميماً}: لشدة ما يعتري الناس من الهول فمن شدة ذلك أن يرى الحميم حميمه في كرب وعناء فلا يتفرغ لسؤاله عن حاله لأنه في شاغل عنه، فحذف متعلق: {يسأل}: لظهوره من المقام ومن قوله: {يبصرونهم}: أي يبصر الأخلاء أحوال أخلائهم من الكرب فلا يسأل حميم حميماً ، قال كعب بن زهير :
وقال كل خليل كنتُ ءآمُله ... لا أُلْهِيَنَّك إِني عنك مشغول.
قال الشنقيطي في أضواء البيان: وقد بين تعالى موجب ذلك وهو اشتغال كل إنسان بنفسه، كما في قوله تعالى: {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه}، وكل يفر من الآخر يقول: نفسي نفسي، كما في قوله تعالى: {يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه}. وقد جاء ما هو أعظم من ذلك في حديث الشفاعة؛ كل نبي يقول: نفسي نفسي، وجاء قوله تعالى: {يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت}، وليس بعد ذلك من فزع إلا المؤمنون: {وهم من فزع يومئذ آمنون}، جعلنا الله تعالى منهم. آمين.
.............................
(١): قال الواحدي في البسيط: فقوله: {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا}: من قولك: سألت زيداً، أي: سألته عن حاله وأمره.
ويجوز أن يكون المعنى: لا يَسْأل عن حميمه، فيُحذف الجار، ويوصل الفعل.
(٢): زاد المسير لابن الجوزي.
(٣): تفسير أبي السعود.
(٤): البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي.
رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "
*"معاني وغريب القرآن"*
- جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424
قوله تعالى:
﴿يُبَصَّرونَهُ يَوَدُّ المُجرِمُ لَو يَفتَدي مِن عَذابِ يَومِئِذٍ بِبَنيهِ﴾ [المعارج: 11].
*قوله {يُبَصَّرُونَهُ ْ}:* أي: يعرفونهم، ويرونهم.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وتقول: بصر فلان بالشيء، وبصرته به أريته إياه ومنه قول الشاعر: [الوافر]
إذا بصرتك البيداء فاسري*...*وأما الآن فاقتصدي وقيلي.
وقال الرازي في مختار الصحاح: التبصير: التعريف والإيضاح.
قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى: ﴿قالَ بَصُرتُ بِما لَم يَبصُروا بِهِ فَقَبَضتُ قَبضَةً مِن أَثَرِ الرَّسولِ فَنَبَذتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَت لي نَفسي﴾ [طه: 96]:
قال النعماني في اللباب، والقاسمي في محاسن التأويل: أي*عرفت*أن الذي أنتم عليه ليس بحق.
فائدة:
قال ابن الجوزي في زاد المسير: وقرأ*قتادة، وأبو المتوكل، وأبو عمران «يبصرونهم» بإسكان الباء، وتخفيف الصاد، وكسرها.
قلت (عبدالرحيم): والتشديد أبلغ، وله فوائد:
منها: المبالغة في شدة المعرفة.
الثاني: درأً للوهم الذي يعتري المنشغل، وعدم الإلتباس (١). والمعنى: يعرفون أقربائهم في المحشر، معرفة تامة لا التباس فيها؛ ومع ذلك يفر بعضهم من بعض لشغل كل امرء بنفسه، كما قال: ﴿يَومَ يَفِرُّ المَرءُ مِن أَخيهِوَأُمِّه ِ وَأَبيهِوَصاحِ بَتِهِ وَبَنيهِلِكُلّ ِ امرِئٍ مِنهُم يَومَئِذٍ شَأنٌ يُغنيهِ﴾ [عبس: 34-37].
قال القاسمي في محاسن التأويل: وفيه تنبيه على أن المانع من هذا السؤال هو الاندهاش مما نزل، لا احتجاب بعضهم من بعض.
انتهى
فمعنى قوله تعالى:*{يُبَصَّر ونَهُمْ}: أي يعرف الحميم حميمَه حتى يَعْرِفَه، وهو مع ذلك لا يسأل عن شأنه، ولا يكلِّمه اشتغالاً بنفسه.
قاله ابن الجوزي في زاد المسير.
*قوله {يَوَدُّ}:* يتمنى، ويحب.
قال الراغب في المفردات: ودد: الود:*محبة*الشيء وتمني كونه.
قال الزبيدي في تاج العروس: [ودد]:*الود، والوداد: الحب والصداقة، ثم استعير للتمني.
قلت (عبدالرحيم): ومنه: ﴿...وَدَّ الَّذينَ كَفَروا لَو تَغفُلونَ عَن أَسلِحَتِكُم وَأَمتِعَتِكُم فَيَميلونَ عَلَيكُم مَيلَةً واحِدَةً﴾ [النساء: 102]:
قال أبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: {ود}: تمنى وأحب.
ومنه: ﴿وَلَتَجِدَنَّ ُم أَحرَصَ النّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذينَ أَشرَكوا يَوَدُّ أَحَدُهُم لَو يُعَمَّرُ أَلفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحزِحِهِ مِنَ العَذابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصيرٌ بِما يَعمَلونَ﴾ [البقرة: 96]:
قال القرطبي في تفسيره: ومعنى*يود:*يتمنى. *
ومنه: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا}:
قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني*تتمنى*النفس *أن تكون*بينها، وبين ذلك العمل أجلا بعيدا، كما بين المشرق والمغرب، ولم تعمل ذلك العمل قط.
ومنه: ﴿ما يَوَدُّ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ وَلَا المُشرِكينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيكُم مِن خَيرٍ مِن رَبِّكُم وَاللَّهُ يَختَصُّ بِرَحمَتِهِ مَن يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظيمِ﴾ [البقرة: 105]:
قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى:"*ما*يود" أي*ما*يتمنى.
ومنه: ﴿يَومَئِذٍ يَوَدُّ الَّذينَ كَفَروا وَعَصَوُا الرَّسولَ لَو تُسَوّى بِهِمُ الأَرضُ وَلا يَكتُمونَ اللَّهَ حَديثًا﴾
[النساء: 42]:
قال الطبري في تفسيره: يقول:*يتمنى*الذي *جحدوا وحدانية الله وعصوا رسوله، "لو تسوى بهم الأرض"..
ومنه: ﴿يَحسَبونَ الأَحزابَ لَم يَذهَبوا وَإِن يَأتِ الأَحزابُ يَوَدّوا لَو أَنَّهُم بادونَ فِي الأَعرابِ يَسأَلونَ عَن أَنبائِكُم وَلَو كانوا فيكُم ما قاتَلوا إِلّا قَليلًا﴾ [الأحزاب: 20]:
قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: معنى "يودوا" يتمنوا، و"بادون": خارجون*في*البادي ة.
انتهى
فمعنى قوله تعالى:*{يود المجرم}: يتمنى المشرك.
قاله البغوي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، والعليمي في فتح الرحمن، وغيرهم.
قال ابن الجوزي في زاد المسير: قوله عز وجل:*{يود*المجرم}: *يعني: يتمنى المشرك لو قبل منه هذا الفداء يومئذ ببنيه.
*قوله {الْمُجْرِمُ}:* الكافر، والمشرك (٢).
قال الماوردي في النكت والعيون: والمجرم هو الكافر.
قلت (عبدالرحيم): ولفظ "المجرم" في التنزيل، يطلق ويراد به الكافر والمشرك؛ وتصديق ذلك في التنزيل كثير، من ذلك قوله تعالى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ}: الْمُجْرِمُونَ: أي الكافرون، لأنه لا يكذب بجهنم إلا كافر.
ومنه: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا}:
قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {لا*بشرى*يومئذ للمجرمين}: للمشركين*بالجنة.
ومنه: { وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُ مْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ}:
قال النسفي في مدارك التنزيل: {وكنتم*قوما*مجرم ن}*كافرين.
ومنه: {إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِين َ (34) إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ }:
قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: نفعل*بالمجرمين): بالمشركين.
ومنه: ﴿كَذلِكَ سَلَكناهُ في قُلوبِ المُجرِمينَ﴾
[الشعراء: 200]: قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني:*المشركين*م ازاة لهم، أي طبع على*قلوبهم، وسلك*فيها التكذيب.
ومنه: ﴿إِنَّهُ مَن يَأتِ رَبَّهُ مُجرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَموتُ فيها وَلا يَحيى﴾ [طه: 74]:
قال الجلال المحلي في الجلالين: قال تعالى {إنه*من*يأت*ربه*م رما}:*كافرا*كفرع ن.
ومنه: ﴿وَيُحِقُّ اللَّهُ الحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَو كَرِهَ المُجرِمونَ﴾ [يونس: 82]:
قال العليمي في فتح الرحمن: {ولو*كره*المجرمو }:*المشركون.
ومنه: ﴿قُل أَرَأَيتُم إِن أَتاكُم عَذابُهُ بَياتًا أَو نَهارًا ماذا يَستَعجِلُ مِنهُ المُجرِمونَ﴾ [يونس: 50]:
قال البغوي في تفسيره: أي: ماذا*يستعجل*من الله المشركون.*
*قوله {لَوْ}:* بمعنى أن.
قاله الإيجي الشافعي في جامع البيان.
*قوله {يَفْتَدِي}:* يستنقذ نفسه.
يقال: فدى فلان نفسه: أي استنقذها (٣).
*قوله {مِنْ عَذَابِ}:* الله إياه (٤).
*قوله {يَوْمِئِذٍ}:* يوم القيامة.
*قوله {بِبَنِيهِ}:* أجمعين، والذين كان لأجلهم يقتحم المآثم والمخاطر.
والتنصيص على "البنين" للإشارة إلى أهمية شأنهم في الحياة. انتهى
قال الماوردي في النكت والعيون: يعني يفتدي من عذاب جهنم بأعز من كان عليه في الدنيا من أقاربه، فلا يقدر.
قال الواحدي في الوسيط: لشدة ما يرى، يتمنى أن لو قبل منه أولاده فداء وأعزته، وهو قوله: {وصاحبته وأخيه وفصيلته} [المعارج: 12-13] عشيرته الأقربين، التي تئويه تضمه، ويأوي إليها، يقول الله تعالى: يود لو يفتدي بهذه الأشياء.
ثم ينجيه ذلك الفداء.
المعنى الإجمالي للآية، من "كتاب المختصر في التفسير"
﴿يُبَصَّرونَهُ يَوَدُّ المُجرِمُ لَو يَفتَدي مِن عَذابِ يَومِئِذٍ بِبَنيهِ﴾ [المعارج: 11]:
يشاهد كل إنسان قريبه لا يخفى عليه، ومع ذلك لا يسأل أحد أحدًا لهول الموقف، يودّ من استحق النار أن يقدم أولاده للعذاب بدلاً منه.
.............................. ....
(١):*قال الزمخشري في الكشاف: فإن قلت: ما موقع "يبصرونهم"؟ قلت: هو كلام مستأنف، كأنه لما قال {وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً}: قيل: لعله لا يبصره، فقيل:*يبصرونهم، ولكنهم لتشاغلهم لم يتمكنوا من تساؤلهم.
(٢): سلف وقد بينت أن الكفر والشرك بمعنى واحد.
(٣): وفي المعجم الوسيط: [ف د ي]: فدى*يفدي، افد،*فدى*وفداء*و دى، فهو فاد، والمفعول مفدي
•*فدى*فلانا:
-*استنقذه وخلصه مما كان فيه بماله أو بنفسه "فداه بنفسه/ بماله/ بروحه- فدت المرأة نفسها من زوجها: أعطته مالا حتى تخلصت منه بالطلاق- فداك أبي وأمي- {فإما منا بعد وإما*فدى} [ق]- {فإما منا بعد وإما*فداء}: أخذ مقابل لإطلاق الأسير".
(٤): قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: "يود الكافر*يومئذ*ويت منى أنه يفتدي*من*عذاب*ال ه إياه ذلك اليوم..."
رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "
*"معاني وغريب القرآن"*
- جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424
قوله تعالى:
﴿وَصاحِبَتِهِ وَأَخيهِوَفَصي لَتِهِ الَّتي تُؤويهِ﴾ [المعارج: 12-13].
*قوله {وَ}:* عطف.
*قوله {صاحِبَتِهِ}:* يريد: ويفادي نفسه بصاحبته مع بنيه؛ الذين سلف ذكرهم في قوله: ﴿يُبَصَّرونَهُ يَوَدُّ المُجرِمُ لَو يَفتَدي مِن عَذابِ يَومِئِذٍ بِبَنيهِ﴾ [المعارج: 11]،
يريد: يعرف القريب قريبه معرفة جيدة، ثم ينشغل عنهم، بل يتمنى الافتداء بهم جميعا؛ فكيف يهتم بهم ويسأل عن حالهم (١)؟.
والصاحبة: الزوجة، ومنه قوله تعالى: ﴿وَاعبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشرِكوا بِهِ شَيئًا وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا وَبِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَالجارِ ذِي القُربى وَالجارِ الجُنُبِ ...﴾ [النساء: 36]،
قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط: و {الصاحب بالجنب}: أَي: الزَّوْجَة، والصاحب بالجنب - أَيْضا: الْجَار الملاصق (٢).
ومنه: ﴿وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَدًا﴾ [الجن: 3]. قال الطبري في تفسيره: وقوله: (ما اتخذ صاحبة) يعني زوجة.
قوله: ﴿بَديعُ السَّماواتِ وَالأَرضِ أَنّى يَكونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَم تَكُن لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ﴾ [الأنعام: 101].
قال القرطبي في تفسيره: (ولم تكن له صاحبة) أي زوجة.
انتهى
فمعنى قوله تعالى: {وصاحبته}: يعني: زوجته.
قاله الماوردي في النكت والعيون، والبغوي في تفسيره، وغيرهم جمع.
قلت (عبدالرحيم): وخصت الصاحبة بالذكر في الآية الكريمة، لشدة الترابط بين الرجل وامرأته، وشدة الوثاق والمحبة؛ ففيها إشارة إلى أنه: ينبغي أن تشتد وتقوى الصلة بين الرجل وزوجته، ولتكن هي محلا لينزلها الزوج ما يزل به من النوازل؛ كما كان من النبي مع خديجة، لما نزل به ما نزل من أمر الوحي (٣).
قال القاسمي في محاسن التأويل: {وصاحبته}: أي التي هي أحب إليه.
*قوله { وَأَخيهِ}:* أي الذي يستعين به في النوائب.
قاله القاسمي في محاسن التأويل.
*قوله {وَفَصيلَتِهِ}:* عشيرته الأدنون.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن.
قال الزجاج في معاني القرآن: معناه: أدنى قبيلته منه.
قال الطبري في تفسيره: {وفصيلته}، وهم عشيرته التي تؤويه، يعني التي تضمه إلى رحله، وتنزل فيه امرأته، لقربة ما بينها وبينه.
قال النحاس في إعراب القرآن: والجمع فصائل وفصل وفصلان.
قال الفخر في تفسيره: المراد من الفصيلة المفصولة، لأن الولد يكون منفصلا من الأبوين.
قال ابن عطية في المحرر: والفصيلة في هذه الآية قرابة الرجل الأدنون، مثال ذلك بنو هاشم مع النبي صلى الله عليه وسلم، والفصيلة في كلام العرب: أيضا الزوجة، ولكن ذكر الصاحبة في هذه الآية لم يبق في معنى الفصيلة إلا الوجه الذي ذكرناه.
فائدة:
قال في مختار الصحاح: إن العرب على ست طبقات: شعب، وقبيلة، وعمارة، وبطن، وفخد، وفصيلة، وما بينها من الآباء يعرفها أهلها.
*قوله {الَّتي}:* دون غيرهم.
*قوله {تُؤويه}:* أي تضمه.
قاله الجلال المحلي في الجلالين، والسيوطي في معترك الأقران.
قلت (عبدالرحيم): ومنه قول الله تعالى: ﴿وَلَمّا دَخَلوا عَلى يوسُفَ آوى إِلَيهِ أَخاهُ قالَ إِنّي أَنا أَخوكَ فَلا تَبتَئِس بِما كانوا يَعمَلونَ﴾ [يوسف: 69]،
قال ابن أبي زمنين في تفسيره، واين جزي الغرناطي في التسهيل، والسنين الحلبي في عمدة الحفاظ: {آوى إِلَيهِ أَخاه}: أي ضمه.
زاد السمين: في مأواه.
قال الحوفي في في البرهان في علوم القرآن: {آَوَى}: يقال: أوى فلانٌ فلاناً، إذا ضمه إليه.
ومنه: ﴿تُرجي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ وَتُؤوي إِلَيكَ مَن تَشاءُ ...﴾ [الأحزاب: 51]،
قال ابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن: {وَتُؤوي إِلَيكَ مَن تَشاءُ}: أي تضم.
إلا أن أبا بكر قال: "تُؤوي إِلَيك": تضم إليك.
انتهى
فمعنى قوله تعالى: {التي تؤويه}: أي تضمه إليها عند الشدائد وتحميه، لأنه أقرب الناس إليها وأعزهم عليها فهم أعظم الناس حقاً عليه وأعزهم لديه.
قاله البقاعي في نظم الدرر.
قال الزمخشري في الكشاف: {تُؤْوِيهِ}: تضمه انتماء إليها، أو لياذا بها في النوائب.
قال الماوردي في النكت والعيون، والبغوي في تفسيره، والعليمي في فتح الرحمن: {الَّتي تُؤويه}: التي يأوي إليها.
إلا أن العليمي قال: {الَّتِي تُؤْوِيهِ}: ويأوي إليها.
وزاد الماوردي: في خوفه.
قال ابن في زاد المسير: ومعنى تؤويه تضمه، فيود أن يفتدي بهذه المذكورات ثم ينجيه من ذلك الفداء...
*قوله {وَأَخيهِ}:* هو الأخ المعروف. يريد: ويفتدي بأخيه، الذي كان يغيثه وينجده، ويغضب له ويحميه.
قال الواحدي في الوسيط: يقول الله تعالى: يود لو يفتدي بهذه الأشياء. ثم ينجيه ذلك الفداء.
قال ابن كثير في تفسيره: وقوله: {يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه كلا} أي: لا يقبل منه فداء ولو جاء بأهل الأرض، وبأعز ما يجده من المال، ولو بملء الأرض ذهبا، أو من ولده الذي كان في الدنيا حشاشة كبده، يود يوم القيامة إذا رأى الأهوال أن يفتدي من عذاب الله به، ولا يقبل منه.
...........................
(١): قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: (مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ) أي: هو بحيث يتمنى الافتداء بأقرب الناس فضلاً عن أن يهتم بحاله، ويسأل عنه.
(٢): قال ابن الجوزي في زاد المسير: وفي الصاحب بالجنب ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الزوجة، قاله علي، وابن مسعود، والحسن، وإبراهيم النخعي، وابن أبي ليلى. والثاني: أنه الرفيق في السفر، قاله ابن عباس في رواية مجاهد، وقتادة، والضحاك، والسدي، وابن قتيبة. وعن سعيد بن جبير كالقولين. والثالث: أنه الرفيق، رواه ابن جريج، عن ابن عباس، وبه قال عكرمة. قال ابن زيد: هو الذي يلصق بك رجاء خيرك. وقال مقاتل: هو رفيقك حضرا وسفرا. وفي ابن السبيل أقوال قد ذكرناها في (البقرة) .
(٣): وفي الحديث: .... فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره، حتى دخل على خديجة، فقال: «زملوني زملوني»، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، ثم قال لخديجة: «أي خديجة، ما لي» وأخبرها الخبر، قال: «لقد خشيت على نفسي»، قالت له خديجة: كلا أبشر، فوالله، لا يخزيك الله أبدا، والله، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، وهو ابن عم خديجة أخي أبيها، ...». شطر من حديث رواه مسلم برقم (١٦٠).
رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "
*"معاني وغريب القرآن"*
- جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424
قوله تعالى:
﴿كَلّا إِنَّها لَظى﴾ [المعارج: 15]
*قوله {كَلّا}:* ردع وزجر، وتنبيه، ونفي، واستنكار (١).
يريد: لا يكون الأمر كما يتمنى ويحب هذا الكافر (٢)؛ فلا ينجيه من عذاب الله شيء، ولو افتدى بأهل الأرض جميعا، فالعذاب نازل به لا محالة؛ كما قال: ﴿تَرَى الظّالِمينَ مُشفِقينَ مِمّا كَسَبوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِم ...﴾ [الشورى: 22]، قال النسفي في مدارك التنزيل: {وَهُوَ*وَاقِعٌ* ِهِمْ}: نازل*بهم*لا*محال *أشفقوا أو لم يشفقوا.
انتهى
فمعنى قوله تعالى: {كَلَّا}: أي: ليس الأمر على يتمنون، ولا يفيدهم من عذاب الله شيء.
قاله مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية.
قال النسفي في مدارك التنزيل: {كَلاَّ}: ردع للمجرم عن الودادة وتنبيه على أنه لا ينفعه الافتداء ولا ينجيه من العذاب.
*قوله {إِنَّها}:* أي النار الموعود بها المجرم.
قاله القاسمي في محاسن التأويل.
*قوله {لَظى}:* يصف النار وشدة حرها بأنها لظى؛ أي لهب خالص (٢).
و"لظى": اسم من أسماء جهنم (٣).
سميت بذلك: لأنها أشد النيران (٤).
وتقدير الكلام: العقوبة التي استوجبها "لظى" (٥).
قال الراغب الأصفهاني في المفردات: لظى: اللَّظَى: اللهب الخالص.
قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: و"لظى" علم لجهنم مشتق من اللظى، بمعنى: اللهب.
قال نجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان: والالتظاء: الاتقاد.
قال ابن الجوزي في زاد المسير: هو يتلظى، أي: يتلهب ويتوقد. وكذلك النار تتلظى يراد به هذا المعنى. وأنشدوا:
جحيما تلظى لا تفتر ساعة ... ولا الحر منها غابر الدهر يبرد.
قال ابن عطية في المحرر: وفي هذا اللفظ تعظيم لأمرها وهولها.
قلت (عبدالرحيم): وفائدة الإخبار بأنها "لظى" يفيد: أنه لا شيء فيها غير اللهب؛ لا كما يكون في نار الدنيا المشتملة على الدخان - مثلا -، أو غيره مما يحجزها عن المحترق؛ حتى الحجارة التي هي وقودها لهب يحرق (٦).
فإن قلت: يرد عليه قوله تعالى: ﴿انطَلِقوا إِلى ظِلٍّ ذي ثَلاثِ شُعَبٍ﴾ [المرسلات: 30]: يعني: سيروا إلى ظل من دخان النار مفترق ثلاث فرق. قلت: هذا قبل أن يقذفوا في النار، فإذا ألقوا فيها لم يعاينوا إلا اللهب الخالص. أما قبل دخولها فإنهم يرون الدخان المتصاعد من جهنم - أعاذنا الله -. قال الجرجاني في درج الدرر: {إِنَّها لَظى (15) نَزّاعَةً لِلشَّوى}: لهب النّار.
المعنى الإجمالي للآية، من كتاب "المختصر في التفسير":
﴿كَلّا إِنَّها لَظى﴾ [المعارج: 15]:
ليس الأمر كما تمنّى هذا المجرم، إنها نار الآخرة تلتهب وتشتعل.
............................
(١): في معجم اللغة العربية المعاصرة:
كلاَّ [كلمة وظيفيَّة]:
- حرف يفيد الردع والزجر والاستنكار، يجوز الوقوف عليه، والابتداء بعده " {كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ}: زجر لمن كفر- {قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ. قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}: لتنتهوا عن هذا القول".
- حرف يفيد النفي، عكسه بلى "هلاّ فعلت كذا؟ كلاّ- يقول نعم وأقول كَلاّ" ° كلاَّ وألف كَلاَّ: نفي باتٌّ.
- حرف جواب بمعنى حقًّا، يفيد التحقيق، ويكون قبل القسم " {وَمَا هِيَ إلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ. كَلاَّ وَالْقَمَرِ}".
- حرف للتنبيه والاستفتاح إذا لم يسبقه في القول ما يقتضي الزجر أو النفي " {كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى} - {رَبِّ ارْجِعُونِ. لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ} - {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} ".
(٢): قال ابن كثير في تفسيره: وقوله: {إنها لظى}: يصف النار وشدة حرها.
(٢): قال السمرقندي في بحر العوم: وقال أهل اللغة: {كلا}: ردع وتنبيه يعني: لا يكون كما تمنى.
(٢): قاله القاسمي في محاسن التأويل.
(٣): قال الطبري في تفسيره، وعلي بن فَضَّال في النكت، والسمعاني في تفسيره، وغيرهم: "لظى": اسم من أسماء جهنم.
(٤): قال ابن سيده في المحكم والمحيط الأعظم: ولَظى اسمُ جَهَنَّمَ غيرُ مَصْرُوفٍ سُمِّيَتْ بذلك لأَنَّها أَشَدُّ النِّيرانِ وفي التَّنْزِيلِ {كلا إنها لظى نزاعة للشوى} المعارج 15 16 وقد لَظِيَت النّارُ لَظًى والْتَظَتْ أَنْشَد ابنُ جِنِّي
(وبَيَّنَ للوُشاةِ غداةَ بانَتْ ... سُلَيْمَى حَرَّ وَجْدِي والْتِظايَهْ).
وقال أبو عمرو الداني في الفرق بين الضاد والظاء فى كتاب الله عز وجل وفى المشهور من الكلام: ويقال: إنّما سمّيت لظى للصوقها الجلد. ومنه: حيّة تتلظّى، من توقّدها وخبثها.
(٥): قال السمرقندي في بحر العلوم: ثم استأنف الكلام، فقال: {كلا إنها لظى}: يعني: النار والعقوبة لظى اسم من أسماء النار.
(٦): قال الله: ﴿...فَاتَّقُوا النّارَ الَّتي وَقودُهَا النّاسُ وَالحِجارَةُ أُعِدَّت لِلكافِرينَ﴾ [البقرة: 24].
رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "
*"معاني وغريب القرآن"*
- جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424
*قوله {نَزَّاعَةً}:* أي قلّاعة. والتشديد للبالغة، والتكثير (١).
والمعنى: تقلع وتكشط (٢) الجلد من مكانه؛ تبريه بريا حتى تنسفه، وتفرقه ولا تترك منه شيئا (٣)، يعني جهنم - أعاذنا الله منها -.
قال أبو موسى المديني في المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث، والواحدي في الوسيط: والنزع: القلع.
إلا أن الواحدي قال: النزع: قلع الشيء من مكانه.
قال الفيروزآبادي في القاموس المحيط: نَزَعَه من مكانِه يَنْزِعُه: قَلَعَه.
قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى: {وَالنَّازِعَات غَرْقًا}: لأنها تقلع أرواح الكفرة بشدة.
قاله السمين الحلبي في الدر المصون.
ومنه: {تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ}: قال ابن قتيبة في غريب القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن جزي الغرناطي في التسهيل: {تَنْزِعُ النَّاسَ}: أي تقلَعُهم من مواضعهم.
قال البغوي في تفسيره: تقلعهم، ثم ترمي بهم على رؤوسهم فتدق رقابهم.
انتهى
فمعنى قوله تعالى: {نزاعة للشوى}: قلّاعة للأطراف. تكشط الجلد عن الوجه وعن العظم.
قاله القشيري في تفسيره.
قال ابن أبي ومنين في تفسيره: {نزاعة}: يعني: أكالة.
*قوله: {لِلشَّوَى}:* مفردها: شواة. وهي: جلدة الرأس. يقال: سمعت كذا فاقشعرت منه شواتي: يعني جلدة رأسي (٤).
وخصت جلدة الرأس بالذكر، لغلظها وقوة التصاقها بعظم الرأس؛ ففي الآية إعجاز.
انتهى
فمعنى قوله تعالى: {نَزَّاعَةً لِلشَّوى}: لجلدة الرأس.
قاله نجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن.
قال الجرجاني في درج الدرر: {لِلشَّوَى}: واحدتها شواة وهي جلدة الرأس خاصة.
قال ابن قتيبة في غريب القرآن: يريد: جلود الرءوس.
قال الواحدي في الوجيز: يعني: جلود الرأس تقشرها عنه.
قال البقاعي في نظم الدرر: {نزاعة للشوى}: أي هي شديدة النزع لجلود الرؤوس بليغته فما الظن بغيره من الجلد.
المعنى الاجمالي للآية، من كتاب "المختصر في التفسير":
﴿نَزّاعَةً لِلشَّوى﴾ [المعارج: 16]:
تفصل جلدة الرأس فصلاً شديدًا من شدة حرّها واشتعالها.
.............................. ......
(١): قال علي بن فضّال في النكت: والنزع: الاقتلاع، وقيل: {نَزَّاعَةً} للتكثير، ...
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والنزاعة: مبالغة في النزع وهو الفصل والقطع.
وفي معجم اللغة العربية المعاصرة: ن ز ع
نَزّاع [مفرد]: صيغة مبالغة من نزَعَ/ نزَعَ إلى: " {كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى. نَزَّاعَةً لِلشَّوَى}: قلاّعة للأطراف أو جلد الرأس".
قال ابن فورك في تفسيره : الكشط: القلع عن شدة الفراق كَشَطَ جلدة الرأس يكشطها كشطاً إذا قلعها، فقلع السّماء عن مكانها على شدة وثاقاها في اعتمادها كقلع جلدة الرأس عن مكانها.
(٢): قال ابن منظور في اللسان: والنسف: القلع.
(٣): قال النسفي في مدارك التنزيل: {للشوى} لأطراف الإنسان كاليدين والرجلين أو جمع شواة وهي جلدة الرأس تنزعها نزعاً فتفرقها ثم تعود إلى ما كانت.
وقال ابن كثير في تفسيره: وقال الضحاك: تبري اللحم والجلد عن العظم، حتى لا تترك منه شيئا.
(٤): قال الزمخشري في أساس البلاغة: ش و ي: سمعت كذا فاقشعرت منه شواتي: جلدة رأسي.
رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "
*"معاني وغريب القرآن"*
- جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي. للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424
قوله تعالى:
﴿تَدعو مَن أَدبَرَ وَتَوَلّى﴾ [المعارج: 17].
*قوله {تَدعو}:* أي تنادي. والدعاء: النداء بصوت مسموع عال (١).
يريد: تنادي جهنم إلى نفسها (٢)؛ بصوت مخيف عال قبيح، كما قال: ﴿إِذا أُلقوا فيها سَمِعوا لَها شَهيقًا وَهِيَ تَفورُ﴾ [الملك: 7]، يعني: إذا طُرحوا في النار سمعوا صوتًا قبيحًا شديدًا؛ من شدة غليانها.
قال أبو الحسن الرماني في النكت في إعجاز القرآن: {شهيقا}: حقيقته صوتا فظيعا كشهيق الباكي، والاستعارة أبلغ منه وأوجز، والمعنى الجامع بينهما قبح الصوت.
قال الزجاج في معاني القرآن: وقوله عزَّ وجلَّ: {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ}: وهو أقبح الأصوات وهو كصوت الحمار.
انتهى
قال الأزدي في جمهرة اللغة: والنِّداء: نِداء الصَّوْت، وَهُوَ بُعْدُ مَدَاه. وَأنْشد: (فَقلت ادْعي وأدَعُوَ إنأنْدَى ... لصوتٍ أَن يناديَ داعيانِ) أَي أبْعَد لمداه.
قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى: ﴿لا تَدعُوا اليَومَ ثُبورًا واحِدًا وَادعوا ثُبورًا كَثيرًا﴾ [الفرقان: 14]،
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والدعاء: النداء بأعلى الصوت.
ومنه: ﴿فَدَعا رَبَّهُ أَنّي مَغلوبٌ فَانتَصِر﴾ [القمر: 10]،
قال يحيى بن سلام في التصاريف: يعني نادى ربَّه.
ومنه: ﴿قُل إِنَّما أُنذِرُكُم بِالوَحيِ وَلا يَسمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنذَرونَ﴾ [الأنبياء: 45]،
قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {ولا يسمع الصم الدعاء}: يعني: النداء.
ومنه: ﴿يَومَ يَدعوكُم فَتَستَجيبونَ بِحَمدِهِ وَتَظُنّونَ إِن لَبِثتُم إِلّا قَليلًا﴾ [الإسراء: 52]،
قال القرطبي في تفسيره: الدعاء: النداء إلى المحشر بكلام تسمعه الخلائق.
ومنه: ﴿إِن تَدعوهُم لا يَسمَعوا دُعاءَكُم وَلَو سَمِعوا مَا استَجابوا لَكُم وَيَومَ القِيامَةِ يَكفُرونَ بِشِركِكُم وَلا يُنَبِّئُكَ مِثلُ خَبيرٍ﴾ [فاطر: 14]،
قال يحيى بن سلام في التصاريف: يعني يوم يناديكم إِسرافيل.
ومنه: ﴿الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي وَهَبَ لي عَلَى الكِبَرِ إِسماعيلَ وَإِسحاقَ إِنَّ رَبّي لَسَميعُ الدُّعاءِ﴾ [إبراهيم: 39]، لَسَميعُ الدُّعاءِ: أي لمجيب النداء.
ومنه: ﴿فَتَوَلَّ عَنهُم يَومَ يَدعُ الدّاعِ إِلى شَيءٍ نُكُرٍ﴾ [القمر: 6]،
قال يحيى بن سلام في التصاريف: يعني نادى ربَّه: يعني ينادي المنادي.
انتهى
فمعنى قوله تعالى: {تَدعو}: تنادي: قَول ثَعْلَب.
قاله غلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن.
قال القشيري في تفسيره: قوله جل ذكره: {تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى}: تقول جهنم للكافر والمنافق: يا فلان ... إليّ إليّ.
قال ابن كثير في تفسيره: وقوله: {تدعوا من أدبر وتولى وجمع فأوعى}: أي: تدعو النار إليها أبناءها الذين خلقهم الله لها، وقدر لهم أنهم في الدار الدنيا يعملون عملها، فتدعوهم يوم القيامة بلسان طلق ذلق، ثم تلتقطهم من بين أهل المحشر كما يلتقط الطير الحب.
قلت (عبدالرحيم): ونداء جهنم وكلامها على الحقيقة؛ فهي تتكلم بصوت مسموع؛ كما قال: ﴿يَومَ نَقولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امتَلَأتِ وَتَقولُ هَل مِن مَزيدٍ﴾ [ق: 30]، وهذا نص صريح، في أنها تتكلم وتطلب الزيادة. وذلك على الله سهل يسير.
وفي الحديث: «تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ، يَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثَةٍ، بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَبِالمُصَوِّرِ ينَ» (٣).
وكذلك تبصر - جنهم - من وكلت بهم؛ ممن حق عليهم العذاب، قال الله: ﴿إِذا رَأَتهُم مِن مَكانٍ بَعيدٍ سَمِعوا لَها تَغَيُّظًا وَزَفيرًا﴾ [الفرقان: 12]، فقوله: {إِذا رَأَتهُم}: يعني: إذا أبصرتهم.
فيوم القيامة يشخص بصر الكافر لما يرى من العجائب التي كان يكذب بها في الدنيا، فالذي أنطق جوارج الإنسان يوم القيامة، قادر أن ينطق جهنم؛ قال الله: ﴿وَقالوا لِجُلودِهِم لِمَ شَهِدتُم عَلَينا قالوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذي أَنطَقَ كُلَّ شَيءٍ وَهُوَ خَلَقَكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيهِ تُرجَعونَ﴾ [فصلت: 21].
*قوله {مَن أَدبَرَ}:* عن الإيمان.
قاله البغوي في تفسيره، وابن أبي زمنين في تفسيره، وغيرهم.
قال الأزدي في جمهرة اللغة: والإدبار: خلاف الإقبال.
*قوله {وَ}:* تدعو من:
*قوله {تَوَلّى}:* أعرض.
قاله الواحدي في الوجيز، وأبو السعود في تفسيره، وغيرهم.
إلا أن أبا السعود قال: أعرض عن الطاعة.
قال الأزدي في تهذيب اللغة: و (التَّوَلِّي) يكون بِمَعْنى: الْإِعْرَاض، وَيكون بِمَعْنى: الاتّباع.
قلت (عبدالرحيم): ومن الأول، قوله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلّى﴾ [عبس: 1]،
قال الطبري في تفسيره: (وتولى) يقول: وأعرض.
ومنه: ﴿وَأَن أَلقِ عَصاكَ فَلَمّا رَآها تَهتَزُّ كَأَنَّها جانٌّ وَلّى مُدبِرًا وَلَم يُعَقِّب يا موسى أَقبِل وَلا تَخَف إِنَّكَ مِنَ الآمِنينَ﴾ [القصص: 31]،
قال القاسمي في محاسن التأويل: ولى مدبرا أي أعرض بوجهه عنها. جاعلا ظهره إليها.
ومنه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} الأنفال: (20)،
قال ابن الجوزي في زاد المسير: ومعنى التولِّي: الإِعراض عن طاعة الله ورسوله.
ومنه: ﴿أَفَرَأَيتَ الَّذي تَوَلّى﴾ [النجم: 33]، قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: أعرض عن الحق، وهو الوليد بن المغيرة، ومن كان في مثل حاله.
قال النسفي في مدارك التنزيل: {أَفَرَأَيْتَ الذى تولى}: أعرض عن الإيمان.
انتهى
فمعنى قوله تعالى: (تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) يقول: تدعو لظى إلى نفسها من أدبر في الدنيا عن طاعة الله، وتولى عن الإيمان بكتابه ورسله.
قاله الطبري في تفسيره.
قال البغوي في تفسيره: تدعو، النار إلى نفسها، من أدبر، عن الإيمان، وتولى، عن الحق فتقول إلي يا مشرك إلي يا منافق إلي إلي.
قال ابن عطية في المحرر: وقوله تعالى: {تدعوا من أدبر وتولى}: يريد الكفار.
نكتة:
فإن قلت: لم جمع بين التولي والإدبار، مع أنه من الممكن أن يكتفى بأحدهما؟.
قيل: جمع بين الإدبار والتولي مبالغة في كفرهم وعنادهم، والتنبيه على كفرهم بقلوبهم وجوارحهم؛ كما قال: ﴿الَّذينَ كَفَروا وَصَدّوا عَن سَبيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعمالَهُم﴾ [محمد: 1]،
فجمع بين كفرهم وصدهم.
فجمع بين التولية والإدبار في قوله تعالى: {أدبر وتولى}: لإفراطهم وابعادهم عن الحق، وتكلفهم النفور منه والإعراض عنه؛ فهم أدبروا عن الإيمان بقلوبهم بالتكذيب، وتكلفوا الإعراض عن العمل بمقتضاه بجوارحهم؛ كما قال عنهم: ﴿قالوا لَم نَكُ مِنَ المُصَلّينَوَل َم نَكُ نُطعِمُ المِسكينَوَكُن ّا نَخوضُ مَعَ الخائِضينَوَكُ نّا نُكَذِّبُ بِيَومِ الدّينِ﴾ [المدثر: 43-46]، فجمعوا بين كفر التكذيب بقلوبهم، وبين الكفر بالجوارح من ترك الصلاة وإطعام المسكين.
وكما أخبر عن تكذيب قوم نوح؛ ﴿كَذَّبَت قَبلَهُم قَومُ نوحٍ فَكَذَّبوا عَبدَنا وَقالوا مَجنونٌ وَازدُجِرَ﴾ [القمر: 9]، فالتكذيب عمل القلب، والقول عمل الجوارح، بل كان من فرط اعراضهم بالجوارح، ما أخبر عن قيل نوح - عليه السلام -: ﴿وَإِنّي كُلَّما دَعَوتُهُم لِتَغفِرَ لَهُم جَعَلوا أَصابِعَهُم في آذانِهِم وَاستَغشَوا ثِيابَهُم وَأَصَرّوا وَاستَكبَرُوا استِكبارًا﴾ [نوح: 7].
وقال: ﴿فَما لَهُم عَنِ التَّذكِرَةِ مُعرِضينَكَأَن َّهُم حُمُرٌ مُستَنفِرَةٌ﴾ [المدثر: 49-50].،
قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: أي: كأنهم في نفارهم عن الحق حمر وحشية فرت مِنْ مَنْ يصيدها، أو من الأسد. انتهى
قال المناوي في التوقيف على مهمات التعاريف: التولي: الإعراض المتكلف بما يفهمه التفعل. ذكره الحرالي.
قال الكفوي في الكليات: والإعراض: الانصراف عن الشيء بالقلب قال بعضهم: " المعرض والمتولي يشتركان في ترك السلوك، إلا أن المعرض أسوأ حالا، لأن المتولي متى ندم سهل عليه الرجوع والمعرض يحتاج إلى طلب جديد، وغاية الذم الجمع بينهما ".
ولله در ابن كثير - رحمه الله -، حيث قال في قوله تعالى: {أدبر وتولى}: أي: كذب بقلبه، وترك العمل بجوارحه.
قال الرازي في تفسيره: وقوله: {من أدبر وتولى}: يعني من أدبر عن الطاعة وتولى عن الإيمان.
وجمع المال فأوعى أي جعله في وعاء وكنزه، ولم يؤد الزكاة والحقوق الواجبة فيها فقوله: أدبر وتولى إشارة إلى الإعراض عن معرفة الله وطاعته.
المعنى الإجمالي للآية، من كتاب "المختصر في التفسير"
﴿تَدعو مَن أَدبَرَ وَتَوَلّى﴾ [المعارج: 17]
تنادي من أعرض عن الحق، وأبعد عنه ولم يؤمن به ولم يعمل.
............................
(١): قال العسكري في معجم الفروق اللغوية: الفرق بين الدعاء والنداء أن النداء هو رفع الصوت بما له معنى والعربي يقول لصاحبه ناد معي ليكون ذلك أندى لصوتنا أي أبعد له والدعاء يكون برفع الصوت وخفضه يقال دعوته من بعيد ودعوت الله في نفسي ولا يقال ناديته في نفسي وأصل الدعاء طلب الفعل دعا يدعو وادعى ادعاء لأنه يدعو إلى مذهب من غير دليل وتداعى البناء يدعو بعضه بعضا إلى السقوط والدعوى مطالبة الرجل بمال يدعو إلى أن يعطاه وفي القرآن تدعو من (أدبر من أدبر تولى) أي يأخذه العذاب كأنه يدعوه إليه.
(٢): قال البغوي في تفسيره: {تدعوا} أي: النار إلى نفسها.
(٣): رواه الترمذي في سننه (٢٥٧٤)، من حديث أبي هريرة مرفوعا، وذكره الالباني في الصحيحة برقم (512).
رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "
*"معاني وغريب القرآن"*
- جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.
للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424
قوله تعالى:
﴿وَجَمَعَ فَأَوعى﴾ [المعارج: 18].
*قوله {وَ}:* تدعو من (١). يريد: وتدعو "لظى" من:
*قوله {جَمَعَ}:* يعني: جمع المال؛ كما قال: ﴿الَّذي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ﴾ [الهمزة: 2]، قال ابن كثير في تفسيره: وقوله: {الذي جمع مالا وعدده} أي: جمعه بعضه على بعض، وأحصى عدده.
قال الراغب الأصفهاني في النفردات: "جمع": الجَمْع: ضمّ الشيء بتقريب بعضه من بعض، يقال: جَمَعْتُهُ فَاجْتَمَعَ، وقال عزّ وجل: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [القيامة/ 9] ، {وَجَمَعَ فَأَوْعى} [المعارج/ 18].
انتهى
فقوله: {جَمَعَ}: المال.
قاله البغوي في تفسيره، الماوردي في النكت والعيون، وابن أبي زمنين في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، وغيرهم جمع.
إلا أن ابن أبي زمنين قال: يعني: جمع المَال فأوعاه.
*قوله {فَأَوعى}:* أي فحفظه في أوعية.
والمعنى: تدعو لظى إليها من أدبر وتولى، وجمع المال فأوعاه، ولم يؤد حق الله فيه.
قال الرازي في تفسيره: فأصل الكلمة من الوعاء، فيقال: أوعيت الشيء أي جعلته في وعاء.
قال الراغب في المفردات: والإِيعَاءُ: حفظ الأمتعة في الوِعَاءِ.
قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: يقال: أوعيت المال وغيره إذا جمعته في وعاء.
قال البقاعي في نظم الدرر: والوعي: الحفظ في النفس، والإيعاء: الحفظ في الوعاء.
قلت (عبدالرحيم): ومن الأول قوله تعالى: ﴿لِنَجعَلَها لَكُم تَذكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ﴾ [الحاقة: 12]، قال الطبري في تفسيره: وقوله: (وَتَعِيَهَا*أُذ ُنٌ*وَاعِيَةٌ): يعني:*حافظة،*عقل عن الله ما سمعت.
قال ابن الهائم في التبيان في غريب القرآن: أي تحفظها*أذن*حافظة ، من قولك: وعيت العلم، إذا حفظته.
ومن الثاني: قوله تعالى: ﴿فَبَدَأَ بِأَوعِيَتِهِم قَبلَ وِعاءِ أَخيهِ ثُمَّ استَخرَجَها مِن وِعاءِ أَخيهِ ...﴾ [يوسف: 76].
انتهى
فمعنى قوله تعالى: {وجمع فأوعى}: يقول: وجمع مالا فجعله في وعاء، ومنع حق الله منه، فلم يزكِ، ولم ينفق فيما أوجب الله عليه إنفاقه فيه.
قاله الطبري في تفسيره.
قال الفراء في معاني القرآن: فلم يؤد منه زكاة، ولم يصل رحما.
قال القرطبي في تفسيره: فكان جموعا منوعا.
تنبيه:
قلت (عبدالرحيم): لا يعاب على المرء مجرد جمع المال، ولأنه مما جبلت عليه النفوس؛ فالآية تشير إلى فرط بخله وحرصه وطول أمله واعراضه عن الآخرة، وهذا شأن الكفار؛ كما قال: ﴿ذَرهُم يَأكُلوا وَيَتَمَتَّعوا وَيُلهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوفَ يَعلَمونَ﴾ [الحجر: 3].
قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل، في قوله تعالى: {وجمع فأوعى}: وهذه إشارة إلى قوم من أغنياء الكفار جمعوا المال من غير حله ومنعوه من حقه.
قال الرازي في التفسير الكبير: وقوله: {وجمع فأوعى}: إشارة إلى حب الدنيا، فجمع إشارة إلى الحرص، وأوعى إشارة إلى الأمل، ولا شك أن مجامع آفات الدين ليست إلا هذه.
قال أبو السعود في تفسيره: تشاغل به عن الدين، وزهى باقتنائه حرصا وتأميلا.
..........................
(١): قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: أي: وتدعو من جمع مالاً فجعله في وعائه ومنع حق الله منه. ومعنى " أوعى ": أحاط بِمَنْعِ المَالِ وحِفْظِه، ومنه: وَعيْت العلم، وأذنٌ واعيةٌ.
رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "
*"معاني وغريب القرآن"*
- جمع، ورتيب: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة، المصري المكي.
للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424
قوله تعالى:
﴿إِنَّ الإِنسانَ خُلِقَ هَلوعًا﴾ [المعارج: 19].
*قوله {إِنَّ}:* توكيد للجملة (١).
*قوله {الْإِنْسَانَ}:* في معنى: الناس (٢).
لأن الإنسان هنا: اسم جنس، يقع على الواحد والجميع؛ وبدليل ما بعده {إلا المصلين}؛ فاستثنى من الناس المصلين. ونظير ذلك قوله تعالى: {خَلَقَ*الإنسان* ِنْ*عَلَقٍ}: قال الماوردي في النكت والعيون: يريد بالإنسان جنس الناس كلهم،*خلقوا*من*ع ق*بعد النطفة.
قال الطبري في تفسيره: {إِنَّ الإِنسانَ}: الكافر.
قال الرازي في تفسيره: قال بعضهم: المراد بالإنسان هاهنا الكافر، وقال آخرون: بل هو على عمومه، بدليل أنه استثنى منه إلا المصلين.
*قوله {خُلِقَ}:* ولم يقل "خلقناه"؛ ليفيد استعمال الأدب مع الله، مع أنه هو الذي خلق وركب فيه هذه الأخلاق. ونحوه: ﴿وَإِذا مَرِضتُ فَهُوَ يَشفينِ﴾ [الشعراء: 80]، فلم يقل: أمرضني؛ تأدبا.
قال القشيري في تفسيره: لم يقل: وإذا أمرضنى لأنه حفظ أدب الخطاب (٣).
قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {وإذا مرضت}: هو استعمال أدب، وإلا فالممرض والشافي هو الله تعالى بإجماع أهل الدين.
*قوله {هَلُوعًا}:* الْهَلُوعُ: فَعُولٌ مِنَ الْهَلَع،ِ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ (٤).
قال الطبري في تفسيره: والهلع: شدة الجزع مع شدة الحرص والضجر.
قال ابن سيدة في المخصص: والهلع: شدة الحرص وقلة الصبر. ورجل هلع وهالع وهلوع وهلواع هلواعة.
قال الحميري في شمس العلوم: [الهلوع]: الجزوع.
قال القرطبي في تفسيره: والهلع في اللغة : أشد الحرص وأسوأ الجزع وأفحشه ... والمعنى أنه لا يصبر على خير ولا شر حتى يفعل فيهما ما لا ينبغي .
قال الألوسي تفسيره: الهلع سرعة الجزع عند مس المكروه وسرعة المنع عند مس الخير من قولهم ناقة هلوع سريعة السير.
انتهى
فمعنى قوله تعالى: ﴿إِنَّ الإِنسانَ خُلِقَ هَلوعًا﴾
[المعارج: 19]، ضجورا، شحيحا، جزوعا، من الهلع وهو: شدة الحرص، وقلة الصبر، والمفسرون يقولون: تفسير الهلوع: ما بعده، وهو قوله: ﴿إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزوعًاوَإِذا مَسَّهُ الخَيرُ مَنوعًا﴾ [المعارج: 20-21]، إذا أصابه الفقر لا يصبر، ولا يحتسب، وإذا أصابه المال منعه من حق الله.
قاله الواحدي في الوسيط.
قال النسفي في مدارك التنزيل: وسأل محمد بن عبد الله بن طاهر ثعلباً عن الهلع فقال قد فسره الله تعالى ولا يكون تفسير أبين من تفسيره وهو الذي إذا ناله شر أظهر شدة الجزع وإذا ناله خير بخل به ومنعه الناس وهذا طبعه وهو مأمور بمخالفة طبعه وموافقة شرعه والشر الضر والفقر والخير السعة والغنى أو المرض والصحة.
.............................. ....
(١): قال ابن سيده في المخصص: وَمعنى "إنَّ" توكيد.
(٢): قال الزجاج في معاني القرآن: الإنسان ههنا في معنى "الناس".
(٣): قال ابن عطية في المحرر: فأسند الفعل قبل وبعد إلى الله تعالى، وأسند المرض إلى لنفسه، إذ هو معنى نقص ومصيبة، وهذا المنزع يطرد في فصاحة القرآن كثيرا.
(٤): قاله الشنقيطي في أضواء البيان.