الإمام النووي رحمه الله واتّباع الدليل
لفت انتباهي مرّةً وأنا أتصفح في كتاب (روضة الطالبين وعمدة المفتين) للإمام النووي رحمه الله حرصه على اتّباع الدليل، وهذا هو دأب السلف رحمهم الله، ومن أمثلة ذلك ما قاله في كتاب الطهارة، باب الماء الطاهر وعند الكلام عن مذهب الشافعية في كراهة استعمال الماء المشمّس في الأواني المنطبعة(١)، قال رحمه الله: والراجح من حيث الدليل أنّه لا يكره مطلقا، وهو مذهب أكثر العلماء، وليس للكراهة دليلٌ يعتمد(٢)، وقد نقل عنه هذا تلميذه ابن الزهار فقال: والمختار أنّه لا يكره؛ لأنّ الحديث المروي فيه عن عائشة والأثر عن عمر رضي الله عنهما ضعيفان جدا، وخوف البرص لا يعرفه إلا الأطبّاء(٣).
وفي كتاب الصلاة، باب المواقيت قال عند الكلام على مذهب الشافعي رحمه الله في أنّ الصلاة الوسطى هي صلاة الصبح، قال: واختلف العلماء في الصلاة الوسطى، فنصّ الشافعي رضي الله عنه والأصحاب أنّها الصبح، وقال صاحب الحاوي: وصحّت الأحاديث أنها العصر(٤)ومذهبه -أي الشافعي- اتّباع الحديث، فصار مذهبه أنّها العصر(٥).
والأمثلة كثيرة، رحمهم الله وجمعنا بهم في عليين.
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ
١.وهي القابلة للطرق كالنحاس وغيره.
٢.روضة الطالبين:ج١/ص٢٨، ط دار المعرفة٢٠٠٦.
٣.فتاوى الإمام النووي، ترتيب تلميذه علاء الدين بن العطّار، ص٦٦، ط دار الحديث ٢٠٠٨.
٤.قال عليه الصلاة والسلام: (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر) رواه مسلم، حديث رقم:١٤٢٥.
٥.روضة الطالبين: ج١/ص١٤٥.