أحسن الله إليك شيخي الحبيب.
جزاكم الله خيرا
تقوية الحديث بمجموع طرقه وشواهده هو أمر معروف عند علماء الحديث سلفا عن خلف، سواء تقوية الحسن لذاته ليرتقي للصحيح لغيره أو تقوية الضعيف ضعفا محتملا ليرتقي إلى رتبة الحسن لغيره، ومن بين الأمثلة التي وقفت عليها وقوفا سريعا الحديث النبوي : " كان إذا رأى الهلال قال: " اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ، ربي وربك الله "
فقد قال عنه الترمذي: " حسن غريب "
والحديث صححه الشيخ الألباني في " السلسة الصحيحة " ( 4/ 431) بمجموع شواهده فقال بعدما أحال إلى مصادره وبين ضعف سفيان بن سليمان بقول العقيلي : " ثم قال العقيلي : " وفي الدعاء لرؤية الهلال كأن هذا من أصلحها إسنادا ، وكلها لينة الأسانيد "
لكن الحديث حسن لغيره بل هو صحيح لكثرة شواهده التي أشار إليها العقيلي ، لكنها شواهد في الجملة وإنما يشهد له شهادة تامة حديث ابن عمر ... فذكره ، إلا أنه زاد " والتوفيق لما تحب وترضى. أخرجه الدارمي ..." انتهى
قلت : فجميع طرق الحديث لا تخلوا من مقال ، ولكنها بمجموع شواهدها ترتقي إلى الحديث الحسن بل الصحيح كما بين الشيخ الألباني رحمه الله .
وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط وباقي محققي " مسند الإمام أحمد" (3/ 17) - جزاهم الله خيرا - بعدما نقلوا تحسين الترمذي للحديث :
" وحسنه الحافظ ابن حجر في : نتائج الأفكار " ونقله ابن علان في " الفتوحات الربانية " (4/ 329) وقال : " إنما حسنه الترمذي لشواهده ، وقول الترمذي : غريب ، أي : بهذا السند " انتهى
قلت : فالترمذي رحمه الله حسنه لا لذاته بل لشواهده ، وفي هذا تقوية للحديث الضعيف من جميع طرقه بمجموع شواهده.
وتقوية الحديث سواء بالمتابعات أو الشواهد أمر دقيق ، فمتى غلب على ظن المحدث أن للحديث أصلا حكم بحسنه أو صحته بناء على حاله، وقد تأملت صنيع الشيخ الألباني رحمه الله فوجدته يحسن الحديث بمجموع طرقه إذا ورد فيه ثلاثة طرق وفي كل منها ضعف محتمل مثل الإرسال أو التدليس او الإرسال، فيصير الحديث حسن لا لذاته وإنما بمجموع طرقه سواء أكانت من نفس الصحابي ( وهو المتابع ) أو وردت من صحابة آخرين رضي الله عنهم أجمعين ( وهذا هو الشاهد ) .
فالأمر فيه سعة ودقة ، فلا يرتقي الضعيف ضعفا شديدا ولو تقوى بمجيئه من طريق محتمل الضعف ، إذ لا يغني الضعيف عن من هو أضعف منه شيئا .
ويرتقي بعض ألفاظ الحديث للحسن أو الصحة لوجود شواهد لمعناها مثلا .
وهذا المبحث - أي مبحث التقوية بالمتابعات والشواهد - من أدق وأصعب المباحث نظرا لأنه وسط بين المقبول والمردود ، ولهذا تختلف أنظار المحدثين فيه بين مضعف للحديث ومحسن أو مصحح له ، وقد يضعف نفس المحدث الحديث ثم يحسنه بعد ذلك أو العكس لفائدة وجدها بعد ذلك .
وإعمال قواعد المحدثين فيه هو الضابط في المسألة - وإن كانوا مختلفين في تأصيلها فالأولى الأخذ بأرجحها وأدقها - ومن أمثلة ذلك اختلافهم في تقوية الحديث المرسل ، وزيادة الثقة ، والذي أدين الله تعالى به وأعتقد رجحانه ما سطره ابن حجر في " نزهة النظر " فقد جمع زبدة القول وأرجحها في شتى المسائل المختلف فيها بأبسط عبارة وأوجز إشارة .
والله تعالى أعلم.
بارك الله فيكم،، نحتاج هذه المواضيع القيمة في المنتديات العلمية.
قرأت للشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله:
"...حديث أنس -رضي الله عنه- قال: ((أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمرّ به النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: أفطر هذان ثم رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد بالحجامة للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم)).
هذا قواه الدارقطني، وهو إمام حافظ ناقد لكن حكم عليه جمع من أهل التحقيق بأنه منكر،
لكن هل يرجّح إذا تكافئت الأدلة بمثل هذا؟
يرجح بالضعيف إذا تكافئت الأدلة؟
على القول بضعفه، ابن القيم -رحمه الله تعالى- يرى أن الضعيف لا يعمل به البتّة. لكن إذا وجد في المسألة قولان متساويان من كل وجه أو وجد في حديثٍ أو في نصٍ من النصوص وجد احتمالان متساويان من كل وجه فإنه لا مانع من الترجيح بالضعيف، ونص على ذلك في تحفة المودود."
بارك الله فيكم: (أبو مالك المديني - علي عبد الباقي - محمد طه - أبو محمد السوري - أبو آدم البيضاوي - أم علي طويلبة علم).
على إثراء الموضوع، ويبقى التركيز في ذكر أمثلة للمتقدمين.
لعل كتاب الشيخ طارق بن عوض الله فيه بعض الإجابات التى طرحت عن هذا الموضوع
لكني أرى أن ما نقلته لا يكفي أبدا لإثبات مثل هذه المسائل الكبيرة الشائكة ، فمثال واحد لا يكفي ، وقد يمكن تأويله أو الاعتراض عليه بأن شعبة ضعف عبد الملك ، ولقائل أن يقول : مقصد شعبة أنه لو وجده عند أحد ممن يحتمل تفرده بمثل هذا الحديث لأخذه اعتمادا على الراوي الآخر الثقة الذي يحتمل تفرده ، لا أن يكون عضد هذا بذاك !
لو اتبع الناس ابا مالك المديني لرشدوا
جزاك الله خيرا
قد يكون هذا الاحتمال صحيح؛ لكن هذا لا ينفي قول شعبة لوكيع: (لو كان شيئًا يُقويه).
كذا قد أنكر على شعبة تضعيفه لعبد الملك، قال الخطيب: (أساء شعبة في اختياره لمحمد، وتركه عبد الملك؛ لأن محمد بن عبيد الله لم يختلف أئمة الأثر في ذهاب حديثه، وسقوط روايته، وثناؤهم على عبد الملك مستفيض).
وقد سئل يحيى بن معين عن هذا الحديث الذي أنكره شعبة على عبد الملك، كما في سير أعلام النبلاء: (6/ 107): سئل يحيى بن معين عن حديث عطاء ، عن جابر ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الشفعة فقال: (لم يحدث به إلا عبد الملك، وقد أنكره عليه الناس،ولكن عبد الملك ثقة، صدوق، لا يرد على مثله).
الكلام في عبد الملك معلوم ، ولكن قد ينفي قول شعبة أن شعبة لو وجده عند من يحتمل تفرده لأخذه كما أشرتُ إليه آنفا ، أما عبد الملك فصدوق قد لا يحتمل تفرده ، بل قد يعد حديثه منكرا ، كما قال الذهبي في الموقظة في حديث الصدوق ، وهو الذي لم يبلغ مرتبة الثقات الذين يقبل منهم تفردهم .
فى مواضيع أشعر أن الخلاف سيظل قائمًا فيه إلى أن يشاء الله فى بعض العلوم؛ مثل ماتتكلموا فيه ،ومثل العذر بالجهل فى العقيدة وإلى غير ذلك من القضايا.