رد: كتاب: (العلم الخالص في معرفة بعض الخصائص).
13 – أُوتي أُواخر سورة البقرة:
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنِّي أُوتِيتُهُمَا مِنْ كَنْزٍ مِنْ بَيْتٍ تَحْتَ الْعَرْشِ، وَلَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلِي)، يَعْنِي: الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ.([1])
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: (هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ)، فَقَالَ: (هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ فَسَلَّمَ)، وَقَالَ: (أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَمْ تُقْرَأْ بِحَرْفٍ مِنْهَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ).([2])
قوله: (أَعْطَيْت الْآيَتَيْنِ من آخر سُورَة الْبَقَرَة)، وَهِي الَّتِي أوّلها آمن الرَّسُول.
قوله: (من كنز تَحت الْعَرْش)، يَعْنِي أَنَّهَا ادخرت وكنزت فَلم يؤتها أحد قبله ذكره الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ، وَلذَا قَالَ (لم يُعْطهَا نَبِي قبلي).([3])
فإذا قرأت هاتين الآيتين يؤتيك الله عز وجل أجرًا على كل حرف ويجيبك، ومن فضائل هاتين الآتين ما ثبت عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ).([4])
قال النووي: (كفتاه من قيام الليل، وقيل من الشيطان، وقيل من الآفات، ويحتمل من الجميع).([5])
([1]) أحمد (21343)، وصححه الألبانيُّ في سلسة الأحاديث الصحيحة (3/471) وقال : (صحيحٌ على شرطِ مُسلمٍ).
([2]) مسلم (806).
([3]) التيسير بشرح الجامع الصغير (1/172).
([4]) البخاري (5008) ، مسلم (807).
([5]) شرح مسلم للنووي (6 /92).
رد: كتاب: (العلم الخالص في معرفة بعض الخصائص).
14 – أُوتي فاتحة الكتاب:
لما تقدم في حديث ابن عباس المذكور آنفًا، وفيه: وَقَالَ: (أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَمْ تُقْرَأْ بِحَرْفٍ مِنْهَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ).([1])
وللفاتحة فضائل عظيمة غير التي ذكرت من كونها أحد النورين الذين أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فمن تلك الفضائل:
- أنها أعظم وأفضل سورة في القرآن:
عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ كُنْتُ أُصَلِّى فِى الْمَسْجِدِ فَدَعَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ أُجِبْهُ ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ أُصَلِّى، فَقَالَ: (أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ) ثُمَّ قَالَ لِى لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِى الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ)، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ أَلَمْ تَقُلْ (لأُعَلِّمَنَّك سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِى الْقُرْآنِ)، قَالَ: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) هِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِى أُوتِيتُهُ).([2])
- ما أُنزل مثلها في القرآن والتوراة والإنجيل والزبور:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ :وَقَرَأَ عَلَيْهِ أُبَيٌّ أُمَّ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أُنْزِلَ فِي التَّوْرَاةِ، وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ، وَلَا فِي الزَّبُورِ، وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا، إِنَّهَا السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُ).([3])
– أنها رقية:
عن أبي سعيد الخدري، في قصة اللديغ، وفيها فانطلق يتقل عليه ويقرأ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِى وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِى صَالَحُوهُمْ عَلَيْه، فَقَالَ بَعْضُهُمُ اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِى رَقَى لاَ تَفْعَلُوا، حَتَّى نَأْتِىَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِى كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرُوا لَهُ ، فَقَالَ: (وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ -ثُمَّ قَالَ- قَدْ أَصَبْتُمُ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِى مَعَكُمْ سَهْمًا)، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-.([4])
- أنها من أسباب محبة الله للعبد:
عن أبي موسى الأشعري، وفيه: فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ تَقُولُونَ فِي صَلَاتِكُمْ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا، فَعَلَّمَنَا وَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا، وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا، فَقَالَ: (إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ، فَقُولُوا: آمِينَ، يُحِبُّكُمُ اللَّهُ).([5])
- هذه أصح الرويات التي وردت في فضل سورة الفاتحة، وقد وردت روايات في فضل الفاتحة، منها ما هو صحيح، ومنها ما هو ضعيف، وفيما ذكرنا غُنية عن التطويل، والله الموفق.
([1]) مسلم (806).
([2]) البخاري (4474)، وأبو داود (1458).
([3]) صحيح : الترمذي (2878)، وقال حديث حسن صحيح، وأحمد (9334)، وصححه الألباني في المشكاة (2142).
([4]) البخاري (2276)، ومسلم (2201)، ونحوه من حديث ابن عباس عند البخاري (5737).
([5]) مسلم (404)، وأبوداود (972)، واللفظ له.