لا نستطيع تطبيق الشريعة الإسلامية وإلا ستُدمرنا القوى العظمى والأحسن توقيفها مؤقتا ؟!
السلام عليكم ورحمة الله
نسمع في هذه الأزمنة الكثير من المسلمين - خاصة - يقولون سراً وعلانية
لا نستطيع تطبيق الشريعة الإسلامية وإلا ستُدَمِرُنا القِوى العُظمى المُهيمنة على العالم وتُشتتُنا... والأحسن توقيفها مؤقتا ؟!!!!!
فما هو الحكم الشرعي في مثل هذا الكلام أو بالأحرى هذا الفكر ؟
وهل يجوز التحجُج بفقه المصلحة والمآلات والواقع لتعليق تطبيق الشريعة الإسلامية كما يُقال ممن ينتسبون إلى الإسلام ؟!!!!!
وإنا لله وإنا إليه راجعون
أفيدونا بارك الله فيكم
رد: لا نستطيع تطبيق الشريعة الإسلامية وإلا ستُدمرنا القوى العظمى والأحسن توقيفها مؤقتا ؟!
للفائدة في هذه المسألة مقال جدير بالإطلاع للإمام الشيخ محمد البشير الابراهيمي رحمه الله تعالى تحت عنوان "التعاون الاجتماعي" هذا مطلعه:
"التعاون الاجتماعي
من أبهج ساعات العمر ساعة يقف فيها أخ يحادث إخوانه على بساط الشعور المشترك والإحساس الصادق والإخلاص في القول وحسن الإصغاء يتلو عليهم ما فيه العبرة من ماضيهم وحاضرهم. يذكرهم ما ليسوا عنه بغافلين من أخذ الأهبة للمستقبل المحجوب، يدعوهم إلى الجد في العمل المشترك، يدعوهم إلى التعاون في الصالحات، يدعوهم إلى نفض غبار الكسل والتواكل، يدعوهم إلى مجاراة السابقين في الحياة، يدعوهم إلى العمل لما فيه سعادة الدارين. يدعوهم إلى نبذ موجبات التفرق والتخاذل، يدعوهم إلى تقوية أسباب الإلفة والأخوة، يدعوهم إلى أخذ شؤون الحياة من أسبابها المعقولة، يدعوهم فيسمعون فيعرفون قيمة ما دعا إليه، فيفوز الداعي بفضيلة الدعوة والإرشاد إلى الحق والتنبيه إلى الواجب، ويفوز المدعو بفضيلة الاسترشاد والعمل بالنصيحة، ويلتقي الكل عند أشرف غاية في هذه الحياة وهي أداء الواجب الاجتماعي.
إخواني:
إن كنتم أولئك المستمعين فلست بذلك الداعي لولا هبة منكم نحو التقدم حركتني بعد السكون وأنطقتني بعد السكوت. قد استقر رأي جماعة من الإخوان على أن يكون موضوع المحادثة بيان فوائد الاجتماع ويعنون بالاجتماع الاتحاد ... وهل تحتاج فوائد الاجتماع إلى بيان؟
فوائد الاجتماع هي ثمراته الناتجة عنه وثمراته هي ما ترون من أعمال تعجز القوة الفردية عن إتمامها، وما ترونه من مصانع تخرج المعجزات، وما ترونه من تقريب الأقطار وإخضاع البحار، وما ترونه من استخراج مواهب الأرض التي لا يستقل الفرد بإخراج جزء منها ولوجمع مواهبه، وما ترونه من تسلط جبري على قوى الطبيعة واستخدامها بكل سهولة. ومن ثمرات الاجتماع ما تقرأونه في التاريخ من تغلب جماعات قليلة العدد قليلة المال على جماعات هي كثر منها عددا وأوفر مالا- نعم إن فوائد الاجتماع لا تحتاج إلى بيان- فالاجتماع يحدث عن نفسه باللسان الفصيح. وآثار الاجتماع هي الحقائق العريانة والشواهد الناطقة، فلئن تحدثنا في فوائد الاجتماع فإنما ذلك من باب التذكير، ولم يزل التذكير في كل أطوار الإنسانية مددا روحانيا يثير الخامل إلى العمل ويحث العامل على مواصلة العمل. نحن لا نحتاج إلى بيان فوائد الاجتماع، فقد أصبحت من البديهيات المسلمة. وإنما نحتاج في الدرجة الأولى إلى تكوين اجتماع حيوي منتج يتفق مع الحياة العامة في العموميات ويلتئم مع حياتنا الخاصة في الخصوصيات.
هذا النوع من الاجتماع هو الذي يجب أن نسعى في تكوينه إن كان مفقودا، أو نسعى في ترميمه واستثماره إن كان موجودا.
الحق الذي لا مراء فيه أنه لا يوجد عندنا اجتماع منتج بالمعنى الذي نريده ويتمناه العقلاء منا والمفكرون، والذي نشاهد آثاره عند غيرنا وندرك أنها نتيجة ذلك الاجتماع. والحقيقة التي لا مراء فيها أن حياتنا الخاصة- بصفتنا أمة ذات مقومات ممتازة- قد قدر لها أن تصبح تابعة لحياة عامة هي صرف السوق كما يقولون- هذه الحياة العامة فرقت القبائل والشعوب من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون، فكنا من غرقاها، وطغى تيارها حتى دخل على الحضري قصره وعلى البدوي قفره. هذه الحياة العامة تحدثنا بلسان الحال أن غايتها توحيد المجموعة البشرية في مظاهر الحياة وخوافيها، في الميول والأهواء، في العواطف والمشارب، في النزعات والتأثرات- ولكن هل توافقها إرادة الحي- هذا الكائن العاقل؟ إن إرادة الحي غير إرادة الحياة، فالحي بصفته فردا يريد أن يحتفظ لنفسه بحق الاستئثار بقسطه الخاص من الحياة، وبصفته فردا من أمة يريد أن يحتفظ لنفسه بحق تكوين اجتماعه كما يريد، ونحن في اجتماعنا هذا أو في حديثنا هذا من هذا القبيل.
إذن نحن محتاجون إلى تكوين اجتماع خاص تنتج عنه نهضة منظمة في جميع لوازم حياتنا القومية الخاصة، وألزم هذه اللوازم أربعة: الدين والأخلاق والعلم والمال..." البقية على الرابط التالي : https://shamela.ws/book/5167/49
(المصدر: آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي ج1 ص50>58)
والله الموفق.