ذبيح الله اسماعيل واللغة العربية
أول من تكلم العربية
بقلم د. محمد نور العلي
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـ
هذه الأولية أمرها يحتاج إلى روية .
وأرى أن الرأي الذي يميل إلى أنه هو إسماعيل عليه السلام فيه نظر وغير دقيق لأن النصوص التي رويت حول هذا الأمر فيها كلام فقد أخرج الحاكم في المستدرك في ذكر إسماعيل برقم 4029 " من حديث ابن عباس قال" أول من نطق بالعربية إسماعيل " قال الذهبي في التلخيص في إسناده " عبد العزيز بن عمران " واهٍ . وعند الحاكم في التفسير سورة السجدة من حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ألهم إسماعيل هذا اللسان إلهاما " قال الذهبي في إسناده " إبراهيم بن إسحاق " كان يسرق الحديث . وأورد السيوطي في الجامع الصغير " فيض القدير "
رقم 2837 " أول من فتق لسانه بالعربية المبينة إسماعيل وهو ابن أربع عشرة سنة " وعزاه السيوطي إلى الشيرازي في الألقاب عن علي . وقد حسنه ابن حجر في الفتح وفي تحسينه نظر لأن في إسناده " مسمع بن عبد الملك " وهو لا يعرف .
وأصح شيء في هذا الأمر الذي جاء في صحيح البخاري(3364) قال ابن عباس رضي الله عنهما قال النبي : فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام وتعلم العربية منهم "
وهذا يدل على أن إسماعيل عليه السلام تعلم العربية من جرهم وليس أول من فتق لسانه بها ولذلك قال ابن حجر في شرحه الحديث " فيه إشعار بأن لسان أمه وأبيه لم يكن عربيا .
وفي الحديث تضعيف لقول من روى " أنه أول من تكلم بالعربية"
وقد حاول البعض أن يجمع بين الأحاديث رغم ضعف حديث " أول من فتق لسانه بالعربية إسماعيل " فقال القرطبي في التفسير في سورة البقرة " وعلم آدم الأسماء كلها " والصحيح أن أول من تكلم باللغات كلها آدم " وأما ما يتعلق بشأن إسماعيل فيحتمل أن يكون المراد به أول من تكلم بالعربية " من ولد إبراهيم هو إسماعيل " وقال ابن حجر : فتكون أوليته في ذلك بحسب الزيادة في البيان لا الأولية المطلقة فيكون بعد تعلمه أصل العربية من جرهم ألهمه الله العربية الفصيحة المبينة فنطق بها " وبناء عليه يكون اسماعيل قد نطق بها أفصح من جرهم العربية العاربة . وليس أول من تكلم بها . والله أعلم