-
دعوة محب
للناس طرائق عدة في عيشهم لأيامهم ولياليهم وسنيهم وأعوامهم ، طرائق تختلف بقدر اختلاف طباعهم وميولهم واهتماماتهم ورغباتهم ، فمنهم المتلهف للقادم من الزمن ، ومنهم المتحسر على الماضي منه ، ومنهم المثقل بحاضره الشاكي من آنه المتوجس من الآتي منه ، ومنهم من آثرمخالفة الكل مع الأيام والسنين غير آبه بما فات منها ولا مهتم لما هو معاش ولا مبال لما هو آت ، ومنهم المستغل لنفس الزمان المستفيد من أنفاسه المستثمر للحظاته المحافظ على أوقاته ؛ طرائق متباينة في الحكم على الأيام ومختلفة في التوصيف لها إلا أنها متفقة وغير مختلفة فيما يخص الأيام في أمور أهمها : أن الذاهب منها لا يعود و الحاضر منها غير مضمون التمام أما قادمها في هذه الحياة فلا يستوثق من بلوغة وأنها أي الأيام والليالي مجموع عمر الإنسان وخزانة الأفعال ومستودع الأعمال وكما قيل إن الأيام والليالي مطايا الآخرة ، وأنها بحكم الله يقضي فيها ما يشاء ويختار ؛
ألا لا نلصق بها ما ليس من شأنها فلا وجود لما سمي بسنة كبيسة واخرى سعيدة أو طالع خير أو ضده فاختلاف أرقامها ما هو إلا لمعرفة حسابها ليس إلا ، فليس الوتر منها أسعد من الشفع أو الشفع أشقى فيها من الوتر وأنها لا تتفاضل إلا بما فضله الله من فضل صحيح النقل سليم الأثر كشهر رمضان ويوم الجمعة وأيام العشر وغير ذلك مما دلت عليه الأدله الصحيحة ولنعلم أن خير ما يستودع في الأيام هي الباقيات الصالحات ؛ وفقني الله وإياكم لكل خير .