دفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
محاضرة في الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلمد.محمد أبو زيد
رئيس قسم الدراسات الإسلامية
كلية العلوم التطبيقية بصحار ـ سلطنة عمان
17/3/1429هـ الموافق: 24/3/2008م
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
أفتتح هذه المحاضرة بأبيات للشاعر أحمد محرم :
لا اليوم يومك إذ ولدت ولا الغد يا ليت انك كل يوم تولد
عاد الظلام كما عهدت وهذه دنيا الجهالة والأذى تتجدد
ما ذاق مهلكه أبو جهل ولا أودى أبو لهب وربك يشهد
في كل أرض منهما متجبر يأبى الرشاد وظالم يتمرد
أسفي على الإسلام هان عرينه وعدا عليه الفاتك المستأسد
ما أوجع الذكرى ويالك لوعة في قلب كل موحد تتوقد
رب اتخذ للمسلمين سبيلهم فإليك مرجعهم وأنت المقصد
في 12 ربيع الأول ولدت أعظم شخصية عرفها الكون ، فقد قال الفيلسوف تولستوي: لو كان محمد حيا لحل مشاكل العالم وهو يحتسي فنجان قهوة . وقد صنفه مايكل هارت بأنه أعظم شخصية عرفها التاريخ من حيث التأثير منذ أن أوجد سبحانه هذا الكوكب . هذا ما قالوه . وقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر " .
- وإن هذا العظمة موجودة بشكل واضح في رسالته صلى الله عليه وسلم من حيث شمولها ، قال تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا[الأعراف 157]
- ومن خلال النظر للبشرية على أنها أسرة واحدة من أب وأم وأبناء : قال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ[الحجرات 13] .
إن ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم ميلاد لحرية الإنسان كل الإنسان ، فهاهو الصحابي ربعي بن عامر يقول لرستم قبل المعركة مع الفرس : "الله جاء بنا وهو بعثنا لنخرج من يشاء من عباده من ضيق الدنيا إلى سَعَتها ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام " .
لقد كان إرسال الرسول صلى الله عليه وسلم البعثة الإلهية الأخيرة لهذا الكون ، فقد أزف الرحيل .
إن الإسلام ولد ليستوعب البشرية في هدايته ، فقد نشأ الإسلام مصمما مركبا لاستيعاب البشرية جمعاء ليعيش الجميع بعدل وسلام ، ويتجلى هذا التصميم باعترافه بباقي الأديان ، فنحن نؤمن بعيسى وكذلك بموسى وباقي الرسل : قال تعالى : (قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) [البقرة] .
فنحترم كل الأنبياء ، ونستوعب أهل كل دين وضعي أو سماوي ، ونضمن له حرية الاعتقاد فقد قال تعالى : لا إكراه في الدين .
محبة الرسول صلى الله عليه وسلم
محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أصل عظيم من أصول الدين , بل إن إيمان العبد متوقف على وجود هذه المحبة ,فلا يدخل المسلم في عِداد المؤمنين الناجين حتى يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحبَّ إليه من نفسه التي بين جنبيه ومن ولده ووالده والناس أجمعين , قال عز وجل : قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوه َا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) (التوبة 24) . وفي الصحيحين عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ).
وهذه المحبة وإن كانت عملا قلبيا, إلا أن آثارها ودلائلها لابد أن تظهر على جوارح الإنسان , وفي سلوكه وأفعاله , فالمحبة لها مظاهر وشواهد تميز المحب الصادق من المدعي الكاذب , وتميز من سلك مسلكا صحيحا ممن سلك مسالك منحرفة في التعبير عن هذه المحبة .
وأول هذه الشواهد والدلائل طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه , وبدون هذه الموافقة يصير الحب دعوى كاذبة , قال تعالى : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32(آل عمران), قال الحسن البصري رحمه الله : " زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية .
ومن دلائل محبته تعظيمه وتوقيره والأدب معه , بما يقتضيه مقام النبوة والرسالة من كمال الأدب وتمام التوقير, قال تعالى : إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) (الفتح) . فالتسبيح لله عز وجل , والتعزير والتوقير للنبي صلى الله عليه وسلم, وهو بمعنى التعظيم .
وإنه لجدير بهذه المحبة :
فقد حاز رسولنا صلى الله عليه وسلم من الصفات والأخلاق ما يجعله سيد هذا المقام المحمود ، ألم يكف أن الله شهد له بعظيم الأخلاق فقال : وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4]. ولو تأملنا سيرته صلى الله عليه وسلم لرأينا هذه العظمة متجلية في كل ما يصدر عنه .
فقبل الإسلام اختارته خديجة رضي الله عنها لأخلاقه ووهبته فتاها زيد بن حارثة .
ومن عظيم أخلاقه مارواه مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : " مَا ضَرَبَ رسولُ الله شيئا قط بيده ، ولا امرأة ولا خادما ، إِلا أن يجاهد في سبيل الله ، وما نِيلَ منه شيء قطّ فينتقم من صاحبه ، إِلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم"( ).
، ما غدر رسول الله قط ، ما كذب رسول الله قط ، ما أخلف رسول الله وعداً قط ، ما انتقم رسول الله لنفسه قط ، فهل هذه شخصية عنيفة مخيفة إرهابية كما يصورها الغرب .
كم كان عظيما في عفوه عن أعداءه .. يدخل الصحابة مكة فاتحين فيقول بعضهم :"اليوم يوم الملحمة ، يوم يذل الله قريش " . فيرفع النبي صوته ويقول : "اليوم يوم المرحمة ، اليوم يعز الله قريش " ، ويقف أمام قريش ويقول لهم : "اذهبوا فأنتم الطلقاء" .
وتختصر لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أخلاق رسول الله فتقول فيما صح عنها : " كان خلقه القرآن" .
معاملة الأسرى :
صحيح البخاري - (ج 13 / ص 277)
عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟ فَقَالَ :عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ . فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ ثُمَّ قَالَ لَهُ : مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟ قَالَ مَا قُلْتُ لَكَ : إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ . فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ فَقَالَ : مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟ فَقَالَ : عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ . فَقَالَ : أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ . فَانْطَلَقَ إِلَى نَجْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ :أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَمَاذَا تَرَى ؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ . فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ : صَبَوْتَ ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا وَاللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". فراسل المشركون رسول الله وقالوا له ما أصابهم من جوع وفاقة بسبب حصاره فأمره أن يرسل لهم المؤن التي كان يرسل .
******
مجمع الزوائد ج6/ص86
وهذا أسير آخر وهو أبو عزيز بن عمير أخو مصعب بن عمير قال : كنت في الأسرى يوم بدر فقال رسول الله : استوصوا بالأسارى خيرا . وكنت مع رهط من الأنصار حين قفلوا فكانوا إذا قدموا طعاماً خصوني بالخبز وأكلوا التمر لوصية رسول الله إياهم بنا ، ما يقع في يد رجل منهم كِسْرة إلا نفحني بها ، قال فأستحي فأردها على أحدهم ،فيردها عليَّ ما يمسها . رواه الطبراني في الصغير والكبير وإسناده حسن .
[فهل هذا دين مخيف ، هل سرقوا ساعته وماله وجاؤوا بأمه وأبيه وزوجته واغتصبوهم أمامه كما يفعل مدعوا الحضارة اليوم ومن لف لفهم]
وعلمنا العطف على الصغار:
والقصة عن الحسن والحسين رضي الله عنهما في المستدرك على الصحيحين : . (هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه) ج1/ص424. وفي صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 8 / ص 274) تحقيق الألباني :صحيح ، ابن ماجة ( 3600 ).
عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال : صدق الله : إنما أموالكم وأولادكم فتنة فنظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما . قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب إنما نعرفه من حديث الحسين بن واقد .
وأوصى بالجار:
(خ م د ت) فعن عائشة - رضي اللَّه عنها- أن رسولَ اللَّه قال : « ما زال جبريل يُوصيِني بالجار ، حتى ظننتُ أنه سيُوَّرِّثُه » جامع الأصول : 4913 .
بل وصل الحد إلى أن ينفي الإيمان عمن يؤذي جاره فقال والحديث في جامع الأصول : 4917 : (خ م): «واللهِ لا يُؤْمِن، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، قيل : مَن يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يأمَن جارُه بَوائِقَهُ».
وإذا كان هذا حال المؤمن فلماذا تزييف الحقائق وتخويف الناس من الإسلام وأهله ؟
بل نرى الأخلاق والأحسان حتى مع الحيوانات فقد سئل : ألنا في البهائم أجر ؟ قال : في كل كبد رطبة أجر .
ولقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في معاملة الخادم, فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : "خدمت رسول الله عشر سنين ، والله ما قال لي أف قط ، ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا؟ وهلا فعلت كذا"( مسلم )
[ هل هذا حال خادم يفعل كما يريد دون تعليق .. يبدو لي أنه سيد البيت ، لو عرّفنا رب البيت لكان هذا هو تعريفه كما هو حال هذا الخادم ؟]
البخاري ـ فتح الباري لابن حجر - (ج 17 / ص 241)
قال رسول الله : " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ : كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَاعِفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ . أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ : كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ ".
يقول أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ :إِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ " (البخاري) . فِي رِوَايَة أَحْمَد : فَتَنْطَلِق بِهِ فِي حَاجَتهَا .ولأحمد أيضا : إِنْ كَانَتْ الْوَلِيدَة مِنْ وَلَائِد أَهْل الْمَدِينَة
فما أجمل الإسلام ، وما أروعه من دين ، وما أحسن أخلاق رسولنا ، وقد أحسن حسان شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال :
أحسن منك لم تر قط عيني وخير منك لم تلد النساء
خلقت مبرء من كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء
============================== ===
لماذا هذه الهجمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟1- ليس مقصودا بنفسه : قال تعالى : قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34)[الأنعام].
وإنما المقصود هو الإسلام :
في افتتاحية عدد 22 أيار عام 1952من جريدة "كيزيل أوزباخستان" الجريدة اليومية للحزب الشيوعي الأورباخستاني يقول المحرر:
من المستحيل تثبيت الشيوعية قبل سحق الإسلام نهائياً. ( )
وفي تصريح للسفاح الشهير بيجن ، يوضح رسالة دولة إسرائيل وهدفها ؛ قال : "مهمتنا سحق الحضارة الإسلامية ، وإحلال الحضارة العبرية محلها . والمهمة شاقة". ( )
قال لورانس براون من قبل : "إن الإسلام هو الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الأوربى"( ).
ويقول غلادستون رئيس وزراء بريطانيا سابقاً:
ما دام هذا القرآن موجوداً في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوربة السيطرة على الشرق. ( )
ويقول الحاكم الفرنسي في الجزائر في ذكرى مرور مائة سنة على استعمار الجزائر:
إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرؤون القرآن، ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم، ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم( ).
وأريد أن أتعرض لبعض ما تقيأته أفواههم ورسومهم من تلوث كلامي للرد عليها ، إذ إنه لا بد للمسلم من رد ، فإن الرسول كان يعجبه من يرد عنه :
فتح الباري لابن حجر - (ج 10 / ص 336) قال ابن حجر : وَرَوَى أَحْمَد وَالْبَزَّار مِنْ حَدِيث عَمَّار بْن يَاسِر قَالَ : " لَمَّا هَجَانَا الْمُشْرِكُونَ قَالَ لَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُولُوا لَهُمْ كَمَا يَقُولُونَ لَكُمْ " .
وفي صحيح مسلم - (ج 12 / ص 284) وكذلك في البخاري.
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اهْجُوا قُرَيْشًا فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ : اهْجُهُمْ . فَهَجَاهُمْ ، فَلَمْ يُرْضِ . فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ : قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ ، ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ فَقَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُ مْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : لَا تَعْجَلْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا ، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا حَتَّى يُخلّص لَكَ نَسَبِي . فَأَتَاهُ حَسَّانُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ خلّص لِي نَسَبَكَ ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنْ الْعَجِينِ . قَالَتْ عَائِشَةُ : فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ لِحَسَّانَ : "إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ". وَقَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى . قَالَ حَسَّانُ في قصيدة طويلة جاء فيها :
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ وَعِنْدَ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًا رَسُولَ اللَّهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
أتهجوه ولست له بند فشرّكما لخيركما الفداء
لساني صارم لا عيب فيه وبحري لا تكدره الدلاء
ولكن كيف نجمع بين الهجاء لهم وقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
" لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ" سنن الترمذي - (ج 7 / ص 246)
قَالَ الْعُلَمَاء : يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْدَأَ الْمُشْرِكُونَ بِالسَّبِّ وَالْهِجَاء مَخَافَةً مِنْ سَبِّهِمْ الْإِسْلَام وَأَهْله . قَالَ اللَّه تَعَالَى : وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلِتَنْزِيهِ أَلْسِنَة الْمُسْلِمِينَ عَنْ الْفُحْش ، إِلَّا أَنْ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ ضَرُورَة لِابْتِدَائِهِم ْ بِهِ ، لَكَف أَذَاهُمْ وَنَحْوه كَمَا فَعَلَ النَّبِيّ .
======
1- وليت الظرف اليوم كأيام حسان حتى نفريهم بلساننا ، وعلى كل حال أقول
إن ادعاءهم بأن هذه حرية رأي فلا يسلم لهم :
- ففيلم دافنشي كود (شفرة دافنشي) عن رواية لـ دان براون عرض عام 2006 يروي وجود ابنه لعيسى . من زوجته مريم المجدلية التي انتقلت إلى أوربا بعد الحروب التي استهدفت المسيحيين في الأرض المقدسة, ويشير الكاتب إلى أن السلالة لا تزال موجودة ، ويعرض الفتاة صوفي بنت عيسى وهي الآن تعمل في الشرطة التي تعيش حالياً في باريس.
طبعاً أثار الفلم ضجة كبيرة ومنع عرضه في دول من أمريكا الللاتينية وعدد من الدول الأوربية، و الإمارات ولبنان والأردن ، أما في ايطاليا فقد قامت المظاهرات ، وطالبت بمنع عرض الفلم وأحرقت مئات النسخ من الرواية، مع العلم أنها مجرد رواية تعتمد على الخيال .
- وكذلك من تكلم بسوء عن اليهود وخاصة المحرقة يحاسب ، ومعلوم ماجرى للمفكر لروجيه جارودي ، وأمس خبر على الجزيرة إقالة نائب حاكم منطقة لأنه تعرض بالذم الليهود
2- صوروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على شكل رجل إرهابي كأن رأسه الشريف قنبلة يريدون أن الإسلام دين إرهاب :
ولنرى مصداقيتهم في هذا الادعاء سآخذ آية من لهيب الحرب في سورة التوبة، التي آية السيف مباشرة ، قال تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6)
فالمشرك الذي يقاتلنا وسيفه يقطر من دمائنا عندما حوصر في المعركة قال إنه يريد جوارنا ليسمع القرآن ؟
فنحن نجيره ، ونأخذه ليسمع القرءان فإن أعجبه فهو عندنا في مأمن من قومه ، وإن لم يعجبه ديننا وانتقصه بعد سماعه له فعندئذ نحن ملزمون بإعادته لقومه تحت حراسة مشددة ، فإذا ما أوصلناه لمكان يأمن فيه أطلقناه ؟
فمارأيكم هل نحن دميون ؟ كان يذبح المسلمين ، وعندما حوصر استجار لعله يؤمن ، ولم يؤمن ولكن طعن في ديننا في قعر دارنا ومع هذا لم نقتله ، بل أرسلناه لقومه بحمايتنا ، فهل عرفتم أخلاق المسلمين ؟ هكذا يفعلون معنا اليوم ؟
وكما رأينا كتابنا تعالوا نرى ماذا في الكتاب المقدس ـ الذي يؤمن به النصارى على الرغم من تحريفه ـ لنحكم من الإرهابي ؟
" متى قرض الربّ إلهك الأمم الذين الرب إلهك يعطيك أرضهم وورثتهم وسكنت مدنهم وبيوتهم ... وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما . بل تحرّمها تحريما الحثيين والأموريين والكنعانيين والفِرِزّيّين والحِوّيّين واليبوسيين كما أمرك الرب إلهك "( ).
واضح أن إلههم لا يقبل بالتعايش بين شعبه بني إسرائيل وغيرهم . وأنه لا بدّ من إبادة السكان الأصليين ( العرب ) ، وقد بلغ إجرام إلههم المزعوم وإجرامهم إلى أن استبعدوا إبقاء أي نسمة من ذكر أو طفل حيا ، وجاء هذا واضحا في تعاليمه الإجرامية الأخرى التي أذكر منها :
" فسخط موسى على وكلاء الجيش رؤساء الألوف و رؤساء المئات القادمين من جند الحرب . وقال لهم موسى :... فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال "( ).
والغريب أن يصبح موسى فرعونا آخر في فلسطين يقتل الذكور كما فعل به وبقومه فرعون مصر ، فالمسألة تبادل أدوار في المنظور الإسرائيلي ، وهكذا اليهود اليوم مع الفلسطينيين .
إن كل تلك المجازر الوحشية لم تفرّغ حقد إلههم ، فيتبنى سياسة الأرض المحروقة! ويصدر أوامره الصارمة الساحقة الماحقة بناء على ذلك قائلا :
" فضربا تضرب سكان تلك المدينة بحدّ السيف وتُحرّمها بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف . تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها وتحرق بالنار المدينة وكل أمتعتها كاملة للرب إلهك فتكون تلاّ إلى الأبد لا تُبنى بعد . ولا يلتصق بيدك شيء من المُحرّم . لكي يرجع الرب من حموّ غضبه ويعطيك رحمة . يرحمك ويكثّرك كما حلف لآبائك "( ) .
والرب لا يرحمهم إلا إذا كانوا وحوشا والغين بدماء الرجال والأطفال والبهائم ، وحارقين لكل الممتلكات التي تصادفهم !!.
16أَمَّا مُدُنُ الشُّعُوبِ الَّتِي يَهَبُهَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ لَكُمْ مِيرَاثاً فَلاَ تَسْتَبْقُوا فِيهَا نَسَمَةً حَيَّةً، 17بَلْ دَمِّرُوهَا عَنْ بِكْرَةِ أَبِيهَا، كَمُدُنِ الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّي نَ وَالْكَنْعَانِي ِّينَ وَالْفِرِزِّيِّ ينَ وَالْحِوِّيِّين َ وَالْيَبُوسِيِّ ينَ كَمَا أَمَرَكُمُ الرَّبُّ إِلَهُكُمْ، 18
21وَدَمَّرُوا الْمَدِينَةَ وَقَضَوْا بِحَدِّ السَّيْفِ عَلَى كُلِّ مَنْ فِيهَا مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَأَطْفَالٍ وَشُيُوخٍ حَتَّى الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْحَمِيرِ.
(الكتاب المقدس سفر لتثنية )
==
وتعالوا ننظر في واقعهم الذي طبقوا فيه تعاليم دينهم، وأستدل على تاريخهم في بيت المقدس بقول واحد منهم حتى لا نتهم بالتجني :
يقول جوستاف لوبون عن الصليبيين الغربيين أثناء دخولهم إلى بيت المقدس :
كان قومنا يجوبون كاللبوات التي خُطفت صغارها الشوارع والميادين وسطوح البيوت ليرووا غليلهم من التقتيل ، فكانوا يذبحون الأولاد والشبان والشيوخ ويقطعونهم إربًا إربًا ، وكانوا لا يستبقون إنسانًا ، وكانوا يشنقون أناسًا كثيرين بحبل واحد بغية السرعة .. وكان قومنا يقبضون على كل شيء يجدونه فيبقرون بطون الموتى ليخرجوا منها قطعًا ذهبية ، وكانت الدماء تسيل كالأنهار في طرق المدينة المغطاة بالجثث ... ثم أحضر بوهيموند جميع الذين اعتقلهم في برج القصر ، فأمر بضرب رقاب عجائزهم وشيوخهم وضعافهم ، وبسوق فتياتهم وكهولهم إلى أنطاكية ليباعوا فيها ..
لقد أفرط قومنا في سفك الدماء في هيكل سليمان ، فكانت جثث القتلى تعوم في الساحة هنا وهنالك ، وكانت الأيدي والأذرع المبتورة تسبح كأنها تريد أن تتصل بجثث غريبة عنها ، فإذا ما اتصلت ذراع بجسم لم يعرف أصلها ، وكان الجنود الذين أحدثوا تلك الملحمة لا يطيقون رائحة البخار المنبعثة من ذلك إلا بمشقة ..
وأراد الصليبيون أن يستريحوا من عناء تذبيح أهالي القدس قاطبة ، فانهمكوا في كل ما يستقذره الإنسان من ضروب السكر والعربدة( ) .
وعندما فتح صلاح الدين بيت المقدس ، وسأستشهد كذلك بأقوال الغربيين ، فكما يقولون : ( والفضل ما شهدت به الأعداء ) . قال المؤرخ الإنجليزي ( رانسمان ) من مؤرخي الحروب الصليبية في كتابه : ( تاريخ الحروب الصليبية ) الجزء الثاني ، عند كلامه عن سقوط بيت المقدس وعن موقف صلاح الدين وجيشه من سكان المدينة :
" كان المنتصرون معقولين وإنسانيين ، بينما خاض الفرنج عند استيلائهم على المدينة منذ ثمانية وثمانين عاما في دماء ضحاياهم ، نجد في هذه المرة أنه ما من بناء نهب وما من إنسان أصابه أذى ، وقد أمر صلاح الدين الحراس أن يحرسوا الطرق والأبواب ، ويمنعوا أي اعتداء قد يصيب المسيحيين .
وقال في نفس الصفحة : " وتقدم نساء الفرنج اللاتي افتدين أنفسهن إلى صلاح الدين ، والدموع تملأ عيونهن ، وسألنه في استرحام : أين يستطعن الذهاب فقد قتل أزواجهن أو آباؤهن أو وقعوا في الأسر ؟ فكان جواب صلاح الدين أن وعدهن بأن يطلق سراح كل زوج أسير ، أما الأرامل واليتامى فقد أعطاهم منحة تتناسب مع مكانتهن من حُرّ ماله ، لقد كان عطفه وعفوه مباينا مباينة واضحة لأفعال المسيحيين الغزاة في الحملة الصليبية الأولى "( ) .
وبعد هذا العرض ألسنا كما قال الله تعالى : ] كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [( آل عمران 110 ) .
3- ثم يصورون الرسول مع مجموعة من النساء وكأنه جنسي يحب النساء ، وأن كل المسلمين هكذا.
والحقيقة أن التعدد موجود في كل الأديان السماوية والأرضية ، والإسلام هو الذي حدد أربعة فقط ، وليس انتقل من واحدة إلى أربعة كما يحبون أن يصوروا للناس لحريف الحقائق .
والرد الذي يظهر فلسفة التشريع الإسلامي في هذا ليس هذا أوانه ، والذي أريد أن أقوله الآن :هو أننا لو تأملنا التوراة التي يؤمن بها اليهود والنصارى لوجدنا فيها التعدد سائدا بين أنبيائها ، ففي سفر الملوك الأول : 11/3 نجد أن سليمان : " كانت له سبع مئة من النساء السيدات ، وثلاث مئة من السراري " .
ليس في الأناجيل نـص على تحريم التعدد ، بل في بعض رسائل بولـس الأولى إلى تيموثاوس 3/2 : ما يفيد أن التعدد جائز ، فقد قال : " فيجب أن يكون الأسقف بلا لوم بعل امرأة واحدة" .
ففي إلـزام الأسقف وحده بواحدة دليل على جوازالتعدد لغيره .
وقد أكد هذه النظرية بعض الباحثين المسيحيين ، فقد قال "وستر مارك Wester Mark) ) العالم الثقة في ( تاريخ الزواج):
( إن تعدد الزوجات - باعتراف الكنيسة - بقي إلى القرن السابع عشر، وكان يتكرر كثيراً في الحالات التي لا تحصيها الكنيسة والدولة )"( )
إلا أن التعدد في زمن الحضارة الغربية اليوم هو تعدد العشيقات التي ليس لها حقوق وكأنها ليست إنسانا له روح !
4- ثم إنهم يذمون الإسلام كثيرا في موضوع المرأة وكأنهم حماتها إلا أننا بأدنى نظرة في تراث القوم نجد غير ذلك :
ففي القرن الخامس اجتمع مجمع " ماكون " للبحث في المسألة الآتية : هل المرأة مجرد جسم لا روح فيه ؟ أم لها روح ؟ . وأخيرا قرروا أنها خلو من الروح الناجية ( من عذاب جهنم ) ! ما عدا أم المسيح ....
وقال القديس سوستان: إنها شر لابد منه، وآفة مرغوب فيها، وخطر على الأسرة والبيت، ومحبوبة فتاكة، ومصيبة مطلية مموهة
* أحب أن أقول للمنبهرين بالغرب أنه في نفس العصر بعث الرسول وقال : " إنما النساء شقائق الرجال"
في ذاك الوقت قال : " من عال ابنتين أو ثلاث بنات أو أختين أو ثلاث أخوات حتى يمتن ( وفي رواية : يبن وفي أخرى : يبلغن ) أو يموت عنهن ؛ كنت أنا وهو كهاتين في الجنة ، وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى ] ( صحيح )". السلسلة الصحيحة - مختصرة - (ج 1 / ص 592)
في نفس العصر تروي لنا عائشة - رضي الله عنها - : " أن فتاة دَخَلَتْ عليها. فقالت: إن أبي زوجني من ابن أخيه ، ليَرفَع بي خَسيستَهُ ، وأنا كارهة. قالت: اجلسي حتى يأتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فجاء رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-. فأخبرتْهُ فأرسل إِلى أبيها فدعاه . فجعل الأمرَ إِليها. فقالت : يا رسول الله ، قد أَجَزْتُ ما صنع أبي ، ولكن أردتُ أن أُعْلِمَ النساء : أن ليس للآباء من الأمر شيء"( ).
ومن الطريف هنا أن نذكر أن القانون الإنكليزي حتى عام 1805م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته ، وقد حدد الثمن بستة بنسات "( ) .
ولازالت آثار البيع إلى يومنا هذا ، فإذا تزوجت المرأة الغربية تتنازل عن أسرتها وتنسب لزوجها؟ وهذا من بقايا البيع .
وأما التوراة المحرفة اليوم التي يؤمن بها اليهود والنصارى فليست بعيدة عما سبق ؛ إذ تعتبر المرأة لعنة شريرة : ففي سفر الجامعة 7/28 يقول الجامعة ابن داود : "وَجَدْتُ ( صِدِّيقاً ) وَاحِداً بَيْنَ أَلْفِ رَجُلٍ ، وَعَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ (صِدِّيقَةٍ) بَيْنَ كل أولئك لَمْ أَعْثُرْ".
ومع أن الثورة الفرنسية ( نهاية القرن الثاني عشر ) ، أعلنت تحرير الإنسان من العبودية ، إلا أن القانون المدني نص على أنها ليست أهلا للتعاقد دون رضا وليها إن كانت غير متزوجة ، وقد جاء النص فيه على أن القاصرين هم : الصبي والمجنون والمرأة.. واستمر ذلك حتى عام 1938"( ).
إن المستغربين من بني جلدتنا ، المبشرين بنظام الغرب وحريته ، يوحون إلينا أن نساء الغرب ينعمن بالسعادة العظمى مع أزواجهن ، إلا أن المطلع على حال القوم يجد شيئا آخر.
أ- "نشرت مجلة التايم الأمريكية أن ستة ملايين زوجة في أمريكا يتعرضن لحوادث من جانب الزوج كل عام ، وأنه من ألفين إلى أربعة آلاف امرأة يتعرضن لضرب يؤدي إلى الموت ، وأن رجال الشرطة يقضون ثلث وقتهم للرد على مكالمات حوادث العنف المنزلي . (انظر دور المرأة المسلمة في المجتمع إعداد لجنة المؤتمر النسائي الأول ص45).
ب- ونشر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي عام 1979م أن40% من حوادث قتل النساء تحدث بسبب المشكلات الأسرية ، وأن 25% من محاولات الانتحار التي تُقْدم عليها الزوجات يسبقها نزاع عائلي . ( انظر دور المرأة المسلمة في المجتمع ص46).
ج- دراسة أمريكية جرت في عام 1407هـ-1987م أشارت إلى 79% من الأمريكان يقومون بضرب النساء ، وبخاصة إذا كانوا متزوجين بهن.
وقال إفان ستارك معد هذه الدراسة التي فحصت (1360) سجلاً للنساء : إن ضرب النساء في أمريكا ربما كان أكثر الأسباب شيوعاً للجروح التي تصاب بها النساء ، وأنها تفوق ما يلحق بهن من أذى نتيجة حوادث السيارات، والسرقة، والاغتصاب مجتمعة.
وقالت جانيس مور : وهي منسقة في منظمة الائتلاف الوطني ضد العنف المنزلي ومقرها واشنطن : إن هذه المأساة المرعبة وصلت إلى حد هائل؛ فالأزواج يضربون نساءهم في سائر أنحاء الولايات المتحدة.
وأضافت بأن نوعية الإصابات تتراوح ما بين كدمات سوداء حول العينين، وكسور في العظام ، وحروق وجروح ، وطعن بالسكين، وجروح الطلقات النارية ، وما بين ضربات أخرى بالكراسي ، والسكاكين ، والقضبان المحماة.
وأشارت إلى أن الأمر المرعب هو أن هناك نساء أكثر يُصبن بجروح وأذى على أيدي أزواجهن ، ولكنهن لا يذهبن إلى المستشفى طلباً للعلاج ، بل يُضمِّدن جراحهن في المنزل.
وقالت جانيس مور: إننا نقدر بأن عدد النساء اللواتي يُضربن في بيوتهن كل عام يصل إلى ستة ملايين امرأة ، وقد جمعنا معلومات من ملفات مكتب التحقيقات الفيدرالية، ومن مئات الملاجئ التي توفر المأوى للنساء الهاربات من عنف وضرب أزواجهن. (انظر من أجل تحرير حقيقي ص16-21 وانظر المجتمع العاري بالوثائق والأرقام ص56-57).
هـ - وجاء في كتاب ماذا يريدون من المرأة لعبد السلام البسيوني ص36-66 ما يأتي :
- ضرب الزوجات في اليابان هو السبب الثاني من أسباب الطلاق.
-772 امرأة قتلهن أزواجهن في مدينة ساوباولو البرازيلية وحدها عام1980م.
- يتعرض ما بين ثلاثة إلى أربعة ملايين من الأمريكيات للإهانات المختلفة من أزواجهن وعشاقهن سنوياً.
- أشارت دراسة كندية اجتماعية إلى أن ربع النساء هناك - أي أكثر من ثمانية ملايين امرأة - يتعرضن لسوء المعاملة كل عام.
- في بريطانيا تستقبل شرطة لندن وحدها مائة ألف مكالمة سنوياً من نساء يضربهن أزواجهن على مدار السنين الخمس عشرة الماضية.
- تتعرض امرأة لسوء المعاملة في أمريكا كل ثمان ثوان.
- مائة ألف ألمانية يضربهن أزواجهن سنوياً، ومليونا فرنسية.
-60% من الدعوات الهاتفية التي تتلقاها شرطة النجدة في باريس أثناء الليل- هي نداءات استغاثة من نساء تُساء معاملتهن.
وبعد فإننا في غنى عن ذكر تلك الإحصاءات ؛ لعلمنا بأنه هكذا يكون ضعيف الدين . ولكن نفراً من بني جلدتنا غير قليل لا يقع منهم الدليل موقعه إلا إذا نسب إلى الغرب وما جرى مجراه ؛ فها هو الغرب تتعالى صيحاته من ظلم المرأة ؛ فهل من مدكر"( )؟
5-ومن افتراءاتهم أن يصوروا أن الجنة قد امتلأت ولم يعد فيها مكان لأحد عند المسلمين ؟
وهذا كلام غريب ، يبدو أن ذاكرة الغرب ضعيفة ، أو أنهم يعملون على المثل العربي : رمتني بدائها وانسلت .
فإن البابا في روما أصدر في القرن الخامس عشر كميات هائلة من صكوك الغفران التي وقّع عليها وختم عليها بخاتمة الرسمي لتباع للعامة الذين يرغبون في غفران ما ارتكبوا من ذنوب، فكان ممثل البابا يطوف على المدن والقرى يبيع صكوك الغفران التي تمحو ذنوب المشتري لأن البابا هو ممثل الله في الدنيا ولا بد لله أن يحترم وعده بالغفران . وعندما نجحت هذه الفكرة في كنز كميات هائلة من الفضة والذهب للكنيسة، تفتقت ذهنية البابا عن فكرة أخرى: شراء صكوك الغفران باسم الأقرباء الميتين كي تساعدهم على دخول مملكة السماء.
6- الأنبياء في ثقافة الغرب
الحقيقة إن الوقت لا يتسع لردود كثيرة ، ولكن تعالوا نرى أساس هذه المسألة ، كيف ينظر الغرب إلى الرّسل ؟ ما ثقافته عن الرسل ؟ وخير مكان لأخذ هذه الفكرة كتابهم المقدس باعتبارهم يتعبدون به .
ـ داود يغتصب امرأة أحد قادة جُنده ( أوريا الحثي )( )
وَفِي إِحْدَى الأُمْسِيَاتِ نَهَضَ دَاوُدُ عَنْ سَرِيرِهِ وَأَخَذَ يَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ قَصْرِهِ، فَشَاهَدَ امْرَأَةً ذَاتَ جَمَالٍ أَخَّاذٍ تَسْتَحِمُّ. 3فَأَرْسَلَ دَاوُدُ مَنْ يَتَحَرَّى عَنْهَا. فَأَبْلَغَهُ أَحَدُهُمْ: «هَذِهِ بَثْشَبَعُ بِنْتُ أَلِيعَامَ زَوْجَةُ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ»، 4فَبَعَثَ دَاوُدُ يَسْتَدْعِيهَا. فَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ وَضَاجَعَهَا إِذْ كَانَتْ قَدْ تَطَهَّرَتْ مِنْ طَمْثِهَا، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. 5وَحَمَلَتِ الْمَرْأَةُ فَأَرْسَلَتْ تُبَلِّغُ دَاوُدَ بِذَلِكَ .
- وسليمان : أقرب إلى المراهقين ، فالتوراة تصوره على أنه رجل جنس وعشق ، يتغزل بحبيبته ابتداء من شعرها وخدها ونحرها إلى ثدييها وبطنها وسرتها وهي كذلك تتغزل بكل هذا منه( )
- والأغرب من هذا كله أن الإله نفسه يأمر رسوله هوشع بالزنى ! ففي التوراة : " أول ما كلم الرب هوشع قال الرب لهوشع اذهب خذ لنفسك امرأة زنى وأولاد زنى ؛ لأن الأرض قد زنت زنى تاركة الرب . فذهب وأخذ جومر بنت دبلايم فحبلت وولدت له ابنا…"( ) .
- ولوط : يزني بابنتيه( ) .
"فَلَجَأَ هُوَ وَابْنَتَاهُ إِلَى كَهْفٍ هُنَاكَ. 31فَقَالَتْ الابْنَةُ الْبِكْرُ لأُخْتِهَا الصَّغِيرَةِ: «إِنَّ أَبَانَا قَدْ شَاخَ وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ حَوْلَنَا رَجُلٌ يَتَزَوَّجُنَا كَعَادَةِ كُلِّ النَّاسِ. 32فَتَعَالَيْ نَسْقِيهِ خَمْراً وَنَضْطَجِعُ مَعَهُ فَلاَ تَنْقَطِعُ ذُرِّيَّةُ أَبِينَا». 33فَسَقَتَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَبَاهُمَا خَمْراً، وَأَقْبَلَتْ الابْنَةُ الْكُبْرَى وَضَاجَعَتْ أَبَاهَا فَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا. 34وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي قَالَتْ الابْنَةُ الْبِكْرُ لأُخْتِهَا الصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ مَعَ أَبِي لَيْلَةَ أَمْسِ، فَتَعَالَيْ نَسْقِيهِ اللَّيْلَةَ أَيْضاً خَمْراً ثُمَّ ادْخُلِي وَاضْطَجِعِي مَعَهُ فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 35فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْراً فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضاً وَأَقْبَلَتْ الابْنَةُ الصَّغِيرَةُ وَضَاجَعَتْ أَبَاهَا. فَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا. 36وَهَكَذَا حَمَلَتْ الابْنَتَانِ كِلْتَاهُمَا مِنْ أَبِيهِمَا".
- وبالجملة كان هذا حال أنبياء بني إسرائيل وعلمائهم كما تقول التوراة علىلسان ربهم حيث يقول: "ولكن هؤلاء أيضاً ضلوا بالخمر وتاهوا بالمسكر . الكاهن والنبي ترنحا بالمسكر ابتلعتهما الخمر تاها من السكر ضلا في الرؤيا قلقا في القضاء . فإن جميع الموائد امتلأت قيئا وقذرًا . ليس مكان لمن يعلم معرفة ولمن يفهم تعليما"( ) .
ومن كانت هذه عقائده وكتبه المقدسة فلا تستبعد منه شيء وقد قال الرسول : "إذا لم تستح فاصنع ما شئت " .
كيف ننصر الرسول صلى الله عليه وسلم
1- الاستقامة على الدين
2- طلب العلم للتفوق على الغرب ، وإعزاز الدين
3- التطور والقوة فإن الغرب يستغل ضعفنا
4- الاعتماد على النفس ، ومحاولة الاستغناء عنهم وهذا يكون بعد التطور والقوة
5- مقاطعة منتجاتهم بقدر المستطاع وهذه دعوة إلى الإنتاج والتصنيع الإسلامي
6- وبعد إنجاز هذا نبحث في المرحلة الثانية من النصرة للرسول
وفي الختام أحب أقول لكم بأن الغرب يحاول قتل أحاسيس المسلمين عن طريق إثارة مشاعرهم مرة بعد مرة أخذا بقول المتنبي :
ومن يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام
فكونوا حذرين وحافظوا على رهافة أحاسيسكم وضمائركم ، فليس من شيمة الكرام أن ينسوا ضيمهم ، ويتغافلوا عن جراحاتهم وقد قال الشاعر :
إن الجراح إذا أهملتها اندملت فوق المآسي وفوق العز والدين
ثور جراحي فطعم الآه أسلم لي إما أموت وإما ينتصر ديني
د.محمد أبو زيد رئيس قسم الدراسات الإسلامية
كلية العلوم التطبيقية بصحار ـ سلطنة عمان
17/3/1429هـ الموافق: 24/3/2008م