وَقْفَةٌ مَعَ مُصْطَلَحِ : ( الشَّيْخِ ) !
بسم الله الرحمن الرحيم
وَقْفَةٌ مَعَ مُصْطَلَحِ : ( الشَّيْخِ ) !
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وبعد :
فإن مُصطلح ( الشيخ ) له معنييان :
ـ الأول : ( الشَّيخوخةُ وكِبَرُ السِّنِّ ) ، ومنه قول الله ـ تعالى ـ : على لسان امرأة ( إبراهيم ) ـ عليه السلام ـ :
(( قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًاإِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ( 72 ) )) ( سورة هود / 72 ) ،
ومنه قول الله ـ تعالى ـ على لسان إخوة ( يوسف ) ـ عليه السلام ـ :
(( قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78) )) ( سورة يوسف / 78 ) ، ومنه قول الله ـ تعالى ـ على لسان المرأتين لـ ( موسى ) ـ عليه السلام ـ :
(( ... قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) )) ( سورة القصص / 23 ) ،
وليس هذا محلُّ مقصدي مِن الكلام ، وإنما هو المعنى الثاني :
ـ الثاني : ( التَّقدمُ في العِلْمِ ) ، فكل مَن كان في منزلة العلماء ( السلفيين الربانيين )
ـ الذين هم على منهج ( أهل السُّنةِ والجماعةِ ) ـ ،
وكان مُتقدماً في العلم الشرعي ؛ فهو : ( شَيخٌ ) ،
وهذا المعنى لم يكن موجوداً في القرون الثلاثة الأُولى ،
وإنما ظهر بعدها عند الفُقهاء والمُحدثين ـ وغيرهم ـ .
وهذا المعنى ـ للشيخ ـ ( ظُلِمَ ! ) ، وأصبح ( رخيصاً زهيداً ) !! ،
وفي هذا قال الأمام الشيخ : ( محمد بن صالح العثيمين ) ـ رحمه الله تعالى ـ :
( .. ، لكن مع الأسف الشديد ! : إن كلمة شهيد ـ اليوم ـ صارت رخيصةٌ ؛ كما صارت كلمة شيخ ! ؛ فالآن كلمة شيخ رخيصة ! ، يعني يُقال للإنسان الذي لا يعرف كُوعَهُ مِن كُرسُوعِهِ ( * ) يُقال له شيخ ، .. وكذلك ـ أيضاً ـ سَهُلَتْ كلمة إمام ! ، .. سبحان الله ـ تعالى ـ ! ؛ الإمام لا بُدَّ أن يكون عالماً كبيراً متبوعاً ، وليس كل إمام يُؤلف يُسمى إماماً ، ولهذا : لما اختلفت المفاهيم ـ هنا ـ ؛ صارت الألقاب تُشوش ؛ .. ) ( شرح عقيدة أهل السنة والجماعة / 295 ) .
أقول : صَدَقَ الشيخ : ( إبن عثيمين ) ـ رحمه الله تعالى ـ فيما قال ، و ( نِعْمَ ما قال ) ؛
فقد رأينا وسمعنا ـ في هذا الأزمان ـ ( عجباً عُجاباً ) ! :
فقد أصبح ( الرافضي الحاقد ! ) شيخاً ! ..
وأصبح ( الإخواني المُفلس ! ) شيخاً ! ..
وأصبح ( التكفيري المارق ! ) شيخاً ! ..
وأصبح ( الصوفي الضال ! ) شيخاً ! ..
وأصبح ( الحزبي المنحرف ! ) شيخاً ! ..
وأصبح ( الرُّويبضة التافه ! ) شيخاً ! ..
وأصبح ( السفيه المتخبط ! ) شيخاً ! ..
وأصبح ( القزم الصغير ! ) شيخاً ! ..
وأصبح ( السبَّاب الطَّعان ! ) شيخاً ! ..
وأصبح ( اللَّعان الفتان ! ) شيخاً ! ..
وأما الشيوخ الأكابر ، والجبال الشامخة ؛ لا يُلتفت إليهم ؛
فـ ( الله المستعان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) .
في أي زمان نعيش ـ نحن ـ اليوم ؟! ..
نحن نعيش في زمن طغى فيه الجهل على كثير من الناس !! .. وأصبحوا لا يُفرقون بين ( شيخٍ ) ، و ( مُتمشيخٍ ! ) ! ،
ولا يُفرقون بين ( أئمة الهدى والسُّنة ) ، و ( أئمة الضلال والبِدعة ) ! ..
ـ والله المستعان ـ ! .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين .
كتبها : ( أبو عبد الرحمن الأثري العراقي ) ـ
عصر يوم السبت ( 17 / 5 / 2014 م )
ـــــــــــــــ
* هذا مثلٌ يُضرب لكل مَن لا يعرف الشيء ويتكلم فيه . [ أُنظر ( لسان العرب 8 / 309 ) ، و ( القاموس المحيط 1 / 980 ) ] .
.............................. .................... ........
ولمن أراد المقال ( مُنسقاً ، ومُرتباً ) ؛ فإليه هذا الرابط :
http://www.gulfup.com/?Trppz0
رد: وَقْفَةٌ مَعَ مُصْطَلَحِ : ( الشَّيْخِ ) !
وهناك وقفات أيضا مثل تلك الوقفة مع كل لفظة من الألفاظ التالية :-
فضيلة الشيخ الوالد العلامة المحدث الفقيه الأصولي حسنة الأيام بركة الزمان نور الدين ... إلى آخر الألقاب التى يطلقها كل مريد على من يحب من الشيوخ !
بالطبع لابد من وقفات عدة مع كل لفظة من هذه الألفاظ