لو تعبدنا الله بابادة الكفار لما فوت النبي صلى الله عليه وسلم هذه الفرصة
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ:
«لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ العَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي فَقَالَ:
إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ:
يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ ذَلِكَ، فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمِ الأَخْشَبَيْنِ
فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ الله مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»
البخاري (3059)، مسلم (1795)
قوله: "إِنْ شئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ"
قال الطيبي في مرقاة المفاتيح :بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُخَفَّفَةِ مِنْ أَطْبَقَ إِذَا جَعَلَ الشَّيْءَ فَوْقَ الشَّيْءِ مُحِيطًا بِجَمِيعِ جَوَانِبِهِ كَمَا يَنْطَبِقُ الطَّبَقُ عَلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْأَرْضِ وَالْمَعْنَى إِذَا أَرَدْتَ أَنْ أَقْلِبَ (عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ ) .
وَهُمَا جَبَلَانِ يُضَافَانِ إِلَى مَكَّةَ مَرَّةً، وَإِلَى مِنًى أُخْرَى، وَهُمَا وَاحِدٌ، ذَكَرَهُ شَارِحٌ. وَفِي الْفَائِقِ: الْأَخْشَبَانِ الْجَبَلَانِ الْمُطْبِقَانِ بِمَكَّةَ، وَهُوَ أَبُو قُبَيْسٍ وَالْأَحْمَرُ وَهُوَ جَبَلٌ مُشْرِفٌ وَجْهُهُ عَلَى قُعَيْقِعَانَ، وَالْأَخْشَبُ كُلُّ جَبَلٍ غَلِيظٍ، وَفِي الْقَامُوسِ: قُعَيْقِعَانُ كَزُعَيْفِرَانَ جَبَلٌ بِمَكَّةَ وَجْهُهُ إِلَى أَبِي قُبَيْسٍ.
تأمل رعاك فمهما بلغ بالنبي صلى الله من الهم مبلغه، وبعد الاذية والصد والإعراض والتكذيب
ومع ذلك لم يدع عليهم مع ما حصل له منهم من الأذى.
بل كان له معهم موقفا اخر الا وهو موقف الصابر والمصافح كما أمره ربه عز وجل
فالمتأمل في واقع دعوة النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله وما ابتلوا به، لتأثر واعتبر بذلك الاجتهاد مع الصبر في الدعوة والعمل