كلام قيم من ابن القيم في مسألة الالتفات إلى الأسباب
بسم الله الرحمن الرحيم
أعلم أنك قد قرأت أو سمعت من يقول " الالتفات إلى الأسباب شرك !
لا تعجل علي !
وانظر ...وتأمل جيدا .
ألا ترى أن فيها إجمالا يحتاج إلى بيان وإطلاقا يحتاج إلى تقييد ؟
اسمع معي لما يقوله ابن قيم الجوزية رحمنا الله وإياه وإياكم في كتابه مدارج السالكين:
يقول :
" نحن نقول إن الدين هو إثبات الأسباب والوقوف معها , والنظر إليها , والالتفات إليها " 373/4
أيضا انتظر ولا تعجل .....
ثم يقول رحمه الله :
الوقوف مع الأسباب قسمان :
وقوف مأمور به مطلوب..........ووقوف معها بحيث يعتقد أنها هي الفاعلة المؤثرة بنفسها وأنها تنفع وتضر بذاتها فهذا لايعتقده موحد ولا يحتاج أن يحترز منه من يتكلم في المعرفة والسلوك . نعم , لا ينقطع بها عن رؤية المسبب ويعتقدها هي الغاية المطلوبة بدونها وهذا حق ...." 488/4
وهنا يبين البيان الشافي - وهو نقل عن شيخه ابن تيمية -لله دره وعلى الله أجره - فيقول :
وقد قال بعض أهل العلم : الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد........وهذا الكلام يحتاج إلى شرح وتقييد . فالالتفات إلى الأسباب ضربان :
أحدهما : شرك , والآخر عبودية وتوحيد ........."519/4
ثم يتابع في نقله فيقول :
والعلل التي تتقى في الأسباب نوعان أحدهما :
الاعتماد عليها والتوكل عليها , والثقة بها , ورجاؤها وخوفها , فهذا شرك يرق ويغلظ وبين ذلك .
الثاني :
ترك ما أمر الله به من الأسباب , وهذا أيضا قد يكون كفرا وظلما وبين ذلك ........"522/4
كما أنه تكلم عما يعرض في مقام التوكل وهي إجمالا :
1- أن يترك ما أمر به من الأسباب , استغناء بالتوكل عنها وهذا عجز ونقل عن السلف قولهم " لا تكن ممن يجعل توكله عجزا وعجزه توكلا "
2- توكله في حظوظه وشهواته دون حقوق ربه كمن يتوكل في حصول مال أو زوجة أو رياسة ....
3- أن يرى توكله منه ويغيب بذلك عن مطالعة المنة وشهود الفضل .
إذا الإطلاق والإجمال فيه إحالة على فهم المتلقي ولا يخفاك ما فيه .