قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
اعتنى العلماء - عليهم رحمة الله - بوضع القواعد والأصول لصحَّة فهم الأدلة، وترتيبها عند التعارُض؛ وذلك كله لحرصِهم على الوصول لمُراد الله - عز وجل.
فالتعارُض:
فإذا اجتهَد العالم في التوفيق بين الأدلة التي ظاهِرُها التعارُض - لأن التعارض يكون في نظر المُجتهِد لا في حقيقة الأمر - ولأن النصوص الشرعية تنزيل من حكيم حميم، فهو حق من حق؛ قال - تعالى -: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82]، والمراد بتعارُض الأدلة: (هو تقابُل دليلَين على سبيل المُمانَعة، وذلك إذا كان دليلاً على الجواز، والآخَر يدلُّ على المَنعِ، فكل منهما مقابَل ومُعارَض ومُمانَع بالآخَر) ، ففي هذه الحالة يكون المصير إلى الترجيح.
فالترجيح:
المقصود بالترجيح: (هو العمل وتقوية أحد الدليلَين على الآخَر) .
• قال ابن عثيمين: (إذا اتَّفقت الأدلة السابقة - الكتاب والسنَّة والإجماع والقياس - على حكمٍ أو انفرد أحدها من غير مُعارِض، وجب إثباته، وإن تعارَضت وأمكن الجمع، وجب الجمعُ، وإن لم يُمكِن الجمع عُمِل بالنسخ إن تمَّت شُروطه، وإن لم يُمكِن النسخ، وجب الترجيح) . انظر: الأصول من علم الأصول (391).
ومن هذه القواعد التي وضعها العلماء لصحة فهم النصوص :
1 - حمل المُجمَل على المبيَّن:
المجمل لغة: المُبهَم والمَجموع.
اصطلاحًا:
(هو ما احتمل أكثر من معنى دون رُجحان أحدهما على الآخر) .
مثاله: قول الله - تعالى -: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ [البقرة: 43]، فالصلاة لها أكثر مِن معنى كما هو معلوم.
المُبيَّن :
لغةً: المُظهَر والموضَّح.
اصطلاحًا:
(هو ما دلَّ على المعنى المُراد).
مثاله: ما ورَد من صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم.
فالصحيح : حمل المُجمَل (الصلاة)، على المبيَّن (فعله - صلى الله عليه وسلم - للصَّلاة).
يتابع إن شاء الله :
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة
اعتنى العلماء - عليهم رحمة الله - بوضع القواعد والأصول لصحَّة فهم الأدلة، وترتيبها عند التعارُض؛ وذلك كله لحرصِهم على الوصول لمُراد الله - عز وجل.
فالتعارُض:
فإذا اجتهَد العالم في التوفيق بين الأدلة التي ظاهِرُها التعارُض - لأن التعارض يكون في نظر المُجتهِد لا في حقيقة الأمر - ولأن النصوص الشرعية تنزيل من حكيم حميم، فهو حق من حق؛ قال - تعالى -: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82]، والمراد بتعارُض الأدلة: (هو تقابُل دليلَين على سبيل المُمانَعة، وذلك إذا كان دليلاً على الجواز، والآخَر يدلُّ على المَنعِ، فكل منهما مقابَل ومُعارَض ومُمانَع بالآخَر) ، ففي هذه الحالة يكون المصير إلى الترجيح.
فالترجيح:
المقصود بالترجيح: (هو العمل وتقوية أحد الدليلَين على الآخَر) .
• قال ابن عثيمين: (إذا اتَّفقت الأدلة السابقة - الكتاب والسنَّة والإجماع والقياس - على حكمٍ أو انفرد أحدها من غير مُعارِض، وجب إثباته، وإن تعارَضت وأمكن الجمع، وجب الجمعُ، وإن لم يُمكِن الجمع عُمِل بالنسخ إن تمَّت شُروطه، وإن لم يُمكِن النسخ، وجب الترجيح) . انظر: الأصول من علم الأصول (391).
ومن هذه القواعد التي وضعها العلماء لصحة فهم النصوص :
1 - حمل المُجمَل على المبيَّن:
المجمل لغة: المُبهَم والمَجموع.
اصطلاحًا:
(هو ما احتمل أكثر من معنى دون رُجحان أحدهما على الآخر) .
مثاله: قول الله - تعالى -: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ [البقرة: 43]، فالصلاة لها أكثر مِن معنى كما هو معلوم.
المُبيَّن :
لغةً: المُظهَر والموضَّح.
اصطلاحًا:
(هو ما دلَّ على المعنى المُراد).
مثاله: ما ورَد من صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم.
فالصحيح : حمل المُجمَل (الصلاة)، على المبيَّن (فعله - صلى الله عليه وسلم - للصَّلاة).
يتابع إن شاء الله :
تنبيه النسخ بمعنى الرفع الكلي للحكم قليل في الشرع و لذا لا يصار إليه إلا بقرينة و بعد اطمئنان النفس من أن هذا نسخ فإن لم تطمئن النفس يصار للترجيح
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بوقاسم رفيق
تنبيه النسخ بمعنى الرفع الكلي للحكم قليل في الشرع و لذا لا يصار إليه إلا بقرينة و بعد اطمئنان النفس من أن هذا نسخ فإن لم تطمئن النفس يصار للترجيح
بارك الله فيك
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
جزاكم الله خيرًا أبا البراء
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان
جزاكم الله خيرًا أبا البراء
وجزاك مثله
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
2 - • حَمل العام على الخاصِّ:
العام لغةً : الشامل.
اصطلاحًا: (هو اللفظ المُستغرِق لكل ما يصحُّ له دفعة واحدة) .
مثال : قوله - تعالى -: ﴿ وَالْمُطَلَّقَا تُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ [البقرة: 228].
فدلَّت هذه الآية على أن كل مُطلَّقة عدَّتُها ثلاث حِيَض.
الخاص لغة : ضدُّ العام.
اصطلاحًا : (هو قصر حكم العام على بعض أفراده) .
مثال : قوله - تعالى -: ﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 4].
فهذه الآية خاصَّة، خصَّصت وأخرجَت الحوامل من عموم الآية السابقة، وأفادَت بأنَّ عدتهنَّ بوضع الحَمل.
ومثل : قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُن َّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ [الأحزاب: 49].
فهذه الآية أخرجت غير المدخول بها من العموم أيضًا، وأفادت أن ليس عليها عِدَّة .
فالصحيحُ حَملُ الخاصِّ : (الحوامل وغير المدخول بها) ، على العام (العِدة ثلاث حِيَض) .
يتابع إن شاء الله
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
تنبيه هذه القواعد السالفة أصلها اللغة
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بوقاسم رفيق
تنبيه هذه القواعد السالفة أصلها اللغة
بارك الله فيك
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
3 - • ترك الاستِفصال في مقام الاحتِمال ينزل منزلة العموم في المقال، ويَحسُن به الاستدلال:
إذا ترَك النبي - صلى الله عليه وسلم - تفاصيل واقعة، دلَّ عدم السؤال على عُموم حكمها؛ كتركِه - صلى الله عليه وسلم - سؤال غَيلان لما أسلم وكان تحته عشرة نسوة[1]، هل عقد عليهنَّ معًا أم مُرتبًا؟ فدل ذلك على عدم الفرق .
[1] صحيح: الترمذي (1128)، وابن ماجه (1953)، وصحَّحه الألباني في المشكاة (3176) .
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
4 - • حَمل المُطلَق على المقيَّد :
المُطلَق لغةً : ضدُّ المقيَّد.
اصطلاحًا : (هو ما دلَّ على الحقيقة بلا قَيد) .
مثال : قوله - تعالى -: ﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ﴾ [النساء: 92].
المقيَّد لغةً : ما جُعلَ فيه قيد .
اصطلاحًا : (هو ما دلَّ على الحقيقة بقَيد) .
مثال : قوله - تعالى -: ﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ﴾ [النساء: 92].
• والمَقصود بحمل المُطلَق على المقيَّد أن يأتي المطلَق في كلام مستقل، ويأتي المقيد في كلام مستقل آخر، ففي الأمثلة السابقة تعيَّن عند تحرير الرقبة أن تكون مؤمنة، كما قيَّدتها الآية الثانية.
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة
4 - • حَمل المُطلَق
ففي الأمثلة السابقة تعيَّن عند تحرير الرقبة أن تكون مؤمنة، كما قيَّدتها الآية الثانية.
و هذا عند بعض أهل العلم و البعض لا يحمل المطلق على المقيد في مثل هذه الحالة
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بوقاسم رفيق
و هذا عند بعض أهل العلم و البعض لا يحمل المطلق على المقيد في مثل هذه الحالة
بارك الله فيك ، على التوضيح والبيان .
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
5 - الأمر يُفيد الوجوب، إلا بقرينة صارفة إلى غَيره:
الأمر: (هو قولٌ يتضمَّن طلب الفعل على وجه الاستعلاء) .
مثال : قوله - تعالى -: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 43].
• وقد يَخرُج الأمر من الوجوب إلى غيره بقَرينة.
مثال : قوله - تعالى -: ﴿ وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ﴾ [البقرة: 282]، فظاهِر الآية يدلُّ على وجوب الإشهاد، وفي الحقيقة الأمر ليس كذلك؛ لوجود قرينة تَصرِف هذا الوجوب، وهي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: اشترى فرَسًا من أعرابيٍّ ولم يُشهِد .
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة
5 - الأمر يُفيد الوجوب، إلا بقرينة صارفة إلى غَيره:
الأمر: (هو قولٌ يتضمَّن طلب الفعل على وجه الاستعلاء) .
مثال : قوله - تعالى -: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 43].
• وقد يَخرُج الأمر من الوجوب إلى غيره بقَرينة.
مثال : قوله - تعالى -: ﴿ وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ﴾ [البقرة: 282]، فظاهِر الآية يدلُّ على وجوب الإشهاد، وفي الحقيقة الأمر ليس كذلك؛ لوجود قرينة تَصرِف هذا الوجوب، وهي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: اشترى فرَسًا من أعرابيٍّ ولم يُشهِد .
و كذلك هذا أصله اللغة و العربي إذا قال أمرا فهو مستوجب للفعل لمن هو دونه إلا إذا جاء ما يصرف كلامه إلى الندب
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بوقاسم رفيق
و كذلك هذا أصله اللغة و العربي إذا قال أمرا فهو مستوجب للفعل لمن هو دونه إلا إذا جاء ما يصرف كلامه إلى الندب
بارك الله فيك
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فراس السليماني
وفيك بارك الله .
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
6 - • النهي يُفيد التحريم، إلا بقرينة صارِفة إلى غيره:
النهي: (هو استِدعاء التَّرك بالقول على وجه الاستعلاء) .
مثال : قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9].
قوله في الآية: ﴿ وَذَرُوا ﴾؛ أي: اترُكوا، فالنهي عن البيع وقت صلاة الجمُعة للتحريم.
• قد يَخرُج النهي من التحريم إلى غيره بقرينة:
مثال: (نهيه - صلى الله عليه وسلم -: عن الشرب من فيِّ السقاء) البخاري (5281).
، فظاهر نهيه - صلى الله عليه وسلم - يُفيد التحريم، والأمر ليس كذلك؛ لوجود قرينة صارفة من التحريم، وهي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب من فيِّ قربةٍ مُعلَّقة .صحيح: الترمذي (1892)، من حديث كبشة بنت ثابت، وصحَّحه الألباني في المشكاة (4281).
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
- 7 - • ترجيح رواية الصحابي صاحب الواقِعة على غيره ؛ لأنه أدرى بها من غيره :
مثال: ما رُوي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوَّج وهو مُحرِم، ففي حديث ميمونة قالت: (تزوَّجني النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو حلال) . مسلم (1411).
، وفي حديث ابن عباس: (تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو مُحرِم) . البخاري (5114)، ومسلم (1410).
فنُقدِّم رواية ميمونة، على رواية ابن عباس ؛ لأنها صاحبة القصة، وإن كان بعض العلماء مال لرواية ابن عباس؛ لأنها في الصحيحَين، وقالوا بأن زَواج المحرم لا يجوز، وأنه من خصوصيات النبي - صلى الله عليه وسلم.
رد: قواعد وأصول في فهم النصوص الشرعية
8 - • ترجيح رواية الراوي على رأيه؛ لأنه قد يُفتي برأيه فيُخطئ أو ينسى؛
مثال : حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا ولغ الكلبُ في إناء أحدِكم فليُرِقْه، ثم ليَغسله سبع مِرار)) . البخاري (172)، ومسلم (279).
، ورُوي عنه أنه أمر بغسله ثلاث مرات . الطحاوي (1: 13)، والدارقطني (24 - 25).
، فنُقدِّم ما رواه أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على رأيه إن صحَّ عنه.