قصيدة ( عَبَرَاْتٌ فِيْ مِحْرَاْبِ الْتَّوْبَةِ )
قصيدة ( عَبَرَاْتٌ فِيْ مِحْرَاْبِ الْتَّوْبَةِ )
هذه القصيدة :
إلى كلّ تائبٍ بعد طولِ ضلالٍ , ومطمئنٍ بعد ذُهولِ حَيْرة , ومتيَقِّنٍ بعد رُقودِ شَكٍّ , وأوّابٍ بعد طولِ شرود...
إلى كلِّ مَن كان بعيداً عن نهج الله القويم , وصراطه المستقيم , ثم أدركته لحظةُ الهداية فنشلتْه من براثنِ الآثام والعصيان...
إلى كلّ من كان يظن أنه يتبع النورَ... ثم انتبهَ إلى أنه كان يجري وراء سرابٍ كاد يودي به في غياهب ظُلماتِ المعاصي , ودياجيرِ البعد عن الله...
إلى كلَّ مَنْ أدركته هدايةُ الله , فتحولت حياتُه إلى حُبورٍ بعد حُزنٍ , ونعيمٍ بعدَ شَقَاءٍ ,وهناءِ معيشةٍ بعد ضنْكٍ , ولحق بركبِ التائبين قبل فوات الأوان....
نحو الترابِ تُقُلُّــنـي خُطـواتي
والعـينُ تَهمـي دامـيَ الـعَـبَرات
نارُ النـدامة تصـطـلي بجوانحي
وحشـايَ بـركـانٌ مـن الجمَرات
في أبْحُر العـصـيانِ أََمضي حائراً
... ولـكـم غـرقتُ بغفلةٍ وسُباتِ !
مرّت سنونَ العُمر تجريْ خُـلْسـةً
ومـضـتْ كبـرقٍ لاحَ في الظلُماتِ
مرت كأطيافٍ تُــداعِـب مُقلتي
وأنا أُناجـي فـي الـدّجـى كلماتي
عمري مع الآثامِ لهفي ! ينـقضـي
وتظـل تـرثي حالتـي أوقـاتي ؟!
فإلى متـى وِرْدي سـرابُ ضلالةٍ
أتـجـرّعُ الآلامَ والـحـسَـراتِ ؟!
هل مَـنْ تـجرَّع علقماً مُرّاً كَمَنْ
يُسقـى فَـيُـروى من معينِ فراتِ ؟!
رباهُ : إن الـذنبَ أحـرقَ مُهجَتي
فـي هـذه الـدنـيـا وقبلَ مَمَاتِي
لعبتْ بـيَ الـدنيـا بزَيفٍ خادعٍ
وأضـعتُ دُرَّ الـعُـمـرِ واللحظاتِ
والدهرُ أغرقنـي بلُــجِّ شقـاوةٍ
فأخـذت أبغـي شـاطـئاً لنجـاتي
فإلى متى أبقـى بعــيداً شـارداً
عن نـهـج ربـي مـنزلِ الآيات ؟!
ولَكَمْ ظننْـتُ بأنـنـي أبغي السَّنا
فوجـدتُ أنـي أتـبـعُ العَـتَمَاتِ
شمسُ الـهداية نورُهـا عَمَّ الـورى
شتّـان بـين الشـمـسِ والْمِشْكاةِ
قلبٌ بلا نبـضِ الفضـيلةِ كُـتـلةٌ
صخـريَّةٌ مـن أصــلب الصخراتِ
جَسـدٌ بلا تقـوى تُـزَيِّن روحَـهُ
يُـمـسي كـمِحـرابٍ بغـير صلاةِ
ربـاه إنـي سـاجـدٌ لكَ مُطْرِقٌ
بِتَضـرُّعٍ فـاغـفرْ لِـيَ الـزَّلاتِ
وعلمتُ أني إنْ خــلوتُ بوحدتي
فالـلـه مُطّلـعٌ عـلـى خَلَـواتي
ورجعتُ من سُبُلِ الضلال إلى الهدى
بعـزيـمـةٍ وبِـهِـمَّـةٍ وثبـاتِ
أنا فـي رحابك جفنُ قلبـي هاطلٌ
وكأننـي عـصـراً على عـرفاتِ
منْ غيرُ ربي إنْ دعــوتُ بِحـرقةٍ
لَبّى لـيَ الـحاجاتِ والـدَّعواتِ ؟
ربـاهُ كَـمْ يَسَّرتَ كُــلَّ مُعَسَّرٍ
ولـمَـمْتَ شملي بعد طول شتاتِ !
ولَكَم سألتُك والجـبـالُ من الأسى
فوقي.. فصـارت مثـلَ ذَرِّ فُتَاتِ !
ما نابني كـربٌ يَقُضُّ مـضاجعي
إلا ولـطفُـكَ فَـرَّجَ الكـرُبـاتِ
ما أجـملَ الأيامَ تـمضي في تقىً
والعـمرُ روضٌ عـاطرُ النَّسـماتِ !
والصدرُ منـشـرحٌ وقلبـي موقِنٌ
أن القـضـاءَ بِكُـلِّ خـيـرٍ آتِ
ربـي : أتيتُـكَ تـائِبـاً مُتَأَلّـماً
رُحمـاك إنْ أكـلَ التـرابُ رُفـاتي
وإذا الـخـلائقُ في القيامة جُمِّعُوا
أدخـلْ عُبَـيْـدَك أطـيبَ الجنَّاتِ
شعر : مصطفى قاسم عباس
رد: قصيدة ( عَبَرَاْتٌ فِيْ مِحْرَاْبِ الْتَّوْبَةِ )
تائية رائعة ، جليلة المعاني
كتبنا الله وإياك من عُتقائه من النار
تُقُلُّــنـي خُطـواتي = تُقِلُّني
رد: قصيدة ( عَبَرَاْتٌ فِيْ مِحْرَاْبِ الْتَّوْبَةِ )
قصيدة رائعة ، أحسن الله إليك ، ورزقنا الله وإياكم توبة صادقة .
رد: قصيدة ( عَبَرَاْتٌ فِيْ مِحْرَاْبِ الْتَّوْبَةِ )