خلق التسامح في حياة وسلوك شيخ الإسلام ابن تيمية
قال شيخ الاسلام في المجموع ج3ص 271:
«...وَأَنَا وَاَللَّهِ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ مُعَاوَنَةً عَلَى إطْفَاءِ كُلِّ شَرٍّ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا وَإِقَامَةِ كُلِّ خَيْرٍ، وَابْنُ مَخْلُوفٍ لَوْ عَمِلَ مَهْمَا عَمِلَ وَاَللَّهِ مَا أَقْدِرُ عَلَى خَيْرٍ إلَّا وَأَعْمَلُهُ مَعَهُ وَلَا أُعِينُ عَلَيْهِ عَدُوَّهُ قَطُّ. وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. هَذِهِ نِيَّتِي وَعَزْمِي، مَعَ عِلْمِي بِجَمِيعِ الْأُمُورِ. فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَنْ أَكُونَ عَوْنًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى إخْوَانِي الْمُسْلِمِينَ. وَلَوْ كُنْت خَارِجًا لَكُنْت أَعْلَمُ بِمَاذَا أُعَاوِنُهُ، لَكِنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ قَدْ فَعَلُوهَا زُورًا وَاَللَّهُ يَخْتَارُ لِلْمُسْلِمِينَ جَمِيعِهِمْ مَا فِيهِ الْخِيَرَةُ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ. وَلَنْ يَنْقَطِعَ الدَّوْرُ وَتَزُولَ الْحَيْرَةُ إلَّا بِالْإِنَابَةِ إلَى اللَّهِ وَالِاسْتِغْفَا رِ وَالتَّوْبَةِ وَصِدْقِ الِالْتِجَاءِ. فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا مَلْجَأَ مِنْهُ إلَّا إلَيْهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ».
«...بقي الشيخ-اي شيخ الاسلام- في الاسكندرية ثمانية أشهر ، فلما رجع السلطان الناصر إلى الحكم وقدم إلى مصر يوم عيد الفطر سنة 709 هـ لم يكن له دأب إلا طلب الشيخ ابن تيمية من الإسكندرية ، فوجه إليه في ثاني يوم من شوال فقدم الشيخ في ثامن هذا الشهر - وفي الإسكندرية خرج خلق يودعونهـ فاجتمع السلطان يوم الجمعة في مجلس فيه القضاة والفقهاء ، وقد زالت دولة الجاشنكير وأتباعه ، وعرض الناصر على ابن تيمية أن ينتقم له من أعدائه ولكنه رفض ذلك ، وهنا يسجل للشيخ موقف عظيم ومعرفة بواقع الأمر ، فالناصر لما عرض عليه أن يفتيه في قتل بعض الفقهاء والقضاة كان يريد أن ينتقم منهم بسبب موقفهم منه لما تسلطن الجاشنكير ، ففطن ابن تيمية لمراده وأخذ يعظم القضاة والعلماء وينكر أن ينال أحدا منهم سوء ، وقال له : إذا قتلت هؤلاء لا تجد بعدهم مثلهم ، فقال له : إنهم قد آذوك وأرادوا قتلك مرارا فقال الشيخ : من آذاني فهو في حل ومن آذى الله ورسوله فالله ينتقم منه وأنا لا أنتصر لنفسي ، وما زال به حتى حلم عنهم السلطان وصفح »
البداية والنهاية (14 /53 -54 )
وقال رحمه الله:
«وأنا في سعة صدر لمن يخالفني فإنه -وإن تعدى حدود الله فيَّ بتكفير أو تفسيق أو افتراء أو عصبية جاهلية- فأنا لا أتعدى حدود الله فيه »
(مجموع الفتاوى 3/245).
«وأنا كنت من أعظم الناس تأليفا لقلوب المسلمين وطلباً لاتفاق كلمتهم واتباعاً لما أُمرنا به من الاعتصام بحبل الله، وأزلت عامة ما كان في النفوس من الوحشة »
(مجموع الفتاوى 3 /227).
« فلا أحب أن يُنتصر (أي: يُقتصَّ) من أحد بسبب كذبه علي أو ظلمه وعدوانه، فإني قد أحللت كل مسلم. وأنا أحب الخير لكل المسلمين وأريد بكل مؤمن من الخير ما أحبه لنفسي. والذين كذبوا وظلموا فهم في حل من جهتي »
(العقود الدرية 281).
رد: خلق التسامح في حياة وسلوك شيخ الإسلام ابن تيمية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد الأكرم الجزائري
قال شيخ الاسلام في المجموع ج3ص 271:
«...وَأَنَا وَاَللَّهِ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ مُعَاوَنَةً عَلَى إطْفَاءِ كُلِّ شَرٍّ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا وَإِقَامَةِ كُلِّ خَيْرٍ، وَابْنُ مَخْلُوفٍ لَوْ عَمِلَ مَهْمَا عَمِلَ وَاَللَّهِ مَا أَقْدِرُ عَلَى خَيْرٍ إلَّا وَأَعْمَلُهُ مَعَهُ وَلَا أُعِينُ عَلَيْهِ عَدُوَّهُ قَطُّ. وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. هَذِهِ نِيَّتِي وَعَزْمِي، مَعَ عِلْمِي بِجَمِيعِ الْأُمُورِ. فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَنْ أَكُونَ عَوْنًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى إخْوَانِي الْمُسْلِمِينَ. وَلَوْ كُنْت خَارِجًا لَكُنْت أَعْلَمُ بِمَاذَا أُعَاوِنُهُ، لَكِنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ قَدْ فَعَلُوهَا زُورًا وَاَللَّهُ يَخْتَارُ لِلْمُسْلِمِينَ جَمِيعِهِمْ مَا فِيهِ الْخِيَرَةُ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ. وَلَنْ يَنْقَطِعَ الدَّوْرُ وَتَزُولَ الْحَيْرَةُ إلَّا بِالْإِنَابَةِ إلَى اللَّهِ وَالِاسْتِغْفَا رِ وَالتَّوْبَةِ وَصِدْقِ الِالْتِجَاءِ. فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا مَلْجَأَ مِنْهُ إلَّا إلَيْهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ».
«...بقي الشيخ-اي شيخ الاسلام- في الاسكندرية ثمانية أشهر ، فلما رجع السلطان الناصر إلى الحكم وقدم إلى مصر يوم عيد الفطر سنة 709 هـ لم يكن له دأب إلا طلب الشيخ ابن تيمية من الإسكندرية ، فوجه إليه في ثاني يوم من شوال فقدم الشيخ في ثامن هذا الشهر - وفي الإسكندرية خرج خلق يودعونهـ فاجتمع السلطان يوم الجمعة في مجلس فيه القضاة والفقهاء ، وقد زالت دولة الجاشنكير وأتباعه ، وعرض الناصر على ابن تيمية أن ينتقم له من أعدائه ولكنه رفض ذلك ، وهنا يسجل للشيخ موقف عظيم ومعرفة بواقع الأمر ، فالناصر لما عرض عليه أن يفتيه في قتل بعض الفقهاء والقضاة كان يريد أن ينتقم منهم بسبب موقفهم منه لما تسلطن الجاشنكير ، ففطن ابن تيمية لمراده وأخذ يعظم القضاة والعلماء وينكر أن ينال أحدا منهم سوء ، وقال له : إذا قتلت هؤلاء لا تجد بعدهم مثلهم ، فقال له : إنهم قد آذوك وأرادوا قتلك مرارا فقال الشيخ : من آذاني فهو في حل ومن آذى الله ورسوله فالله ينتقم منه وأنا لا أنتصر لنفسي ، وما زال به حتى حلم عنهم السلطان وصفح »
البداية والنهاية (14 /53 -54 )
وقال رحمه الله:
«وأنا في سعة صدر لمن يخالفني فإنه -وإن تعدى حدود الله فيَّ بتكفير أو تفسيق أو افتراء أو عصبية جاهلية- فأنا لا أتعدى حدود الله فيه »
(مجموع الفتاوى 3/245).
«وأنا كنت من أعظم الناس تأليفا لقلوب المسلمين وطلباً لاتفاق كلمتهم واتباعاً لما أُمرنا به من الاعتصام بحبل الله، وأزلت عامة ما كان في النفوس من الوحشة »
(مجموع الفتاوى 3 /227).
« فلا أحب أن يُنتصر (أي: يُقتصَّ) من أحد بسبب كذبه علي أو ظلمه وعدوانه، فإني قد أحللت كل مسلم. وأنا أحب الخير لكل المسلمين وأريد بكل مؤمن من الخير ما أحبه لنفسي. والذين كذبوا وظلموا فهم في حل من جهتي »
(العقود الدرية 281).
ليت الخلاف اليوم على هذا