(لأعلمن أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا ، فيجعلها الله
صحة حديث ثوبان (لأعلمن أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا ، فيجعلها الله هباءً منثورا قال ثوبان : يا رسول الله صفهم لنا ، جَلِّهم لنا ، ألا نكون منهم ونحن لا نعلم! قال : أما إنهم إخوانكم ، ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها )
وحديث ( أنا سترتها عليك في الدنيا ، وأنا اغفرها لك اليوم ) ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
المكرم الأخ/ حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أولاً : ورد في السؤال حديث القوم الذين يجعل الله أعمالهم هباء منثورًا وهذا الحديث رواه :
ابن ماجه (4/246) عن ثوبان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لأعلمن أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا ، فيجعلها الله هباءً منثورا ) قال ثوبان : يا رسول الله صفهم لنا ، جَلِّهم لنا ، ألا نكون منهم ونحن لا نعلم! قال : ( أما إنهم إخوانكم ، ومن جلدتكم ، ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ) .
قال البوصيري : هذا إسناد صحيح ، رجاله ثقات .
وقال المنذري (3/170) : رواته ثقات .
ورواه الطبراني في معجمه الأوسط (5/46) .
وفي الصغير (1/396) وقال : لا يروى عن ثوبان إلا هذا الإسناد ، تفرد به عقبة ( يعني ابن علقمة ) .
ورواه الروياني في مسنده (1/425)
وهو في الفردوس بمأثور الخطاب (5/131)
وعقبة بن علقمة المعافري : ثقة عند الجمهور ، وقال ابن معين : لا بأس به ، وقال ابن حبان : يعتبر بحديثه ، وقال العقيلي : لا يتابع على حديثه ، وقال ابن عدي : روى عن الأوزاعي ما لم يوافقه عليه أحد ( انظر : تهذيب التهذيب ، 7/246-247)
فالحديث لا يروى إلا بهذا الإسناد كما أشار إليه الدار قطني ، فهو غريب والغريب مظنة الضعف ، والمصادر التي خَرَّجت الحديث هي من مظان الضعف ، فما انفرد به ابن ماجه يغلب عليه الضعيف ، وهكذا معجم الطبراني ، والفردوس وغيرها ، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة ، ولا أحمد ، ولا مالك ، ولا غيرهم .
ومتن الحديث فيه نكارة ، فإن المعهود من قواعد الشرع أن فعل السيئات لا يبطل الحسنات ،بل الحسنات تذهب السيئات .
وهؤلاء قوم مؤمنون ، أهل ليل وصلاة ، فكيف تكون أعمالهم هباء منثوراً ، وإنما توعد الله بهذا الكافرين فقال : " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً" والله أعلم .
أما الحديث الآخر ( أنا سترتها عليك في الدنيا ، وأنا اغفرها لك اليوم )
فقد رواه البخاري في صحيحه ( برقم 2661)
وفي تفسير القرآن ، وفي الأدب ، والتوحيد ، ..ورواه مسلم في التوبة ( برقم 4972) وابن ماجه ( في المقدمة 179)وأحمد ( 5179،5562 ) .
كلهم من طريق قتادة ، عن صفوان بن محرز ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ،
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يدني الله عبده المؤمن ، فيضع عليه كنفه ويستره ، فيقول : أتعرف ذنب كذا ؟
أتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : نعم ، أي ربِّ ، حتى إذا قرره بذنوبه ، ورأى في نفسه أنه قد هلك ، قال : سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم ، فيعطى كتاب حسناته ، وأما الكافر أو المنافق ، فيقول الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ، ألا لعنة الله على الظالمين .
فهذا حديث صحيح ، متفق على صحته ، ظاهر المعنى ، لا إشكال فيه بحمد الله .
-أما حديث عبادة المتفق عليه ، وما كان مثله في معناه من أنه من قال : لا إله إلا الله خالصا من قلبه أدخله الله الجنة ، فهو محمول على من قالها ، عارفا بمعناها ،عاملا بمقتضاها في الجملة ، وإن حصل منه بعض تفريط أو إخلال لا يقدح في أصل الشهادة ، لأن الله تعالى يقول لأهل الجنة : " ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون " ، " ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون " فالعمل لابد منه للإيمان ، ولهذا قال العلماء : الإيمان قول وعمل واعتقاد ، فهو قول باللسان ، واعتقاد بالجنان ، وعمل بالأركان .
ولا يكاد يذكر الإيمان في القرآن إلا مقرونا بالعمل الصالح ، فلا بد فيه إذاً من عمل ٍيزكيه ويدل عليه .
أما شهادة باللسان ،وكل أعمال المرء في عمره كلها تشهد ضده ، وضد إيمانه ، فهناك إذا كفر تشهد عليه كل لحظات المرء ، وكل أعماله ، وكل توجهاته ، وهناك دعوى إيمان لا يوجد ما يشهد لها !
فلا بد للإيمان من عمل ، وعلى هذا جرى قول السلف كالإمام أحمد ، والبخاري والآجرّي ، ، واللالكائي ، وأبي عبيد ، ومن قبلهم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان .
ألهمنا الله وإياك السداد في القول والعمل ،،،
أخوكم
سلمان بن فهد العودة
هل هذا الحديث ضعيف ؟
رد: (لأعلمن أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا ، فيجعلها
نعم الراجح عندي ضعفه. وهو معل سنداً ومتناً.
وكذا يشهد لإعلاله: قوله صلى الله عليه وسلم: "" كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ".
رد: (لأعلمن أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا ، فيجعلها
السند صحيح لا غبار عليه كما صححه البوصيري والالباني رحمهم الله
لكن خلافك مع المصححين هو خلاف منهجي في المقام الاول
فان دليلك على التضعيف ينحصر في اربعة امور :
1 - جرح ابن حبان للرجل
وانت تعلم ان ابن حبان يتشدد احياناً في الحكم على الرجال وقد ظهر هذا هاهنا لطالما انه خالف جمهور المعاصرين للرجل والاقرب له مكاناً وزماناً وعلى هذا يبقى الامر على توثيق هذا الرجل الامرين : -
الاول : مخالفة ابن حبان لجمهور المعدلين بجرح غير مفسر وهذا لا يسعنا قبوله الا ببينة ,
والثاني : تعنت ابن حبان رحمه الله كما وصفه بهذا الذهبي رحمه الله .
2 - التفرد !!! كما نقلت انت عن العقيلي
وللعلم فإن لفظة العقيلي ( لا يتابع على حديثه ) لا تضر بمثل هذا الراوي
- قال الحافظ في [هدي الساري] ص394 في ترجمة ثابت بن عجلان الانصاري [ خ م ]
"قال العقيلي : لا يتابع في حديثه ...
قال الحافظ: وتعقب ذلك [أبو الحسن بن القطان] بأن ذلك لا يضره إلا إذا كثر منه رواية المناكير ومخالفة الثقات
قال الحافظ : وهو كما قال " أهـ
- وقال الخطيب في تاريخ بغداد (9/457) في ترجمة عبد الله بن خيران بغدادي (5082) :
"قال العقيلي : لا يتابع على حديثه ...
قلت [الخطيب] : قد اعتبرت من رواياته أحاديث كثيرة فوجدتها مستقيمة تدل على ثقته والله اعلم " أهـ
فمثل هذه الكلمة لا ينبغي التسليم لها في هذا الموضع لأمرين :
الاول : أنها لاتضر بالراو الا اذا كان كثير الخطأ والمخالفة والا فالحال قبول حديثه وهو كلام ابن القطان .
الثاني : انه قد يطلقها في حق احد الثقات ولا يثبت في حقهم الجرح وهو من كلام الخطيب البغدادي .
هذا ان لم نتطرق لمسألة ان العقيلي - رحمه الله - كان متعنتاً في الحكم على الرجال
والله اعلم
3 - ان الكتب التي ورد بها هذا الحديث هي من مظان الضعيف وهذا لا اصل له من كلام اهل العلم لا المتقدمين ولا المتأخرين ...واطالبك ان تقدم الدليل على هذا
4 - نقد المتن وهذا لا عبرة به طالما ان السند صحيح واذا صحّ السند وجب علينا الجمع بينه وبين غيره من الاحاديث الصحيحة وليس ان نرد احد الاحاديث
رد: (لأعلمن أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا ، فيجعلها
أخي المبارك ابن شهاب الدين أشكرك على ردك العلمي .
وما أنا إلا ناقل وسائل ولعل طلبة العلم يثرون الموضوع .
رد: (لأعلمن أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا ، فيجعلها
بسم الله الرحمن الرحيم
لعلنا لو ملنا إلى تصحيح الحديث، والجمع بينه وبين غيره مما يبدو أن ثمة تعارضا بينهما، لكان أولى؛ فالسند صحيح بتصحيح البوصيري، وبتصحيح العلامة الألباني كما نقله عنه الأخ ابن شهاب الدين.
والذي يبدو لي أن أولئك الذين ذكرهم حديث ثوبان رضي الله عنه، وأنهم يأتون بحسنات أمثال الجبال، يجعلها الله هباء منثورا، لأنهم كانوا إذا خلَوا بمحارم الله انتهكوها؛ يبدو لي أنهم استحقوا هذا المصير لأنهم جعلوا خلوتهم دائما انتهاكا لحرمات الله، فقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)، تدل صياغته أنهم لا يفرقون بين صغيرها وكبيرها، بل ينتظرون الخلوة لانتهاك كل ما يصدفهم من حرمات الله، من زنا إلى خمر إلى كيد إلى ربا إلى تدبير قتل، وإلى قطع رحم.
مثل هذه الصورة تجعل صاحبها أمام أمرين اثنين: الأمر الأول: تقليص دواعي الإيمان في نفسه، فربما يترك صلاته ذاتها؛ رغم أن له رصيدا من قيام الليل، هو ما يجعله الله هباء منثورا؛ إن من أكثر من هذه الذنوب يفقد دوافع العمل الصالح، لانصباغ قلبه بها؛ والأمر الثاني أنهم لإكثارهم من الموبقات، سمحت نفوسهم بنوع منها يبطل العمل، كالرياء والكبر وما إلى ذلك.
أعتقد أن التربية الإسلامية توصل الإنسان إلى توافق سلوكي رائع، فالحسنات تدعو إلى حسنات أخرى؛ وتوجد عند صاحبها حسا صادقا مضمونه الخشية على أعماله من البطلان، فيكون هذا رادعا له عن الموبقات، ما خلا ما يقع منها فيسرع إلى التوبة منه؛ وما خلا الصغائر التي تغفر بترك الكبائر.
ألخّص فهمي للتوفيق بين الأحاديث في هذا الباب: إن حديث ثوبان يدور حول أولئك الذين انطبع سلوكهم على انتهاك حرمة الله في الخفية من الناس، ويقع من هؤلاء موبقات تبطل الأعمال؛ وأما حديث: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين)، وحديث: (سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم)، فهما يدوران حول ذنوب لا تصبغ حياة صاحبها، بل هي شذوذ عن مجمل سلوكه؛ وهي أيضا لا تتضمن مبطلات الأعمال، كالكبر والرياء، وما إلى ذلك.
والله تعالى أعلى وأعلم
رد: (لأعلمن أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا ، فيجعلها
[QUOTE=احمد ابو انس
فالحديث لا يروى إلا بهذا الإسناد كما أشار إليه الدار قطني ، فهو غريب والغريب مظنة الضعف ، [/QUOTE]
ذكر : كما أشار الدارقطني .
وليس في الكلام نقل عن الدارقطني أصلا ، فلعله قصد الطبراني ، فهو الذي ذكر أنه لا يروى إلا بهذا الإسناد . والله أعلم .
رد: (لأعلمن أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا ، فيجعلها
وعلى فرض صحته : قد يحمل حديث ثوبان رضي الله عنه على أنهم قوم منافقون يصلون من الليل مباهاة ورياء وسمعة ، أو أنهم أهل عجب ، فأحبط الله بسبب العجب أعمالهم ، أو أنهم ختم لهم بسوء ؛ بسبب استمرارهم في انتهاك حرمات الله فأحبطت خاتمة السوء أعمالهم ، أعاذنا الله وإياكم من ذلك ، وسترنا في الدنيا والآخرة .
رد: (لأعلمن أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا ، فيجعلها
فائدة : قال ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر : الكبيرة السادسة والخمسون بعد الثلاثمائة : إظهار زي الصالحين في الملأ وانتهاك المحارم ولو صغائر في الخلوة . أخرج ابن ماجه ـ بسند رواته ثقات ـ عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا ... فذكره .
ثم قال : تنبيه : عد هذا هو ظاهر الحديث الأول ، وليس ببعيد ، وإن لم أر من ذكره ؛ لأن من كان دأبه إظهار الحسن وإسرار القبيح ، يعظم ضرره ، وإغواؤه للمسلمين لانحلال ربقة التقوى والخوف من عنقه .