المناظرة لا تنفع مع كل أحد..!!
المناظرة لا تنفع مع كل أحد ، فالأصل والصحيح أن لا تكون المناظرة إلا بين المتناظرين ؛ أي المتقاربين في العلم . أما بين العالم والجاهل : فحق الجاهل أن يسمع العالم ليتعلم ، وأن يسأل عما جهل . وواجب العالم أن يبذل جهده في التعليم والتفهيم ، وأن يتسع صدره لذلك ، وأن يصبر على أسئلة الجاهل .
وسبب عدم صحة المناظرة مع الجاهل : أن الجاهل لن يستفيد إذا استعجل العلم ، وسيكون العالم مضطرا أن يقول له مرات ومرات : هذه مسألة تحتاج فيها لأشهر من الدراسة لتفهمها ، فهي مبنية على أصول وقواعد أنت لا تعلمها !
والمناظرات لا تقبل أن يكون أحد المتناظرين متكلما والآخر صامت ، ولا تقبل إلقاء الدروس ، وقد يكون هذا الصمت هو الواجب ليفهم الجاهل ، وقد يكون إلقاء الدروس هو الواجب على العالم لكي يتمكن من تعليم الجاهل ، فكيف تتم مناظرة العالم والجاهل والحال هكذا ؟!
ولذلك يروى عن الإمام الشافعي أنه قال : ما ناظرني جاهل إلا وغلبني ! يعني : إلا وعجزت في المناظرة أن أزيل عنه جهله ؛ لأن المناظرة بين العالم والجاهل ظلم ، تزيد الحاهل جهلا واغترارا بجهله !
وقد يغفل الناس عن صورة الجهل المركب : وهو جهل من يجهل أنه جاهل ، ويظن نفسه عالما .
وقد يظنون الجاهل هو صورة لذلك الذي لا يفك الحرف إلا وشيكا ! وينسون أن من الجهل من يكون صاحبه مثقفا واسع الاطلاع ، لكنه كالكشكول الذي فيه من كل علم ، ولكن ليس فيه منها علم واحد !!
ومع ذلك فقد يوافق العالم على مناظرة الجاهل اضطرارا ، عندما تكون مفسدة عدم مناظرته أعظم من مفسدة مناظرته ، فيدرأ المفسدة الأعظم بالأخف !!
د/حاتم العوني.