قال بعض الفضلاء : لئن أدركت العشر من ذي الحجة ليَرينَّ اللهُ ما أصنع .

قال بعض الفضلاء :

لئن أدركت العشر من ذي الحجة ليَرينَّ اللهُ ما أصنع .

قلت : وكلامهم الجميل يذكرني بقصة أنس بن النضر رضي الله عندما قال : «يَا رَسُولَ الله غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ المُشْرِكِينَ، لَئِنِ الله أَشْهَدَنِي قِتَالَ المُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ الله مَا أَصْنَعُ» .

متفق عليه وبالله التوفيق .

للرفع ........................

حتى نعلم فضل هذه الأيام العظيمة ؛ فيجب أن نعرف أولا فضل الجهاد سبيل الله ...
أخرج البخاري في صحيحه بسنده :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: « مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ أَفْضَلَ مِنَ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ، قَالُوا: وَلاَ الْجِهَادُ؟ قَالَ: وَلاَ الْجِهَادُ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ ».
فمن عرف فضل الجهاد وموقعه من حياة الصحابة رضي الله عنهم ؛ عرف عندها فضل العمل الصالح في هذه الأيام ...

فإذا عرفت فضل الجهاد في سبيل الله وأردت اللحاق بالقوم مع عجزك عن الجهاد في سبيل الله ؛ فاعلم أن أفضل العمل الصالح الذي تُدرِك به - وقد تسبق - من سواك هو ( ذكر الله ) ... وقد فهم البعض من صنيع الإمام البخاري في صحيحه لما أسند حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - السابق ذكره - في فضل العمل الصالح في هذه الأيام أنه فسر العمل الصالح بالذكر والتكبير ، حيث قال رحمه الله :

بَابُ فَضْلِ العَمَلِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

وَقَالَ ابن عباس - رضي الله عنهما - : " وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ: أَيَّامُ العَشْرِ، وَالأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ " ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنهم - : «يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَ ا» ، وَكَبَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ خَلْفَ النَّافِلَةِ .

وربما يأكد تفسير العمل الصالح بـ(( الذكر )) ما ورد عند أحمد - رحمه الله - في مسنده عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ، وَلا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العشر ؛ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ " ...

أما تبويب البخاري - رحمه الله - لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - بفضل العمل في أيام التشريق مع أن الحديث ظاهر في فضل العمل الصالح في الأيام العشر ؛ فقد أجاب عنه الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في الفتح ، قال :
" وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ أَرَادَ تَسَاوِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِأَيَّامِ الْعَشْرِ ؛ لِجَامِعِ مَا بَيْنَهُمَا مِمَّا يَقَعُ فِيهِمَا مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ أثر أبي هُرَيْرَة وابن عُمَرَ صَرِيحٌ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ ، وَالْأَثَرَ الَّذِي بَعْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ "...

بارك الله فيكم

بارك الله فيكم ، ونفع بكم .
الله المستعان .
العمر يمر سريعا جدا ، وكأن أيام ذي الحجة من العام الماضي مضت من شهور قريبة شهرين أو ثلاثة . نسأل الله أن يحسن ختامنا ، وأن يجعلنا من المقبولين .

جزاكم الله خيرا جميعا